من مُنجزات الثورة الإسلامية بشكل عام، والرئيس "نجاد" بشكل خاص طالب إيراني جامعي يركبُ حماراَ بدلاً من السيارةِ بعد أن ارتفعت أسعار البنزين([1]) 1- المُقدمة : لم تُثبت السنوات العجاف الماضية من حُكم الرئيس الإيراني "أحمدي نجاد" ما يؤكد من حيث النظرية والتطبيق، أنّهُ قدم لشعب إيران مُفردةً واحدة، من مُفردات برنامجيه الانتخابيين في ولايتيه الرئاسيتين الأولى (2005-2009)، والثانية (2009-213) المشكُوكُ فيهما، التي تؤكد مصادر من داخل إيران، مُقربةً من الرئيس "نجاد" نفسَهُ، أنه والمرشد آية الله العظمى "خامنئي" سرقوا الولاية الأولى من حجة الإسلام والمسلمين "هاشمي رفسنجاني"، وسرقوا الثانية من خصمهما العتيد "مير حسين موسوي"، بتزوير نتائجهما النهائية؟! ولم تُسعفُهُ الوعود الانتخابية لفُقراء شعوب إيران المظلومة، بالفوز الحاسم بقدر ما أسعفه كما أشرنا السرقة والتزوير، لكي يتبوأ "نجاد" منصباً لا يليق بهِ؟! خيانة الرئيس "نجاد" لفقراء إيران، يُمكن إجمالها في: (1) أنه وعد فقراء إيران، أنْ تكون موائد طعامهم، على ذاتِ منوال موائد أغنياء إيران؟! الذي هم الوجه الآخر للاستكبار، مُتغافلاً ذلك الرئيس، أن هؤلاء "المُستكبرين" هم زملاءه قادة الحرس الثوري الإرهابي، الذي أطلق يدهم ليعيثوا فساداً في الاقتصاد الإيراني؟! (2) أنهُ وعد فقراء إيران، أنْ يكونَ لكُلِ عائلةٍ منهُم شقة سكنية، أو قطعة أرض، أو...إلخ، وأنْ يعيشوا على ذاتِ منوال معيشة "المُستكبرين" من الحرس الثوري الإرهابي؟! (3) في ضوء ما ورد آنفاً أطلق الرئيس "نجاد" على نفسهِ، في حملتهِ الانتخابية الرئاسية التاسعة/الولاية الرئاسية الأولى لهُ (2005-2009)، لقب: "ماردوميار" أي "صديق الشعب"، وربما كان يقصدُ فيهِ أنّهُ، بالذات "صديقُ الفُقراء"؟!، وبذلك قيل حينئذٍ، أنه بذلك أستطاع الفوز على غريمهِ المُخضرم حجة الإسلام والمسلمين "هاشمي رفسنجاني"، في جولة/مرحلة انتخابية ثانية، وهذا يحدثُ أول مرةٍ في تاريخ الانتخابات الرئاسية الإيرانية، حيث حصل على 61,6% من أصوات المقترعين، في حين حصل غريمه أعلاه على 35,9% من الأصوات؟! علماً أنه في الجولة الأولى من الانتخابات أعلاه فاز فيها "رفسنجاني" على غريمهِ "نجاد"؟! (4) الرئيس "نجاد" لم يستطع أنْ يُطلق ذات اللقب أعلاه على نفسهِ، في الانتخابات الرئاسية العاشرة/ولايتهُ الرئاسية المسروقة/المزورة الثانية (2009-2013)، كونهُ لم يستطع أنْ يفي بوعوده لفقراء إيران، في الولاية الأولى، فعزفَوا عنهُ، ولكن "المُستكبرين الظالمين الجدد من الحرسِ الثوري الإرهابي" أثبتوا وفاءه لهُ، ففاز بفضل عصيهم الكهربائية، وسحل المُتظاهرين من شعورهم، وتزويرهم القسري لنتائج الانتخابات، و...إلخ، فأُعلن رسمياً بعد ظهر يوم السبت 13 حزيران/يونيو 2009 النتائج النهائية لتلك الانتخابات، بحصول الرئيس "نجاد" على نسبة 62,63% من مجموع الأصوات، فيما حصل "مير حسين موسوي" على نسبة 33,75% من الأصوات، وحصل "محسن رضائي مير" نسبة 1,73% من الأصوات، أما "مهدي كروبي" فقد حصل على نسبة 0,85% من الأصوات، وحقيقة النتائج تكمنُ في أن الرئيس "نجاد" بمؤازرة المرشد "خامنئي" وقادة الحرس الثوري، استحوذ على النسبة التي حصل عليها "مير حسين موسوي" التي هي 62,63%، في حين أُعطيت قسراً، النسبة التي حصل عليها "نجاد" وهي 33,75% لغريمه "موسوي"، الذي رفضها لعلمه بحقيقة النتائج، ولا زال، وأعلن رفضه بشكل كامل للنتائج أعلاه؟! النتيجة التي خلُص إليها أؤلئك الفقراء، من وعود الرئيس "نجاد" ارتفاع نسبتهم، ثم أصبحت المُنتزهات الحكومية، والفسحات الأرضية تحت الجسور، والمرافق الصحية العامة؟! أماكن يؤوون إليها.؟! فضلاً عن رفع الدعم الحكومي عن البنزين، والمواد الغذائية الأساسية، والخبز، والماء، والكهرباء، و...إلخ؟! إنها مُنجزات الثورة الإسلامية.؟! النتيجة التي حصل عليها فقراء إيران هي على الضد مما ورد في الدستور الذي وضعه زُملاء الرئيس "نجاد" من "المُستكبرين مصاصي دماء فقراء إيران"، الفصل الأول، الأصول العامة، المادة الثالثة: ((12- بناء اقتصاد سليم وعادل وفق القواعد الإسلامية من أجل توفير الرفاهية والقضاء على الفقر، وإزالة كل أنواع الحرمان فـي مجالات التغذية والمسكن والعمل والصحة، وجعل التأمين يشمل جميع الأفراد.)). ([2]) يعترف حتى المُقربين من الرئيس "نجاد"، لا بل من غيرهم، أن الاقتصاد الإيراني في معظم مراحل الثورة الإيرانية عام 1979 ولغاية إعدادا هذا البحث في 12 كانون الأول 2011 لم يكن سليماً، ولم يعش فقراء إيران كما وعدهم الدستور، بل عاش المُقربين من السلطة والمؤسسة الدينية أفضل مما ورد في الدستور؟! في هذا المبحث أُلقي الضوء على ما يُعانيه المواطن الإيراني، الفقير منهم، وأفراد الطبقة الوسطى، من مُعاناة معيشية صعبة، في ظل حكومتهم الإسلامية التي حرمتهم من التمتع بعوائد نفطهم، بقراءة تحليلية لمُفردة واحدة، من المُفردات التي لها تماس مع حياة المواطن، والاقتصاد الإيراني، ألا وهو الارتفاع المُطرد لأسعار البنزين، في دولة تُعد ثاني دولة في منظمة أوبك في تصدير النفط، وثالث دولة كونياً في احتياطياتهِ، لم تستطع أن تكرر مشتقات نفطها، وتوفره لمواطنيها بسعر يُمكنها من دفعه، لا يؤثر على مستوى حياتهم المعيشية، بل يرفعهُ، سيما وأن للارتفاع أسعار تلك المادة، تأثير مُباشر أيضاً على تطور الاقتصاد الإيراني. هُنا يُثار سؤالين من جُملة أسئله عده، على مستوى عالٍ جداً من الأهمية، يُثيرهما هذا البحث، أترك القارئ الكريم تدبرهما ، ثم الإجابة عليهما بنفسه: س 1/ منذُ عام 1979 تاريخ ما يُسمى الثورة الإسلامية الإيرانية لم تستطع إيران تكرير المُشتقات النفطية الشائعة كونياً؟ كيف إذن تُصنع إيران القنبلة الذرية/النووية؟ أيهما أسهل في عالم الصناعة: تكرير النفط؟ أم صناعة القنابل الذرية/النووية؟ س 2/ منذُ عام 1979 تاريخ ما يُسمى الثورة الإسلامية الإيرانية، والحكومة والمؤسسة الدينية والحوزوية الإيرانية، تصرفُ مليارات الدولارات، على ما يُسمى "تصدير الثورة الإيرانية"، وحقيقة الأمر هو تصدير المذهب الأثني عشري المُختلق من قبل فقهاء تلك المؤسسة؟ ألا يجدر بتلك الحكومة والمؤسسة الدينية صرف تلك المليارات من الدولارات على فقراء إيران؟ وعلى تطوير اقتصاد إيران؟ وعلى تكرير المُشتقات النفطية.؟ 2- إمارة الأحواز العربية المُحتلة مصدر الغنى النفطي الإيراني... مُخططين لبيان الاحتياطي/الإنتاج النفطي في إيران: الغنى الإيراني لا يكمن في أرض فارس بالذات، وإنما يكمن في ما تحت أرض إمارة الأحواز العربية، حيث تكمن الثروة البترولية المُغتصبة من قبل الاستعمار الإيراني، الذي اتسم بالنفاق، واستخدامه أساليب شوفينية في محو الهوية الوطنية العربية الأحوازية، تفوق ما استخدمه، ويستخدمه الكيان الصهيوني ضد عرب فلسطين، أهلها الشرعيون، المجلة العالمية المُتخصصة للنفط والغاز، وثّقت أن لإيران احتياطي نفطي تم تقديرهُ في كانون الثاني/يناير 2010، بـ: 137,600,000,000 برميل من الاحتياطات المؤكده، أي ما يقارب بـ: 10% من إجمالي الاحتياطي المؤكده عالمياً، وأغلبية هذا الاحتياطي يكمن في أراضي إمارة الأحواز العربية كما أشرتُ آنفاً، والمخطط أدناه يُبين تسلسل إيران عالمياً من حيث الاحتياطي العالمي: Sector Organization جدول يُبين الاحتياطات النفطية المُثبتة عالمياً لعام 2010 ويلاحظ الاحتياطي النفطي الإيراني الذي يحتلُ التسلسل الثالث كونياً([3]) Iran is OPEC's second-largest producer after Saudi Arabia . ÃãÇ ãä ÍíË ãæÞÚ ÅíÑÇä ãä ÍíË ÅäÊÇÌåÇ ÇáäÝØí ÚÇáãíÇð¡ ÝÝí ÚÇã 2008 ÚõÏÊ ÅíÑÇä ËÇäí ÃßÈÑ ãäÊÌ Ýí ÃæÈß ÈÚÏ ÇáÓÚæÏíÉ¡ In 2008, Iran produced approximately 4.2 ÍíË ÃäÊÌÊ ãÇ íÞÇÑÈ ãä 4,2 million barrels of oil per day (bbl/d) of total liquids, of which roughly 3.9 million bbl/d was crude oil, equal to about 5 percent of global production.ãáíæä ÈÑãíá ãä ÇáäÝØ íæãíÇ¡ Ãí ãÇ íÚÇÏá ÍæÇáí 5% ãä ÇáÅäÊÇÌ ÇáÚÇáãí¡ ÚÇã 2009 For most of 2009, it is estimated that Iran 's crude production was approximately 3.8 million bbl/d, almost 500,000 bbl/d above Iran 's estimated 3.3 million bbl/d OPEC quota. Iran 's 2009 crude oil production capacity is estimated to be 3.9 million bbl/d .تشير التقديرات إلى أن إيران أنتجت نحو 3.8 مليون برميل يوميا، وفقا لخطة التنمية ، السنة 5 المقدمة إلى مجلس الشورى (البرلمان الايراني) في يناير 2010 ، ومن الجدير بيانهُ، أن إيران تعتزم زيادة طاقة إنتاج النفط، إلى 5.1 مليون برميل يوميا، بحلول 2015 ، ولكن المساعدات الخارجية من المرجح أن تكون ضرورية، للوصول إلى مثل ذلك الإنتاج. المخطط أدناه يُبين تسلسل إيران في منظمة أوبك من حيث الإنتاج النفطي: مُخطط يبين إنتاج دول أوبك من النفط الخام لعام 2009 ويلاحظ تسلسل إيران الثاني فيه من حيث كمية الإنتاج ً([4]) بلغت قدرات إيران في إنتاج المُشتقات النفطية لعام 2009 ما يُقارب 1,5 مليون برميل، ومشخص عالمياً أن المصافي التسعة التي تمتلكها شركة النفط الإيرانية، غير قادرة على تلبية الطلب المحلي، وتسعى إيران لوضع خطط لتطوير إنتاجها من المشتقات النفطية، إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً بحلول عام 2013، الأمر الذي يُمكن من خلاله أنْ تستغني إيران عن استيراد المُشتقات النفطية، والجدول أدناه يُبين مقدار تكرير المصافي النفطية الإيرانية لعام 2009: جدول يُبين طاقة مصافي النفط الإيرانية من تكرير النفط الخام لعام 2009 ([5]) أعلى النموذج أعود في بحثي للوراء قليلاً، التخلف الإيراني في ميدان تكرير النفط الخام لإنتاج المُشتقات النفطية، يعود لسنوات خلت، أبدأ بها من عام 2006، واستمحي القارئ عذراً إنْ أطلتُ عليه قليلاً، ولكن عُذري أنها إطالة علمية، بحثية، ليس من السهولة أنْ يجدُها في بحوثٍ أُخرى، مع احترامي وتقديري لكُل الباحثين سيما الجادين منهُمْ. 3- المرحلة الأولى... مرحلة عام 2006: خلال العام 2006 كانت إيران تستورد من البنزين ما قيمته خمسة مليارات دولار([6])، وهو مبلغٌ تقول الحكومة الإيرانية أنّهُ كبير يُرهقُ ميزانيتها، وفي حقيقةِ الأمر، أن مثل تلك المليارات الخمسة أعلاه، تُعدُ مبلغاً متواضع قياساً للواردات المالية الهائلة، التي تجنيها تلك الحكومة من صادراتها النفطية والغازية، لذا فإنها، ومجلس الشورى الإيراني، كانوا في هذه المرحلة (2006) أمام خيارين، يُمكن بهما، تُخفيف العبء المالي الحكومي الثقيل وفق إدعائهم، جراء الدعم للمستورد من البنزين: الخيار الأولى: تخفيض المبلغ المُخصص لاستيراد البنزين. الخيار الثاني: المُباشرة في تقنين استخدام البنزين على مستوى إيران. الخيارين أعلاه في حال تطبيقهما يخلقان الكثير من المتاعب لحكومة الرئيس "نجاد"، التي لم تبخل على صرف ملايين الدولارات على "تصدير الثورة" وخلق الفتنة بين المُسلمين، ولكنها من طرف آخر تبخل على حق شعوب إيران من التمتع بواردات ثروتها النفطية والغازية، لذا لم يكن لا لتلك الحكومة، ولا لذلك للمجلس أنْ يعمل بالخيارين أعلاه في هذه المرحلة بالذات. لذا فإن مجلس الشورى الإيراني بالذات سعى في هذه المرحلة إلى إبعاد ما يتوقعه، ويستقرأهُ، من أن العمل بأياً من الخيارين أعلاه سيجعلُ من إيران على شفا انتفاضة تشبهُ "انفجار برميل بارود"، فوجد أنْ لا خيار إلا بالعمل ببدائل تُخففُ عن المواطن الإيراني، عبْ ما سيتركهُ الخيارين أعلاه، فمن هذه البدائل: البديل الأول: أن مجلس الشورى أعلن عن تراجعه عن توزيع البنزين بنظام الحصص/التقنين، فبتاريخ 22/7/2006 (السبت) أعلن النائب " كمال دانشيار" عضو مجلس الشورى الإيراني، ورئيس لجنة الطاقة فيه، أن: (("الحكومة الإيرانية ستتراجع عن توزيع البنزين بنظام الحصص، اعتباراً من 23/9/2006، وستحاول استخدام احتياطياتها الدولارية، لتغطية واردات الوقود، كما أن الحكومة ستُقدم مشروع قانون إلى البرلمان، يطلب ما بين 4 و4.5 مليارا دولار، لدفع تكلفة الواردات الإضافية، كوسيلة لتفادي توزيع الوقود بنظام الحصص، الذي قد يثير حالة من السخط، وسيكونُ طلب الحكومة للمبلغ أعلاه من صندوق استقرار النفط لاستيراد البنزين ووقود الديزل." ومن الجدير بالذكر أن الحكومة الإيرانية تضع العوائد الدولارية التي تزيد على المستويات المدرجة في الموازنة في صندوق استقرار النفط.")). ([7]) المعالجة آنفة الذكر من قبل مجلس الشورى الإيراني، التي وردت على لسان رئيس لجنة الطاقة فيه، أثبتت مصداقيتها من خلال جملة المناقشات التي أُجريت لاحقاً في أروقتهِ، وهو حل يُمكن وصفهُ بـ: فرض الأمر الواقع"، حيث ليس من خيارات غير ما وردد آنفاً، لذا فالأمر الواقع، هو الذي فرض على الحكومة ومجلس الشورى مثل ذلك القرار، وما سيرد أدناه. البديل الثاني: "مشروع قرارٍ ناقشهُ بتاريخ 5/9/2006 (الثلاثاء)، من شأنهِ إضافة 3.5 مليارات دولار، إلى الميزانية الحكومية، لتمويل زيادة واردات البنزين، وتجنب تقنين توزيعه في البلاد.": من الأسباب المهمة جداً التي دفعت المجلس أعلاه لمثل ذلك القرار، الذي زاد من ثقل كاهل الميزانية الإيرانية، هو: "أن الحكومة الإيرانية بدأت باستخدام احتياطيها الاستراتيجي من البنزين الذي تحتفظ به للطوارئ."؟!، بعد أن أرتفع مستوى الطلب على البنزين من قبل المواطن الإيراني، يُقابله عجز المصافي النفطية الإيرانية عن تلبية ذلك الارتفاع، حيث لم تستطع سوى تلبية 40% فقط من الاحتياج المحلي لهُ. الأمر أعلاه كشف عنهُ، رئيس هيئة الإدارة والتخطيط في المجلس المذكور، النائب "فرهاد راهبار" الذي نبّه، إلى: " إنّهُ يجري في الوقت الحالي، استخدام احتياطيات البنزين الإستراتيجية، وإذا استُنفدتْ فستُواجه البلاد مشاكل خطيرة.؟!" البديل الثالث: تراجع مجلس الشورى عن قرارٍ آخر سبق وأنْ أتخذه، تمثل في: " اتخاذه قراراً بخفض ميزانية تمويل واردات البنزين من أربعة مليارات دولار، إلى 2.5 مليار دولار في السنة المالية التي تنتهي في مارس/آذار 2007.". لذا، وتداركاً لما قد يحصل في الشارع الإيراني من ثورة غضبٍ، لا تُريدُها الحكومة التي جاءت من أجل رفاه مُستضعفي إيران كما تدّعي، أعلن مسؤول كبير بوزارة النفط الإيرانية في شهر آب/أغسطس 2006 إن: " الحكومة سمحت للوزارة بالاستمرار في استيراد البنزين لحين البت في زيادة الميزانية.)). ([8]) ما ورد آنفاً يعني ارتفاع المبلغ المخصص لاستيراد البنزين من أربعة مليارات المخصصة أساساً لذلك إلى: 3,5 مليار دولار + 2,5 مليار دولار = 6 مليار دولار المبلغ المخصص لاستيراد البنزين بعد عجز المصافي الإيرانية تلبية الحاجة المحلية للبنزين.؟! وهذا يعني إضافة مليارين دولار جديدة على المليارات الأربعة.؟! البدائل الثلاث آنفة الذكر لم تُعالج الأزمة المُستعصية بشكل جذري، بمعنى أن تلك البدائل لم تقدم الحل الشافي للداء الإيراني، فقد كانت مُعالجتها آنية ليس إلا، سيما وأن الحكومة والمجلس وصلوا لقناعةٍ لا بُد منها، تتمثل في وضع حلٍ للدعم المالي الحكومي على البنزين المستورد؟! حيثُ يُمكن قراءة تلك القناعة في مضمون البدائل الثلاث أعلاه، ولكنهم ربما اختلفوا في آلية/شكل ذلك الدعم؟! سيما وأن في تفكيرهم، يجب أنْ لا يُثير هذا الحل حفيظة الشارع الإيراني، سيما وأن رئيس لجنة التخطيط في مجلس الشورى "فرهد رهبار" قد حذّر من: "أن خفض استيراد البنزين يعني دعوة الشعب إلى خفض استهلاكه بنسبة 50% واستبداله بوسائل نقل عام، منها الحافلات والمترو وهي ليست متوفرة بعد.")) ([9])، ولم يكُن هذا التحذير سوى إنذاراً مُبكراً بأن هناك ربما رد فعل شعبي غاضب في ظل عدم توفر بدائل تُساهم في التخفيف من وقع التقنين، لذا كان الحل التدريجي هو الطريق الذين اتبعتهُ الحكومة والمجلس، ليصل إلى ذروته في المرحلة الخامسة... مرحلة عام 2010 وكما سيردُ لاحقاً. البدائل الثلاث آنفة الذكر تُظهر حالة التخبط الذي تعيش فيه الحكومة والمجلس، سيما فيما يتعلق بحجم المبلغ المُخصص لدعم البنزين، يؤكد ذلك، أنَّ: (("الحكومة الإيرانية أعلنت مطلع شهر تشرين الأول/نوفمبر 2006، أنَّ مجلس الشورى الإيراني، صادق على مشروع قرار، يُخفض المبلغ المُخصص من قبل الحكومة لشراء البنزين، ويدعوها إلى التقشف، اعتبارا من نهاية كانون الأول/ديسمبر 2006، حيث صادق على القرار، بأغلبية 158 صوتا من أصل 227 على اقتراح لجنة التخطيط والميزانية، الذي يمنح 2.2 مليار دولار لشراء البنزين في الفترة التي تنتهي بنهاية السنة الإيرانية في 20 مارس/آذار 2007، فضلاً عن تضمنهِ دعوة الحكومة، لتبني خطة تقسيط، اعتبارا من 22 ديسمبر/كانون الأول 2006"، ولم يكن ما ورد آنفاً قراراً نهائياً من قبل مجلس الشورى، ذلك ما استخلصناه من: "قول النواب: إن البرلمان قد يلغي هذا الطلب، لأنه سيعودُ إليه عند مناقشة تفاصيل القانون والمصادقة عليه لاحقا."؟ مجلس الشورى ووفق ما أشار إليه النائب "كمال دنشيار" عضو لجنة الطاقة البرلمانية فيه، كان في مُناقشاته لهذا الموضوع، يُترجم الخيارات الثلاثة آنفة الذكر، فهو وفق قولهِ كان: " أمام خيارات ثلاثة، تتضمن: التقسيط الصارم، أو تحديد سعر لتر البنزين بثلاثة آلاف ريال (0.33 دولار)، أو خمسة آلاف ريال، وسيكون الارتفاع في الحالتين الأخيرتين نحو 257% أو 525% مقارنة مع السعر الحالي (2006) البالغ 800 ريال (تعادل 0.08 دولار)."؟! يُلاحظ على المرحلة الأولى... مرحلة عام 2006، حالة التخبط الشديدة التي طغت على الحكومة، ومجلس الشورى الإيراني، في معالجتهما لأزمة استيراد البنزين، فالحكومة تسعى إلى توفيره بأي وسيلةٍ كانت، والمجلس بدوره على مُفترق طريقين لا يلتقيان: الأول: موافقته بشكل دائم على تخصيص المبالغ التي تُريدها الحكومة لاستيراد البنزين سيؤثر حتماً على أبواب الميزانية الإيرانية الأُخرى، ولذا فمُعالجته المُشكلة، وفق هذا الشكل، فإنه سيخلقُ مشاكل عده أُخرى في أبواب الميزانية الإيرانية الأخرى، لا يُمكن التغافل عنها. الثاني: أنه في حالِ رفض مجلس الشورى، للمبالغ التي تُريدها الحكومة لأجل استيراد البنزين، فإنها ستتحمل مسؤولية ثورة غضب الشارع الإيراني، الذي على الأعم يعلم جيداً أين تذهب أموال نفط والغاز؟! وبذلك فإن مثل تلك الثورة قد تقوض أركان حكم الملالي، الذي جاء لرفاه المُستضعفين فقراء شعوب إيران، ولهذا لم يكن أمامها في هذه المرحلة، سوى الموافقة على دعم استيراد البنزين، مع دعوة الحكومة إلى أن تستخدم خطة تقشف، تُقلل من استهلاك البنزين، الذي سيؤدي إلى خفض المبلغ المخصص لاستيرادهِ. 4- المرحلة الثانية.... مرحلة عام 2007: بتاريخ 26/10/2007 (الثلاثاء) تبنت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، مشروع قانون يدعو إدارة الرئيس بوش لمعاقبة الشركات النفطية الأجنبية التي تتعامل مع إيران، وهو يستهدف ضمناً شركات أوروبية، ويتهم مشروع القانون الذي تبنته اللجنة بأغلبية 37 صوتا مقابل صوت واحد طهران، باستعمال أموال الاستثمارات الأجنبية في مجال الطاقة، من أجل تمويل نشاطاتها النووية، ونشاطات إرهابية، ويلقي رئيس اللجنة توم لانتوس (ديمقراطي) باللوم على إدارة الرئيس "جورج بوش"، لما وصفه بالتساهل كثيرا بعدم معاقبتها الشركات الأجنبية المتعاملة مع طهران، الذي نجده في قوله (لانتوس): "حان الوقت كي توقف أوروبا استثماراتها بصناعة النفط في إيران، وسوف يساهم قانوننا في هذا الأمر". ([10]) تشير المعلومات التي تداولتها المصادر النفطية، أن إنتاج مصافي إيران من البنزين لعام 2007 قد بلغ 44.5 مليون لتر بنزين يوميا، بزيادة أربعة ملايين ونصف مليون لتر عن إنتاج عام 2006، إلا أن الاستهلاك اليومي من البنزين لعام 2007 قد وصل إلى 79 مليون لتر يوميا. ([11]) بمعنى أن على إيران أنْ تستورد يومياً من البنزين: 79 ãáíæä áÊÑ ãÌãæÚ ÇáÇÓÊåáÇß Çáíæãí ãä ÇáÈäÒíä – 44,5 ãáíæä áÊÑ ãÞÏÇÑ ÇáÅäÊÇÌ ÇáãÍáí ÇáÅíÑÇäí ãä ÇáÈäÒíä = 34,5 ãáíæä áÊÑ ÈäÒíä Úáì ÅíÑÇä ÇÓÊíÑÇÏåÇ íæãíÇð. وفي كُل شهر على إيران أنْ تستورد من البنزين: 34,5 مليون لتر الاستهلاك اليومي × 30 يوم = 1035 مليون لتر شهرياً. في ظل هذا الاستهلاك الهائل للبنزين، ومحدودية الإنتاج المحلي منه، فإن حكومة الملالي، وجدت أن لا سبيل لها من الخروج من الكلفة المالية الهائلة لهذا الكم الهائل المستورد من البنزين شهرياً، إلا بتقنين استخدامه، وفي حالة عدم تقنينه فإن قيمة ما ستستورده خلال عام 2007 قد يصل إلى 9,5 مليار دولار.؟! ([12])وهذا مبلغ يُرهق الميزانية الإيرانية، فضلاً عن أن مًعدل التضخم للعام نفسه (2007) قد وصل إلى مستوى يزيد على الـ 17%. ([13]) الحكومة الإيرانية اختارت واحد من الخيارين أدناه: الخيار الأول: الذي اختارتهُ تلك الحكومة هو، قرارها بتاريخ 22/5/2007 (الثلاثاء) بزيادة/رفع سعر لتر البنزين من 800 ريال إيراني للتر (تعادل 0.08 دولار)، إلى ألف ريال إيراني (بما يُعادل 11 سنت أمريكي) للتر الواحد، أي ارتفعت أسعار البنزين بنسبة 25%، وطُبقت تلك الزيادة من التاريخ أعلاه. الخيار الثاني: الذي قررت حكومة طهران تأجيلهُ، هو العمل بنظام الحصص المُقننه، على أنْ يتمُ تطبيقه في وقتٍ لاحق، بحيث تكون حصة السيارة الخاصة ثلاثة لترات يوميا، وسيارة الأجرة ما بين 15 و20 لترا يومياَ، بسعر قدره 10 سنتات للتر، على أن يتم بيع أي كميات أكثر من ذلك بسعر يتراوح بين 20 و40 سنتا للتر.([14]) تحسباً من النقمة الشعبية المتوقعة في حال إعلان تقنين البنزين مُباشرةً، فقد جرى التمهيد لهُ من خلال الإعلان عن تطبيق ما يُسمى بـ: "البطاقة الذكية" في عموم مدن إيران، حيثُ أُعلن عنها في الأسبوع الأخير من شهر نيسان/أبريل 2007، أنه في غضون شهرين، سيتم تطبيق نظام الحصص، لتوزيع مادة البنزين، عبر ما يُسمى بـ"البطاقة الذكية"، التي تسمح لمُستخدميها بشراء، كمية محددة من اللترات بسعر ألف ريال إيراني للتر البنزين (11 سنتا للتر الواحد)..." ([15]) بعد أنْ أطمئنت الحكومة الإيرانية بقدرتها على احتواءِ موجة الغضب، فيما إذا حدثت في الشارع الإيراني، عبر القمع الدموي الذي ستمارسهُ عناصر الأمن، وعناصر المُخابرات الإيرانية، المعروفة من قبل الشارع الإيراني باسم "الزي المدني"، وبعد الإعلان أيضاً عن استخدام "البطاقة الذكية"، وبعد 34 أربعة وثلاثين يوماً، من رفع أسعار البنزين، وكما مُشار في الخيار الأول أعلاه، أعلنت وزارة النفط الإيرانية، في بيانٍ لها بثه التلفزيون الرسمي الإيراني، مساء يوم الثلاثاء المصادف 26/6/2007 قرارا بتقنين استهلاك البنزين، والعمل بنظام الحصص، اعتبارا من منتصف ليل الأربعاء 27/6/2007 "يشمل جميع السيارات والدراجات النارية"، وأوضح البيان أن" السيارات التي تعمل على البنزين، ويمكنها أن تعمل أيضا على الغاز المُسال، لا يحق لها الحصول إلا على 30 لتر بنزين شهريا، في حين يحق للسيارات الأخرى الحصول على مائة لتر. وحددت الوزارة فترة التقنين، بأربعة أشهر قد تُمدد حتى نصف عام." ([16]) استخدمت الحكومة الإيرانية في قرارها أعلاه، محاولة تتمثل بامتصاص النقمة الشعبية، المتوقعة على القرار أعلاه، ألا وهو العبارة الأخيرة من القرار أعلاه، بتحديده لمدة أربعة أشهر، يُمكن أن يُمدد حتى نصف عام، حيث تُعطي هذه الحيلة، أو الخدعة أملاً للمواطن الإيراني بالعودة للتزود بالوقود لسابق عهده، دون أنْ يكون هناك تقنين، أو حُصص. لم تؤدِ حيلة الحكومة الإيرانية أعلاه نتيجة، فقد أثار القرار أعلاه جُملة من الاحتجاجات، في الشارع الإيراني، التي اتسمت بالعنف، الذي من مظاهرهُ، تعرض محطة وقود شمال غرب العاصمة طهران لهجوم بتاريخ 26/6/2007 (الثلاثاء) من طرف أشخاص، تعبيرا عن استيائهم بالبدء خطة تقنين استهلاك البنزين، المُحتجين أضرموا النار في سيارة، ومضخات للبنزين في حي بوناك (شمال غرب طهران)، مُرددين شعارات معادية للرئيس "نجاد".([17]) نتائج القرارات أعلاه كانت إيجابية على مستوى الحكومة الإيرانية، وتمثلت في إعلانين رسميين حكوميين: الأول: كان بتاريخ 17/7/2007 (الجمعه)، بإعلان وزير الداخلية الإيراني "مصطفى بور مُحمدي" عن: " انخفاض استهلاك البنزين في إيران بنسبة 16 مليون لتر يومياً، منذ بد علمية التقنين في حزيران/يونيو 2007، حيث بلغ معـدل استهلاك البنزين خلال الشهرين حزيران/يونيو، و أيار/مايو 2007 ما مقدارُهُ 60 مليون لتر يوميا، فيما كان 76 مليون لتر يوميا في نفس الفتره من العام 2006، بذات الوقت الذي أكدت فيه الإحصائيات انخفاض استهلاك البنزين، انخفضت معهُ نسبه ازدحام السيارات، سيما في المدن الإيرانية الكبرى." ([18]) ثم عاد "مُحمدي" بتاريخ 2/11/2007 (الأربعاء) بالإعلان، عن: "أن مشروع تقنين البنزين سجلت نجاحا بنسبة 90%..". ([19]) الثاني: ما أعلنهُ مُدير نظام البطاقات الإلكترونية الذكية "ناصر سدجدي"، خلال نهاية الأسبوع الأول، من شهر تشرين أول/أكتوبر 2007 بـ: "نجاح إيران في توفير مليار دولار، خلال المئة يوم الأولى من استخدام نظام تقنين حصص البنزين، التي بدأت يوم الأربعاء المُصادف 27/6/2007، فقد تراجع متوسط استهلاك البنزين، في مئة يوم الماضية من تاريخ التقنين أعلاه إلى 60.5 مليون لتر يومياً، بما يقل بـ 22% عن مستواه في الفترة نفسها من العام 2006."، وكانت أرقام رسمية إيرانية بتراجع الاستهلاك بعد بدء العمل بنظام الحصص أعلاه من 75 إلى 63 مليون لتر يوميا. ([20]) قرار التقنين آنف الذكر كانت لهُ استثناءات، أعلن عنها بتاريخ 28/8/2007 (الثلاثاء) "رحيم مشائي" مدير منظمه السياحةِ والتراث الثقافي الإيراني، تضمن: " أن الحكومة قررت زيادة حصة الأفراد من البنزين، من اجل تعويض ارتفاع نسبة استهلاك هذه المادة، خلال العطلة الصيفية لأغراض السفر، وأن على السائقين أنْ يملئوا طلبا، في هذا الإطار على موقع على الانترنت، سيوضع في تصرفهم خلال أسبوع"، مؤكدأً على: "أن هذا الإجراء مخصص للأشخاص الذي تمتعوا بعطلتهم الصيفية أم لا ، فضلاً عن أن أصحاب السيارات الخاصة الذين سافروا خلال الصيف، سيحصلون على مئة لتر كحد أقصى لتنقلاتهم." وبموجب هذا القرار يمكن للسائقين أن يحصلوا على 100 لتر من البنزين فضلاً عن الـ 600 المخصصة لهم لستة أشهر منذ البدء بتطبيق نظام التقنين". ([21]) تميزت إجراءات الحكومة الإيرانية خلال المرحلة الثانية عام 2007 بسلسلة من الإجراءات المُخطط لها بشكل أفضل مما كانت عليهِ في عام 2006، الذي اتسم بالتخبط، وعدم التخطيط المُبكر للإجراءات المُتخذة، إلا أن التخطيط آنف الذكر لعام 2007، صاحبهُ عنفٌ دموي مارسته حكومة الملالي، للرد على النقمة الشعبية التي وجدت في ارتفاع أسعار البنزين، ثم تقنينه وفقاً للبطاقة الذكية، هضماً لحقوقها بالتمتع بثروتها النفطية بعيداً عن مثل تلك الإجراءات، كما أتسمت المرحلة الثانية، بانخفاض نسبة استخدام البنزين، مما وفر مبالغ ذا أهمية للميزانية المالية للحكومة الإيرانية. ولكن على الطرف الآخر لم تتضمن هذا المرحلة أيّ حلاً إيرانياً جذرياً، يُمكن أن يُعالج أزمة رفع الأسعار، والتقنين، المُتمثل بحلٍ واحد لا بديل لهُ، ألا وهو تطوير المصافي الإيرانية، بما يُحقق إنتاجية يُمكن أنْ تُلبي حاجة الطلب المحلي المُزمنه. 5- المرحلة الثالثة... مرحلة عام 2008: تميزت هذه المرحلة بأنها تمثل حصيلة النتائج الإيجابية لنجاح الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإيرانية، ومجلس الشورى الإيراني، فمن هذا الميزات: أ- انخفاض استهلاك، واستيراد البنزين: خلال الأسبوع الأول من شهر شباط/فبراير 2008 اعترف نائب وزير النفط الإيراني، "محمد رضا نعمت زادة" إن: " البلاد تستورد حاليا 15 مليون لتر بنزين يوميا بالمتوسط، من إجمالي الاستهلاك اليومي البالغ 58.5 مليونا، وبفضل تقنين البنزين بالسنة الحالية (السنة المالية الفارسية تبدأ يوم 21 مارس/آذار) تم توفير أكثر من أربعة مليارات دولار." ([22]) وفي قراءة تحليلية لهذه الفقرة، سيما ما يتعلق بالاستهلاك اليومي وانخفاضه بشكل ملحوظ بالمقارنة مع أرقم سنة 2007: (1) كان المٌستهلك من البنزين عام 2007 ما مقدارُهُ 79 مليون لتر يومياً، وكما مُشار في المادة (4) أعلاه. (2) بعد رفع الأسعار، والعمل بالبطاقة الذكية، انخفضت نسبة استهلاك البنزين، بحيث كانت الكمية المُستهلكة منه خلال سنة 2007 ما مقداره 63 لتر بنزين يومياً، وكما مُشار في المادة (4) أعلاه. (3) أصبح استهلاك البنزين عام 2008 ما مقدارهُ 58,5 مليون لتر بنزين يومياً، وكما مُشار في بداية المادة (5) أعلاه. ولمعرفة نسبة انخفاض استهلاك البنزين عام 2008 عن عام 2007، يُمكن إجراء العملية الحسابية: 79 ãáíæä áÊÑ ÈäÒíä ÇáÇÓÊåáÇß Çáíæãí áÓäÉ 2007 – 58,5 ãáíæä áÊÑ ÈäÒíä ÇáÇÓÊåáÇß Çáíæãí áÓäÉ 2008 = 20,5 ãáíæä áÊÑ ÈäÒíä ãõÚÏá ÇáÇäÎÝÇÖ Çáíæãí Ýí ÇÓÊåáÇß ÇáÈäÒíä ÚÇã 2008. هذه النسبة العالية في انخفاض نسبة استهلاك البنزين كان مردودها إيجابياً على الميزانية لإيرانية، تمثل بانخفاض المبالغ المُخصصة في دعم استيراده، وبذلك تم تحقيق الهدف المهم الذي كانت تسعى إليه الحكومة ومجلس الشورى الإيراني. È – ÅíÑÇä áÇ ÊæÇÌå ÃíÉ ãõÔßáÉ Ýí ÊæÝíÑ ÇáÈäÒíä: ÈÊÇÑíÎ 30/6/2008 (ÇáÇËäíä) ÃßÏ æÒíÑ ÇáäÝØ "ÛáÇã ÍÓíä äæÐÑí": " أن إيران لن تواجه أية مشكلة في توفير البنزين.. سيما وأن السفن تصطف في الخليج العربي لبيعها البنزين.."، ثم يعود ويُكرر مؤكداً: " وفور هذا الوقود في الأسواق، واصطفاف الكثير من السفن في الخليج العربي لبيع البنزين لإيران."([23])، وهنا لا بد من بيان عدم وجود مُشكلة في الاستيراد، حيث ما أكثر الدول، والشركات التي تُريد بيع منتوجها من البنزين لإيران، ولكنهُ لم يتطرق إلى أسباب المُشكلة/المُشكلات التي تحول دون إنتاج إيران لتلك المادة المُهمة التي تُمثل عصب التطور الاقتصادي. ج- قدرة إيران على إنتاج البنزين: بتاريخ 30/6/2008 (الاثنين) أكد وزير النفط أعلاه، قدرة إيران في إنتاج البنزين، عبر إجراء بعض التغييرات خلال أقصر فترة إذا ما اقتضت الضرورة ذلك، وأن الخبراء الإيرانيين توصلوا إلى نتيجة وهي أنه يمكن إنتاج البنزين في داخل البلاد."([24]) وربما تُعد هذه أول إشارة رسمية، من أن إيران تسعى إلى إنتاج البنزين، بعد عقود مضت وهي تستوردهُ لسد الحاجة المحلية. د- خيار البيع الحُر للبنزين في السوق الإيرانية: لأول مرةٍ يطرح مسؤول في وزارة النفط مثل ذلك الخيار، الذي أثبتت الأحداث لاحقاً إجهاضه، وعدم العمل بهِ، فقد أعلن وكيل وزير النفط "علي كردان"، بتاريخ 12/4/2008 (الاثنين) عن بديل قيد الدراسة، للآلية بيع البنزين في السوق الإيرانية، المُتمثل، بأن "الجهات المعنية في البلاد تتدارس قرار بيع البنزين بأسعار حرة، مؤكدا أن فريقا من وزارة النفط يدرس هذا القرار، وانه يجري البحث حاليا عن الجوانب الايجابية والسلبية لهُ..". ([25]) وربما تكمنُ أسباب إجهاضه في أنه سيكون أرضاً خصبة لتنمية السوق السوداء في بيع البنزين، فضلاً عن أنَّ مفاصل الحرس الثوري الإيراني الإرهابي ستسيطر على آلية بيعه، بحكم قربهم من الرئيس "نجاد"، مما يخلقُ فوضى تُزيد من الضغط على المواطن الإيراني ذا الدخل المحدود جداً، الذي يعاني هو بالأساس من قسوة الإجراءات الحكومية، مما قد يولد انتفاضة شعبية حتى وإن كانت محدودة. 6- المرحلة الرابعة.... مرحلة عام 2009: هذه المرحلة تُعد استمرار للمراحل الثلاث السابقة، ما ميّز هذه المرحلة، عودة المسؤولين الإيرانيين بالنقر على وتر استيراد البنزين من الخارج، ولعل ذلك يتجسدُ واضحاً في تأكيد وزير النفط الإيراني " مسعود مير كاظمي"، على هامش الملتقى الوطني لسبل توفير ونقل وتوزيع المشتقات النفطية، الذي عقد في طهران بتاريخ 9/10/2009 (الجمعه)، أن: "أحد الأهداف للخروج من أزمة حظر البنزين هو اتساع نطاق شراء الوقود، لذا فإن إيران ستوفر احتياجاتها من البنزين، من فنزويلا بعد التوقيع على عقد، تم الاتفاق عليه خلال زيارة الرئيس الفنزويلي " هوغو شافيز" لطهران، تضمن التزام فنزويلا بتصدير 20 ألف برميل من البنزين إلى إيران.."، ولكنهُ على الطرف الآخر، لم يغفل اهتمام وزارته بـ: " إن مسألة بلوغ مرحلة الاكتفاء الذاتي، ورفع المستوي العلمي والمهني، من أهم الموضوعات التي تولي وزارة النفط اهتمامها لها ولذا فإنه سيتم معالجة النفقات الإضافية لإكمال بعض المشاريع".([26]) إذن نستخلصُ من كلام وزير النفط الإيراني أعلاه، نُقاط مُهمة عده لها ارتباط وثيق جداً بما ستتضمنه المرحلة الخامسة... مرحلة عام 2010 أدناه، وهي الأخيرة في هذا البحث، من هذه النُقاط: النقطة الأولى: أن الحاجة الإيرانية لاستيراد البنزين قائمة بشدة، ولا يُمكن حلها إلا باستيرادهِ من الخارج. النقطة الثانية: أنَّ الإنتاج المحلي الإيراني من مادة البنزين، على الضد مما يُعلنهُ أصحاب الحل والعقد في إيران، الذي يبلغ ذروته في المرحلة الخامسة... مرحلة عام 2010 أدناه، بمعنى أن إيران ليس من السهولة حتى في المُستقبل القريب أنْ تصل لمرحلة الاكتفاء الذاتي. النقطة الثالثة: أنَّ السنوات التي تناولناها في هذا البحث المحصورة بين المرحلة الأولى... مرحلة عام 2006، والمرحلة الخامسة... مرحلة عام 2010 التي هي أربع سنوات، لم تستطع إيران أنْ تُحقق نصف الإنتاج المطلوب من مادة البنزين، والسنوات الأربع كافية في عُمر إنشاء، أو تطوير المصافي النفطية من وصولها لمرحلة الإنتاج الفعلي، أو أنها قريبة/على وشك الإنتاج الفعلي لتكرير النفط الخام، والحصول على مشتقات عديدة ليس فقط البنزين. النقطة الرابعة: الأمر أعلاه، شخّصتهُ بدقة الولايات المتحدة الأمريكية بالذات، لذا جاءت عقوباتها الاقتصادية على إيران، لإجبارها على وقف صناعة قُنبلتها النووية، تنقر على ذلك العصب، وليس الوتر، الذي كُلما زادت من الضغطِ عليهِ، سرى الألمُ في جسدِ الرأي العام الإيراني، لذا جاءت عقوباتها لتشمل اتجاهين: الأول: حظر تصدير البنزين. الثاني: حظر تصدير المُعدات الفنية التي بها تُبنى مُنشآت المصافي النفطية الإيرانية. 6 - المرحلة الخامسة... مرحلة عام 2010: أصدرت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على إيران خلال الأسبوع الأخير من شهر تشرين أول/أكتوبر 2010، بعد مرور 3 أشهر على عقوبات أخرى من قبل الاتحاد الأوروبي، حيث صادق مجلس الشيوخ الأمريكي، على قرار يحرم البلد الذي يتعاون مع إيران من التسهيلات المالية الأمريكية، أو الشركة الأجنبية التي لا تستسلم لهذا الحظر، والاتحاد الأوربي هو الأخر فرض عقوبات على الشركات التي تصدر معدات مصافي النفط إلى إيران. تكرار فرض العقوبات الاقتصادية على إيران جعل أهل الحلِ والعقد فيها يصرحون بشكل دائم، أن العقوبات لم تُحقق الجدوى التي كانت تطمحُ إلى تحقيقها أمريكا، وفي هذا مُبالغة واضحة، ثم أنّهُ كلاماً لا يخرجُ عن كونه إعلامياً، مُظللاً، غايته خلق نوع من الاطمئنان لدى الرأي العام الإيراني، وهو اطمئنان فعلهُ يقربُ يُشابه فعل المُخدر الطبي الذي ينتهي مفعوله بفترةٍ مُحددةٍ لهُ، وربما تأتي الديمومة النسبية للاطمئنان الإيراني، من كونهِ اطمئناناً قسرياً/مفرُوضاً، قائماً على الضرب بالعصا الكهربائية، والهراوات الخشبية ذات النهايات المُدببة معدنياً، وسحل الشباب الإيراني من شعورهم في شوارع طهران، واغتصاب النساء في سجونهم، وإلقاء المُعارضين في زنازين انفرادية، لا نهاية من خروجهم منها إلا إذا وقعوا إفادات قسرية يعترفوا فيها، أنهم مُكلفين من "الشيطان الأكبر ...أمريكا" في ما قاموا به؟؟ فلستُ أدري كيف يتحالف الرئيس "نجاد" ومؤسسته الدينية والحوزوية، مع ذلك الشيطان في العراق، ويدّعي قتاله في جنوب لبنان؟! المهم أن ازدراء العقوبات الاقتصادية، أصبحت "موضة" لكل المسؤولين الإيرانيين، بالرغم من معرفتهم أنها ذا تأثير مُباشر على اقتصادهم المُتهرئ، فهذا وزير النفط الإيراني "كاظمي" بتاريخ 13/3/2010 (الخميس)، في معرض ردهِ على أسئلة الصحفيين خلال افتتاحه الدورة الـ 15 من معرض طهران الدولي للنفط، يصف تلك العقوبات على بلاده، بـ: "أن فكرة فرض عقوبات على واردات البنزين أصبحت اقرب إلى المزحة".([27])؟! وقد يكون ذلك الوزير صادقاً، فيما لو وصف علاقات إيران بـ: "الشيطان الأكبر"، بأنها فعلاً "مزحة"، كونها كما أشرت تحالف على قتل المُسلمين في العراق وأفغانستان، والإدعاء بالخصومة بينهما في لبنان..؟! وعلى ذات الوصف أعلاه كان موقف الحرس الثوري الإيراني المُصنف كونياً إرهابياً، حيثُ كان مُستصغراً للقرار الأمريكي بفرض حظرٍ على تصدير البنزين لإيران، وعدّه قراراً: "مُثيراً للسُخرية"؟!، حيث ورد ذلك على لسان القائد البارز بالحرس الثوري، رئيس مكتبه السياسي الجنرال "يد الله جواني"، وفي مقابلةٍ لهُ مع وكالة (إيلنا) للأنباء، أعلن فيها قدرة الحرس على أنْ يحلوا محل الشركات الأجنبية، التي تُدير العديد من المُنشآت النفطية العملاقة في إيران، بقولهِ مُتبجحاً: ""يفخرُ حرس الثورة اليوم بإعلان أنهم يملكون الكفاءة والقدرة، على أن يحلوا بسهولة محل الشركات الدولية الكبرى، فمثلا يمكننا تولي المشاريع الكبرى في العسلوية (حقل جنوب فارس النفطي البحري العملاق في الخليج) والعمل بدلا من شل أو توتال".؟!. وفي تقديرنا أن الجنرال "جواني" لم يكُن دقيقاً في كلامه أعلاه، سيما وأنه مُتيقن أن الحرس الذي يُشارك في قيادته، لا يملك القدرة على أنْ يحلُ محل تلك الشركات في إدارة المُنشآت النفطية، لا من قريب ولا من بعيد، ومثل هذه التصريحات يُمكن وسمها بأنها بين تظليل للرأي العام الإيراني، وبين كونها استعراض للقوة.؟! البدائل لمن يرفض تصدير البنزين لإيران جراء العقوبات الأمريكية، كان قائماً في أذهان العاملين في وزارة النفط الإيرانية، فبتاريخ 30/1/2010 (الجمعه) تناول مساعد شركة النفط الوطنية في إيران "حجت الله غنيمي فرد" تلك البدائل التي لم يُعلنها صراحةً، بقولهِ: "أن الحظر الأمريكي لن يعيق وصول هذه الطاقة إلى إيران، التي ستوفر احتياجاتها من البنزين من مصادر أخرى، إذا امتنع بلد ما بسبب الضغوط التي يتعرض لها من قبل الأمريكان، أو تربطه علاقات تجارية مع واشنطن..؟!." ([28])