إن إعلان الحكومة العراقية في 14 مارس / آذار 2011 بأنها ستغلق مركز احتجاز كامب هونور بعد كشف لجنة برلمانية عن أعمال تعذيب هناك، هو تحرك إيجابي لكنه ليس أكثر من خطوة أولى. أن هناك حاجة ماسة ما زالت قائمة بفتح تحقيق مستقل في المسؤولين عن الانتهاكات بمركز الاحتجاز. على المسؤولين العراقيين أن يُشكلوا هيئة مستقلة لها سلطة التحقيق بنزاهة في التعذيب الذي وقع في كامب هونور ومواقع أخرى يديرها اللواء 56، والمعروف أيضاً باسم "لواء بغداد"، وجهاز مكافحة الإرهاب - وهي قوى أمنية رفيعة المستوى ملحقة بالمكتب العسكري للمالكي. إن على هيئة التحقيق أن توصي بخطوات تأديبية أو ملاحقات جنائية لأي شخص من أي رتبة وظيفية تواطأ في الانتهاكات. "إغلاق كامب هونور لا يعني إلا القليل، إذا كان سيتم نقل المحتجزين إلى مراكز احتجاز أخرى يتعرضون فيها للتعذيب من جديد. لابد من إجراء تحقيق حقيقي ومستقل وبدء ملاحقات جنائية للجميع، بغض النظر عن الرتبة، من المسؤولين عن الانتهاكات المروعة التي وقعت هناك". أعلنت وزارة العدل في 14 مارس/آذار أنها ستغلق كامب هونور بعد أن انتهت لجنة تحقيق برلمانية - قوامها بالأساس أعضاء لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان - إلى وجود أدلة على التعذيب أثناء تفتيش مفاجئ للمركز قبل خمسة أيام. قال أعضاء لجنة التحقيق إنهم رصدوا 175 سجيناً في أوضاع "مؤسفة" في السجن، بالمنطقة الخضراء الحصينة ببغداد. قالوا إنهم شاهدوا "علامات أذى بدني، منها آثار صدمات كهربية" وآثار على أجساد المحتجزين، منها ندوب طولية بطول الظهر. وصف المحتجزون لأعضاء اللجنة أعمال التعذيب التي تعرضوا لها وقالوا إن أكثر من 40 محتجزاً آخرين نُقلوا على عجالة من المركز قبل ساعة من وصول أعضاء اللجنة. وزير العدل العراقي حسن الشمري قال في 29 مارس/آذار إن جميع المحتجزين في كامب هونور - بين 150 إلى 160 محتجزاً - قد نُقلوا إلى ثلاثة مراكز احتجاز خاضعة لإشراف وزارته. إلا أنه طبقاً للجنة البرلمانية، فإن عدد المحتجزين في كامب هونور كان أكثر بكثير. اللجنة - المُشكلة من قبل البرلمان في 8 فبراير/شباط بعد مقال بصحيفة لوس أنجلس تايمز يوثق انتهاكت المحتجزين في كامب هونور - قالت إنها طلبت رسمياً من سلطات السجن قائمة بأسماء جميع المحتجزين، لكنها لم تتلق أي معلومات من هذا النوع حتى 29 مارس/آذار. رداً على مزاعم متكررة بوقوع انتهاكات جسيمة في مراكز الاحتجاز العراقية، أصدر نوري المالكي بياناً في 19 مارس/آذار يؤكد فيه على أنه "لا توجد مراكز احتجاز سرية، وجميع السجناء ومراكز الاحتجاز مفتوحة للسلطات والقضاء، التي يتوجب عليها أن تُبلغ عن أي انتهاكات تصادفها، وأن تبلغ القضاء بها لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد الجناة". إلا أن هيومن رايتس ووتش في تقرير لها صدر في 1 فبراير/شباط، وصفت سجناً سريّاً جديداً داخل معسكر العدل (كامب جاستيس)، وهو قاعدة عسكرية كبيرة تقع شمال غرب بغداد، وتديرها نفس القوات المسئولة عن كامب هونور - اللواء 56 ومكافحة الإرهاب - وهما مسؤولان بشكل مباشر أمام المكتب العسكري لرئيس الوزراء. وكان جهاز مكافحة الإرهاب على تعاون وثيق مع القوات الخاصة الأمريكية. تقرير هيومن رايتس ووتش كشف أن وزارة العدل لها سلطات إشراف محدودة للغاية على هذه المنشآت وأن مسؤولي السجن أساءوا للمحتجزين في كامب هونور مع التمتع بالإفلات من العقاب. في ديسمبر/كانون الأول 2010، تحدثت هيومن رايتس ووتش مع أكثر من 24 سجيناً سابقاً من كامب هونور، وصفوا كيف احتجزتهم السلطات بمعزل عن العالم الخارجي وفي أوضاع لاإنسانية، في العادة لمدة شهور بلا انقطاع. وصف المحتجزون تفصيلاً طيفاً واسعاً من الانتهاكات التي تعرضوا لها أثناء جلسات الاستجواب بالمركز، عادة لأجل انتزاع الاعترافات. قالوا إن المحققين ضربوهم وعلقوهم في وضع مقلوب لساعات في كل جلسة، وعرّضوهم للصعق بالكهرباء في مختلف أنحاء الجسم، بما في ذلك الأعضاء التناسلية، والخنق المتكرر بأكياس بلاستيكية توضع على الرأس حتى يفقد المرء وعيه. وقال جو ستورك: "بدلاً من المزيد من الإنكار، على السلطات العراقية أن تكون واضحة وتذكر أسماء المسؤولين عن إدارة كامب هونور والانتهاكات التي وقعت هناك أثناء إدارتهم للمكان". وأضاف: "إذا كانت الحكومة جادة في إنهاء التعذيب، فعليها أن تعمل فوراً على منع قوات الأمن من إدارة مواقع أخرى لا تطالها يد القضاء".