لاأفهم والله كيف يستغرب البعض من تصميم العراقيين على التظاهر والثورة يوم الجمعة 25 !! لا بل ويتساءل عن الأسباب الموجبة لخروجهم، بدل التساؤل عما أخر خروجهم الى الآن؟؟ ألهذه الدرجة صارت صرخة المذبوح غريبةً هذه الأيام!! ألهذا الحد ما عاد لها مكان من الاعراب عند من يسمون أنفسهم عراقيين والعراق منهم براء!! لقد فرضوا على العراقيين ما فرضوه من الذل والهوان منذ بداية الاحتلال والى اليوم .. وقمعوهم وأخمدوا صرختهم التي سدوا كل منافذ خروجها الى العالم .. متناسين أن صرختهم وإن طال أمد إخراسها فإنها الى انطلاق .. لأن رفض العراقيين للاحتلال ثابت ثبات الشمس في ضيائه .. وشموخهم باقٍ شموخ نخلتهم التي تصر على رفع هامتها رغم الموت والدمار الذي تنشره ماكنة الاحتلال في أرضها وسمائه .. تلك الماكنة التي عاثت بالمدن فساداً فقطعت اوصالها وفرقت مناطقه .. مثلما قطعت أوصال أهلها وحولت جماجمهم الى كرات تتقاذفها الكلاب في الشوارع .. لا يقو على الاقتراب منها أحد وإن امتلأت محاجرها بالديدان، بعد أن تفجر بعضها على من اقترب منه .. ولماذا؟؟ لضمان تزيين العراق بالطريقة التي تحيله الى أرض خربة تغطي شوارعها الجثث والأزبال والنفايات .. وتحكم أهلها قبضة المالكي ومن لف لفه الكفيلة بتكميم أفواه المحتجين واخراسهم الى الأبد .. أما الأنهار فقد استكثروا خيراتها على بلاد الرافدين .. فصاروا يسعون لسحب تأشيرة دخولها لأراضينا، بغية إكمال مسيرة التغيير الجغرافي والحضاري والديموغرافي الذي يخططوه لعراقن .. والذي طال حتى آثارنا الحضارية .. سواءً تلك التي تربعت على الأرض، أو التي لا زالت مدفونةً تحت التراب .. وبعد كل هذا التخريب الذي لا نجد له نهاية .. يسألك البعض بوقاحة عن سبب التظاهر الآن!! وكأنه لا يعرف شيئاً عن رفض وهيجان واستنكار الشارع العراقي للاحتلال ولكل من جاء معه .. والذي رأيت صورةً منه بأم عيني فجر اليوم الأول الذي تقدمت فيه القوات الغازية على مدينة النعمان .. حيث بدأت الاشتباكات معهم لتؤرخ سفرا خالدا من تاريخ المقاومة البطلة التي اندلعت فيما بعد في كل إرجاء العراق .. فكانت معركة بكل ما تحمله الكلمة من معاني، استبسل فيها المقاومون وجادوا بأرواحهم رخيصة في سبيل الله .. لم نكن نسمع سوى أصوات مدفعية الدبابات الأمريكية وصوت القاذفات العراقية .. يوم لم تبق قوات الاحتلال شارعا لم تدخله وتمشطه، الى ان انسحبت تجر معها دباباتها المعطوبة .. ولن أنس ما حييت منظر تلك الدبابة التي تركها الاحتلال عالقةَ في إحدى الأزقة والتي كانت غنيمةً دسمة لأطفال الاعظمية الذين لم يبقوا بداخلها شيئ .. معركةً كانت نهايتها إيذانا ببداية الاستنكار ورفض الاحتلال الذي استمر الى يومنا هذ .. وما استقبال أهل الرمادي يوم 12 نيسان للقوات الغازية بطريقة اضطرتهم للعودة الى بيوتهم حفاةً إلا صورةً أخرى للرفض الذي لا صوت له ولا صدىً في الفضائيات التي تتجنب نشره، لكي لا ينشز معزوفة الرضى العراقي بالاحتلال وأذنابه الذي تعزفه فضائيات العار هذه .. أما اليوم فكلنا ثقة بان توحيد صرخات الاحتجاج، سيجعل لها تأثيراً مميز .. شأنه شأن حذاء بطلنا الزيدي .. الذي أسمع حتى من به صمم، احتجاج العراقيين ورفضهم للاحتلال ولحكومة الأقزام التي توهم العالم باستقلالية رأيها عنه وعن رغباته في بلدنا الغالي .. بلدنا الذي لا يقتنع أهله ببراءة من يتساءل عن الأسباب الموجبة للتذمر والاحتجاج .. لإيمانهم بقول الامام الشافعي: وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلة .. ولكن عين السخط تبدي المساويا dr.balsamhani@yahoo.com