هاهمُ العراقيون الشرفاء, خرجوا عن بكرة أبيهم كما وعدوا, في يوم الخامس والعشرين من شباط ليعبّروا لا عن غضبهم الذي حان وقت إنغجاره فقط, بل عن رفضهم المطلق لحكومة الاحتلال وما تفرّع عنها من مجالس محافظات ومؤسسات أخرى. وقبل أن يصل الى آذان العراقيين الصماء عن كل ما يصدر عن الحضيرة الخضراء, تبخّر في الهواء الطلق نداء بائع الخواتم والسبح العميل نوري المالكي الذي طالب فيه, وهو يرتجف هلعا وخوفا, الشباب العراقي بعدم المشاركة في تظاهرة يوم "جمعة الغضب" لأن من يقف خلفها كما أدعى جنابه التعيس هم التكفيريّون والصداميون والساعون لتخريب العملية السياسية في عراقهم الجديد, والقضاء على "الانجازات" الديمقراطية! كما سقطت في سلّة المهملات فتاوى ونداءات بعض أصحاب العمائم الشيطانية في الحوزات المتعدّة الجنسيات والولاءات والسراديب, الذين حالوا التأثير على أبناء الشعب العراقي, الذي خرج منذ فترة طويلة جدا من أسر الأوهام والخنوع والانقياد الأعمى لمن هبّ ودبّ. وإنفجر يوم عضبه مزلزلا مدوّيا على مشارف حضيرتهم الخضراء وكأنه بركان جارف لم يعد يطيق ما في جوفه من حمم وشرار وصخور ملتهبة لا تبقي ولا تذر. مع أننا, نحن العراقيين،, لا يكفينا يوم غضب واحد. فبعد الاذلال والهوان والحرمان والخراب المادي والروحي والاقتصادي لوطننا وإنسانا العراقي منذ دخول الغزاة وعملائهم الى بغداد الحبيبة, حتى لو جعلنا كل ما تبقى من أيامنا أيام غضب وتمرّد. لكن مع ذلك, أثبت العراقييون, حالهم حال شعوب كثيرة, انهم قادرون, إذا دقّت الساعة وإقترب الموعد, على أن يواجهوا بصدروهم العارية هراوات "الديمقراطية" وهمرات "الحرية" التي أرسلها المرعوب نوري المالكي. فقامت هذه الهمرات والعجلات العسكرية بواجبها "الديمقراطي" على أكل وجه, فسفكت دم عشرين شهيدا مسالما أعزلا وجرحت أكثر من 200 إنسان بريء. وفي شمال عراقنا الحبيب لم يكن دور ميليشيات الشاهنشاه مسعود البرزاني من بيشمركة وأشايس ومرتزقة أكراد من دول مجاوة, أقلّ "ديمقراطية"من نظيراتها في وسط وجنوب العراق. ففي مدينة السليمانية وحدها, وهي إمارة جلال طلباني باشا, قُتل وجُرح العشرات من المواطنين الأكراد لأن ذنبهم الوحيد هو أنهم خرجوا, شأن جميع البشر في هذ الكون, يُطالبون بحقوقهم الأساسية المشروعة بعد أن ضاقت بهم الحيل والسبل في ظل حُكم العائلة البرزانية "المقدّسة" التي حوّلت جزءا عزيزا من العراق الى إمارة عنصرية مغلقة لا علاقة ولا صلة لها بشعوب ودول الجوار الاّ ما كان في خدمة صاحب الفخامة وقليل الابتسامة المتصهين بالفطرة والضرورة, مسعود البرزاني. لكن لا همرات المالكي العميل نفعت ولا أسايش مسعود البرزاني الصهيوني أوقفت زحف الجموع نحو مقرات حزبه لحرقها وتدميرها, ولا عمامة دجال الحوزة الناطقة مقتدى الصدر قامت بسحر وتخدير االعراقيين. والمناسبة, نشير الى أن الدجال مقتدى الصدر عاد قبل بضعة أيام الى الكوفة قادما من جارة السوء إيران. ماذا كان يفعل ولماذا عاد؟ لا يوجد تفسير غير هذا: إستلم الأوامر والتعليمات من مسؤوليه في قم وطهران حول كيفية التعامل مع ملايين العراقيين الذين قرّروا أخيرا توجيه إنذار شديد اللجة, قد يكون الأخير كما نأمل ونتمنّى, الى حكومة الاحتلال في المنطقة الخضراء المرتبطة مباشرة باحد خيوط عمامة مرشد الجمهورية الفارسية على خامئني . ومع أن الشعب العراقي خرج في تظاهرة سلمية تدعو الى تحقيق مطالب مشروعة تتعلّق بالخدمات ومحارية فساد "قادة" العراق الجديد, خصوصا وإن ميزانية البلد لهذا العام تجاوزت الثمانين مليار دولار. لم يكن العراقيون الذين خرجوا بالملايين في كل مدن وبلدان وأقضية العراق مسلّحين أو عازمين على القيام بعمل من هذا الفبيل. إنهم حملوا لافتاتهم وشعاراتهم وأصواتهم الهادرة وقبضاتهم المرفوعة فقط, ألاّ أن معظم ساسة المنطقة الخضراء قد أطلقوا سيقانهم للريح هربا الى دول الجوا., هربا من غضبة شعب ذاق على أيديهم الأمرّين وفقد كل ما كان لديه من صبر وجَلد. فلم يعد الشعب العراقي, من شماله الى جنوبه, يملك ذرّ!ة واحدة من الثقة لا بالمالكي العميل ولا بالوزراء ولا بالبرلمان ولا بالخُطب العصماء التي يحاول بها بعض أصحاب العمائم الشريرة دغدغة مشاعر الناس البسطاء والضحك على ذقونهم. لقد إقتربت ساعة الحساب مع عصابة المنطقة الخضراء وما عليهم, إذا أرادوا النجاة بجلودهم, الاّ شدّ الرحال الى أقرب دولة تستضيفهم أو الى الجحيم. فلا همرات أمريكا ولا هراوات إنكلترا ولا القنابل المسيلة للدموع ولا أسايش كردية - صهيونية ولا إطلاعات إيرانية سوف تصد بركان الغضب العراقي وثورته التي بدأت شمسها تشرق على كل مدينة وقرية وشارع. نحن آتون اليكم أيها العملاء, آتون الى الحضيرة الخضراء مهما كلّف الأمر, ولو بنيتم أمامها خط"بارلييف" جديد أو سور الصين العظيم. mkhalaf@alice.it