عندما كنا صغاراً نلعب (الختيلان) وهي لعبة تراثية تتلخص القيام بإخفاء أنفسنا عن أحدنا الذي يغمض عينيه فيظل يردد حلال .... حلال .... حلال فنقول له لا ... لا حرام إلاّ أن نقول له حلال .. فتبدأ اللعبة عندما نضع أنفسنا في مكان آمن فيفتح عينيه ويبدأ البحث عنا وأذا أمسك أحدنا فيقوم بالدور نفسه .. أما من حيث الدين والفقه الإسلامي فالصغير قبل الكبير يميّز مابين الحلال والحرام ويستطيع أن يفرزه بكل سهولة ومنذ زمن بعيد لايستطيع أي شخص أن يدمج مابين الحلال والحرام إلاّ ما ندر أو يخلط بينهما . أما اليوم فلقد جاء زمن العجائب والغرائب وأصبح القانون يطبق على هذا ويستثني ذاك فهذا حرام عليه أن يقوم بهذا الشيء وتلك حرام أن تقوم بنفس الشيء فأصبح الحلال والحرام يقاس حسب المزاج وبمناسبة حديثي هذا ما أطلّعت عليه في تصريحات لرئيس مجلس محافظة ذي قار قصي العبادي الذي صرح مدافعاً عن أصحاب الشهادات المزوّرة من ضباط الدمج والميليشيات الذين أستحوذوا على رتب عالية ومناصب دون وجه حق وقال مانصّه ( أن ملاحقة هؤلاء إنعطافه خطيرة كونهم مجاهدين ) ثم أضاف في ذلك التصريح الذي تناقلته وسائل إعلام الحكومة .... أن مجلس محافظة ذي قار أوقف جميع الإجراءات القانونية والملاحقات القضائية بحق جميع ضباط الدمج بل الأدهى من ذلك طالب العبادي في تصريحه رئاسة مجلس النواب العراقي بإصدار قانون إستثنائي لهؤلاء المزورّين ... أما أطرف ماجاء في تصريح العبادي ماقاله بالنص .... أن أماكن هؤلاء الضباط سيأخذه (البعثيون) أذا ما تم أبعادهم أو فصلهم . وأما عن أسباب دفاع العبادي فهي أوامر جاءته من خلف الحدود على ما يبدو كون غالبية الذين تحدث عنهم (ضباط الميليشيات) هم أدوات يستخدمها العبادي وغيره ضد هذا وذاك ,أذاَ هذا حلال ,,, وفي نفس الوقت الذي ظهرت فيه تصريحات العبادي نشرت وسائل الأعلام بيان لهيئة النزاهة عن صدور أحكام قضائية ضد موظفين صغار قدمّوا شهادات دراسية في وزارة النقل والنفط والتعليم العالي والزراعة والتربية فصدرت عليهم أحكام وفق المادة 289 من قانون العقوبات العراقي وتغريمهم المبالغ الذي أستلموها كون هذا العمل (حرام) متناسين أن الكثير من الوزراء والمدراء العامين والمسؤولين الكبار الذين يستلمون رواتب تصل الى ملايين الدنانير شهرياً لا يحملون أي شهادة دراسية معترفاً بها أي جميعهم مزورّين ولكننا نغضّ النظرعنهم كونهم (مجاهدون) في ظل دولة القانون .