البحرين وما أدراك ما البحرين, بسمة شفاه أم دمعة عين؟ درة تاج الخليج العربي، ومطمع الفرس السرمدي، لبحرين هي القاعدة الرئيسة لتفريغ شحنات الحقد المكتوم في النفوس الضالة منذ فجر التأريخ الإسلامي لحد الآن. والإنطلاق منها لبقية دول الخليج لتعث فيها فتنا ودمارا، تحت كل عمامة يقطن شيطان مارد شغله الشاغل حياكة الدسائس وتسويقها للجهلة والسذج. دول الخليج بصورة عامة ضحايا سيل جارف من الحقد والغدر والفتن، ومن سوء طالعها مجاورة دولة تدعي الإسلام من جهة وتناصب المسلمين العداء من جهة أخرى. بعد أن نقلوا سكانها المجوس نقلة نوعية من تأليه النار إلى عبادة الله سبحانه وتعالى. وبدلا من يشيدوا بهذه الفتح المبارك مستذكرين عرفان وجميل العرب والمسلمين عليهم، فإنهم يحملونهم تبعاته ويتهجمون عليهم بغطرسة فارغة. كأنهم بذلك يحنون لعبادة النار ولا تزال بقايا نار مجوسية تتوقد تحت رماد أدمغتهم اليابسة، حيث فشل الإسلام على عظمته في إطفاء جذوتها المستعرة، إلا من إهتدى فعلا بنور الإسلام ومبادئه السامية وتطهر من الرذائل والكبائر وهؤلاء ليسوا كثرة. وهذه حقيقة لا يمكن أن ينكروها أو يتنكروا لها. فالإحتفالات بالنار أكثر قداسة عندهم من أعياد المسلمين! حيث يشارك فيها كبار قادتهم ومراجعهم الدينية. ولم نجد من يفتي لهم بعدم جوازها أو حرمتها لتعارضها مع الإسلام الحنيف. في الإحتفال الأخير فأن الخامنئي أطلق كلمة حق أراد بها باطلا! عندما أشار بأن هذه الإحتفالات ليس لها سند ديني. وهذا لا يعني تحريمها بالطبع! فمراسيم عاشوراء والتطبير وضرب الجسد بالسلاسل الحديدية وزيارة الأربعينية والمواكب الحسينية ونقل الأموات من إيران ودفنها في النجف وتسميات اية الله وروح الله وغيرها. جميعها ممارسات ليس لها سند ديني! وهذا يعني إنها لا تختلف عن الإحتفال بيوم النار المجوسية وفقا لحديث الخامنئي. من المؤكد ان هناك طقوس دينية ومذهبية تمارس في شتى بقاع الأرض معظمها موروث من حقب تأريخية سابقة، والبعض منها أما يتناقض مع مفاهيم المنطق والعقل السليم أو مع التعاليم السماوية. وبعضها يدعو إلى الإشمئزاز والسخرية من قبل شعوب أخرى! ولكن مع هذا تبقى لها لذتها ومتعتها عند من يمارسها. لكل شعب وقبيلة وجماعة الحق في ممارسة طقوسهم بحرية تامة على أن لا تتعارض أو تتصادم مع حرية الآخرين أو مع القوانين التي تضعها الدولة للحفاظ على مصالحها الوطنية العليا. أما أن تحمل الدولة إسم (جمهورية إسلامية) وتصدر ثورتها للخارج وتبشر بتعاليم آل البيت(ع) من ناحية وتحفل بعيد مجوسي وتتبع تقويمه بدلا من التقويم الإسلامي من ناحية أخرى، فهذا أمر يدعو للعجب ويجعلنا نتساءل:-أهذه حقا جمهورية إسلامية؟ أم هي جمهورية مجوسية كسروية صفوية؟ حكام أيران لم يخفوا مطلقا أطماعهم التوسعية في العراق والبحرين والإمارات وبقية دول الخليج وهذه خصلة حسنة منهم. فهم لم يتبعوا في ذلك التقية التي عرفوا بها! السبب في ذلك إن الغطرسة عندهم تسمو أحيانا على التقية. منذ عام 1927 أثار النظام الفهلوي تبعية البحرين لإيران في عصبة الأمم المتحدة. كما جاء في تصريح رئيس وزراء إيران (حاجي ميرزا آغاجي) عام 1944 بأن " الخليج الفارسي من بداية شط العرب إلى مسقط بجميع جزره وموانئه بدون إستثناء ترجع لإيران". وطالب وزير الخارجية الإيراني عام 1945 بكل صلافة الولايات المتحدة الامريكية بوقف عمليات التنقيب عن النفط في البحرين نظير حقوق بلده فيها! كذلك ورد في مذكرات شاه إيران السابق(رضا خان بهلوي) وصية قدمها لإبنه محمد رضا شاه " لقد طهرت لكم الشاطئ الشرقي للخليج من سكانه العرب، وتقع عليكم مسئولية تطهير الشاطي الغربي منه" .ويلاحظ ان سياسة النظام الايراني الحالي لاتختلف عن سياسة الشاه مطلقا على أقل تقدير تجاه العرب . لكننا مع الأسف لم نحفل بتلك الأطماع والتهديدات ونأخذها مأخذ الجد وهذه خصلة سيئة فينا. فبين آونة أخرى يطل علينا من الشرفة الصفوية احد القادة أو المراجع الدينية ليذكرنا بأن البحرين والإمارات والعراق هي أرض فارسية. منوها بعودة الإمبراطورية الفارسية التي عفا عليها الزمن ومحقها محقا. فلا عجب ان تشاهد الاسفاف والانحطاط عبر تلك التصريحات السائبة والمنفلتة وكذلك لاعجب ان تسمع وتشاهد خطب دينية شاذة تطعن بالقومية العربية وتشد بالقومية الفارسية، لايفهمها ويعي مخاطرها البعيدة المدى إلا القلة من ذوي التخصص والمعرفة بمفهوم الشعوبية. مبدأ تصدير الثورة إلى دول الجوار كمرحلة أولى من ثم نشرها في بقية الدول العربية والدول الإسلامية وغير الإسلامية أحدى ركائز الفكر الخميني وهو مبدأ إستعماري بحت يتناقض مع مفاهيم السيادة واحترام العلاقات الدولية وعدم التدخل في الشئون الداخلية لبقية الدول. فقد ذكر الخميني المقبور " إن العرب حكموا المسلمين وكذلك الترك والاكراد. فلماذا لا يحكمهم الفرس وهم أعمق تأريخا وحضارة؟". إذن هو أمر معلن وليس سرا. ولاشك أن ورقة الطائفية واللعب على أوتار آل البيت تعد الوسيلة الأمثل لتصدير الثورة في ظل المسيرة التبشيرية الخمينية- الخامنئية ووجود جماهير تدوس على الوطنية بمداس الطائفية. أما من يدعي بأن تلك التصريحات غير مسئولة ولا تمثل وجهة نظر الحكومة الإيرانية، مثلما صرح السيد وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة بقوله " إن الحكومة الإيرانية أكدت إلتزامها وإحترامها لسيادة البحرين. وإن التصريحات اللامسؤولة لا تمثلها". فأن هذا التصريح فيه نوع من المجاملة الدبلوماسية أوعدم الرغبة في إثارة المشاكل مع دولة مجاورة. ربما ينطبق على تصريحات رجال الدين مثل آية الله العظمى حسن روحاني رغم إن منصبه كان- السكرتير السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي الأيراني والذي يلي الخامنئ قوة في النقوذ- بتصريحه" إن البحرين جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية وهي تشكل الإقليم(14) لإيران بموجب الدستور الجديد". أو تصريح آية الله الوسطى محمد إمامي كاشاني الذي دعا التيارات السياسة المتنافرة إلى ضرورة" إنهاء النزاع الداخلي والتركيز على تصدير الثورة، فقد حان الوقت لتصدير الثورة. إنه ليس وقت معاملة بعضنا البعض هكذا، فهذا يسبب الضرر لمجتمعنا ويمنع تصدير الثورة". وكذلك ما بشر به المرجع محمد باقر خزاري آية الله الصغرى الدول العربية بحلمه الوردي" قيام دولة إيران الكبرى التي تمتد من إفغانستان إلى فلسطين". وهناك تصريحات مماثلة أخرى يمكن الرجوع إليها في العديد من المصادر وتصب في نفس القالب التوسعي. لكن يجب أن لا يغرب عن بالنا بأن رجال الدين في إيران هم الذين يديرون دفة النظام وهم رمانة الميزان كالخامنئي وحسن روحاني وغيرهم. وإن تصريحاتهم ليست بعيدة عن رؤية النظم الإيراني لدول الخليج العربي. وإن نفوذهم على أتباعم مؤثر جدا، لذلك فإن عملية نشر بذور الشر في عقولهم ستثمر بلا شك أبالسة جدد. والأمر الأهم هو إن المسؤولين الإيرانيين غالبا ما يصرحون بعائدية دول الخليج لإيران لكن بعد مغادرتهم مناصبهم! بدورنا نتساءل عن السبب في ذلك؟ لماذا لا يصرحون مثلا بتصريحاتهم المريضة وهم في مناصبهم؟ إنها بالتأكيد لعبة مكشوفة يمارسها النظام الإيراني. مدعيا بأن هذه التصريحات لا مسئولة لكي يبرأ ذمته منها وهي مع الأسف حيلة غير ذكية نطلي على بعض المغفلين! لكننا نستغرب عدم إصدارالنظام توجيهات صارمة للمسئولين ورجال الدين بالكف عن مثل هذه التصريحات المسيئة التي تعكر صفو العلاقات مع دول الجوار؟ ثم لماذا لا يستنكر النظام الإيراني هذه التصريحات ويحاكم من يدلي بها إذا كان فعلا غير راض عنها ولا تعبر عن رأيه؟ هل سمع أحدا بأن مسئول إيراني سابق أو حالي أحيل الى المحاكم لأنه أساء لدولة مجاورة؟ لنترك هؤلاء جانبا ونتوجه لفئة أخرى هذه المرة وهم مسؤولين وقياديين سابقا أو حاليا ؟ فكيف يمكن تبرير التصرحات التالية؟ هذا الخامنئي يحث الطلاب الجامعيين الإيرانين في دول العالم على تصدير الثورة الى الدول التي تستضيفهم بقوله " إن حضوركم في الأوساط الشعبية والجامعية في الدول الأخرى، من أجل تصدير أفكار الثورة الإيرانية ورسالتها، يعتبر مفيد بصورة عامة". وهذا علي لاريجاني سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني يمارس النزعة الطائفية بقوله " إن إيران توافق على وقف برنامج تخصيب اليورانيوم مقابل حصول شيعة الخليج على حقوقهم ". نتساءل من خول هذا الأمعي الوصية على شيعة دول الخليج العربي؟ وما هي الحقوق التي يعنيها لاريجاني؟ وهل نظامه أعطى مثل تلك الحقوق للعربستانيين والسنة والأكراد والبلوش في إيران؟ ولماذا لم يرد أي مرجع شيعي خليجي أو مسئول في الحكومة أو البرلمان على هذا التصريح الخائب وينتقده من منطلق وطني طالما يدعون إنهم وطنيون ومرجعية ايران لهم دينية فقط وليست سياسية؟ أية تبعية عمياء لبعض حثالات العرب لأسيادهم حثالات إيران؟ إستمعوا إلى حديث الرافسنجاني في دمشق- وهذا بلد عربي وهنا تكمن العبرات- لتعرفوا مقدار استخفافهم بالعرب! يقول بأن" أمن الخليج هي مسئولية دول الخليج فقط ولا يحق لمصر وسوريا ان تحشرا أنفيهما في هذا الموضوع"! في حين يحشر أنفه الراشح في احداث اليمن والسعودية والعراق ولبنان وأخيرا البحرين، هل هناك إنفصام في المواقف أكثر من هذا؟ علي أكبر ناطق نوري رئيس التفتيش العام في مكتب قائد الثورة الإسلامية في مشهد يصرح" إن البحرين تابعة لإيران، وهي في الأساس كانت محافظة إيرانية". ويذكر مستشار مرشد الثورة الإسلامية شريعتمداري" البحرين هي المحافظة 14 لإيران". ويضيف وزير الخارجية السابق صادق قطب زادة " إن العراق جزء من إيران. بل إن كل بلاد الخليج هي تأريخيا جزءا من الأراضي الإيرانية". أما القائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي فإنه لم يكتف بنشر غسيله الوسخ على حبال البحرين بل مدها للكويت بقوله" الكويت محافظة إيرانية" مقترحا تغيير إسمها إلى" كويتايران". ولم يرد كالعادة شيعة الكويت على هذه التصريحات الجوفاء! وكيف يردوا وهناك أعضاء في البرلمان ولائهم لإيران وليس للوطن.؟ لم نسمع سوى طنين ياسر الحبيب فقد قال" البحرين الكبرى تضم الكويت والبحرين والقطيف والإحساء". وقد أحسنت الكويت بإسقاط جنسيته لأنه فارسي قلبا وقالبا. وهذه دعوة علي سعيدي ممثل مرشد الجمهورية الإيرانية في الحرس الثوري الإيراني مطالبا بضرورة إجراء تغييرات في البلدان المجاورة لإيران" تمهيدًا لظهور المهدي المنتظر". داعيًا الشعوب في هذه البلاد " للنهوض بكل قواها لإيجاد التغيير في اتجاه االثورة المهدوية العالمية، لأن هذه البلدان تشكل إلى جانب الحكومة والشعب الإيراني قاعدة مهمة لدعم الثورة العالمية المهدوية" حسب تعبيره. ومن الطبيعي أن يتأثر غلمان إيران في الدول العربية سلبا أو إيجابا وفق علاقات أسيادهم في إيران بأنظمهم السياسية. الحقيقة هي إن من يتجاهل هذه التصريحات العدوانية ضد دول الخليج فإنه أما عميل صرف لهم كحسن نصر الله وحالد مشعل ونوي المالكي واحمد الجلبي وبقية زمرة العمالة. أو يخشى نظام الملالي كمعظم المسئولين العرب الذين لا يتجرأ أي منهم الحديث عن عروبة عربستان، أو يتخذ موقفا قويا تجاه الجزر العربية الثلاث المحتلة، فيلجم ألسنة الملالي ويخرسهم. أو هو عبد ذليل يعبد مراجعهم كعبادة آصنام الجاهلية مثل ياسر الحبيب وحسن الصفار وجلال الدين الصغير وعبد الحميد الدشتي وهمام حمودي وحسن التريتي وعمار الحكيم ومن لف لهم من أقزام فارس. أو أخيرا هو نموذج لمواطن شاذ مشبع بكل علوم وفنون الجهل والحمق. الحديث القادم سيتناول بعض السبل لمواجهة المخططات الإيرانية التوسعية في المنطقة وبشكل خاص دول الخليج العربي على ضوء التجربة المرة في العراق المحتل فارسيا وامريكيا. وسنكمل المشوار مع موقف البرلمان العراقي الطائفي المخزي من البحرين. عسى أن نجد لدى الشعب وحكومة البحرين الشقيقة عذرا لنا، وتفهما بأن هذه النماذج العميلة تمثل النظام الإيراني وليس العراق وشعبه الحريصين على وحدة وأمن وسلامة البحرين. وتصدير المشاكل الداخلية للخارج هو صفحة من كتاب تصدير الثورة الإيرانية وعناصر إيران في حكومة العراق الكسيحة وبرلمانه المسخ يحفظونه عن ظهر قلب. إنه منهاج مقرر لكل عملاء إيران في المنطقة.