مما لا شك فيه إن الحركات الثورية الشعبية هي حالات صحية وطبيعية جد في المجتمعات التي تعاني من ظلم واستبداد العصابات الحاكمة التي تسلقت بطريقة أو بأخرى إلى سدة الحكم وباتت تمارس مهام تحفظ لها وجودها أكثر مما تراعي مصالح شعبها كما يحصل في منظومة الحكم العربية التي بدأت منذ ما يقرب النصف قرن بالتحديد تأكل بعضها لأنها تفتقر إلى حريتها في اتخاذ قراراتها وتحديد مواقفها من مجمل حركة التفاعلات الإقليمية أو الدولية ولكي نقترب من محور الدائرة التي تتحكم بمجريات الأحداث الحالية التي تتطور وفق خط بياني متذبذب ويشير إلى خطورة نتائجه في حاضر ومستقبل الأمة العربية ودور الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الغربي فيها وفق معادلة حسابية عكسية لا يمكن في حال من الأحوال أن تتبدل لان إي نمو تحرري عربي لابد أن يقابله اندحار غربي والعكس صحيح ولا ينفلت مطلقا عن مجل حركة الصراعات القائمة ولك أن تسميها ما تشاء كصراع الحضارات أو صراع الأديان أو صراع الشرق مع الغرب أو إي تسمية أخرى . فعندما طرح باراك اوباما برنامجه الانتخابي إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية كان الكثير من العرب بمختلف المستويات الفكرية والثقافية قد راهن مع شديد الأسف على انه المنقذ المخلص لكثير من شعوب وأمم الأرض من معاناة وظلم أمريكا والعالم الغربي الرأسمالي الجشع مصدقا ما طرحه اوباما وحينها كنا قد قارنا في أكثر من مقال بين سلفه سيء الذكر جورج بوش الابن وبينه في سؤال عن الخطورة التي تكمن في سياسة اوباما التي امتازت بالدهاء والحيلة والمكر بينما امتازت سياسة حكم بوش بالرعونة والطيش والغباء , وحينها قد تعرضنا إلى سيل من الاتهامات والشتائم واتهامات مختلفة ولكن الأيام أثبتت صحة توقعاتنا وتحليلاتنا. فبعد مضي أكثر من عامين على تولي باراك اوباما رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية مهد خلالها للشروع بفترة ساخنة جدا من الأحداث استهدفت بشكل خاص منطقتنا العربية دون غيرها حيث تتركز فيها باكورة المصالح الغربية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص والتي يرعاها بشكل أو بآخر وجود الكيان الصهيوني في قلب الوطن لعربي . وإذا قلنا أن باراك اوباما اخطر من بوش من حيث لجوءه إلى الحيلة والدهاء بدلا من العنف فان السنة الحالية منذ مطلعها تشير بوضوح إلى نتائج سياسته التي أعلن فيها منذ البداية انه سيتخلى عن عملاء إدارة بلاده السابقة من حكام المنطقة العربية وحينها كان البعض قد تصور انه سيتخلى عن عملاء أمريكا في العراق فقط بينما الحقيقة كان الرجل يعني كل حكام الأقطار العربية بعد إعداد الوجوه الجديدة المناسبة للعب الأدوار المستقبلية وبمهمات تقتصر على مراحل محددة . وحين قلنا أن الغرب يستخدم بعض مرتدي الزى الإسلامي لتهديم الإسلام اتهمنا بعض من يدعي الثقافة العرب بأبشع التهم وها هي الأحداث تؤكد أن ملالي إيران يمارسون اخطر الأدوار في تهديم الإسلام ومعهم العملاء ألمتعددي الولاءات والانتماءات الذين يمثلون حكومة الاحتلال في العراق يثبتون أنهم الأكثر خطورة في المنطقة لا على الشعب العراقي فحسب بل وعلى عموم البلاد العربية والإسلامية من خلال دعم ميلشيات وخلايا تثير الفوضى وتؤسس للاقتتال البيني فيها تحت مسميات وواجهات مختلف وهي الأخرى لا تخرج عن الدعم الأمريكي ماديا ومعنويا . إذا كانت رعونة جورج بوش الصغير قد دفعته إلى استخدام القوة العسكرية في غزو العراق واحتلاله فان تلك الخطوة الغبية قد أدت إلى تمريغ انف الولايات المتحدة الأمريكية في وحل الهزيمة أمام المقاومة العراقية وذلك ثمن تعتبره الغطرسة الأمريكية باهظ مقابل المكسب الذي يمكن أن تحصل عليه , لذلك فان اوباما قد استوعب الدرس بشكل جيد وقرر شد الشعب الأمريكي إليه خصوصا وانه يعد منذ الآن للحملة الانتخابية الجديدة من خلال تنفيذ وعوده وفي المقدمة منها الانسحاب من العراق وفي نفس الوقت الاستمرار في المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط ولكن بمعول عربي وإسلامي يحفظ له ماء وجهه الأسود في نفس الوقت الذي يكتسب فيه الشرعية الدولية التي تحفظ لبلاده هيبتها مستفيدا من النموذج اللبناني الذي يصفونه بالديمقراطي , فكرر تجربته في العراق وقد نجح فيها حيث مر أكثر من عام على ما أطلق عليه جزافا انتخابات ديمقراطية ولم يتمكن العملاء من التوصل إلى تشكيل حكومة ولا يزالون في حالة مزرية من الصراع على الكراسي مقرون بتبادل الشتائم إن خطة اوباما تبدأ من حيث تخليه عن عملاء بلاده في المنطقة وإسقاطهم بسلاح شعوبهم كثورات جماهيرية تتمكن أمريكا من خلالها من تقديم وجوه جديدة مقبولة شعبيا ويستحسن أن تكون ذات ماضي مقبول وطنيا كبدائل تؤدي ادوار محددة وتنتهي لتتقدم وجوه غيرها مع العمل على تشريع قوانين ترسخ النزاعات والصراعات بين الشرائح الاجتماعية على غرار ما يحصل في العراق ولبنان ومثالا على ذلك ووفق مقاييس العمالة والطاعة العمياء للسيد الأمريكي لا يوجد في العالم من يقدم الخدمات مثل حسني اللامبارك ونظامه فهو يهودي أكثر من اليهود وهو أمريكي أكثر من الأمريكان وبفعل دوره نجحت الكثير من المشاريع الأمريكية الصهيونية ابتداءا من عدواني الخليج الأول والثاني وما يعاني منه الشعب العراقي وانتهاءا بحصار غزة ورغم إن جميع أنظمة الحكم في منطقتنا العربية لا تمتلك نظاما مخابراتيا قمعيا يرقى إلى مستوى أجهزته الأمنية ومع ذلك فقد تخلت أمريكا عنه , فلماذا تخلت عنه ؟ ولكي لا تجعل منه بطلا قوميا ولتثبت انه رخيص سمحت باستجوابه تمهيدا لمحاكمته والبقية تأتي . وكذلك الحال مع باقي الأنظمة وحسب الاستجابة الشعبية التي تسمح لأمريكا في الحركة داخلها وحسب إمكانية الوجوه المعدة للعب هذه الأدوار على الحركة داخل القطر المعني . إن المرحلة الحالية تحتاج إلى مشرط جراح متخصص للتعاطي مع افرازات الحركات الشعبية ونتائجها أي أنها تحتاج إلى تركيز دقيق في التعامل معها للوقوف على حقيقة انتمائها ومنع الجماهير الشعبية من التفاعل معها والتأثر بنتائجها لا حبا أو تقديرا للأنظمة الحالية التي يجب الانقلاب عليها حتما ولكن لكي لا يبدل العميل بعميل ولكي لا يقتل أبناء شعبنا العربي بعضه فننشغل عن عدونا الأول بخلافاتنا ولكي لا تهدم أقطارنا بأيدينا كما يحصل ألان في ليبيا ولكي لا تسرق ثرواتنا ويضيع حقنا في الحياة الحركة الكريمة . في كل الأحوال فان المنتفع الأول مما تخلفه تلك الحركات المفتعلة هي أمريكا والغرب ومن تقتضي مصلحته تهديم الأمة العربية فتحالف معها والذي يؤيدها تحت ذريعة الشرعية الدولية أو حق تقرير المصير مع ملاحظة الفرق الشاسع بين الحركات الثورية التحررية التي تنقلب على الواقع الفاسد وبين التمرد بهدف إضعاف الأمة وتمزيق أوصالها . Iraq_almutery@yahoo.com alqadsiten@yahoo.com