من المضحك جدا أن نشاهد ردود الشارع الصهيوني والتي انشغلت اليوم بتحليل تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو , فمنهم من صفق له وجعله بطل ومحرراً ويشد على يده في التصعيد ضد العرب ومنهم راح أكثر من ذلك يطلب منه أن يسحق كل العرب , وهناك البعض الأخر الذي يرتعب خوفاً من الوضع العربي الراهن ومن ثوراتها التي أسقطت بعض الأنظمة العربية والتي تشكل أهم الركائز التي تضمن أمن وسلامة كيانهم . نبدأ أولاُ بصحيفة يدعوت أحرنوت تحت عنوان " من لم يرغب؟" للكاتب الصهيوني شمعون شيفر والذي حذر بمقاله رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو من العرض الذي طرحه على السلطة الفلسطينية وهو إما السلام معه أو مع حماس فذكر قائلاً :" قد يرن هذا الإنذار بنغمة طيبة في أذن وعين التلفزيون، ولكن على نتنياهو أن يتذكر بان الواقع في المنطقة وفي الدوائر الأبعد حول إسرائيل هو أكثر تعقيدا من شعار يصيب الهدف صاغه مع مستشاريه. وإذا كنا لا نزال في عالم الشعارات، فان أبو مازن يمكنه أيضا هو الأخر أن يقول: «من لم يرغب على مدى سنتين في إدارة مفاوضات سيحصل ألان على الرئيس الفلسطيني والى جانبه زعماء حماس»." وهذا يدل على الخوف الذي ينتشر في عمق البيت الصهيوني من الثورة المصرية فلذلك نجدهم بداءوا بمراجعة أنفسهم قبل أن يتخذوا المواقف , وهذا يجعلنا كفلسطينيين وكعرب أن نؤمن أكثر بقوة الشعب العربي , واستطرد بالحديث قائلاً " Ýí ÇáÓäÉ ÇáÃÎíÑÉ ÈÇÊÊ ÊäØáÞ ÃÕæÇÊ ãÊÒÇíÏÉ Ýí ÅÓÑÇÆíá – ãËá ÑÆíÓ ÇáãæÓÇÏ ÇáÓÇÈÞ ÇÝÑÇíã åáíÝí – ÊÏÚæ Åáì ÇáÓÚí äÍæ ÇáÍæÇÑ ãÚ ÍãÇÓ ÃíÖÇ." وهنا يستحق أن نتوقف لضحك قليلاً ونحن نشاهد كيف الشعب داخل الكيان الصهيوني يبرر لحكومته المصالحة الوطنية الفلسطينية لكي لا تنغمر في اتخاذ قرار أحمق لا يحمد عقباها عليهم فنجدهم الآن يسايسون حكومتهم وكأنها طفل صغير كسرت لعبته ويحاولوا امتصاص حزنه ليمنعوه من البكاء . أما صحيفة هأرتس الصهيونية لم تبخل هي الأخرى كمثيلاتها من الصحف العبرية في التعبير وبسخاء شديد عن خوف الشارع الصهيوني من المصالحة الوطنية الفلسطينية فعرضت مقال للكاتب والمحلل السياسي لصحيفة تسفي برئيل تحت عنوان " من كفاح مسلح إلى كفاح سياسي " يقرأ به الواقع الفلسطيني ويذكر بأن المصالحة هي شيء متوقع منذ الأساس ولا يمكن تجاوزه وتجاهله إلا أن التوقيت والثمن لذلك لم يكن معروف , وأن مصر الثورة ليست هي مصر حسني مبارك وان الوضع الفلسطيني اليوم أكثر قوة وان المصالحة تتعلق في نية القيادة الفلسطينية أن تتطلب من الأمم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطينية بعدما أن استطاعت أن تستغل عملية الرصاص المصبوب وعملية أسطول الحرية والحصار الطويل لغزة و سياسة الاستيطان في إقناع بعض الزعماء بإزالة تأييدهم لموقف الكيان الصهيوني وتبني فكرة الدولة الفلسطينية. أما الكاتب الصهيوني الوف بن, فقد عرض موضوع المصالحة الفلسطينية بطريقة مختلفة في صحيفة هأرتس تحت عنوان " عجل إنقاذ نتنياهو " فذكر في مقالة أن المصالحة الفلسطينية ستؤدي إلى سيطرت حماس على الساحة الوطنية الفلسطينية وهذا يمنح رئيس الحكومة بن يامين نتنياهو باب هرب من الأزمة التي دُفع إليها بسبب جمود المسيرة السياسية. هذا ما كان يحتاجه نتنياهو لتوحيد الجمهور الصهيوني وراءه لصد الضغط الدولية عليه للانسحاب من الضفة الغربية. أما الكاتب ايتان جلبوع - خبير في الشؤون الأميركية، ورئيس مركز الإعلام الدولي وباحث في جامعة بار آيلان كتب مقال تصدر صحيفة يدعوت أحرونوت تحت عنوان " أوباما ضد نتنياهو.. العد التنازلي " يلخص به بأن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني معنيتان بمنع قرار في الجمعية العمومية للأمم المتحدة يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967. وان المخاطر على الكيان الصهيوني واضحة. والولايات المتحدة لا ترغب في أن تجد نفسها تتردد بين معارضة القرار، التي ستجعلها في عزلة بارزة، تلحق لها ضررا بصورتها في العالم العربي الذي يتغير وتقوض أكثر فأكثر مكانتها الدولية؛ وبين تأييد القرار الذي يعني ضررا خطيرا باحتمالات تحقيق تسوية في المفاوضات وترك الدولة لمصيرها , واستمر بالحديث بأن الفلسطينيون في أيديهم ورقة إستراتيجية مظفرة، ستجبر الكيان الصهيوني على التخلي عن مواقفه الحالية والدخول إلى المفاوضات من موقع دون، أو كبديل تعزلها، وتجعلها جنوب إفريقيا عصر الابرتهايد وتضعفها من ناحية سياسية، أمنية واقتصادية. لقد حاولنا جاهدين إلى عرض أبرز العناوين التي وردت في الصحف الصهيونية وهي بلاشك تعكس رؤى الشارع الصهيوني ومدى تخوفه من المصالحة الفلسطينية ومن الثورات العربية التي تمردت على واقعها الفاسد وكيفما يبقى دوما رعب الزوال يطاردهم وهذا يؤكد على حقيقة واحدة وهي أنهم بداخل أنفسهم يعلمون علم اليقين بأنهم ليسوا أصحاب حق وان صاحب الأرض حتما سيعود لأرضه ويستعيد حقوقه.