هذا ما قالته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الأسبوع الماضي عندما بدأت تظاهرات الشعب العراقي الغاضب تتصاعد في مختلف المدن العراقية مطالبة بتحسين الخدمات، نعم إسقاط الحكومة أسهل بكثير من توفير الخدمات. وهذا الكلام هو عين الحقيقة التي يجب أن يعرفها أبناء العراق النشامى المتظاهرين للمطالبة بتوفير الماء والكهرباء والغاز والوظائف والأمن والأمان والبنى التحتية التي هدمها الاحتلال وحكوماته العميلة أو المطالبين بتوفير الحصة التموينية. اليوم وقد أوشكت ثورة الشعب الغاضب تتفجر من زاخو إلى الفاو أقول متواضعا ومحذرا أبناء شعبنا العظيم لا تقزموا مطالبكم وتحصروها بتوفير الحصة التموينية والماء والكهرباء والغاز والوظائف، لأنكم بهذه المطالب تكونوا قد تخليتم عن تأريخكم المشرف وتأريخ أجدادكم العظام الذين أذاقوا الانجليز مر الهزيمة في ثورة العشرين، وبهذه المطالب بدأنا نضع ألف سؤال وسؤال، هل نحن أحفاد ثوار ومشايخ قادة ثورة العشرين الذين طردوا القوات البريطانية من ارض الرافدين، وهل كانت أهداف ثورة العشرين هو توفير الخدمات والحصة التموينية. أم كانت ثورة ضد الظلم والطغيان والاحتلال وتحرير العراق أرضا وشعبا، هل كانت أهازيجهم تقتصر على توفير الكهرباء، أم كانت ثورة من اجل الكرامة والشرف والعزة والهيبة بين شعوب العالم. هل نحن أقل شأناً وشرفاً وعزماً وقوة وغيرةً من الشعب المصري وقبله التونسي اللذين فجرا ثورتيهما بسواعد شبابهم الواعي المدرك تماما لمعنى الحرية والكرامة والعيش الكريم. هل كان الشعب المصري يعاني من انقطاع الكهرباء أو الماء أو عدم توفر الخدمات البلدية وقنوات الصرف الصحي، التي فقدتموها والآن تعيش معظم الأحياء السكنية في المحافظات بما فيها بغداد على بحيرات من المياه الأسنة. هل خرج الشعب المصري من اجل حصة تموينية يطالب بها أم خرج نتيجة الظلم والاستبداد والقهر والطغيان الذي كان يمارسه نظام مبارك المقبور ضدهم طيلة ثلاثين عاما. الأهم من كل ذلك وذاك، أود أن أسأل شعبنا العظيم هل خرج الإمام الحسين عليه أفضل السلام من الحجاز في ثورته العظيمة طالباً الحصة التموينية أو ماءاً أو كهرباء أم سلطاناً أو حكما، لا والله فقد كانت ثورته ضد الظلم والفساد الذي تعانون منه اليوم في ظل الاحتلال وحكومة المالكي الفارسية العميلة، فلم يكن رضوان الله تعالى عليه قاصداً خلافة أوحقاً مغتصباً بل كانت ثورته من اجل إحقاق الحق وإنصاف الناس وتحقيق مطالبهم المشروعة. فماذا سنقول إليه وإلى أبيه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، لماذا صبرنا ثمان سنوات على اللصوص والقتلة والمجرمين والمفسدين في الأرض، لماذا صبرنا وخنعنا وطأطأنا رؤوسنا للمحتل البغيض وللمالكي وزبانيته، ماذا سنقول لأرواح شهداء العراق الذين سالت دمائهم انهارا على ارض الفراتين منذ عام 2003 ولحد الآن. وماذا عسانا اليوم أن نخسر، لقد خسرنا بلدنا للمحتل وعملائه الفرس وخسرنا حياة شبابنا وشاباتنا وأطفالنا وشيوخنا، وانتهكت أعراض نسائنا ورجالنا. إلى متى ننتظر وماذا ننتظر انه يومكم يوم الشرف والكرامة عندما تزحف جماهير الشعب الغاضب يوم غد إلى ساحة التحرير وتحت نصب الحرية، والى كل الساحات والميادين العامة في المحافظات ليتحرر هذا البلد العظيم بتأريخه وشعبه وعشائره العربية والكردية والتركمانية، مسلموه، ومسيحيوه، صابئته ويزيدييه لا فرق بين احد إلا بما يقدمه من تضحية وفداء تجاه الوطن. لتكن صرختنا اليوم فلتخرج أمريكا ولتسقط الحكومة العميلة حكومة القتل والتدمير والسرقة، حكومة الجثث المجهولة الهوية. إن إرادة الشعوب أقوى من أمريكا وأعوانها، وان حكومة اللصوص والخيانة والعمالة لا يمكنها أن توفر لكم شئ سوى مزيدا من القتل والاعتقال والتهجير والتدمير وانتهاك الأعراض لأنهم مشغولين بنهب المليارات وان إسقاط الحكومة أسهل بكثير من توفير الخدمات لان تركيبة هذه الحكومة هي تركيبة فاسدة غير قابلة لأي إصلاح، فاخرجوا جميعاً ولا تركنوا ولا تجزعوا ولا ترجعوا حتى تتحقق مطالب الشعب العظيمة واعلموا أيها الشباب أن حبل الكذب قصير وان الظلم عمره قصير وان أنظمة الذل والخيانة هي أنظمة كارتونية تتصدع بأسرع ما تتوقعون أمام إرادة الجماهير وحشود الشعب الغاضب واعرفوا أن العالم كله معكم مع تحرير العراق وان إخوانكم في الخارج معكم لحظة بلحظه فهم المدد وهم الصوت الذي تصدحون به يوم الخامس والعشرين من شباط ( فبراير )، آن الأوان أن تقولوا كلمتكم ولا تنخدعوا بوعود كاذبة يطلقها المحتل وأذنابه بتوفير الخدمات أو توفير الحريات لأن الحرية لا تتوافق مع الاحتلال في كل الشرائع والقوانين الدينية والدنيوية. أن ما جرى ويجري بالعراق أرضا وشعباً وحضارة ، ماءا وسماء ، وكل الكوارث التي حلت ببلدنا هي نتيجة الاحتلال الغاشم وعملائه، وهذه الكوارث جاثمة على صدورنا ما دام هناك جندي أمريكي باقٍ على تراب العراق الشريف. واعلموا أن للحرية ثمن، وانظروا إلى شعب تونس ومصر الكنانة كيف اسقطوا اعتى الدكتاتوريات في الوطن العربي بل والعالم اجمع، وانظروا إلى مقاومتكم المسلحة الباسلة التي تسطر يوميا أروع الملاحم البطولية في مقاتلة المحتل الغازي لبلدكم، منذ ثماني سنوات رغم الآلة العسكرية الجبارة التي تمتلكها أمريكا إلا إنهم استطاعوا أن يمرغوا أنوف جنود المحتل بوحل الهزيمة.فليتكن إذن شعاراتكم شاملة جامعة للتحرير ولإنتاج حكم رشيد يعيد للعراق بهاء وحدته وللعراقيين صهيل خيولهم وسبقهم في ميادين الرقي والازدهار. تحية لكم وانتم تتصدون وتتحدون المحتل وحكومته العميلة وما النصر إلا من عند الله العزيز القدير .