كتب السيد حافظ البرغوثي في جريدة الحياة الجديدة مقال تحت عنوان " أخطاء الثورات " فلفت نظري عنوان المقال وخصوصا في هذه الأوقات التي تشهدها الأقطار العربية من ولادة ثورات شعبية عارمة تمتد من المحيط حتى الخليج , فأصبحنا بأمس الحاجة إلى طرح الرؤى والتوقعات لوضع أسس و أهداف لهذه الثورات لتتجه في بلورة أمورها في اتجاه قضايا الأمة الرئيسية فكان ذلك دافع لي لقراءة المقال بتمعن. عرض السيد حافظ البرغوثي في مقاله المذكور العديد من المحطات حول الثورات التي تشهدها امتنا وتحدث عنها حسبما يؤمن و يرى , وهذا حق له و الاختلاف بالرائي لا يفسد في الود قضية , وانطلاق من مبدأ الرائي والرائي الأخر اسمح لي أستاذي العزيز وأنا أحد قرائك و متابعيك أن اختلف معك في بعض من الأمور التي طرحتها لربما نصل معا إلى بلورة الأمور بشكل أكثر وضوحا ودقه , لقد ذكرت في مقالك " من بين الأخطاء للثورتين المصرية والتونسية حل الحزبين الحاكمين الدستوري في تونس والوطني في مصر.. مثلما حدث في العراق من حل لحزب البعث وملاحقة أعضائه بهدف استئصالهم.. فكانت النتيجة أن حزب البعث العراقي ما زال يحمل لواء المقاومة حتى الآن " وهنا أستاذي الكريم اسمح لي أن أتوقف عند هذه المقارنة واضع بين يديك بعض من الأسئلة التي داهمتني لتسكن في خلجات نفسي وتجول في ذهني , وهي هل ما حدث بمصر وتونس هو نفس الذي حدث في العراق ؟! وهل يجوز أن نقارن بين ثورة الشعب العربي في مصر وتونس الذي انتفض ضد من ظلمه, ونساويه بمن جاء بحماية الدبابة الأمريكية عندما احتلت العراق؟! فما حدث بالعراق هو مخالفا تماما لما حدث بمصر وتونس ومن المجحف جداً أن نضعه على الكفة المقابلة في ميزان المقارنة, فما حدث بالعراق هو قدوم احتلال ليجتث نظام رفض أن ينفذ أوامره ورفض أن تكون خيرات بلاده بيد الأجنبي ورفض أن يعترف بالكيان الصهيوني تحت مسمى إسرائيل بل ودكها بالصورايخ فأسكنها الملاجئ واثبت عجزها وكسر حقيقة جيشها واثبت انه جيش يقهر وشاهدنا التفاف جماهيري واسع حول نظام البعث في العراق و كيف فجر مقاومة شعبية تشترك بها كل الأطياف والألوان من كل القوميات والمذاهب منضوية تحت لواءه في التصدي للمحتل الذي جاء من أقاصي الدنيا ليحتل بلاده وهذا حق له , كفلته الديانات والأعراف والقوانين, وما حدث بتونس ومصر هو مخالف لما دار في العراق فنحن شاهدنا الجماهير هي التي ثارت و أسقطت الأنظمة وليست الدبابة الأمريكية . وذكرت في محطة أخرى " فما حدث لبن علي ومبارك كان حافزا للآخرين لكي يقاتلوا حتى الرمق الأخير ولكي يخوضوا معركة البقاء مهما كانت الخسائر..... ... وهذا الكلام لا يعني العفو عن الأنظمة المنهارة وأركانها وعسسها بقدر ما هو دعوة لتحكيم العقل والابتعاد عن الثأر والانتقام. لأن هذه قد تتحول إلى عادة فما أن يسقط نظام حتى تتم إبادته ما يترك الباب مفتوحا لثارات مستقبلية " إن ما قام به الشعب العربي في مصر وتونس ما هو إلا ثورة على واقع فاسد مستبد أوجدته أنظمة رجعية كل همها هو خدمة الأجنبي فنظام حسني مبارك الذي ورث حكم السادات قام بتدمير الثورة الناصرية المليئة بالانجازات وساروا بممحاة على خط جمال عبد الناصر ليدمروا منجزات ثورته إرضاء للغرب الذي تصدت له ثورة جمال عبد الناصر واكبر دليل على ذلك اتفاقية كامب ديفيد التي قام بها نظام السادات وحسني مبارك ليدخلوا الشعب العربي المصري وانتقاما منه باتفاقية مذلة ومهينة مع الكيان الصهيوني والذي فسح المجال لأمريكا والكيان الصهيوني أن يقتحموا الأمة العربية ويدخلوها من أوسع أبوابها . فان نظام حسني مبارك ونظام بن علي لم يتعرضا إلى التنكيل وما يواجهه حسني مبارك الآن وعائلته هي مسائله قانونية ومراجعه لفترة طويلة من الحكم فالثورة ليست من أجل الأموال المنهوبة فقط وإنما من أجل شيء اكبر من ذلك , من أجل وطن وأمة وشعب فأزلام مبارك وبن علي قتلوا الشعب الذي خرج بسلمية تامة يطالب بحقوقه التي يكفلها له القانون فلو لم يحاكم مبارك وبن علي فكيف نعيد للمظلومين حقوقهم ؟؟! و إذا لم يحاكموا لن يكون هناك عبره للحكام ولا حتى رادع لهم لكي لا يتمادوا في ظلم شعبهم ؟! و إذا لم يعاقبوا ستحذوا أيضا كل الأنظمة حذوهم في قتل الشعب وأبادته وعندما تتقطع بها السبل وتفقد مرتكزاتها تخرج من الحكم لتتمتع بذكريات إجرامها وبالأموال التي نهبتها !!! فأنا اتفق معك بأنه يجب أن تكون تصرفاتنا واعية وان نحكم العقل فلذلك يجب أن يحاسبهم القانون اتجاه كل ما قاموا به من إساءة لشعب ومن استغلال لمناصبهم حالهم حال أي مواطن يخرج عن القانون أو يخون الوطن.