في مثل هذا اليوم من كل عام يستذكر العراقيون ومعهم العرب,كل العرب,يوما من أيامهم,يوما أعاد لهم ثقتهم بنفسهم وزهوهم ومرؤتهم,انه اليوم الذي استطاع العراقيون فيه تحرير واحدة من اعز مدنهم في الجنوب,في أقصى الجنوب,مدينة الفاو,مدينة الفداء وبوابة النصر العظيم,ثغر البصرة الباسم.هذا اليوم لن ينساه العراقيون لأنه من أيام عزهم ونخوتهم وشممهم ولن ينساه الإيرانيون لأنه يوم من أيام نكدهم وبؤسهم ,انه اليوم الذي اجبر كبير سحرتهم أن يتجرع السم صاغرا,ومثلما لن ينساه الإيرانيون كذلك يفعل أتباعهم وأذنابهم في العراق بل أنهم اقتصوا ممن ساهم في ذاك اليوم العرس,قتلوا واغتالوا العشرات من الضباط والقادة الذين كان لهم شرف المشاركة في تحرير تلك المدينة الغافية على ساحل الخليج العربي فأعادوا لها هويتها العربية التي اجتهد الإيرانيون خلال فترة احتلالها أن يمحوها,ولم يمنحوا الثقة حتى للضباط أصحاب الرتب الصغيرة يومها,أن يعودوا لجيشهم الطائفي الجديد.هكذا ينظر أتباع إيران,الذين يتصدروا المشهد السياسي في عراق اليوم لملحمة تحرير الفاو,سيمفونية العز والفخر. قيل الكثير عن ذلك اليوم,قالوا أن هناك قادة عرب شاركوا بالتخطيط ,وقالوا أن خبراء روس كانوا متواجدين يومها,وقالوا أيضا أن الأقمار الأمريكية كان لها دور في ذلك اليوم,خسئوا.تبين لاحقا وبشهادة الكثير من مراكز البحوث والدراسات والعديد من المسئولين داخل العراق وخارجه أن كل هذا كان هدفه التشويش على فرحة العراقيين والتقليل من أهمية النصر الذي حققته المؤسسة العسكرية العراقية بخبرة أبنائها. لقد كان التخطيط لتلك المعركة على درجة عالية من السرية والدقة ,السرية لضمان عنصر المفاجأة والمباغتة وهو من أهم عناصر الفوز,والدقة لضمان مهنية وحرفية التنفيذ واستحضار كل لوازم المعركة,درجة السرية كانت لحد أن تعرضت القيادة العسكرية والسياسية يومها للوم والعتب من بعض رجال العسكر والمسئولين ممن لم يطلعوا على التفاصيل مسبقا,ودرجة الدقة كانت لحد أنها أذهلت الإيرانيين أولا والمؤسسات العسكرية العالمية ثانيا وحسمت النصر لأهله.وجعلت العراقيون يتغنون بنصرهم ويعقدوا مؤامرات شعر وفرح يخلدوا نصرهم هذا.فمن حقنا أن نفرح بتحرير الفاو وهي أول مدينة عربية تحرر بعد تحرير القدس في معركة حطين الخالدة على يد القائد العراقي الكبير صلاح الدين.أكثر من ثمانية قرون مرت على العرب لم يعرفوا فيها غير الفقر والاستغلال وتجاوز الجيران الطامحين واحتلالات شرقية أو شمالية بغيضة طمست هويتهم وقتلت فيهم حب الحياة ودفنتهم وهم أحياء,حتى جاء عهد الثمانينات من القرن العشرين فتنفس العرب شيئا من الصعداء وبدا ينمو فيهم شعور الانتماء الوطني والإحساس بالزهو العربي المبني على تراث خالد مجيد خال من الأفكار الشوفينية والعنصرية والطائفية, مليء بملاحم إنسانية وعسكرية وعلمية وفكرية جعلتهم مطمعا لكل طامح غاصب. وتكلل ذلك كله بأيام أعراس عاشها العراقيون والعرب منذ منتصف نيسان من عام 1988 حتى الثامن من آب من نفس العام,يوم انتهت القادسية الثانية بمثلما انتهت إليه القادسية الأولى,كسر شوكة الفرس وعنجهيتهم الفارغة,تدمير التهم العسكرية التي كانت سببا لاستهتارهم وتطاولهم على العرب وممارستهم دور شرطي الخليج,تدمير لصناعة واعدة أوهمتهم أنهم سيتمكنون من بسط سيطرتهم التنموية على المنطقة ويصبحوا مركزا للاستقطاب الطائفي,القضاء على كل خلاياهم الباطنية النائمة والكامنة ,قضاء فكريا ونفسيا,والاهم من هذا كله إعادة ثقة العرب بأنفسهم وإمكانياتهم وعززت ثقتهم بمؤسستهم العسكرية والحفاظ على العراق واحدة موحدا قويا مرهوب الجانب. تحية لرجال الفاو,تحية للرجال الذين كان لهم شرف المشاركة الفعلية والصولة في محاور وأرتال المعركة الثلاثة,تحية للضباط والآمرين الذين قادوا المقاتلين في الميدان,حملوا أرواحهم على اكفهم من اجل استعادة المدينة المغتصبة,تحية للقادة الذين خططوا واشرفوا على تدريب القطعات المشاركة ووفروا الدعم اللوجستي والمعنوي لها,وتحية للقيادة التي اختارت الرجال ووزعت الأدوار واختارت ساعة الصفر,تحية للأحياء منهم ونطبع قبلة شكر وامتنان على جباههم ,والرحمة لمن مات أو استشهد منهم فهم الأكرم منا جميعا والجود بالنفس غاية الجود.