أستغرب والله كيف ندم البعض على المشاركة بالانتخابات، وتمنى لو انه قطع إصبعه قبل أن يلونه بحبر الانتخاب .. فشعوري هو عكس ذلك بالضبط .. لأني كنت سأندم كل الندم، لو لم أذهب يومه .. فقد كان لذهابنا فعل السحر في قطع الشك باليقين في موضوع الانتخابات، وأثبت لنا ذاك البنفسجي الذي لون أصابعنا ان مشاركتنا لم تكن لتغير شعار "يالعراق ما إلك غير المالكي" الذي كان قد أقر سواءً ذهبنا الى الانتخاب، أو لم نذهب .. لكنه غير من أفكارنا وأثبت لنا الكثير .. صدقوا لو اننا لم نشارك في الانتخابات، لكنا اليوم نلوم أنفسنا ونحاسبها على عدم محاولتنا المشاركة لترشيح من نتعشم بهم الاعتزاز بعراقيتهم وحبهم للعراق .. لا لشئ إلا لسد الطريق بوجه الزحف الايراني الذي أتحفنا به من تربع على رأس السلطة .. الزحف الذي أغلقنا شباكنا بوجهه ثماني سنوات، وإذا به يفتح له الأبواب على مصراعيها، ويرحب بتغلغله وانتشاره في كل جزءٍ من اجزاء أرضن .. ولمَ لا!! أليس هو من ارتضى الجلوس في ذكرى يوم الأيام 8/ 8 وفي أول زيارةٍ رسميةٍ له لإيران الشر بعد توليه رئاسة الوزراء، في قاعة لا وجود للعلم العراقي فيها، بينما يظلل العلم الإيراني نجاده هذا!! وفي ذلك من المعاني الدبوماسية ما يعجز اللسان عن وصفه .. نعم .. شاركنا في الانتخابات رغم الاحتجاجات التي تصاعدت حينه .. وجرت الرياح بما لم تشته سفنن .. وتربع المالكي على هرم السلطة رغم عدم فوزه فيها، واستكمل معنا مسلسل العراق الايراني الذي أتحفنا به في فترته الرئاسية الأولى .. وبرلمانيونا المنتخبون لا حس لهم ولا نفس .. لا في مواضيع العراق العراقي ولا العراق الإيراني وحقوقنا المهدورة فيه .. فقد حولهم البرلمان الى شياطين خرس حتى أمام تقارير المنظمات والهيئات الانسانية، حول انتهاكات الاحتلال للقوانين والأعراف الدولية .. كتقارير اليورانيوم المنضب الذي استخدمه المحتل في أراضين .. فجاد علينا بالتشوهات والسرطانات التي لا أول لها ولا آخر، والذي سيبقى يؤانسنا ما دام على الأرض حياة .. أو تلك الخاصة بنتائج الدراسات التي أجراها الباحثون في الفلوجة، والتي وثقت التشوهات الخلقية لمواليدها والتحولات الجذرية في نسبة ولادات الاناث الى الذكور .. فبعد أن كانت نسبتها تعادل ولادة 1050 ذكر مقابل 1000 انثى .. تحولت الى 860 ذكر مقابل 1000 انثى .. وهو ما يشبه التحول الذي حدث في هيروشيما بعد ضربها بالقنبلة الذرية .. تلك الدراسات التي حاولت الحكومة جاهدةً إرهاب الناس لمنعهم من المشاركة في إحصائياتها، بطريقة تؤكد علمها بحرمة الأسلحة التي استخدمها الاحتلال .. وخشيتها من الاحراج الذي قد يسببه لها كشفه .. وهو ما حصل بالفعل، فقد نشرت نتائج الدراسات في مجلة الابحاث البيئية والصحة العامة الدولية .. كاشفةً حجم عمالة البرلمانيين الذين التزموا الصمت المثير للريبة .. فبدل أن ينرعج واحدهم من الذي حصل لأهله وناسه، وتصعقه التفاصيل .. فيسارع الى تثبيت مسؤولية المحتل عن الجرائم المرتكبة بحقهم .. ويفوت عليه فرصة التهرب منه .. لا بل ويبذل جهده لنقل معاناتهم هذه الى قلب امريك .. أو الكونغرس الذي لا زال يوافق على تمويل القوات ببلايين الدولارات لادامة ماكنة الحرب .. نجده يسارع لتهدئة ثورة شعبه على الظلم مطالباً إياه بتعلم الصبر، وتخيل النور في نهاية نفقه المظلم .. هذه الحكومة من رأسها المالكي، الى جميع كتلها السياسية التي زحفت إلى السلطة بالضحك على ذقون من وعدتهم بإحقاق الحقوق، والمطالبة بها بعلو الصوت الذي لم نسمع منه حتى الهمس .. توجب علينا الاعتزاز بمشاركتنا في الانتخابات، لا الندم عليه .. لأنها أثبت للجميع وبما لا يقبل الشك هذه المرة، حجم الكذب والخداع الذي يمارسه البرلمان وحكومته الغارقة في بحر الخيانة .. بغضهم الأبصار والبصيرة عن كل الأمور التي يتفنن بها المحتل على أرضهم .. وبالتزامهم بشعار البرلمان المتمثل بالقردة الثلاث .. لا أرى .. لا أسمع .. لا أتكلم .. ولسان حالهم يقول: إن أعجتكم فهذا طبعي .. وإن لم أعجبكم فما أكثرك أيتها الجدران ..