تساءل مشروع يطرح بقوة، هل ألامه العربية تعيش عصر جماهيرها ؟وهل الشعب العربي في حالة نهوض وانتفاضة على حالة النكوص التي خلقها النظام العربي الرسمي في كل الأقطار العربية.؟ هل الغليان العربي في الأقطار العربي بعد ثورتي تونس ومصر رد عملي على انتكاسات القمم العربية وخنوع الحكام العرب لقوى الهيمنة العالمية.؟ تساؤلات عدة يطرحها العقل العربي اليوم في ظل الحراك الشعبي الذي تعيشه ألان الساحة العربية في مختلف أقطار امة العرب ، مما لا شك فيه أن ثورة الياسمين التونسية كانت الشرارة التي ينتظرها الشعب العربي منذ احتلال بغداد عام 2003 من قبل قوى الهيمنة العالمية ،وكان تدمير العراق وإسقاط نظامه الوطني من قبل الصهيونية العالمية السبب في إضعاف الأمة العربية والسبيل في حينها من إصابة حركة النهضة العربية بخيبة أمل وساد شعور اليأس لدى الشعب العربي في مختلف أقطاره،وأنعشت في ذات الوقت تطلعات حكام العرب العملاء الذين كانوا سببا في هزائم وانتكاسات الأمة العربية في كل معاركها . ومثل وقفت الجماهير العربية وقفتها الرافضة للعدوان الأمريكي على العراق عام2003 وخرجت في حينها بتظاهرات واسعة متضامنة مع شعب العراق ضد العدوان ،وتعرضت الجماهير العربية إلى شتى أنواع التنكيل والاعتقال والتعسف من قبل الأنظمة العربية الخانعة إلى القوى الصهيونية الأمريكية ، تبدأ اليوم بإكمال ما شرعت فيه بعد احتلال العراق في إسقاط واسع للأنظمة المتخاذلة . 1- المصير العربي الواحد. حمى الانتفاضة العربية اشتعلت في أصقاع العرب بلا استثناء، بعد إن تناخت كل الجموع العربية من اجل تأشير حالة الثورة في الجسد العربي بعد أن أرهقته أوجاع والآلام النظام الرسمي العربي وإصابته العلل والإمراض واضحي لا يقوى على العمل بعد إن أجهزوا الحكام العرب ، والعالم العربي قد عرف تاريخياً على الأرض الممتدة الخليج العربي إلى المحيط واشترك في منظومات قيم واحدة وصنعت تاريخا واحداً،وولدت ثقافة واحدة ، وبالرغم من التحديات و التقسيم السياسي والجغرافي الذي أوجده الاستعمار ،رغم هذا كله كان الوجود العربي الواحد يستولد الضمير القومي المشترك وتظهر تجلياته بتضامن الجماعة الواحدة مع أشقائها على أية ارض عربية حينما يواجه فيها العرب المشاكل التي تتعلق بأمنهم ووجودهم. وإذا تابعنا تاريخ الأمة العربية نجد إن العرب ومنذ أن فقدوا دولتهم القومية في نهاية الدولة العباسية دخلوا في (تاريخ استثنائي ) يؤشر إلى حالة من الانحطاط والانقسام حتى يومنا هذا.وبالرغم من ذلك ظلت الأمة العربية مرتبطة بعقد اجتماعي حلق بينها روابط الأسرة الكبيرة ،والشعور بالقومية الواحدة ،والانتماء المشترك ،ولمستقبل واحد. وبعد إن وصلت التحديات التاريخية أمام الأمة العربية إلى ذروتها في العدوان الأمريكي الصهيوني الفارسي على العراق ومن بم احتلاله عام 2003 ،أصبحت رؤى العقل العربي السياسي تتجه إلى السؤال الأساسي وهو، ما المصير الذي سينتظرنا كعرب على أرضنا.؟ ماذا فعلت لنا القمم العربية .؟ وهل أعادت الجامعة العربية حقنا .؟ وكانت الإجابة على هذا التساؤل إن احتلال العراق هو تحدِ، يواجه العرب وجودهم المشترك، ومصيرهم الواحد، ومقتضى ذلك يجب إن ينتج عنه تضامن فعال من اجل النهوض والصورة على كل ما هو فاسد في جسد الأمة. 2- العرب بين الثابت والمتغير. من خلال التحديات التي تواجه الإنسان العربي وحالة الانقسام التي تعيشها الأمة العربية ،برزت معضلتين إمام قوى التحرر العربي وهما الأولى:- إصرار قوى الهيمنة العالمية الصهيونية بعدم السماح للتضامن العربي أو الاقتراب من الوحدة العربية، وعودة الوضع الطبيعي للعرب كأمة واحدة. الثانية:- تمسك القوى الاستعمارية الصهيونية بفرض واقع غير طبيعي ومن خلال تسخير الشرعية الدولية ضد تطلعات الأمة العربية ووحدها. ومنذ إن أنهى ( المقص الاستعماري ) تفصيل أوصال الأمة العربية إلى دول قطرية عاجزة عن تشكل دولة الأمة، فان الوجود العربي ظل يؤطره رابطة القومية تمثل مشاعر الأسرة العربية الأكبر، والقرابة الروحية ،والثقافية ، والسياسية ، والتاريخية وتدفع نحو التضامن والتماهي، والانفعال المشترك بأهداف وآمال، وألام واحدة . إزاء هذه المعضلات ومع تنامي الثورة التكنولوجية في العالم ، تعرضت الأمة العربية لحالة ( التلاقي الحضاري ) الذي ولده من انتقال المعلومة عبر الانترنت، مما أخضعها إلى تأثيرات واضحة في الرأي العام ، الذي تفاعل معها على مستويات عدة ، ارتبط مفهوم الهوة العلمية بجوهر الإشكالية المندرجة ضمن اهتمامات الاقتصاد السياسي وبذلك يستشعر أصحاب هذا الاتجاه الإحساس العميق بخطورة العولمة الشاملة والتي قد تجد نضجها في عولمة الاقتصاد والتجارة والتحول عن اقتصاديات السوق وثقافته إلى مفهوم الاقتصاديات السيليكونية أو " العولمة الخائلية" كما تبث التخلي عن المنظور الاقتصادي للشركات المتعددة الجنسيات مع احتلال العراق والوصول إلى المواد الأولية عن الطريق الاستعمار المباشر، ففي إطار وضع دولي يسوده العنف والمنافسة الدولية لغزو الأسواق وما يمكن إن يعرفه العالم من نكوص العولمة وفشلها ،بعد دخول أمريكا وبريطانيا حربا صليبية ثالثة على العراق 2003 والتي حددت سببا من أسباب فشل العولمة الواقعية،بسبب تخليها عن الصراع على الأسواق والمستهلكين والعودة إلى الصراع على المواد الأولية الخامة والمستعمرات .وفي ظل هذا الانفلات لزمام الأمر بالنسبة للحكومات التقليدية تنادي العديد من الدول العربية بشر عنة تدخل الدولة للحد من درجات الحراك الجماهيري نحو المزيد من التحرر عن طريق الانترنت . 3:- العرب امة حيه. إن الأحداث التي تشهدها الأقطار العربية، وعلى الأخص ما وقع في تونس ومصر، والحراك الجماهير في اغلب مناطق الوطن العربي، يوضح إن هذه الأمة لازالت حية رغم الصعوبات والمحن والضغوط والفقر والتسلط وغياب الديمقراطية وحقوق الإنسان. إن النظرة الحية للأمة العربية، نظرة عميقة مبنية على أسس روحية وثقافية متمثلة في اللغة والتاريخ والتراث الروحي المشترك لأبناء الأمة العربية، واستنادا لهذا الارتباط الوجداني المصيري بين الإنسان العربي. منذ إن احرق الشاب التونسي (طارق الطيب محمد البو عزيزي) في الرابع من كانون الثاني 2011 احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بو زيد لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، دوى صدى ذلك في كل بقاع الأرض العربية وتعاطف معه الجمهور العربي ،واعتبروه شرار العرب للنهوض والثورة بوجه الاستبداد والتسلط الذي مارسه الحكام العرب على مقدرات هذه الأمة . إن ما تعيشه الأقطار العربية، بعد كل شيء ورغم كل شيء، حالة من التفاعل والتبادل في التأثير، لدرجة إن الشعب العربي ومنذ اليوم الأول للإحداث ثورة تونس يعيش حالة من التوافق والتفاعل من اجل استنهاض قيم وأخلاق الأمة العربية، لقد استعاد شباب تونس و من بعده شباب مصر وجماهير باقي الأقطار العربية قدرة الإنسان العربي على الإيمان بقدرته وبشجاعته المعهودة التي فقدها لسنوات بسبب ضعف وعمالة الحكام العرب الذين تسابقوا في تدهور الأمة العربية وضياع حقوقها وهدر كرامة الإنسان العربي. ولنا لقاء أخر في قابل الأيام بإذن الله تعالى ,