في كل أزمة تعصف بأمتنا نشاهد جامعة الدول العربية تعقد القمم والاجتماعات والجلسات المغلقة لتخرج علينا بعد ساعات وأيام طويلة بقرارات شجب و استنكار غير واضح اللهجة والمفاهيم حتى بتنا لا نميز منها الجاني والمجني عليه ,و دون أن تحرك هذه الأنظمة أي ساكن اتجاه قضايا امتنا والسؤال الذي يطرح نفسه وبشدة في هذه الأوقات العصيبة وهو ما الفائدة من هذه الجامعة التي لا تنصر الحق ولا تنصف المظلوم ؟؟ تأسست جامعة الدول العربية في عام 1945 ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا لم نشهد منها ما يرضي أو يحقق طموح الشعب العربي من أقصى المحيط حتى أقصى الخليج, لقد كان طموح المواطن العربي بوحدة عربية تعيد للعرب مكانتهم بين الأمم الأخرى, فجاءت هذه الجامعة لتدغدغ مشاعر الشعب العربي بإيهامها إياه أنها تسعى إلى ذلك , فذهب البعض في التصفيق لها, و البعض الأخر تقبلها لاعتقاد منه بأنها خطوة تسير نحو الوحدة العربية , إلا أن الواقع الذي واجهه المواطن العربي كان مخالف لذلك ومع مرور الأيام وتتالي الأحداث وتخاذل المواقف التي نتجت عنها اتضح أنها وجدت لتمتص هذه الروح القومية لدى المواطن العربي لتكون بذلك بوق من الأبواق التي تعمل ليل نهار في تعميق القطرية التي لا تخدم إلا المحتل ,وبذلك تحافظ هذه الجامعة على أهم اتفاقية عقدها الغرب ليستولي بها على ثروات امتنا وهي اتفاقية سايكوس - بيكو وهذا شيء طبيعي وغير مستغرب لان أركان هذه الجامعة هم الأنظمة العربية التي نصبهم الغرب وجل همهم هو البقاء على كرسي الحكم . إن جامعة الدول العربية مدانة بقتل ملاين الأبرياء العرب إما لأنها شاركت بذلك بقراراتها الجاحفة والجائرة , وإما لصمتها وخنوعها أمام جرائم الغرب في أمتنا , فمن يعفي هذه الجامعة التي تخاذلت على مدى أكثر من ثمانين عام عن قضية الأحواز المحتل منذ عام 1925 ؟! ومن يعفيها من تخاذلها اتجاه القضية الفلسطينية على مدى أكثر من ستة عقود ؟! ومن يعفيها من حصار العراق و تدميره ؟! ومن يعفيها من العدوان الثلاثي على مصر ؟! ومن يعفيها من دماء الشهداء الذين سقطوا على أيدي أركانها عندما قالوا كلمة الحق في وجه السلطان الجائر وطالبوه بالرحيل؟! ومن يعفيها من دماء الشهداء في ليبيا ولبنان ؟! ومن يعفيها من ضياع لواء الإسكندرونة وسبته ومليلية والجزر الإماراتية العربية الثلاث....؟! فما العقاب الذي تستحقه هذه الجامعة وأركانها ليغسل العار الذي لحق بأمتنا ؟ لقد بلغ السيل الزبا ووصلنا إلى حالة مزرية لم يشهدها التاريخ حتى أصبح الكيان الصهيوني والذي يبلغ عدد سكانه ستة ملاين يتحكم بأمة عظيمة مترامية الأطراف و تعدادها ما لا يقل عن 339 مليون نسمة . فبعد أن أثبتت هذه الجامعة عجزها لابد لنا من إقامة جامعة شعبية تمثل الشعب العربي لا حكوماته لتضم في حناياها الهيئات والمنظمات الشعبية والنقابية والشخصيات الوطنية والقومية و الإسلامية لتعبر عن إرادة الشعب العربي وبذلك تصبح هذه الأنظمة في حالة عجز أمام إرادة الشعب وتكاتفه وتراص قوته الجماهيرية من المحيط إلى الخليج وتحقق بذلك الأمن الكلي للوطن العربي من خلال التكاتف الجماهيري الذي لا يسمح للأنظمة أن تتخاذل وتتعاون مع الأجنبي في ضرب أي قطر عربي , أضف إلى ذلك تزداد الفعاليات و الأنشطة الاقتصادية بين أجزاء الوطن العربي لتحقق الأمن الاقتصادي والاستغناء عن المساعدات الغربية وتقليل حجم الاستيراد الخارجي وبذلك يصبح لدينا الفائض من الأموال تستغل في الاستثمار الداخلي لتفعيل الطاقة البشرية الهائلة التي يمتلكها الوطن العربي وبذلك تعود نهضتنا وعزتنا بين الأمم . فالعلم اليوم يتجه للوحدة والتكتل ونحن أحق من غيرينا بالوحدة فنحن لسنا الاتحاد الأوروبي الذي يطمح إلى جمع شعوب مختلفة وقوميات مختلفة ولغات وعادات وأعراف وتقاليد مختلفة من أجل إقامة مجتمع رأس مالي وسوق كبير لمنتجاته فنحن بالأساس شعب واحد فصلتنا حدود هزيلة وأنظمة مستبدة سخرها الغرب علينا لتحمي مصالحه في امتنا وتتستر عليه فنحن نملك اللغة والعادات والتقاليد نفسها ولا يمكن لأي قطر من أقطار امتنا أن يحقق أمنه القومي والاقتصادي بمعزل عن الأقطار الأخرى فلو كانت الأمة موحدة لما بقيت الأحواز وفلسطين محتلتان إلى هذا اليوم ولو كانت امتنا موحده لما تجرأ الغرب أن يجمع كل قواه ويركب البحار ويأتي من أخر أسقاع الأرض ليحط في بعض الأقطار العربية ليبدأ بضرب العراق , واستهداف باقي الأقطار العربية.