أخيرا ظهر الرئيس المصري إلى الشعب في خطاب لم يقنع البسطاء منهم والأكثر من ذلك تجرأ على الشعب وهدد بالمزيد من الإجراءات التعسفية لإخماد ثورة الشعب المصري وشبابه الذين ضيقوا الدنيا على مبارك وزبانيته ,الشباب الذي رفض كل الوعود ولن يقبل إلا برحيل مبارك .إن ماجرى ويجري في مصر العرب تعبير عن إرادة شعبية عارمة تسعى للتغيير الجذري والخلاص من الحكم البوليسي الذي حكم مصر مدة ثلاثين عاما بالنار والحديد ,ورمت بالشباب في الشوارع والهجرة الى بلدان اخرى طلبا للعيش بامان او جمع رزق عوائلهم التي لا تملك قوة يومها ,وغادرة مصر أفضل الكفاءات العلمية لتسخر لصالح الأجنبي في حين ان الوطن بأمس الحاجة لهم ,ونحن هنا لسنا بصدد تقديم النصح للأشقاء المصريين ولكن انتمائنا العربي وحبنا لمصر يفرض علينا ان نقول بحق المصريين ما يستحقون ونتمنى ما يتمنون في الخلاص من الدكتاتورية والعيش بسلام وكرامة . لقد رفض شعب مصر وفي المقدمة منهم قواه الوطنية والقومية والإسلامية سياسة النظام الذي حكم مصر اكثر من ثلاثين عام..لم يقدم فيه لشعب مصر ما يستحق وما قدم هذا الشعب من تضحيات ,من اجل وطنه وأمته .لقد أذل هذا النظام شعب مصر وأذاقه الهوان ,خنق الحريات واستهتر بارادة الشعب ومطالبه المشروعة في حياة كريمة ..وليس ببعيد عن الثورة التونسية خرج أبو الغيط وزير خارجية حسني مبارك وهو يستهين بارادة الشعب ليقول ان مصر ونظام مصر بحالة مستقرة ولا يمكن مقارنة ذلك بما حدث في تونس واستكثر هذا الوزير على شعب مصر ان يفجر ثورته بوجه الطغاة ويظل مستكين وقابل للأمر الواقع .وبعد ان فرضت الثورة نفسها ونفجر الشارع المصري .غاب عن الأنظار ابو الغيط ورئيسه .كانوا ينتظرون من شرطتهم ومخابراتهم ان تقمع الشعب الثائر وتخمد الثورة الشعبية .ولم تجري الرياح بما يشتهون فكان الرد هو تصعيد سقف المطالب من قبل الشعب الذي رفع شعارات لا نقبل الا برحيل الحاكم وكل من حوله .وفي سيناريو معروف ومكشوف قام حسني مبارك بحل الحكومة عسى إن يهدءا من الموقف والحق قراره هذا بتعيين عمر سليمان نائب للرئيس واحمد شفيق رئيس للوزراء .وقد أدرك شعب مصر اللعبة وان محاولات مبارك هذه لن تجدي النظام المتهالك والمهزوم نفعا . فكان الرد سريعا من الشارع المصري الثائر لن نقبل إلا برحيل النظام وكل رموزه ووجوهه,وان شعب مصر الذي خرج بالملايين وقدم الشهداء على طريق الحرية يرفض ان يستهان به بهذه الطريقة الفجة والمتغطرسة ولا خلاص لمصر الا برحيل هذا النظام .وهنا لابد من القول ان ديمومة زخم الثورة وانتصارها مرهون بتوحيد الإرادات الثائرة وحسن التوجيه للشارع المصري وهذا ما يجب ان تضطلع به القوى السياسية بكل توجهاتها . وهنا لابد أيضا من ان نذكر الأشقاء في مصر ان هناك من يريد ان يسرق ثورتكم ومن يريد ان يركب الموجة وهو لا يرتقي الا حجم تضحيات أبناءكم حذاري من هؤلاء . وحذاري من ان يفت من عضدكم الآخرين المتباكين على مبارك من حكام إقليميين وفي العالم والذين يريدون تشويه ثورتكم وأهدافها ,فهؤلاء يريدون لشعب مصر ان يرزخ تحت حكم الطاغية لانه صاغر لهم ومتكبر ومتجبر على شعبه حذاري من المتزلفين والانتهازيين ولا تفرطوا بدماء أبناءكم .ان شعب مصر العروبة والاسلام والحضارة يستحق منا نحن العرب كل التقدير والاحترام وتظلون ايها المصريون امل العرب في قضاياهم الكبرى .