ثورة الخبز التي قادها شبان تونس العاطلين عن العمل ,بعد تخرجهم من الكليات والمعاهد والمدارس الثانوية وكانت اعمارهم لاتتجاوز 35 عاما.اللذين لايمكنهم توفير المبالغ اللازمة لتدبير هجرتهم من بلدهم لاوربا الغربية القريبة منهم!.للهروب من نظام الخليفة بن علي المنعزل عن شعبه طوال حكمه 23 عاما. بالرغم من دعمه امريكيا وفرنسيا .ويحيط به مجموعة من الفاسدين يشاركونه بالثروة والسلطة.هؤلاء الشباب طالبوا بتوفير فرص العمل والحياة الديموقراطية لاتعطيها هياكل السلطة التي تشغل مراكز النفوذ.علما بان تونس لايهددها الكيان الصهيوني وليست جارته. ومع ذلك كان نظامها السابق له مواقف معه!!.لكن شعبها العربي له مواقف تجاه القضايا العربية ,كاحداث غزة الوقوف مع الشعب العراقي تجاه الاحتلال الامريكي- الفارسي ونصرته والدفاع عن المقاومة العراقية الوطنية الباسلة.ونود ان نقول ,يخطىءمن يتهم الشارع العربي بانه اسير التيارات الدينية. حيث كان موقفها من ثورة تونس ( براغماتيا ) .واجبر القوى المناهضة لابن علي ان تنحاز لها ولابطالها حيث قادوا بشكل عفوي شعارات ضد الفقر والفساد الاداري والمالي وما يسمى التنمية المستدامة التي كانت عبارة عن فقاقيع جرى حقن النظام الفاسد بتقارير سياسية واقتصادية واجتماعية ايجابية.لم تصمد امام هول الفوارق الطبقية وانماط الحيف الذي قسم البلد ( لشمال شبه غني ) و ( جنوب اشد فقرا ) !!.محطمين هاجس الخوف والرهبة من القمع وتحدي الرصاص القاتل .فجاء تحالف الجيش التونسي واستقباله بالزغاريد للتخلص من ظلم الشرطة وارهابها بعد 4 اسابيع من الاعتصامات والاستنكار والمظاهرات لتعلن نجاح الثورة و سقوط ( هبل ) . فالتونسي يقايض الحرية بالامن لانه مدماك الحياة ومفتاح الامل .ولكن باستقرار ظاهري قائم على ارض هشة تغلي البراكين تحته .وانسداد سياسي وتسلط عميق في مواجهة المجهول الذي يطرق الابواب والشرفات والشوارع. لان ( قادة النظام القدماء الجدد ) !! لم يصدر منهم تصريح واحد يشيد بالثورة وثوارها! كانت ضدهم والاجراءات التي اتخذت ضد بعض مسؤوليه ( من اجل تبييض صورته وجسده ) لانهم كانوا شرايين النظام واوردته وخلاياه!!. ( فثورة الياسمين ) التي قادها احرار تونس كانت ولا زالت فخر الارادة العربية.لان عربةبائع الخضار محمد بوعزيزي قلبت اركان نظام مستبد. لم يتح لقيام مجتمع مدني فجرى التطاول على القوى الاسلامية والعلمانية وجعلها تعاني من التصادم والانشقاق .. فنظام الحكم الذي ارساه بورقيبة كان نسخة من النظام الفرنسي.وجاء بعده بن علي وكان رجل امن شرس له هراوة قمع شعبه بها مفصلا نظام الانتخابات على مقاسه ومقاس المحيطين به من حزبه ( التجمع الدستوري ) فيغضب على الصحافة الخارجة عن طوع السلطة مكلفا المحققين بمقاضاتها بحجة انهم ( ضالعين بالارهاب ونشر الاكاذيب ) !!.لقد برزت تساؤلات على ثورة الياسمين ,هل تتحول الى ربيع تونس بعد عدة اسابيع من نجاحها.فاللذين هللوا ورحبوا بها عليهم الانتظار عما ستؤل اليه الاوضاع حتى تكتمل فرحتهم.لان تونس بلد فريد بالمغرب والمشرق العربي تحرر من الاستعمار الفرنسي وتحول للنظام الديموقراطي العلماني يطبق قانون الاحوال الشخصية الحديث بالرغم من وجود ( تيار اسلامي متشدد ) يقوده حزب النهضة الاسلامي القوي في الاوساط الشعبية وقمع سابقا وعاد من جديد لاستعادة قوته والقادر على اعادة تنظيم قواعده وكسب اصوات المقترعين حتى من خارج خصومه. لكن قيادته تضع مصلحة حزبهم فوق مصلحة الوطن. ولا يقف بوجههم الا حزب التجمع الدستوري الذي كان يقود البلاد والان مشارك في العملية السياسية فالاسلاميون ادانوا ظلم وجور بن علي لانهم المضمون العلماني له.وينشطون في المساجد التي من السهل بث نفوذهم فيها .وقد اعتمدت السلطات التونسية ( صورة النساء المحجبات في استخراج بطاقات الهويات ) من اجل الانفتاح على الحريات الدينية وعدم التضييق على الاسلاميين بعد سنوات من الملاحقة والتضييق في الجامعات ومقار العمل والشوارع.حيث طرح الاسلاميون للنقاش هذه الايام الحجاب ولباس المرأة والنقاب بعد ثورة 14 كانون الثاني.والذي يعتبره انصار بن علي ( لباس طائفي دخيل على البلاد ) !!. فتونس بعد الثورة ازدادت فيها التصنيفات وعدم التوافق والتفرقة بين الاحزاب والقوى داخل النقابات.فالشعب يطالب بوضع دستور جديد ولكن لاتعرف بنوده؟. وهل سيقبل به الجميع ويلتزم باصول اللعبة الديموقراطية في تداول السلطة فهناك في الافق تلوح بوادر الثورة تاكل ابنائها. واضافة للوضع الاقتصادي المتردي الذي تعاني منه مؤسسات الدولة وشبح المجاعة والفقر. لقد ساهم النظام السابق ( بتدجين الشباب والشعب ) ! عبر الاهتمامات الرياضية والكروية.فجاءت اعداد المنخرطين بمنظمات المجتمع المدني قليلة جدا لانها كانت ابواقه.فعندما رحل وبدون دماء تذكر!!. مخلفأ نظاما لاتزال اسسه راسخة. فهناك حرس ابيض من اتباعه ومن الاطراف السياسية والدينية تعمل على استعادة نفوذها بعد ان غابت عنه لترويض الثورة واجراء خارطة طريق للاصلاح السياسي بدلا من قيام الشعب!!. ( فمحمد الغنوشي هو رجل اقتصادي وجماعته كذلك لكنهم ليسوا سياسيين!! ) . ومن ذيول النظام السابق ويحاول قمعها وعنده نفوذ كبير .يمارسون دورهم الاعلامي والسياسي لتخويف الناس من الانفلات الامني ولهم عقليتهم الاحتكارية والاقصائية .مروجيين بعودة النظام السابق عبرعودة العسكر لاستعادة الامن على حساب الاصلاحات.او باسم الدين على حساب ضرب علمانية الدولة وحرية الافراد.وهناك منظمات تسعى لركوب الشارع التونسي المضطرب الباحث عن زعيم وطني يؤطر جهوده وحراكه السياسي.فالحكومة المؤقتة منطوية على تفسها لاتتواصل مع منظمات المجتمع المدني. ولم تقنع مواطنيها بما انجزته ثورتهم البيضاء.وتجري اعتصامات يومية ضدها ( في القصبة ) وفي طول البلاد وعرضها لحمايتها من انحراف اهدافها ومحاولة استغلالها من قبل الانتهازيين.وتخبط ادارات مؤسسات الدولة في العاصمة والولايات ( المحافظات ) .بسبب تبديل كوادرها السابقة بسبب انتمائها للحزب التجمع الدستوري الذي حل مؤخرا. اما المؤسسات الاعلامية الخاصة والمملوكة للحكومة فكانت تشكو من تدخل وسيطرة اقارب بن علي. فجرى تطهيرها منهم من قبل منتسبيها.واصبح الاعلاميون كمن وقعوا في مياه المحيط ولا يعرفون او يجيدون السباحة.اما السلطة القضائية الفاسدة التي كانت ولا تزال تحت سيطرة هذا الحزب فانها منقسمة بين واجبها المهني والحفاظ على الثورة ومقاومة الرشوة وحجز اموال بن علي ( بسيدي بوسعيد ) !! ويوجد في تونس 40 حزبا وتجمعا ورقيا خرجت من عباءة النظام السابق ( ضعيفة وغير شرعية ومن دون برامج عمل واقعية ) تتسابق فيما بينها للتسجيل في القيد التأسيسي لكسب ثقة الناخب في الانتخابات العامة!!.و لجنة الاصلاح السياسي يقودها ( عياض بن عاشور ) تتشاور مع بعض الشخصيات الوطنية والجمعيات الغير حكومية واتحاد الشغل والمحامين ولكن بدون برنامج موحد او حد ادنى من التوافق لتجاوز انماط الديكتاتوريات ( الجيش والدين ) لصياغة نوع جديد من الديموقراطية لها خصوصيتها والمساحة في الدين ومحمية بقيود تضمن حقوق الانسان.فالعلمانيون اللذين يسمون في تونس ( لائكيين ) لهم مخاوف من تدخل الاسلاميون في كتابة الدستور.ولن يسمحوا بتغيير مكتسبات النظام العلماني.وبرزت ( هيئة حماية الثورة ) بقيادة ( عبد السلام جراد ) وهو من رموز النظام السابق والمؤيد لترشيح بن علي لولاية جديدة .والمتشكلة من الاتحاد التونسي للشغل المتمركز في مؤسسات الدولة ويمنع الرقابة ويقود اضرابات يومية محملا الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة والذي ادان الثورة.وحركة النهضة الاسلامية واحزاب يسارية راديكالية كانوا ولازالوا قريبين لحزب بن علي مطالبين باعتباره ( جزءا من التراث الوطني لانه قاد استقلال الدولة التونسية ومنتسبيه في القرى والارياف وهم توانسه,ومشيرين لتجربة الا حزاب الشيوعية في اوربا الشرقية التي خرجت من السلطة تمارس اعمالها بصورة طبيعية. ان الشعب التونسي مطالب بالحفاظ على ثورته لانها ثورة الكرامة.