يسجل التاريخ العربي الحديث للمشير عبدالرحمن سوار الذهب سابقة متفردة , فبعد ان سلم عسكريو انتفاضة ابريل عام 1985 رئاسة الدولة له , يعود ليسلم السلطة بعد عام فقط الى حكومة مدنية منتخبة في السودان. فيما سيسجل التاريخ لزين العابدين بن على , كأول رئيس عربي يخلعه شعب , في انتفاضة مجيدة رائعة قادها الشعب التونسي منفردا. يبقى السؤال الذي سيستغرب منه القارئ , عندما يتفاجأ بأن شعبنا العظيم ليس بمقدوره محاكاة انتفاضة الشعب التونسي البتة . أذ ليس بين أمراء الطوائف في دولة العراق , من هو بأنسانية ونزاهة سوار الذهب . بدليل ان نوري المالكي القابض على رقاب شعبنا خمس سنوات رهيبات قاسيات, يرفض ان يسلم السلطة الى الفائزين والمستحقين لها . ليتعاون مع الشيطان ويعود ثانية ليجثم على رقابنا أربع سنوات قادمات ستكون الأقسى . كما أن نوري المالكي ليس بمقدوره ان يترك السلطة طواعية , مادام الشيطان هو من نصبه علينا بالقوة . * * * أعود الى أسباب تشككي من قدرة شعبنا , على القيام بأنتفاضة تحاكي انتفاضة الشعب التونسي الرائع. وذلك للأسباب التالية : اولا : في دولة العراق أحزاب عدة لها ميليشيات مسلحة تسليحا كاملا, منها تعود الى السلطة مباشرة . ومنها تعاضد السلطة معاضدة حميمية مادامت مستفيدة من الوضع الراهن , أمام شعب عراقي أعزل وجائع ومتعب . ثانيا : الساحة العراقية مرتعا رحبا لميليشيات صفوية وتكفيرية وافدة من الخارج , ليس بمصلحتها أن تعاضد اي انتفاضة شعبية . لأنها ميليشيات ارهابية تحاكي بالضبط الجيوش المرتزقة . فلو تسلم الشعب السلطة يعني انها خسرت موردا ماديا مجزيا . ثالثا : لدولة ولاية الفقيه جيش ارهابي قابع في العراق , هو جيش القدس الارهابي الذي يسرح ويمرح. في عشر محافظات في الجنوب والفرات الاوسط. فلن يسكت على اي تحرك شعبي مضاد . ولعل مجزرة "الزركة" بالنجف خير دليل على سحق انتفاضة شعبية سلمية, لم يحمل فيها مواطنون وشيوخ عشائر شيعية عروبية أي سلاح, اللهم الا لافتات كتب عليها " لا للتدخل الايراني في شؤون العراق " . وغيرها من شعارات رفض الهيمنة الايرانية . فكان حصيلة المجزرة أكثر من ألف مواطن شيعي عروبي أعزل . رابعا : لن يسكت المحتل الامريكي أبدا على أية أنتفاضة شعبية , لأنه الحارس الامين على مصالح الخبثاء الثلاثة أيران وأسرائيل ومشيخة الكويت . فمن مصلحة الخبثاء الثلاثة أن يبقى الحال في العراق على ما هو عليه . بدليل ان هذا المحتل الغادر لطالما يشارك القوات الحكومية , في اعتقالات عشوائية وضرب مناطق أهلية آمنة . خامسا : في دولة العراق ميليشيا ارهابية منفلته , لايقدر على توجيهها حتى راعيها مقتدى الصدر. لأنها مجموعة من اللصوص والشذاذ والقتلة والمغيبين والمهوسين . تماما كالبركان الخامد تنشط في الوقت والزمان المناسبين . بمقدورها ان تذوب اي انتفاضة شعبية سلمية, واقول تذوب بمعنى انها تندس بين صفوف الجماهير, وتحولها أنذاك من أنتفاضة الى "فرهود" يبز أي فرهود مر بالعراق الجريح . * * * أعتقد أن ليس هناك من أحد لايشاركني الرأي, من أن شعبنا ليس بمقدوره ان يحاكي الشعب التونسي في انتفاضته الباسلة في الوقت الراهن فقط , في ظل المعطيات التي ذكرتها. نجح الشعب التونسي لأن خصمه واحد هو الحاكم الجائر. اما شعبنا فخصومه لاحصر لهم . فأمراء الطوائف يتحركون متى ما شعروا بخطر شعبي .. ناهيكم عن خفافيش الظلام .