عندما حصلت الثورات المتلاحقة في تونس ومصر وتلتها بدايات في اليمن وليبيا بدأنا ننظر الى ان هذه الثورات هي المدخل الحقيقي لنهوض الامة العربية من كبوتها .. والتي ابتدأت منذ اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة في بدايات القرن الماضي.. ولكن وللاسف بدأنا نرى بظهور بؤر هنا وهناك على الساحة القومية للامة توحي وباليقين القاطع بأن لهذه الثورات او الانتفاضات مأرب اخرى خافية بين طياتها مصائب للانقضاض على المتبقي من وجود الامة لعروبتها وتأريخها وكل مساحتها الجغرافية. منذ عقود والنظام الوطني ( السابق ) في العراق وهو يحذر الكيان العربي متمثلا بحكامه بأن هناك مخططات صهيونية فارسية وتنفذها قوى استعمارية كبرى لزرع الفتنة و تقطيع اوصال الامة والدليل هو قيام النظام الوطني ( السابق ) بالتركيز على هذه بواسطة اعلامه المنظور والمسموع وقيامه بحملة وطنية عراقية لتوعية شباب العراق مستغلا المدارس والجامعات والمنظمات المهنية وحتى رجال الدين بأن الطائفية هوة سلاح فتاك للوجود العربي الا ان الحكام لم يستطيعوا استيعاب هذه الدروس مؤمنين و مقتنعين بأن العلاقة مع الاجنبي و منحه الامتيازات السياسية والاقتصادية والعسكرية هي ضمان اكيد وفاعل لبقائهم. ان ما جرى للعراق في عام 2003 ومساهمة الحكام العرب بشكل فاعل و مباشر في هذا الغزو و ما جرى من تناقضات داخل الكيان العراقي هو الدليل الجازم بالرؤى العراقية الوطنية و ما يهدد مستقبلها و وجودها . ان بعض الحكومات العربية تقوم الان بالمشاركة والتأييد للقطر الليبي ... و ما يحصل في اليمن والبحرين وسوريا و مناطق اخرى على الساحة العربية ظانين منهم بأن عملهم هذا سيحمي عروشهم فهم واهمون لان المشروع الذي ينفذ الان على عموم الساحة العربية هو ليس مشروعا وطنيا وانما تتداخل فيه مخططات وارادات ونوايا ستجعل دول المنطقة دويلات ليصل عددها ما يقارب الستون دويلة متناحرة متقاتلة وهذه ربما انتقاما من الباري عز وجل لحكام تسلطوا على رقاب شعبنا العربي لعقود طويلة وساهموا في تفتيت بنائه الوطني و القومي والانساني . من هذا الايجاز ارى ان بوصلة الثورة التي انطلقت في تونس ومصر قد انحرفت ولا تزال تراوح في مكانها ولم نشاهد في غالبية شعارات و لافتات الثوار تركيزا على المفهوم القومي العربي والتغلغل الصهيوني الاستعماري في مفاصل الامة لا بل العكس حصلت انتفاضات مقلدة لثورتي تونس ومصر ... ولكنها بغطاء طائفي مثلما يحصل بالبحرين وسوريا واليمن و لبنان ذات المشهد الطائفي المزمن واعلام و فضائيات الاحزاب الطائفية لها الدور في تصعيد وتاجيج النعرات الطائفية في الدول التي تشهد مثل هذه التظاهرات ... من هنا نعود ونأكد ما اكد عليه المئات من الكتاب و المناضلين العرب على ان خلاص الامة هو بوحدتها وادراك حكامها بأن لا منجي لهم الا التوكل على الله و دعم التيار الوطني العربي و مقاوماته بكل اشكالها و خاصتا على الساحة العراقية و التي تتصدى ولثمان سنوات لهذا المشروع التقسيمي والطائفي والتي تريده القوى الكبرى وجارت الشر ايران وسيكون النصر حاسما لعموم الامة ورسم مستقبلها المشرق ...