كانت ايام عاشوراء الاولى على الابواب , عندما ذهب وفد من وجهاء وعقلاء وسادة لواء كربلاء "يوم كانت النجف ضمن اللواء" , الى الزعيم عبدالكريم قاسم يقدمون له التهنئة بنجاح الثورة . مؤكدين له بأنهم سوف لن يقيموا مراسيم العزاء . ولا يسمحون بأستقبال المواكب القادمة الى اللواء لأحياء ذكرى استشهاد الحسين عليه السلام . وذلك تضامنا من العشائر العربية في هذا اللواء مع الثورة وخوفا من ان يستغل الاعداء هذه المواكب. أيام كانت للعشائر العربية النقية كلمتها العليا في هذا اللواء . ولا كلمة لملالي ايران وقتذاك ولا سطوة لها على مرجعية النجف العروبية. يعني هذا بالامكان ايقاف الشعائر كل الشعائر, عندما يحدق بالوطن خطر ما . ولا قدسية البتة لهذه المظاهر خلافا لما يرى البعض انها خط أحمر لايمكن المساس به. أذن .. من وراء تكثيف مثل هذه المناسبات الدينية؟ , التي اصبحت سمة المجتمع العراقي على مدار السنة . حتى أصبحنا نبز ايران موطن هذه المناسبات بأقامة هذه الشعائر. اللافت للنظر أن هذه الشعائر المستوردة , شعائر حزن ولطم وعويل. ولاتضيف للمواطن أي مظهر حضاري ولا تمده بأسباب المعرفة والثقافة. أي لم يحدث أن تم الاحتفال يوما ما بمولد سيدنا الرسول الكريم . بل وفاته هي المناسبة التي تؤجج . ويسميها العامة "توفاة النبي" . ماذا لو أحتفلنا بمولد أمير شهداء الجنة , سيدنا الامام الحسين عليه السلام . بدلا من اللطم عليه على مدى أربعين يوما من كل سنة. لكان أستذكارا لمناقب ثورته العظيمة على الظلم والتعسف والجور. * * * أن الملصق الذي يعلق في ذهني منذ أكثر من عشرين عاما يوم ان غادرت الوطن, هو الملصق الموجود في كل أضرحة العتبات المقدسة. لو ألقى أي مواطن عراقي يوم ان يزور هذه العتبات نظرة الى هذا الملصق, لوجد في الذيل عبارة "طبع في ايران" . وجال بنظره في المنشور , لوجد بأنه يذكر أهل البيت الكرام ابتداء من الرسول الكريم الى آخر أمام من كوكبة هذا البيت الطاهر, وقد كتبت أمامه عبارة قتل أو مات . حتى الرسول الكريم يذكر الملصق عبارة " مات مقتولا بالسم" . أذكر أن معرفتي ومنذ الصغر بأن الرسول الكريم توفي بالحمى الشديدة. ألا ان الفرس أستندوا الى رواية أن اليهود دسوا للرسول الكريم السم . مات على اثرها بسنتين. تصوروا أن أنسانا يتجرع سما لايموت به الا بعد سنتين؟. هذا الملصق يكشف لنا بأن الفرس , لصقوا بمسيرة الاسلام كلها الجانب الدموي. حتى انك تجد عبارة " قتله المجرم هرون الرشيد" , أمام أسم الامام موسى الكاظم عليه السلام. أتمنى من يقرأ مقالتي هذه ان يشد الرحال الى العتبات المقدسة , ويلقي نظرة على هذا الملصق الايراني الموجود منذ ظهور الطباعة وفنونها . ملصق خبيث لم ينتبه له أي نظام من الانظمة التي تعاقبت على حكم العراق. * * * هذه هي ثقافة الفرس , صدروا لنا مواسم العزاء واللطم والنحيب , بدلا من مواسم الفرح والسعادة والابتهاج . وبعد الغزو الانجلو امريكي ايراني للعراق , أوعزوا الى أمراء الطوائف بأن يكثفوا حملات المواكب الحسينية . ومراسيم اللطم والنحيب وزج الرؤوس والصدور بالادوات الحادة , على أساس جلد الذات. ذات العراقيين قتلة سيدنا الحسين عليه السلام . وهذا ما صرح به خامئني يوما , لوفد من أمراء الطوائف بطهران قائلا لهم " أنتم قتلتم الحسين وأنتم قتلتم أولادنا في حرب السنوات الثماني وجاء دورنا لننتقم منكم " . ألا يفسر قتل البسطاء بهذه الوحشية خلال مسيرات المواكب الحسينية , سواء بهذه الأسلحة البيضاء او بتسليط الارهابيين لقتل البسطاء والابرياء . عن طريق السيارات المفخخة أوبالانتحاريين المجرمين , بأن يد خامئني حاضرة في هذه الجريمة ؟. ينتقم ممن هذا الحاقد الفارسي ؟. فهو يستخدم الحسين عليه السلام حجة واهية , أذن هو ينتقم من أبناء الجيش العراقي الذي كان يضم جله عرب الجنوب والفرات الاوسط , على أساس أنهم كانوا وراء انتصارات هذا الجيش . وألحاق الهزيمة بفلول جيش الفرس. فخامئني وأذنابه من امراء الطوائف , وراء هذا التكثيف في أذكاء مناسبات العزاء واللطم , لا لشيئ الا للترهيب بعلو كعبهم في عراق اليوم . ومن ان هذه المسيرا ت المليونية ستبقى الى اليوم الذي يتحول فيه العراق , الى دولة ملالي وشعب غيبيات. أنذاك لاتقوم له قائمة , فيفر منه المثقفون والعلماء والمبدعون والخلاقون. ليتركوه لقمة سائغة لهذه النخبة المتخفلة والمتعفنة. وهذا مايتمناه الاعداء كل الاعداء وخاصة الخبثاء الثلاثة ايران واسرائيل ومشيخة الكويت. * * * أن أستمرار توقف الحياة جراء العطلات القسرية غير الرسميه , هو تدميرللوطن بما لايسمح لاحقا بأقامة دولة مدنية عصرية مثقفة . * * * سنجني ثمار هذه العطلات الدينية القسرية غير الرسمية , بمزيد من تأخر العملية التربوية . وتكاد هذه العطلات ان تحاكي "الزحف الدراسي" الشهير بتخلف أتخاذه , عندما قامت قيادة ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 , بتزحيف كل طلبة المراحل الدراسات المتوسطة والاعدادية الى سنة متقدمة . "كمكرمة ابتهاج ذات نوايا طيبة" . وأذكر أن طالبا من طلبة الثانوية الجعفرية بالعبخانة , حصل على شهادة بكالوريا الاعدادية , لمجرد انه دفع القسط الاول من رسوم الالتحاق بالمدرسة, وهو لما يجلس على مقعد الصف الخامس الاعدادي. وماذا كانت النتائج التي ترتبت على هذه الخطوة ؟. سوى تأخر في العملية التربوية. ظل العراق يشكو منها أكثر من عقد من الزمن . ونهشت من مصداقية التعليم أمام كثير من الجامعات الاوروبية والامريكية وقتذاك. أذا كانت خطوة الزحف هذه , كلفتنا ترديا تعليميا دام عقدا من الزمن؟. فماذا نقول عن العطلات الدينية القسرية غير الرسمية ؟ أكيد بأنها ستعيد العملية التربوية الى زمن ملالي الكتاتيب.