كامراة عربية ، متخصصة بعلم الصيدله والكيمياء ، لاشك اني امتلك الكثير من المعرفة والافكار التي تتجسد في تساؤلات او حتى رؤى ، غير واضح بعضها في ذهني ، فانا وان كنت متعلمة لاازعم ابدا اني مثقفة ولا امتلك الادوات الثقافية التي تمكنني من تجسيد تساؤلاتي بمقالة او كتاب ، او لعلني لم احاول هذا يوما قبل الان ، عندما تعني الثقافة امتلاك المعرفة الكافية التي تمنح الانسان القدرة على ادراك الحقائق وتفسيرها . لكني كمتعلمة لاشك اني امتلك ايضا الكثير من المقدمات المعرفية لتبين الغث من السمين مما يطرحه من يدعي انه جزء من النخبة الثقافية العربية . من فهمي المحدود لامكاناتي ، وما تعنيه الثقافة في تعريفها العلمي ، احمل عادة تساؤلاتي ، وما امتلك من مقدمات معرفية ، للبحث عن اجابات مقنعة بين تجمعات المثقفين ، وملتقياتهم الكثيرة في لندن . واركز على تجمعين يشداني احيانا اكثر من غيرهما ، بما يصلني من اعلانات عن نشاطاتهما . هما الملتقى الثقافي العربي ،ونادي حديث الامة . وكانت صدمة ، ان اجد الغرور في الملتقى العربي ، يصل بمدير الجلسة الى حد يتصور نفسه وكانه الخليفة الحاكم بامر الله ، الذي يفرض على الحضور طبيعة ما يطرحون من الاسئلة ، وكيف يجب ان يسالوا وما هو مسموح ، اوممنوع من الاسئلة . دكتاتورية بدون عرش او كرسي حكم ، تعكس مشاعر قمعية دفينة في من يدعي الثقافة او يتبنى نشرها وتعميمها . ففي حلقة الجمعة ، قدم الملتقى الدكتور احمد الفقيه كمحاضر عما جرى في تونس من احداث وثورة شعبية ،ورغم دهشتي من اين جاءت هذه القدرة لقاص ، متخصص باللغة العربية ، على التصدي لتحليل قضايا سياسية ، لاشك انها شائكة ، كما هي الثورة الشعبية التونسية التي فاجئت العالم بانطلاقتها ، وشدتها ، بحيث يصعب على اكثر السياسيين قدرة على التحليل من ان يتحدث عن اسبابها ومجريات احداثها ونتائجها ، الا ما عرض في محطات التلفزيون ، ولا احد يستطيع القول انه افضل من غيره في فهم ما قدمته الفضائيات . مع ذلك قلت لنفسي ، لانتظر واسمع من يدري قد يرى مؤلف القصص ما لم يتضح من الصور لغيره . بدا المحاضر كغيره من المحللين الذين تكاثروا علينا هذه الايام ليمعنوا نمو الوعي السليم ،او يشاركوا في تضييعنا ، بتكرار ما سمعه وسمعناه من الفضائيات ، ثم انطلق ، بخيال اقرب لبناء القصة منه للواقع الى نتيجة ان اميركا هي من تنصب الدكتاتوريات في الوطن العربي ، وهي من تعزلهم متى تشاء ، مثل ابن علي ، عندما وجدت اميركا ان الدور المكلف به ابن علي انتهى اتصلت به تلفونيا ، وطلبت منه ان يترك المنصب .واردف قائلا الا ان الوطنين في العراق لم يستطيعوا ازاحة الدكتاتور الا بمساعدة القوى الخارجيه,وقد خسرت امريكا ما يقدر 4500 جندي لكي تخلص العراق من صدام ، وكانه يلوم هؤلاء العملاء المحليين ، لماذا تضطروا اميركا لان تخسر ابنائها ، ولم تتولوا الامر بنقسكم . تحليلا اثار في نفسي الاسى، هل يعقل لمثقف عربي ان يصدق بان امريكا جاءت من اجل شعب العراق ,اي هراء يتحدث به هذا ، وباعتبار جنسية المحاضر الليبية ، واميركا تعتبر ان القذافي دكتاتور ايضا ، فهل يعني انها هي التي نصبته . وهل ينصح المحاضر وطنيوا ليبيا بالاتصال بقوة خارجيه لازاحته ظل السؤال يدور في عقلي ويضغط الى ان انطلق سؤالا للمحاضر . اغرب ما حصل ان سؤالي ازعج كثيرا مدير الندوة الذي قال ممنوع طرح هكذا اسئلة ، كيف ممنوع ، ولماذا ، لاحظت ان عيون مدير الندوة كانت تلتفت الى الموظف المسؤول عن ادارة قاعة دار السلام ، ومسؤول القاعة بنظرة مسلطة على مدير الندوة ، لاشك كان يحثه على عدم السماح بالاجابة على سؤالي ومنعي من تكرار هكذا اسئلة . عند الحاحي بالسؤال ، وعرض دهشتي عن الاسباب التي تمنع المحاضر من ان يوضح افكاره ، اجاب الدكتور رمضان انه يرفض تتحول الندوة الى ندوة سياسية . منطق غريب ، وكأن الحديث عن الثورة التونسية هو حديث عن الفرق بين الاساليب السردية في بناء القصة القصيرة ، اوطبيعة الحدث السردي بين القصة القصيرة والقصة الطويلة ، او حديث عن الفرق بين فوائد البتنجان والليمون ،. فهو ليس سياسة . ان اصرار مدير الندوة دفعني لان اترك القاعة احتجاجا . لاكتشف اليوم الاسباب التي دفعت المحاضر ان يحشر حشرا اسم الرئيس صدام ، كما دفعت مدير الندوة يصر على منعي من السؤال . اولا : اكتشفت ان القاعة هي بالاصل تعود للسيد حسين الصدر ، نفس الرجل الذي حضى بشرف تقبيل بريمر في كتفه شكرا على تدمير العراق ، وفاز بصورة نشرها بريمر في مذكراته على مائدة طعام اللئام التي اقامها هذا المتلبس باسم الحسين كفرا وزورا . كما كوفؤا بنصف صفحة من المديح في مذكرا ت عميد اليمين المسيحي المتطرف ، المنتدب لتخريب العراق . ولاادري هل يمكن ان اعفيه من شبهة الاستفادة من هدايا واموال بريمر ، في فتح هذه القاعة وهذا المكتب . الذي يبدو انه اقيم في لندن لخدمة الاسلام والمسلمين بدلا من ان يبنى بتكاليفه مستوصفا او مستشفى لرعاية ابناء الاسلام من العراقيين الذين يموت منهم يوميا بالمئات بسبب نقص الخدمات الطبية . الامر الذي فسر لي معنى ان يركز مدير الندوة الدكتور رمضان نظراته على المسؤول عن القاعة بانتظار التعليمات منه .لكن التساؤل الجديد الذي حيرني ، كيف يرتضي ملتقي ثقافي عربي ، يدعي مؤسسيه الانتماء للتيار القومي العربي ، ان يعقدوا ندواتهم في قاعة بنيت وتاسست على حساب دماء شعبنا العربي في العراق ، وعلى حساب استقلاله وهويته العربية ، والاف بل الملايين من ارواح ابناءه . يبدو ان ثمن الاجتماع واللقاء المجاني في القاعة هو ان يساهم الملتقى ودار السلام وبالتعاون لتخريب العقل العربي كما خطط صاحب راس المال الذي قدمه لهم ، ليقيموا هكذا منتديات في لندن . والا اليس الفقراء العراق كانوا الاولى بالاستفادة من هذه الاموال التي تهدر في مثل هكذا نشاطات ، لمن خلص ولاءه للاسلام فعلا ..!؟ . التساؤل الاخر الذي حيرني ، هو اذا كان هذا هو حال من يدعوا انهم يمثلون نخبة المثقفين ، هل يمكن ان نلوم المواطن العادي اذا تقاعس عن الدفاع عن حقوقه في الحياة الحرة الكريمة . ان هكذا ثقافة انتهازية ، نفعية ، لاشك ستروج للهزيمة والتراجع . الامر الاغرب ، كما سمعت ممن بقي في القاعة ، شهادات الزور ، والانتهازية التي عرضها بعض الحضور ، في اني كنت اريد ان احور الموضوع وانقل الحديث من تونس الى العراق . كان الله بعونك يا وطني