كانت هي الصفعة والركلة القوية التي تلقاها الكيان الصهيوني من المصالحة الوطنية الفلسطينية والتي كنا ننادي بها لسنوات طويلة وما من مكان نحل به أو محفل نتواجد به إلا و ندعو للإنهاء الانقسام والعمل على ترميم البيت الفلسطيني والتسامي على الجراح لإنهاء هذه الحالة التي لا تخدم إلا المحتل أولاً و أخيرا. فالإعلان عن الخطوات واللمسات الأولى للمصالحة دفعت إلى خروج رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو إلى الحديث والتهديد والوعيد للأطراف الفلسطينية إذا ما تمت المصالحة , بل ووصلت به الوقاحة إلى أن يضع احد الخيارين أمام السلطة الفلسطينية لتختار بين السلام معهم أو مع حماس وهنا يجدر بنا أن نتوقف ونضع الكثير من علامات الاستفهام وبسخاء كبير, لو قام احد الأطراف الفلسطينية بالحديث مثلاً عن الأزمة التي حدثت عام 2005 داخل حزب الليكود وخروج منه كتلة جديدة لتسمى فيما بعد كاديما لأجاب الكيان الصهيوني بأن هذا شأن داخلي ولا يحق لأحد مناقشته وطرحه, فلماذا لا تأخذ حكومة الاحتلال الصهيوني هذا الجانب وتصمت ؟؟؟؟؟؟؟؟ , فهذا يدل على أن الاحتلال نفسه لا يعترف حتى بالحل الذي فرضه علينا بدولة على حدود عام 1967 بدل من أن تكون فلسطين لنا بحدودها الطبيعية لأننا نحن أصحابها وأهلها ونحن من خلق من ترابها وليس الذي جاء لنا من أمريكا و أوروبا و روسيا وغيرها. فقد وصل صدى المصالحة الوطنية الفلسطينية حتى داخل الكونغرس الأمريكي الذي اخذ يتباحث في شؤونها , فيجدر بنا هنا التوقف والتساؤل فيما لو عقد البرلمان الفلسطيني جلسه واخذ يتباحث بالشؤون الأمريكية الداخلية لوجدنا سيل من الإدانات والاتهامات تنصب علينا و لربما نجد القوات الأمريكية والصهيونية وحلف شمال الأطلسي وحلف الناتو وكل القوى الغربية جاءت لتحتل ما تبقى من فتات أرضنا الفلسطينية عقوبتاً على ذلك !! لقد وجد الاحتلال الصهيوني ودول العالم المنحازة له في حالة الانقسام, ألفرصه المناسبة والموائمة لهم ليتخذوها ذريعة في التنصل من التزاماتهم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية, ومع اقتراب موعد إعلان الدولة, كانت هذه الحجة مخبأة في مطابخ السياسة الغربية لتعرض في الوقت المناسب لتكون عقبه في إعاقة الاعتراف بالدولة بحجة انه لا يجوز الاعتراف بدولة منقسمة , ليبدؤوا بطرح العديد من الأسئلة وهي هل غزة ستكون ضمن هذه الدولة أم دولة أخرى , وانه إذا تم الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أراضي الضفة الغربية لنهر الأردن ستخرج غزة وتعلنها إمارة إسلامية وتجمع بداخلها كل الأحزاب والحركات المسلحة , وبهذه العبارات و الديباجات والحجج التي اعتدنا دوما على سماعها والتي يستغلها الغرب في المطاولة والمراوغة لإضاعة الوقت واستغلاله لصالح الكيان الغاصب و الآن عند إجراء المصالحة أخذت صيحاتهم تعلوا احتجاجا على ذلك فما الذي يريده ويطمح له الغرب؟؟ , أن نقتل غزة ونبيد أهلها مثلاً؟؟؟!!! إن عودت مصر لنسيجها العربي القومي بعد أن أسقطت الدكتاتورية التي قمعتها لعقود طويلة هو ضمان لسلامة وأمن البيت الفلسطيني فلقد تتالت الاجتماعات تلو الاجتماعات والمبادرات خلف المبادرات وعقدت شتى الاتفاقيات تحت رعاية النظام المصري البائد إلا أنها لم تحقق أي نجاح و هذا يؤكد لنا على حقيقة واحدة وهي أن النظام المصري البائد لم يطمح لأي وحدة فلسطينية وذلك تنفيذ لأوامر الغرب و إملاءاته . فالكيان الصهيوني سيواجه مصاعب جما إذا لم يعترف بالدولة الفلسطينية أو في حال انقطعت المساعدات التي تصل إلى السلطة ففي كلا الحالتين يصبح الكيان الصهيوني هو الخاسر لان الشعب العربي الفلسطيني خسر كل شيء وليس هناك شيء ليخسره فكل الاحتمالات التي تأتي ليست أسوء من الأحداث التي مضت , فلو افترضنا أن الكيان الصهيوني لم يعترف بالدولة الفلسطينية فانه سيواجه انتفاضه فلسطينية أكثر قوة وشراسة من قبل , لأن الشعب العربي اليوم ليس كما كان بالسابق, فالدكتاتور الذي حبس مصر لعقود طويلة سقط وأصبح في مزابل التاريخ والشعب العربي المصري اليوم ليس هناك من يستطيع أن يوقفه ليزحف لفلسطين ويشارك أهله وإخوانه في كفاحهم ضد الاحتلال ,والكيان الصهيوني يدرك تماما ما معنى أن يصطدم مع القطر المصري في هذه الظروف , أما لو اختار الغرب قطع المساعدات فذلك يعني أن مؤسسات السلطة الفلسطينية ستتوقف وتنهار المؤسسات الفلسطينية وبالتالي تنهار السلطة وتسحب الاعترافات بالكيان الصهيوني والتي أرغم الفلسطينيون عليها, وبذلك يصبح الكيان الصهيوني هو المسئول أمام العالم عن خدمات الشعب الفلسطيني وتصبح معه المواجه مباشره لان جنوده وقواته ستملئ المدن والشوارع الفلسطينية من جديد وتعود منظمة التحرير الفلسطينية إلى تبني الكفاح المسلح لتبدأ بحرب استنزاف جديدة ضد هذا الكيان الغاصب أضف إلى ذلك وجود عشرات الألوف من الأجهزة الأمنية والمدربة على القتال والسلاح وهم أبناء مخلصون لهذا الوطن فلا شك بذلك أن يلتحقوا بالصفوف المقاتلة لمنظمة التحرير الفلسطينية وبذلك تزداد الخبرة القتالية ضد هذا الكيان. إن تخاذل الأنظمة العربية هو من أجبرنا إلى أن نصل إلى هذا الحد حتى أصبح يتدخل في أمورنا ويهددنا أين كان, فلو التزمت الدول العربية بالتزاماتها اتجاه القضية الفلسطينية وبالمساعدات لصندوق القومي الفلسطينية لما أصبح لدى الغرب فرصه ليملي علينا أوامره ويتدخل في شؤوننا الداخلية عند كل قرار نتخذه ولا يوافقه يهددنا بقطع المساعدات .