1- الذي دعاني بل حفز بي روح الكتابة عن ثورتي الشعب العربي في مصر وتونس هوالعظمة و القدرة الثورية التي ظهربها شعبنا العربي في هذين القطرين من تغيره لأنظمة أوتوقراطية أو حتى تقترب من الديكتاتورية ,وبهذه السرعة الزمنية وبنوعية الثورة السلمية من إحداث تغير كبير في بنية أنظمة فاسدة حولت الدولة وكل مؤسساتها الحيوية الى شبه ضيعة تمتلكها مجموعة متطفلة على هوية هذا الشعب العربي, نمت وتطورت مصالحها بحيث إقتربت من أن تتشكل منها طبقة مُسْتَغِلة ومن خلال حزب السلطة أو حزب فئوي الذي جمع كل الانتهازيين و النفعيين المرتبطين بطبيعة النظام,وهذه الاحزاب لم تكن لها اية صفة أو هوية جماهيرية لا في النشأة ولا في القاعدة وحتى بالاهداف,فكانت المواحهة الحقيقية بين الجماهيروالقلة من المنتفعيين. 2- إني لا اتفق مع الاراء التبشيرية للبعض بعودة عصر الثورة العربية والتي (حسب إدعاء هذا البعض) بإنها إختفت من القواميس الفكرية العربية,لانني على يقين بأن الثورة العربية قد تكون قد مرت بأزمات حادة وخاصة بعد الغزو الامبريالي الصهيوني الايراني على العراق إلا إن الثورة العربية لا تنكفأ ولا تتراجع ولكنها قد تقف للمراجعة الفكرية والكفاحية التي تتيح لنفسها التكيف مع ظروفها و مع الظروف المحيطة بها,وذلك من خلال نظرية المرونة الثورية التي تمتلكها الواجهات الثورية للثورة العربية المتمثلة باحزابها الثورية, وخير دليل على أن الثورة العربية لم تغيب عن الساحة العربية هو وجود المقاومة العربية الاصيلة ونموذجها المعاصر والمتمثل في المقاومة العراقية والتي يقودها حزب الثورة العربية البعث الخالد,هذه حقيقة ويمكن أن نتجادل بها ومعها وبكل المعطيات سواء النضالية أو الفكرية أو التأريخية المتعارف عليها والمتداولة بها.إن الثورة العربية قد تأخذ أشكالاً نضالية مختلفة وحسب ظروفها الموضوعية والذاتية,فهي مثلاً وليس للحصرأخذت في الثورة الجزائرية طابع إنتفاضياً تمثل بالمقاومة الشعبية المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي الذي كان إستعماراً مخيفاً فقد مارس وفعل كل ما من شأنه لتغير ثقافة الشعب العربي الجزائري وأستحوذ على كل خيراته وأراد أن يجعل من الجزائر إحدى القواعد العسكرية له,ولكن الإلتفاف الجماهيري الواسع للشعب الجزائري حول ثورته المتمثلة بمقاومته أفسد كل هذه المؤمرات الاستعمارية وقادت الجزائر الى النصر والتحرر.وأيظاً أخذت الثورة العربية صيغة التغير الجذري في مصر الحبيبة عندما قام الضباط الاحرار بالثورة الخالدة 23 تموز من عام 1952 بقيادة البطل جمال عبد الناصر في تحرير مصر من نظام تابع للاستعمار الانكليزي,فكانت رداً على قمع إرادة الشعب المصري وما لحق به من ظلم وإستغلال,وهي في نفس الوقت كانت رداً قوياً على التخاذل العربي عندما فشلت الانظمة العربية في الدفاع عن فلسطيننا, وبالخصوص ِلما كان من دور للنظام الملكي في مصر في ضياع الحق العربي فيها ,وأخذت الثورة العربية مظهراً أخر من مظاهرها النضالية شكل الوحدة عندما أُعلنت وحدة القطرين المصري والسوري في عام 1958 وهي في بعض جوانبها تحمل صفة التجاوب مع رغبات الشعب العربي في القطرين وايظاً كانت دلالة أكيدة على تطور ونضوج القيادتين السياسيتين في مصر و سوريا ,قيادة البعث والمرحوم جمال عبد الناصر,وفي نفس الوقت كانت رداُ على الاستقطابات والتحالفات للانظمة العربية والاقليمة المرتبطة بالاستعمار في حينها وسياسة المحاور والاحلاف التي كانت تتبلور وتتشكل في حينها. وتعتبرثورة 14تموز الخالدة شكلاً من أشكال الثورة العربية الحديثة ,والتي كانت إنعكاساً للنظوج الجماهيري في العراق والذي عبرت عنها جبهة وطنية للاحزاب الوطنية والقومية الاشتراكية والماركسيةوالتي قادت نضاله عبر سنين طويلة لتنهي الامر بثورة 14 تموز العظيمة,وأيظاً كانت هذه الثورة تعبيرعن رفض الشعب العراقي لكل أنواع الاستغلال والطبقية والتبعية للاجنبي التي كان النظام قائم عليها بالاضافة لحالة الرفض لكل أنواع التامر الذي كان يشارك به ذلك النظام في حينه ضد قوى الثورة العربية والعالمية,وقد حققت الثورة ذلك عندما تحرر العراق من السيطرة الاستعمارية وعلى أثره سقط حلف بغداد المشبوه, وقدغيرت هذه الثورة العظيمة الكثير من التوازنات الاقليمية والعالمية لصالح المعسكر التقدمي والاشتراكي.وأيظاً تؤخذ بثورتي 8 شباط و8 أذار في القطرين العربين العراقي والسوري بقيادة البعث الخالد مثلاً حياً لانتفاضة الجماهير الممثلة بحزبها ضد أنظمة معادية لاهداف الامة العربية والتي كان لها دوراً في تمزيق الصف العربي, والتي لم تستطيع هذه الانظمة من أن تجمع القوى الوطنية في وحدة ثورية لتلتف حول النظام و تحوله لنظام يخدم الثورة العربية والثورة العالمية أيظاً,بل كانت هذه الانظمة تمثل وخزاً مؤلماً في المشاعر العربية ومحطات للتأمر على الوحدة العربية فكانت الثورتين المباركتين علاجاً لهذا الضعف والتخاذل التي كان النظام العربي متميزاً به أمام الاملاءات الامبريالية والصهيونية. وجاءت ثورة 17 تموز لتتوج الثورة العربية ببعدها القطري والقومي والانساني,فكان فعلها على مستوى القطر في إعادة العراق الى موقعه التأريخي وتحريره سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وذلك من خلال نهجها الاشتراكي وخاصة في إستثمارها للثروة الوطنية وجعلها سبباً رئيسياً في إعادة بناء المجتمع العراقي بناءاً ثورياً صحيحاً سواء على المستوى الايديولوجي أو الكفاحي وفي نفس الوقت عملت هذه الثورة على تحقيق الرفاهية للمجتمع العراقي,وأيظا جعلت الثورة الثروة الوطنية قومية وإنسانية عندما حولتها الى جزءاً من السلاح الذي واجهت به القوى المعادية للامة وللانسانية ,وايظاً حولت الانسان العراقي من إنسان محلي فكراً وتطلعاً وأهدافاً الى إنسان يصطف مع الاخرين من الشعوب المتقدمة والمتطورة في بناء الحضارة الانسانية, وبذلك حولت ثورة البعث العراق الى بؤرة ثورية حقيقية للثورة العربية والعالمية وساهمت بقوة في إنماء حركة الثورة العربية,وكانت لها زخماً ثورياً في المحيطين العربي والعالمي, وقد تميزت هذه الثورة الجبارة بكونها بيضاء وبذلك كانت أضافة حقيقية الى المدارس الثورية في التغير الجذري مدرسة الثورة البيضاء,و أيظاً أصبحت هذه الثورة ببعدها القومي نقلة نوعية للثورة العربية من موقع الدفاع عن الامة و مصالحها الى موقع الهجوم على كل أعداء الامة وشكلت رداً قوياً على هزيمة الانظمة العربية في 5 حزيران من عام 1967 ولذلك أقامت الدنيا المنظومات الامبريالية والصهيونية والحاقدون على الامة العربية ولم تقعدها إلا بغزوه في عام 2003 وإزاحة هذا النظام الثوري..