شبكة ذي قار
عاجل










عندما نتكلم عن أوباما فإنما نعني به تلك المؤسسة الرأسمالية الأميركية الأكبر في العالم. تلك المؤسسة الأكثر توحشاً من مثيلاتها، وهي التي وضعت المخابرات المركزية كأداة لذبح الشعوب من الوريد إلى الوريد، وهي دراكولا الذي لا يستطيع إلاَّ أن يعيش على مهنة مص الدماء ولا يرتوي منها طالما جيوب حيتان الرأسمالية تتسع للمزيد من الثروات المنهوبة.   فرز أوباما الأنظمة العربية الرسمية إلى معتدلين وغير معتدلين، وقد صنَّف النظامين في تونس ومصر في خانة المعتدلين، والمعتدل بمصطلح أوباما هو النظام الذي يخدم مصالح الرأسمالية الأميركية بأمانة وإخلاص. ولأن النظامين المذكورين اكتسبا معايير الولاء لأميركا، كانا من المسكوت عنهما أميركياً، وكانا مباركيْن ومرضيين عنهما. وبمثل هذا التصنيف فلا ضير عند أوباما من أن يرتكبا كل أنواع الجرائم ضد الديموقراطية وحقوق الإنسان، واستطراداً كل أنواع النهب واللصوصية بحيث أضحت ثروتا تونس ومصر ملكاً لعائلتي بن علي ومبارك. ومباركة اللصوصية إذا كانت وسيلة من وسائل حماية حيتان الرأسمالية الأميركية. فجأة هبَّت رياح النقمة الشعبية في تونس ومصر عندما استفحل الجوع والمرض والبطالة إلى الدرجة التي لا تطاق. وقد تبيَّن أن الحيتان الأميركية عندما كانت تسبح في مراكب النظامين التونسي والمصري نسيت أن تلك المراكب قد تنوء تحت وطأة الغضب الشعبي بعد أن يبلغ درجة من الغليان التي تعني الانفجار. وانفجرت براكين الغضب ولم تعد تنفع معها كل خراطيم مطافئ النظامين، فأحرقت نيران الغضب تلك المطافئ وهرب بن علي ومبارك من لظاها ليخلِّصا ما سرقاه. هربا ولم يذرف أوباما عليهما ولو دمعة من صديق على صديقه الراحل، وكأنَّ صديقيْ أوباما كانا عبارة عن منديلين ورقيين لا حاجة له بهما بعد استنفاذ الفائدة منهما في مراحيض البيت الأبيض. وفجأة انهمرت الدموع في عيون أوباما، ليس على صديقيه المعتدلين، بل على ما يزعم أنها الديموقراطية المستباحة في تونس ومصر. واستطردت هيلاري، وزيرة خارجيته، بتهديد كل نظام في الشرق الأوسط لا يراعي معايير الديموقراطية. وبفعل ساحر مخادع نزل أوباما وهيلاري للاعتصام والتظاهر في شوارع تونس، وفي ميدان التحرير في القاهرة، مطالبيْن بسرعة رحيل بن علي ومبارك. فعلا ذلك من دون أن يجرؤا على توفير ملاذ للصديقين الهاربين تاركينهما في قوارب المهاجرين غير الشرعيين عرضة للغرق في أية لحظة. لن نعلن صفارة تحذير لكل أصدقاء أميركا من ملوك ورؤساء لأنهم لن ينجو أي واحد منهم بفعلته من غضب الجماهير، وعليهم أن يجدوا الحلول لما ارتكبوه بحق شعوبهم من الجرائم. وإذا لم يفعلوا فحسابهم آتٍ بلا ريب. ولكننا نتوقَّف هنا عند الحرص الذي أبدته إدارة أوباما على الديموقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية لنستغرب ونتساءل: لماذا كل هذا الحرص الآن، ولماذا ذرف كل تلك الدموع على الديموقراطية؟ فهل غياب الديموقراطية في أنظمة أصدقاء أميركا كانت مقبولة طالما كان غيابها يدر لبناً وعسلاً على خزائن إمبراطور أميركا ورأسمالييها؟ كما نتساءل: ما هي أسباب الغيرة على مصالح الجماهير العربية الثائرة التي أبدتها إدارة أوباما؟ خاصة وأننا ذُهلنا عندما نزل أوباما ووزيرة خارجيته إلى شوارع تونس ليشبكا أيديهما مع المتظاهرين، ويعلنا الاعتصام مع ثوار ميدان التحرير في القاهرة، وكأنهما أصبحا من قادة الثورة خاصة أن حماسهما كاد يفوق حماس الثوار بدعوة مبارك للاستقالة، والتسريع بعملية تداول السلطة. وإذا كنا لن نوجه التحذير لدهاقنة النظام الرسمي العربي وكل الطفيليات التي تحيط به، والتي كانت تمتص دم الشعب وتسرق رغيفه وتصادر حقه بحرية التعبير والتظاهر وتأسيس الأحزاب، فلأن على كل نفس ما كسبت. وإنما نتوجه بخطابنا إلى أبناء الشعب العربي الذين اكتووا بنار الجوع والمرض والبطالة لنوجِّه الأنظار والأسماع إلى مواقف أوباما وحزنه ودموعه المنسكبة على الديموقراطية، لنقول: عندما ترى رئيس أميركا يذرف دموعه فلا يجوز أن تخدعك، فالخداع هو رأسمال الرأسمالية، بل أنظر إلى السكين التي بين يديه ليذبح الديموقراطية ويسحلها في شوارع الوطن العربي. إن الأمثلة عن خداع أوباما لا تزال حيَّة تُرزق، في العراق وفلسطين والسودان ولبنان... إن بكاء أوباما على الديموقراطية كذب وخداع ورياء. إن لديموقراطية أوباما معانٍ ومفاهيم لا تقل عن أنها مفهوم حق يُراد به باطل. إنها ديموقراطية رأس المال الذي لا يرى حقوق الإنسان إلاَّ بمنظار مصالحه. ألم تنظروا إلى أن ديموقراطيته في العراق المحتل أردت أكثر من مليون شهيد وخمسة ملايين مهجر في وطنه وخارج وطنه. ديموقراطية أوباما هي ذاتها ديموقراطية بوش وكلينتون وريغن، بالتحضير للعدوان على العراق وتدميره وإعادته إلى ما قبل العصر الحجري، وغرس أدواته من اللصوص والخونة ليمتصوا ليس آخر قطرة من نفط العراق فحسب، بل ليمتصوا آخر قطرة من دماء العراقيين أيضاً. ديموقراطية أوباما في مصر وتونس، وكل أقطار الوطن العربي هي حق الأنظمة الموالية له بالسرقة والنهب وتكديس الثروات. لكل ذلك لا يفوتنا القول بأنه إذا رأيت أوباما يبكي على غياب الديموقراطية في تونس ومصر، فلا تنظر إلى عيونه بل أنظر إلى السكين التي ينحر فيها الديموقراطية في كل أرض تطأوها مصالحه. لذا وإذا أراد الشعب أن يستجيب له القدر عليه أن يجتثَّ مصالح أميركا أولاً ليضمن نجاح ثورته ضد أنظمة الاستبداد والقهر الاجتماعي.




الثلاثاء١٢ ÑÈíÚ ÇáÇæá ١٤٣٢ ۞۞۞ ١٥ / ÔÈÜÜÇØ / ٢٠١١


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق حسن خليل غريب طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان