ثمة معجزة ربانية في خلق الإبل أوردها الله سبحانه في القرآن المجيد يعرفها كل مسلمو الأرض في قوله تعالى: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبْل كَيْفَ خُلِقَتْ) (الغاشية:17). وارتبط الجمل بجهل العرب وتخلفهم في عقل الإنسان الغربي الذي تحضّر وتطوّر وترفّه بنفط العرب وثرواتهم وخيراتهم وبمرتكزات العلوم التي ابتكرها العرب في الطب والرياضيات والفيزياء عموما، وعلم الفلك خصوصا، والكيمياء التي أبدعها عقل ابن حيان وقبله الإمام الصادق عليه السلام، وقبل هذا وذاك في ابتكار أدوات الحراثة والسدود وأدوات الفخار والحرف الأول والعجلة الأولى. الإنسان الغربي لا يفقه علاقة الإنسان العربي بمعجزة خلق الإبل ولم يفكر ولن يفكر بها قط، لكنه قد يعيد النظر الآن بتجاهله الأزلي البليد هذا بعد أن تابع الاستخدام المبتكر للجمال من قبل حاكم مصر الذي صفّق له الغرب المتصهين لأكثر من ثلاثين عام, في ميدان تحرير مصر وضد ثوارها. وفي ذاتنا البدوية عرفنا الجمل الذكر على انه يحمل حياءا عجيبا لا يحمله أي حيوان آخر بما في ذلك بعض نماذج الإنسان المتحضر الذي يمتهن صناعة اللواط أو أفلام الإباحة القذرة، وعرفنا الإبل عموما بأنها سفن الصحراء تحمل الذهب وتأكل الشوك وتسافر زمنا طويلا وعلى ظهرها كل أشكال الأحمال بما فيها الإنسان دون أن تضنك أو تجزع بما حملت، بل تعانق صبرا جميلا ضربت به الأمثال وغازلها الشاعر العربي بقصائد رائعة المفردات والصور من بينها حين قال: كالعيس في البيداء يقتلها الضما والماء فوق ظهورها محمول. نحن نعتز أيما اعتزاز بالبعير والناقة ونعشق حليبها واستخدمناها في سوح التسابق وتذوقنا لحمها لذيذا متفرد الطعم، غير إننا لم نعرفها كسلاح تدمير جمعي إلا بابتكار جديد سجّله حسني مبارك وجلاوزته براءة اختراع في ميدان التحرير بمصر الثائرة. لأول مرة في تأريخ الكون تستخدم الإبل لقتل الناس سحقا بالقوائم لأنهم يتظاهرون بصدور عارية ضد مظاهر وممارسات أهانت إنسانيتهم و أهانت جنسهم البشري وعرقهم ودينهم وعلى مدى ثلاثين عاما من قبل حسني ونظامه. مواطنون مصريون تحملوا قرف حسني ونظامه واستحملوا إمعانه في تجويعهم والمتاجرة بإنسانيتهم في دهاليز إسطبلات داوود وصبروا على مشاركته قتل إخوتهم في فلسطين والعراق وعلى مشاركته السافرة في احتلال العراق من قبل أميركا وإيران والكيان الصهيوني، يبتكر حسني وجلاوزته وسيلة قتل ما خطرت على بال والديّ الشيطان ولا على بال الشيطان ولا على بال أبناء الشيطان مذ عرفت الإنسانية نموذج الشيطان، وتنفذ باستخدام حوافر الجمال وثقل وزنها لتمزيق البطون الجائعة والضمائر الملتاعة والنفوس اليائسة. وبدا لنا إن هذه الجمال قد تم تسمينها بشكل خاص وأعدت إعدادا مسبقا من سنوات خلت لهذا اليوم الذي يبدوا إن حسني مبارك وأوغاده كانوا على يقين بأنه قادم لا ريب فيه. أي أنهم كانوا يقيمون إسطبلات للجمال ليسحقوا بها جماجم الثوار. حسني مبارك يريد أن يرحل بكرامه .. هكذا قال رفاقه في كامب ديفيد وعاصفة الصحراء وحرب احتلال العراق وتجويع غزة بعد سلسلة حروب أبادت أهلها, هكذا قال رفاقه في مباحثات الاستسلام التي نعرف إنها بدأت قبل أكثر من أربعين عاما ولكننا لا نعرف قطعا متى ستنتهي ولا ما ذا سيجني منها المتباحثون سوى ما عرفنا من سحق لكرامتنا وإذلال لوجودنا وتنزيل لهيبتنا وتوطين لعدونا في أرضنا وعلى صدر مقدساتنا.. يريدوه أن يرحل بكرامة وطريق هذه الكرامة عجلات مصفحة تسحق شبابنا وخيول وجمال تنزل من المجهول تسحق أولادنا وبناتنا في ميدان التحرير في القاهرة. أية كرامة هذه وأية رئاسة هذه التي تمنح حتى كلاب الدنيا حق الصراخ بوجه حسني أن ارحل وأوقف نزف الدم وانهيار الوطن وطغيان البلطجة والنهب والسلب الذي يقوم به أعوان القاتل السفاح المجرم ليحملوه معهم متاعا في ملاجئهم القادمة؟. هل كرامة رحيل العجوز الخرف تتم بقتل شعب حر كريم حمله كما قذى العين كل هذه السنين؟. انه خرف لا يفقه الفرق بين أن يغادر بكرامة بناءا على يأس شعبه من أي خير يرتجى منه وبين أن يغادر بكرامة هي في حقيقتها تفريغ مكونات الحقد والكراهية للناس الأبرياء التي لا تملك غير صوت الرفض. لقد تجنب رفاق حسني في مؤسستي الأمن والجيش استخدام الدبابات في سحق المتظاهرين من ثوار مصر الأبطال قدر المستطاع لكي يبرهنوا إنهم متحضرون غير أنهم أصدروا براءة اختراع جديدة وسجلوها في مكاتب التسجيل في تل أبيب أهم ادعاءاتها العلمية هو استخدام الخيول والإبل كوسيلة متخلفة في القتل الجماعي لإثبات الصيرورة المتحضرة. ألا سحقا للطاعون الذي سمم جسد الأمة وأذل شعب مصر العزيز وأخرج فعلها العروبي المشهود إلى دوائر الخنوع بحجة إن مصر لا تقوى على القتال وان همها الأول والأخير هو أن تشبع شعبها.. و يا لخيبة الادعاء فلا مصر قاتلت بشرف ولا شبع شعبها أبدا، بل على العكس عاش مع متزامنتي الفقر والمهانة. aarabnation@yahoo.com