أراد الله سبحانه و تعالى أن يكون الشعب الفارسي جارا ً لنا، ولا شك بين ابناء هذا الشعب منهم من طيب القلب، لكن و مع الأسف الشديد اكثرية أبناء هذا الجار المتعب عنصريين حتى النخاع مما يصعب على المرء هضمهم و هذه الظاهرة الثقافية و الاجتماعية في الوسط السياسي الفارسي نتيجة التراكمات الفكرية الحاقدة على العرب و العروبة بشكل عام . من خلال التجربة الميدانية مع الفارسي كوننا في جغرافية إيران الحالية و اطلاعنا على مجريات الشأن الإيراني و على كافة مستوياته الفكرية و التقافية و الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية، مكنت المواطن الأحوازي و خاصة الناشط، من قراءة العقلية الفارسية بشكل جيد جدا ً، بحيث الأحوازي مجبر أن يقراء الأدب الفارسي على المستويين المدرسي و الجامعي بالإضافة للممارسات الاجتماعية اليومية، مما تتكون له رؤية عميقة جدا ً عن العقلية الفارسية في التفكير و التنفيذ و النتيجة . لأي شخص أو مجموعة نقاط ضعف و قوة، و للفرس(الإيراني) أيضا ً، و للعرب قوتهم و ضعفهم، فالقوة عند العرب اصبحت من الماضي و لا يسعدني الخوض فيها، اللهم توجد اليوم عند القذافي و الأسد الابن، شيء من (الشجاعة) و التي تجلت في قتل المواطنين الأبرياء العزل في بلدانهم، فالضعف العربي ليس بحاجة لشرح مطول، إنما أمة تمزقت بفعل فاعل و الفاعل هم الحكام و أنظمتهم الرجعية، و اليوم البعض منهم(الحكام) اصبح مفعولا ً به . اغلب الأنظمة و منذ الخمسينات تبنت القضية الفلسطينية و من أجل فلسطين - القضية الأولى عربيا ً- ذبح المواطن، و العجيب في الأمر، قضية العرب الأولى بفعل فاعل اصبحت خارج حسابات العرب بين طهران و أنقرة، اللهم إلا الشعب العربي . فالأتراك همهم البقرة، فالحليب غايتهم و قد نجحوا و الشكر موصل لبوابة دمشق، لكن طهران و بفضل هذه البوابة استطاعت أن تلعب لعبتها فكسبت ما لا يكسبه العرب في القضية، و أخيرا ً كشرت إيران عن انيابها، تارة في العراق و تارة أخرى في اليمن و الكويت و البحرين و هكذا الحبل على الجرار . و على ضوء هذا المخاض الذي يمر به الوطن العربي من ثورات عربية هدفها التغيير و الاصلاح تجلت الإرادة العربية في الاحواز و منذ شهرين و الشارع الأحوازي يعد العدة لاحياء ذكرى 20 نيسان1925 ميلادي ذكرى الاحتلال، و كذلك ذكرى 15 نيسان عام 2005 ميلادي تلك الانتفاضة المباركة التي اشرقت في سماء الأحواز كي تبقى شمعة مضيئة مما لها من مكتسبات ايجابية في الشارع الأحوازي و ما زلنا نقطف من ثمارها . فالشعب العربي الأحوازي في جغرافية الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحالية يعد من أكثر الشعوب المحرومة من حقوقها و المضطهدة، فالحرمان طال كافة مفاصل الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية، فهذه نتيجة واقعية ملموسة نتجت عن سياسات الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم في إيران قديما ً و حاضرا ً و ذلك من خلال الإضطهاد المزدوج (قومي سياسي) مما بات يهدد الوجود العربي في الأحواز، فشكل هذا الاضطهاد المبرمج صراع بين الحكومات الفارسية من جهة و الأحوازيين من جهة أخرى، فتحول هذا الصراع القديم و الحالي و المستقبلي، إلى صراع وجود أم نكون أم لا نكون . فالسؤال الذي يطرح نفسة على قادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية و استنادا ً للآية الكريمة (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم ...) ، أليس من حقنا أن نتنفس الحرية كما أراد الله سبحانه و تعالى عندما فضل علينا و جعلنا من أبناء العرب، أليس علي ابن ابي طالب و الحسن و الحسين و فاطمة من العرب، فهل يجوز أن يتباها الفارسي بامجاده و تاريخه، لكن العربي الأحوازي يمنع، بل تمارس عليه أشد اساليب التفريس، أليس هذا ظلما ً يا (قادة الإسلام) و مفهوم الآية أرقى مفهوم للحرية و الديمقراطية و المساواة في الحقوق و الواجبات. الوقت يمر و الأحداث تتسارع و الشعوب في ما تسمى إيران الحالية ليست تلك الشعوب ابان الثورة عام 1979 ميلادي، خدعت باسم الإسلام و ثم ذبحت و الشواهد كثيرة بين الكورد و العرب خاصة ً، حين كانت الأعدامات بالجملة و في الشوارع بعد انتصار الثورة مباشرة ًعام 1979 ميلادي . و في الوقت الراهن الكثير من القوى السياسية للشعوب الراضخة تحت الهيمنة الفارسية في إيران الحالية، تطالب بحق تقرير المصير و التحرير كليا ً عن إيران، كما هناك قوى سياسية من هذه الشعوب اعتمدت حلا ً وسطيا ً للمشكلة و تطالب منذ سنوات في فدرالية إيران، و هذه القوى السياسية بشقيها هي محقة في مطالبها لنيل الحقوق و الكرامة الإنسانية، لكن و في المقابل السلطات الفارسية دائما ً كانت و ما زالت ترفض اعطاء أي حقوق لهذه الشعوب، فهذا الرفض من جانب السلطات الفارسية لم و لن يجدي نفعا ً بعد، لأن الحرية هي مطلب جميع شعوب المنطقة و ما تسمى إيران الحالية ليست بمعزل عن صدى التغيير المتسارع . Jamal.obeidi@yahoo.com