مقدمة في هذا الموضوع سأتناول تأريخ الشعب الذي قام بالأنتفاضة العارمة التي اطاحت بحكومة خريج الكلية الامنية التابعة للمخابرات الأمريكية ال ( سي آي أي ) ومهدت له امريكيا والكيان الصهيوني الطريق للقيام بالأنقلاب على الرئيس السابق الحبيب بورقيبة انتقاماً منه لقبوله إستضافة الجامعة العربية في تونس إثر دعوة العراق لنقل مقرها من القاهرة الى أي بلد عربي آخر عندما أعترف انور السادات بالكيان الصهيوني وإقر بأن تكون القدس العاصمة الأبدية لهذا الكيان المسخ . ولتحول موقف الحبيب بورقيبة الايجابي من القضية الفلسطينية , خصوصاً في ما يتعلق بالكفاح المسلح لتحرير فلسطين , بعد أن كان يرفع شعار التحرير عن طريق العمل الدبلوماسي من خلال الامم المتحدة ومنظماتها ومع دول العالم كل على انفراد. لقد كان شعبنا العربي في تونس ثائراً . وقد حصل على استقلاله بثورته على الاحتلال الفرنسي , وتسلم الحكم بعد هذه الثورة الحبيب بورقيبة الذي كان يعتز بانتسابه الكنعاني وبان شعبه يفتخر بقائده التأريخي ( حنّى بعل ) , والذي يسميه المؤرخون الاوربيون ( هانيبال ) , لعدم مقدرة لسانهم تلفض حرفي الحاء والعين .... و من عجز اللسان الاوربي من تلفض الحرف العربي فإن الاختصارات للاسماء التأريخية التي اعتادوا عليها فقد تحولت كلمة بني كنعان الى ( بنك ) ومع مرور الزمن اصبح لفض هذه الكلمة ( فنك ) . وهكذا ؛ وبسبب تصرف المؤرخ الاوربي بالكلمة العربية , فقد نقلوا للمتبع للتأريخ حقائق مغلوطة أو غير موجودة أساساً . ومن هذا التوضيح يذهب الالتباس ويعود اسم الفينيقيين الى اصله الكنعاني ....... الكنعانيون سادة البحر الابيض المتوسط كانت إحدى الموجات العربية التي هاجرت من الجزيرة العربية الى ارض الشام منذ ما يقرب من خمسة آلاف عام , هم الكنعانيون الذين سكنوا ارض فلسطين والذين اسموهم اصحاب النبي موسى عليه السلام , والذين عبروا معه الى سيناء تخلصاً من ظلم فرعون ب ( القوم الجبارين ), عندما طلب منهم النبي عليه السلام ان يتركوا سيناء ويدخلوا ارض فلسطين , كما جاء ذلك في القرآن الكريم . امتاز الكنعانيون باختيار بناء مدنهم وسكنهم على السواحل الشرقية للبحر الابيض المتوسط , ولذلك فقد كانوا من الأوائل الذين سيطرواعلى البحر وبنوا قوتهم على هذا الاساس . وكباقي الاقوام التي سكنت الشام ( وكلهم من الهجرات التي جاءت من الجزيرة العربية بسبب الجفاف الذي أصابها ) فقد عبدوا الإله ( بعل ) , وهو الإله الذي اشتهر اهل الشام بعبادته , قبل أن يعتنقوا الاديان السماوية التي دعى لها ابو الانبياء ابراهيم الخليل بعد هجرته من أور الكلدانيين في العراق الى أرض حران في الشام يدعو للاسلام الحنيف . ومن خلال سيطرتهم البحرية هذه ؛ كونوا لهم اسطول بحري يهابه الغرب ممثلاً بالامبراطورية الرومانية , خصوصاٌ بعد ان سيطروا على سواحل البحر الابيض المتوسط لشمال القارة الافريقية , واسسوا لهم دولة مهابة في تونس , واتخذوا من مدينة ( قرطاج ) الحالية عاصمة لهم . وفي عهد ملكها ( حنّى بعل ) , والذي يسمونه في الغرب هانيبال قرر هذا الملك أن يحتل روما ويخلص العالم من طغيانها , وبالاخص طغيانها على ابناء عمومته في الشام . فحاصرها بحراً من الجنوب , وعبر بجيوشه البرية مضيق جبل طارق , ثم اجتاز سلسلتي جيال اليرنس والألب ومنها اتجه نحو روما وحاصرها من البر , ولكنه لم يفلح بسبب ما أصاب قطعاته البرية من الإرهاق نتيجة لطول المسافة ووعورة الارض التي قطعتها ...... وخلال الفتح الاسلامي كان الشعب التونسي من المبادرين في بناء مساجد العبادة , كما ساهموا وبشكل فعال مع كل العرب المسلمين في شمال افريقبا في نشر الدعوة الاسلامية في الاندلس , وفي تأسيس الدولة الاموية فيها .... وبعد خروج العرب المسلمين من اسبانية بقوة وقساوة محاكم التفتيش ودمويتها , تلك المحاكم التي قادتها الكنيسة في اسبانيه , كانت مدينة قرطاج مركزاً مهماً في دعم الثوار العرب المسلمين داخل اسبانية ومدّهم بالسلاح لمقاتلة جيشي فرديناند ملك اسبانيا وإيزابلا ( ملكة البرتغال) الذين تزوجا من اجل توحيد جيشيهما للقضاء على ثوار المسلمين . كما أصبحت قرطاج ملجأً لهؤلاء الثوار حينما يُضيّق عليهم الحصار في داخل اسبانيا . كما أصبحت قرطاج من مراكز انطلاق ( ثوار البحر العرب ) في البحر الابيض المتوسط وفي صد هجمات اولى غزوات الاستعمار الاوربي الذي تمثلت في هجمات الاسطول البرتغالي للسواحل العربية في هذا البحر . وقد شوه الكتاب والمؤرخين الصهاينة سمعة هؤلاء الثوار باعتبارهم قراصنة البحر , تماماً كما تسمي امريكا اليوم معارضيها ومعارضي عملاءها في الصومال بالقراصنة , لتؤلب عليهم الدول المستفيدة من استعمال مضيق باب المندب في تجارتها الدولية .... ومن نافلة القول ؛ أن الصفويين في إيران, في عهد السلطان اسماعيل الصفوي , قد اتفقوا مع البرتغاليين في أمر مساعدتهم لأنهم كانوا منذ تلك الايام يتطلعون بأن تكون لإيران إطلالة على البحر المتوسط , ومما قام به الصفويون في هذا المجال , أنهم ساعدوا البرتغاليين في احتلال السواحل الشرقية للخليج العربي وبعض الجزر فيه , بعد أن التف البرتغاليون عبر رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا ........ لقد ذكرت هذه النبذة المختصرة عن عراقة شعب تونس وأصالته العربية وعلاقته التأريخية بفلسطين لكي لا يكون المطلع العربي أسير الضبابية التي يفرضها الصهاينة حول هذا الموضوع , ولأبين ثورية هذا الشعب التي جسدها شاعر تونس الثوري ( أبو القاسم الشابي ) ؛ إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحُفر الخاتمة إن الصهيونية العالمية والكيان الصهيوني يعرفون هذا الامر ويحاولون توجيه كُتّابهم والمؤرخين الغربيين بالتأكيد على وجود قوم وهميون إسموهم الفينيقيون ليصرفوا نظر العالم عن حقيقة الكنعانيين الذين يستحقون النضال ضد الوجود الصهيوني الغريب عن أرضهم العربية . ومن المؤسف أن أذكر هنا ما يذكره بعض المتفيقهين من الكُتّاب والمؤرخين ( العلمانيين ) العرب عما تريده منهم الصهيونية حول هذا الشأن , فيرددون مايريده منهم الكيان الصهيوني ليصرفوا نظر هذا الشعب العربي العظيم عن دوره في تحرير فلسطين . ولابد أن نشير هنا الى ضرورة الحذر من أن تدس إيران أنفها في الإنتفاضة الاخيرة لشعبنا العربي في تونس من خلال عملاءها في المنطقة وبالاخص منهم حزب الشيطان في لبنان ليمهدوا السبل في ان يكون لإيران موضع قدم سياسي في السواحل الشماليه لأفريقيا والمطلة على البحر الابيض المتوسط .... والله من وراء القصد ........