كتبنا , ومع أوّل شرارة انطلقت لما سمّيت فيما بعد بـ"ثورة الشباب" أو ثورة التغيير أو ثورة الإصلاح , مقالاً تحت عنوان "ما أشبه أيّام زين العابدين بأمس خميني" , تعبيراً عن هاجس مخيف تلبّسني أن يكون هناك غرض خفي لجهات غربيّة أرادت إشغال العرب بأنفسهم تحت فوضى منظّمة هذه المرّة تتناغم ومتطلّبات الشارع العربي المغتاظ جدّاً من أنظمة حكمه العميلة فعملت تلك الجهات , منذ وقت مبكّر , خاصّة بعد الفشل الأميركي في التدخّل العسكري في المنطقة , على خلق بؤر محميّة بشكل أو بآخر تستطيع إدخال المنطقة العربيّة في أتون "ثورات" تأخذ طابع الشبابيّة نظراً لسخونة هذه الشريحة الاجتماعيّة وتعطّشها للتغيير , لذلك اتّشحت هذه الثورات بعامل الجدّيّة بالنسبة لمنفّذيها , هذا الخوف الذي لازمني ولازم غيري من احتماليّة ارتباط هذه الثورة بأجندة خارجيّة أو بإمكانيّة سهولة الالتفاف عليها وسرقتها بشتّى الوسائل حتّى ولو جرت عبر وسائل تدميريّة! , له ما يبرّر هذا الخوف , وكذلك نابع من تجارب سابقة سبقت ثورات كثيرة آخرها "ثورة" إيران الخمينيّة ومن قبلها ثورّة مصدّق وفي نفس البلد , وكذلك ثورة تمّوز 1958 في العراق ! , ولا نتستثني ما يجري في مصر من امتصاص لرحيق "الثورة" ! وكذلك في تونس , ولا ننسى أنّ "ثورة" ليبيا المفترض أنّها ثورة سلميّة تبدو الآن ثورة مسلّحة ! , خاصّة والحيرة لا زالت تلف الجميع , وفي العالم أجمع , عن المغزى الحقيقي لما كان ينشره "وكيليكس" بطريقة مثيرة للريبة والتوجّس طيلة أربعة أشهر مما أثار العديد من الاستفسارات والشكوك العريضة حول حقيقة من يقف وراء ذلك الناشر ! قبل أن يحرق بو عزيزي رحمه الله نفسه وقبل أن تبدأ أحداث تونس التي أفصحت أكثر وبشكل جلّي عن المغزى الحقيقي لنشر تلك الفضائح التي تغافل عن ملاحقتها وتعقّب أسبابها بالشكل العميق الكثير من الكتّاب وتجاوزوا تلك الظاهرة التي هيّأت لثورة الشباب التي اجتاحت أقلام الكتّاب وجرفتها معها لنقش جسدها بما لم يعودوا معها سوى عشّاقاً لها , هذه الثورة التي طالما تمنّيناها وتمنّاها الجميع والتي طالما حلمنا بمثلها منذ أمد بعيد , وهذا برأيي , الإعجاب بذات الثورة لا بأهدافها , هو سبب تغاضي الكثير من الكتّاب برأيي عن محاولة رؤيتها من زوايا مختلفة لفك رموز طبيعة المجريات التي أدّت لاشتعالها , لا أخذها على علاّتها هكذا , وكأنّ الجميع على موعد معها بينما ننسى الغرب وننسى أميركا وننسى خبثهم جميعاً وننسى ارتباط أنظمة البلدان الثائرة المرتبطة بالغرب وبأميركا وليس الرؤساء وحدهم وننسى نوعيّة "المعارضون" الذين اعتاد الغرب على احتضانهم وننسى خبث الإعلام الغربي المهيمن المعادي لكلّ قيمة من قيمنا وننسى خبائث "الجزيرة" وخبائث "العربيّة" وننسى بقيّة القنوات الخليجيّة وغيرها المتخلّفة السافلة وننسى ؛ لم ومن ولماذا , تمّ زرع هذه الألوية الإعلاميّة الحمراء العاهرة والأغراض التي تمّ تأسيسها لأجلها والتي غرزت جذورها عميقاً في وجدان المتلقّي العربي الطيب القلب والمتكاسل والمتحايل لنصرة الكسل في داخله في آنٍ معاً ! وننسى لمَ امتلأت وجوه "المعارضة الليبيّة" القابعة بين أحضان الغرب الثوري بحضورها المستمرّ في هذه الأيّام المصيريّة في هذه القنوات المسيّرة , لإشباع المواطن العربي بهذه الوجوه قبل غزو ليبيا وأخذ زمام حكمها من قبل أصحاب هذه الوجوه كما تشبّع العراقي بمثل هذه الوجوه الدمويّة التي حكمته فيما بعد , بعد أن تهيّأت لذلك وهيّأتها الجزيرة وغيرها , قبل , ومع أولى بوادر عزم الغرب على غزو العراق ! .. كتبنا مع أوّل شرارات هذه الثورة العربيّة , وكان وقتا للكتابة على ما بدى لنا في غير محلّه ! وأصحاب هذه المواقع التي راسلناها لربّما يكونون معذورون لالتزامات أخلاقيّة معيّنة تمنعها , ولكنّ تبريراتنا تنمّ على ضرورة نشر وجهة النظر الأخرى على الأقل في الوقت الحالي التي تجري أوقاته العصيبة في صالح الغرب لا بعكس رغباته كما يتوهّم البعض ! ولا حتّى ولو كان اصطفافاً محدوداً ومبرّراً في صالح الرئيس الليبي الذي كتبنا عن استهدافه هو لا غيره , "أنا مع استمرار التظاهر في ليبيا وفي غيرها على الأقل مساهمتها في التأجيج والتهييج التظاهري كي لا تخمد تظاهرات العراق التي تجري على غير ما يروق للمحتل وعلى غير ما يروق لإيران" , وكذلك من استهداف لرؤساء عرب آخرون , رغم معارضتنا لمناهجهم التي وصلت لدى البعض منهم بمستوى جرائم كبرى وخيانات عظمى بحق فلسطين والعراق مثل حسني مبارك ونظامه الموالي للغرب وللكيان الصهيوني , ورغم أنّ العقيد يدور حول تصرّفاته الكثير من الجدل لطبيعة هفواته وأخطائه ونفاقه في بعض الأحيان ونزهاته الغير معقولة , بعدما تبيّن للجميع أخيراً وكأنّه هو المستهدف الحقيقي من وراء كل هذا اللف والدوران الذي أجّجه الغرب في وطننا العربي "أو في بعضها تحديداً مع تهويش ثوري جماهيري مخادع جرت على أراضي شيوخ وملوك وأمراء وأمراء مؤمنين الغرض منها كما هو بات واضحاً ذرّ الرماد في عيون العرب الغافلون منهم والغافّون والمضحوك عليهم والواعون! كون مملكة آل سعود لها اليد الطولى فيما يجري في ليبيا على الأقل!" , كما لا ننسى أنّ هذا الاستهداف "الجماهيري" نجده على أولى أولويّات أجندة من يحاول تجييره لصالحه , كما ولا تخطئ عين المتابع عن أنّ هنالك , وبحسب ترتيب قائمة مصالحه , مستهدفون آخرون , ومن خارج مساحة وطننا , كالصين وروسيا مثلاً ! , فكما توقّعنا , وبعد أن فشل الخيار العسكري في العراق وفي أفغانستان , وبعد أن أبدلت الولايات المتّحدة الأميركيّة بعض "وجوه" ساستها تعويضاً عن الفضائح الأخلاقيّة التي لطّخت الوجه المارينزي بجميع ألوان الفضائح وليس بالطين وبأصباغ الآكرلك وحدها ! , لتتماشى أشكال هذه الوجوه والبيئة الشرقيّة لتحقيق أهداف أشدّ فتكاً بالمنطقة من تلك التي جرت عليها بوجوه بيضاء "مباشرة"! فحاولت التمدّد هذه المرّة تحت غطاء ثورة الشباب "باعتبار أنّ الرئيس الأميركي أوباما من جيل الشباب ويكره الرؤساء القدماء!" وبدأ التنفيذ في مناطق نفوذه الرخوة "العرب" وبشكل غير مباشر وبمنتهى النعومة ! , وكان الإعلام هو رأس حربة التغيير لديه , مستغلاًّ هذا الإعلام الموهبة الربّانيّة في النسيان السريع التي تتمتّع بها جماهير العرب ويتمتّع بها البعض من نخبهم , حتّى ولو كانت الكوارث التي ألمّت بهم بكميّات هائلة بنيت على جبال من الأباطيل والتزوير والكذب من التي روّجتها القنوات الفضائيّة التابعة للغرب بحق العراق وحفظت فصولها حتّى حيوانات المنطقة وحشراته وزواحفه وتشبّعت بها حتّى مسامات تربته تردّدها مع كلّ ريح تعصف بها من كثرة تكرارها , وما من متأنّي ! , بل أنّ مجسّات الوعي العربي الجماهيري "مثقّفوها ونخبها" "ومنهم قادة مواقع طالما ادّعت النهج المقاوم" لم يعيروا بالاً لمعادلتان تكادان تكونان متطابقتين يعمل الغرب على طرفها الثاني حاليّاً , ففيما لو تجاوزنا "الهفوات" الكثيرة و الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها "كلا" النظامين , بما ما جرى للعراق سابقاً , ونفس ما يجري من استهداف واضح لليبيا حاليّاً , وبنفس الخطوات ؛ تبدأ باتّهامات أقرب ما تكون للأساطير , يرافقها دعوات النظام العراقي للتنحي "حفاظاً على دماء العراقيين" يكون خاتمة تلك الدعوات قبل أن يبدأ الغزو بلحظات تأتي على لسان وزير خارجية قطر حمدان بن جفتان!!!.. وبعد ذلك تبيّن لجميع شعوب العالم أن لا وجود لمثل تلك الاتّهامات الاسطوريّة جملةً وتفصيلاً وتبدأ معها سلسلة من الاعتذارات ! .. ولكن الطامّة الكبرى تكمن في النسيان ! قد نعذر الجهلة أو نعذر الباحثون عن هموم لقمة العيش في العراق الجديد يسدّون بها رمق أطفالهم , فنقول أنّ ذلك أنساهم التشابه في الطريقة والمضمون من الحيل والألاعيب والتزوير التي جرى تحضيرها لغزو العراق وبين نفس ما يجري لليبيا ورئيسها , اليوم ... ولكن ؟ أن ينسى , أو يتناسى , كتّاب وكتّاب دوّشوا رؤوسنا بيساريّتهم وحبّهم للمقاومة وحبهم للحقيقة وبحدسهم العالي الذي طالما ادّعوه بمعرفتهم كل صغيرة وكبيرة عن تحرّكات وألاعيب ومؤامرات "العم سام" واستشعارهم لها عن بعد آلاف الأميال ! فذلك من الطوام , ولكن من الواضح أنّ تسارع الأحداث وتلاحقها لم تدع لأحد منهم مجالاً في التأنّي ولو قليلاً واختصر همومه فقط أن بالعوم وسط موجات الثوّار , في حين التزم بعض الكتّاب المرموقين وامتنع الهجوم على القذّافي لحين انجلاء الغبار عن حقيقة ما يجري على الأرض الليبيّة بدل أن يتسرّع كما تسرّع الغير الذي يمتلك الموهبة الكتابيّة ليكتب عن الأحداث ولكن دون أن يتحسّسها أو يستشعرها أو يتلمّس شدّة التطابق مع ما يبثّه حاليّاً الإعلام العربي المأجور ويطعن في شخص النظام الليبي والقذافي بالذات بدل أن يقلّب ويتفحّص نوعيّة المخاطبة الغربيّة لليبيا تحت مزاعم مخاطبته للقذّافي ! ليدرك على الأقل الخطوات الغربيّة وتكتيكاتها التي تسبق هجومه العسكري عادةً , كما عوّدنا عليها , وكما حصل مع العراق على إثرها وكما حصل مع مصر في العدوان الثلاثي :- يقتل شعبه ألفا قتيل في يوم واحد في بنغازي كما شاهد ذلك طبيب "فرنسي قادم من ليبيا !!!" يسرق شعبه يكدّس ثرواته بالمليارات سجونه مليئة بمئات الألوف من الليبيّين , أقسى أنواع التعذيب , مجنون , لم تتبقى إلاّ مسافة 30 كم عن طرابلس , يمتلك أسلحة دمار شامل , القذافي ينازع أيّامه الأخيرة , العقيد هرب إلى فنزويلاّ "بحسب حكومة بريطانيا الموقّرة!" , هربت عائشة , الرئيس الليبي المخلوع , العقيد يلفظ أنفاسه الأخيرة , لربّما سينتحر , يقصف شعبه , يتوجّه القذافي "بجيشه!" لمواجهة جيش! ليبيا الثائرة "هكذا عزلت "العربيّة" القذافي عن ليبيا مقدّماً لترسّخ ذلك في الوعي العربي الهمام بفبركتها للخبر" ! يمارس الجنس مع الصحفيات الأجنبيات بالاغتصاب , طوابير من الناس يقفون أمام أفران الخبز , مئات الآلاف من "الليبيين" يفرّون الى تونس!!! طلباً للجوء وهرباً من بطش الرئيس الليبي "يعني أنّ الاجانب العاملون فيها لم يهربوا فقط الليبيّين هربوا!" من الواضح أنّ مفبرك هذا الخبر لا يعرف طبيعة الليبي الذي لا يعرف العيش خارج بيئته حتّى ولو أدّى ذلك لموته" , سجون سرّيّة تحت الأرض , مطارات ليبيا تغصّ بالهاربين الليبيين من فوضى الدمار الشامل ومن المقابر الجماعيّة , قلاع حصينة من جبال من الأسمنت يتحصّن خلفها الرئيس الليبي , مخازن سرّيّة لأسلحة خطرة , يهجّر علماءه ويقتلهم , يطارد مثقفي ليبيا وفقهائها الثوريّون في معاقلهم البريطانيّة والغربيّة , يظلم الأخوان المسلمون المساكين السائرون على نهج الصحابة وآل البيت ويكرهون الغرب الكافر! .. الخ يرافق كل ذلك دعوات خليجيّة للنظام الليبي بالتنحي "حفاظاً على دماء الليبيين" يكون خاتمة تلك الدعوات قبل أن يبدأ الغزو بلحظات , وكما تعوّدنا ! , تأتي على لسان وزير خارجية قطر حمدان بن زربان !!!.. بعد ذلك سيتبيّن للجميع أن جميع تلك التلفيقات كانت عارية عن الصحّة , وسيعتذر أوباما وقاراقوزي الكذاب كما اعتذر بلير الكذاب وتابعه بوش , ودون أن تطالهما يد المسائلة أو المحاكمة لحد الآن رغم إقرار جميع منظمات ومحاكم دول العالم بذلك ! .. الآن , وبعد خراب البصرة كما يقال , وبعد أن كشّرت أميركا , أميركا جيفارا ولينين أميركا الثورة أميركا كاسترو أميركا مساندة الشعوب الثائرة أميركا التدين والدين ومدارس الوعظ وقبلة العلوم التشريعيّة , أميركا الشعراء والصور , عن أنيابها , وبانت "بلاعيمها" بعد أن فتحت فمها أخيراً على مصراعيه وانكشف المغزى الحقيقي من التضحية بشاه مصر وشاهنشاهها حسني مبارك , وبعد أن نزعت ثياب ليلى , أعلنت أميركا راعية الدين الإسلامي الحنيف "أنّها لن تمانع إذا ما وصل خميني .. عفواً .. أقصد إذا ما وصل الأخوان المسلمون إلى حكم مصر !!! ولا حتّى اعتراضها على أخوان ليبيا "المسلمون" القادمون بالطبع على ظهر الدبّابة الأميركيّة أو على متن الطائرة الفرنسيّة ! , وكتحصيل حاصل , لتديين المنطقة بالدين الأميركي .. عفواً أقصد بالدين الإسلامي لتلحقه بخبر لتييييييييييييييف .. أقصد لطيييييييف وهلو أقصد حلو عن نيّتها التدخل العسكري في ليبيا بعد عدّة إجراءات "وهي نفس مدّة التحضيرات لغزو العراق" ! ثم تتنافس استراليا الإيمان والتقوى والبلشفيّة والديالكتيكيّة والديالكتيكيّة السكسونيّة الثوريّة بفرض عقوبات هذا البلد المفعوص , استراليا , على ليبيا ! , لاعتداءها على شباب الثورة هههه شوفوا المهزلة التي تغاضى عنها أصحاب الأقلام ! فهذه وحدها كافية لتزكية العقيد ثمّ وثمّ بقيّة هلمّة جراوة الغرب كندا وبريطانيا وقاراقوزي فرنسا خليفة بلير الكذاب , وأخيراً صدر مجلس الأمن الملتحي بلحية جيفارا وبسبحة أبو إسراء .. أقصد بسبحة حسن البنّا , هذا المجلس اليساري المؤمن بحقوق العرب وفلسطين ودفاعه المستميت عن الإسلام , على فرض عقوباته على ليبيا , أقصد على العقيد !!! بينما نجد أقلام يساريّة لا زالت مبتهجة بالثوّار "مع احترامنا الشديد للشباب العربي ونواياهم الطيّبة" وتقدح في العقيد سيراً على ما تعرضه لهم فوّهات الجزيرة والعبريّة عفوا العربيّة التي تستند بدورها على وكالات أنباء غربيّة وعلى توجيهات ثور قطر حمدان وعلى توجيهات سكسي آل سعود المؤمن الوليد بن طلال !... أمّا "زفّة المالكي" فهي ذات شأن آخر , لأن السيّد المؤمن المالكي خلاصة هستيريا بوش الإبن "مو الأبّ" , لأن أبو إسراء على أيّام بوش الأب كان يتمرّن على النضال الحسيني بتهريب المؤمنين إلى لبنان عن طريق الممرّ العسكري السوري وتلك وحدها جرائم دوليّة يحاسب عليها القانون ويحاسب عليها حضرة مجلس الأمن الدولي الثوري , عندما كان الإبن بوش يعيش ورطته الكبرى بسبب تمزيق الثوّار العراقيّون لجيوشه وتناثر جثثهم يوميّاً أمام عينيه وأمام أعين الرأي العام الأميركي وتتناثر بالعشرات يوميّاً أرقى وأحدث آليّاته العسكريّة على طرق وشوارع العراق وعلى مياسمه الترابيّة , لقد قارب بوش وقتها على الفرار من أميركا نفسها , وليس من العراق وحده , بحجّة دخوله الإسلام وانعزاله عن الدنيا وما فيها ليلتجأ إلى شعاب مكّة ! خاصّة وقد وصلت أعداد الهاربين من قوّاته وقتها من أرض العراق إلى كندا الخمسة آلاف عسكري! عدا أعداد المنتحرين والذين تجننوا أو الذين لم يعودوا إلى العراق بعد أن هربوا منه بإجازاتهم الدوريّة ! عندها انبثقت حيلة هاملتون بيكر , وتفتقت عقيرة آل سعود بالصحوات عن طريق المؤمن الهاشمي بعد أن صرخ بوش بأعلى صوته في خطاب له وسط حشد طلابي في أميركا ( أريد حاكم قوي يمسك العراق بقبضة من حديد ) ! عندها تفتقت عقيرة ولي الغائب فقيه إيران وعدوّ الشيطان الأكبر عن جندي من جنوده المجرمين المفجّرين والمفخّخين "ضامّه الوكت العوزة!" وساوم نجادي به من أرض الشيطان الأكبر ؛ الشيطان نفسه ! , واتفق الطرفان على خلق دكتاتور "مُسيطر عليه" يعني كلب مفترس نوع "أبو البوز" والخطر! يأتمر بأوامر أميركا وإيران فقط .. فكان "جواد العلى الله ويا زماني" ولكي يثبّتوا وجوده كرجل يقبض العراق من زمّارة رقبته كما يقول المصريّون , أعطوا له "تمرين" أو فرضيّة يرهب بها العراقيين والدول العربيّة , يعني يذبح القط ليلة الدخلة!" , فسلّموه الرئيس العراقي الأسير لكي يوقع على قرار إعدامه , بعد أن تهيّب عن ذلك "أو ادّعى ذلك" طامّة الرئيس طلباني , ليبدأ عهد عراق نوري ومنوّر جديد يسطع تحته العراقيّون برغد العيش ... هذا المجرم المتشبّث بالسلطة لقطم رؤوس العراقيين , لن يخرج من سدّة حكم العراق إلآّ مفجّراً أو مفخّخاً أو مقتولاً بإحدى مفخّخاته أو بإحدى فوهّات كواتمه , فلا المظاهرات ولا شعاراتها السلميّة ستوقظ ضميره الضامر أو سيترك كرسيّ الرئاسة أو تستطيع أن تهزمه , هي صحيح أن التظاهرات عملت مفعولها القويّ في فضحه وفضح المتديّنين من على شاكلته زيادةّ على ما هو به مفتضح , وصحيح أنّ العالم أجمع "عدا الجزيرة والعربيّة" المنشغلتان بالكيفيّة التي سيتم بها قفش القذافي وكيفيّة حماية "الثوّار المسلّحون" لوزارة النفط ! , ولكن تغييره لن يتم إلاّ بالطريقة التي هو سعادته يعرفها وكتب وصيّته على ضوئها ويحب أن يلقي ربه ويلقى الحسين بها , لأنّه وببساطة محميّ من قبل الغرب ويعتبر بنظر أميركا كلبها .. عفواً أفصد دكتاتورها المدلل الذي لم يبقي على حال العراقيين والعراق حال إلاّ وتنازل لهم عنه , من أجل بقائه ببيته السعيد جالساً القرفصاء ورأسه المبارك المستطيل مسدى على قائميه الأماميّين وقد ضمّ قائميه الخلفيّين إلى أسفل بطنه وملتصقاً بقوائم كرسيّه الأربع ....