ليس عجبا ان تشكو بلاد دجلة والفرات الظمأ غير ان الخطر يكمن في نضوب هذين النهرين عام 2040.ومايزيد قلق العراقيين ان نحو ستة ملايين منهم لايحصلون على مياه الشرب بحلول عام 2015. هذه التحذيرات جاءت بمثابة ناقوس خطر دقته احدى منظمات الامم المتحدة العاملة بالعراق (اليونسيف) التي نبهت الى مخاطر تفاقم معاناة العراقيين جراء شحة المياه مستقبلا. ورغم ان المنظمة المذكورة عزت اسباب ذلك الى المتغيرات المناخية وأنخفاض كميات المياه والاستخدام المكلف لاغراض الصناعة والاستهلاك البشري الا ان مخاطر نضوب المياه وتدني مستوياته الى هذه الدرجة يفرض تحديدا للامن المائي الذي لايقل اهمية عن الامن الوطني.والتحدي الجديد مع تحديات اخرى يواجهها العراق تضعه على عتبة مرحلة خطيرة من الجفاف الذي بدأ يضرب العراق منذ عدة سنوات. ويقابل هذه التحديات عدم وجود سياسة مائية لمواجهة الشحة المنتظرة للمياه المتأتية من النهرين خصوصا التحكم بالسدود التي بناها العراق خلال نصف قرن على دجلة والفرات وصيانتها والتي ساهمت في مواجهة نقص المياه على مدى العقود الماضية. صحيح ان الاستهلاك البشري للمياه غير مقنن اذ يبلغ مايستهلكه الفرد العراقي نحو 327 لتراً وهو مرتفعا قياسا للمعايير العالمية غير ان كميات المياه التي تطلقها تركيا وسوريا في تناقص طبقا لاقدام الدولتين على بناء السدود على النهرين في السنوات الماضية. ورغم مطالبة العراق بالحصة المائية المقررة له طبقا لقوانين الدول المتشاطئة الا ان مناسيب دجلة والفرات في تناقص الى حد ان سكان احدى القرى شمالي بغداد التي يمر بها دجلة يعبرون النهر مشيا على الاقدام. إن الامن المائي اضحى من اولويات الدول التي تسعى لتوفير هذه المادة الحيوية وترشيد استخدامها الامثل في الزراعة والصناعة والاستهلاك البشري مايجعل التعاطي مع هذه القضية بمسؤولية عالية خصوصا وأن العقود القادمة ستشهد حتماً النضوب الفعلي لدجلة والفرات مايضع العراق في خانة الدول التي تعاني الجفاف. فالمطلوب انتهاج سياسة مائية تحافظ على هذه الثروة الكبيرة وتوقف هدرها والبحث عن وسائل بديلة لادامة استمرارها لخدمة الانسان والطبيعة معاً. فهذه القضية الخطيرة وطبقاً للمشهد السياسي يبدو انها ليست من اولويات الساسة العراقيين وتوجهاتهم في التعاطي مع تحدي الامن المائي في حين ان هذه القضية التي تتعلق بحياة ملايين العراقيين ينبغي ان تكون الشغل الشاغل للمعنيين بالأمر.