بداية نعلن رفضنا للإرهاب بكل صوره وأشكاله سواء أكان هذا الإرهاب ضد الشعوب عن طريق قمع الأنظمة الحاكمة لهذه الشعوب آم كان هذا الإرهاب ضد أفراد أو جماعات أو طوائف دينية من أي ملة أو عقيدة وكذلك نعلن رفضنا قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق لان من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ، فكم زلزلت هذه الأحداث الدموية البشعة وجدان الشارع المصري إثر تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية والذي راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى من المصريين ، هذا اليوم الذي يعتبر من أسود الأيام التي مرت علي مصر والذي تحولت فيه الأفراح والأعياد إلي مأتم كبير أصاب الجميع بالصدمة والترويع ، ولقد خرج كل العالم بكافة أشكاله ورموزه الدينية والسياسية من بابا الفاتيكان الذي أستنكر الحادث وطلب حماية مسيحي الشرق من المسلمين ، إلي الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي أستنكر الحادث طالبا له التدخل ولا نعلم عن أي شكل من أشكال التدخل يتحدث عنه راعي البقر الأمريكي ؟! نعم لقد كان هذا الحادث مؤلما علينا جميعا وعلي المجتمع الدولي الذي هز وجدانة وضميره الإنساني والذي لا نقلل من بشاعته أو من تأثيره في شق وحدة هذه الأمة ، هذه الجريمة التي حركت ضمير هذه الإنسانية وأرتفع صوتها إستنكاراً وشجباً في صحوة ضمير فجائية متذرعة بحقوق المواطنة وحقوق الإنسان والقانون الدولي و كل الأصوات التي خرجت من بلادنا يملؤها الحزن والألم والحسرة في هذا المصاب، آلم يسالوا أنفسهم هؤلاء المتباكين إذا كان هذا الحادث الإجرامي الذي وقع علي الشعب المصري بكل هذه المرارة فما الحال بالشعب العراقي الذي يكتوي ليل نهار بجرائم الإحتلال الصهيوأمريكي البغيض منذ عشر سنوات ومع ذلك لم نسمع صوتاً ولا شجباً ولا استنكاراً ممن تحركت ضمائرهم لهذا الحادث ، كما إننا لم نسمع من حكامنا طوال سنوات الإحتلال إلا قولهم بان ما يجري في العراق هو شأن داخلي كما لو كان هذا القتل الجماعي الممنهج من أمريكا وإسرائيل علي الشعب العراقي ما هو إلا حق لهؤلاء القتلة يقتلون متي أرادوا وكيفما شاءوا ، كما أن ما يشهده الشعب الفلسطيني من جرائم يندي لها جبين البشرية علي يد الإحتلال الصهيوني منذ عقود وحتي اليوم وبرعاية أمريكية من حروب وحصار وأغتيالات وهدم لمساكن ومساجد وإعتداءات لم تبـُــقي علي حجر أو شجر ومع ذلك لم نسمع لا شجباً ولا إستنكارا ولم تهتز لهذا العالم المتحضر شعره من نخوة أو شهامة ، آلم يسأل أحدنا نفسه لماذا لم يتحرك هذا العالم المتحضر ويستنكر ما يجري في أفغانستان منذ سنوات بزعم محاربة طالبان والقاعدة التي تمثل غالبية الشعب الأفغاني وقتلهم خلال هذه الحرب نتيجة القصف الأمريكي ما يقارب المليون مسلم من الشعب الأفغاني معظمهم إن لم يكونوا كلهم من المدنيين ، لقد أعلن هولاكو العصر بوش الحرب علي العراق بدون سند من شرعية دولية وتحت مزاعم التحرير والديموقراطية مستخدماً في ذلك كل أنواع القصف الوحشي والتي أهلكوا فيها الحرث والنسل وأبادوا الرجال والنساء والشيوخ والأطفال ، إضافة إلي كل ذلك المناخ الطائفي الذي زرعه الإحتلال الأمريكي الذي يعد بمثابة النار التي أشعلت وأيقظت الفتنة في المنطقة بأثرها ، فمنذ اليوم الأول لهذا الإحتلال ظهرت بوادر هذه المؤامرات الإجرامية والتي دعت الي تقسيم العراق علي أساس عرقي وطائفي وذلك لجعل هذا البلد مسرحا لتدخل أجهزة الإستخبارات الدولية ومن بينها جهاز الموساد الإسرائيلي الصهيوني الذي يعمل ليل نهار في تفجير المواقف الطائفية بين مختلف أطياف الشعب العراقي والتي لا تقتصر علي الجانب المذهبي فقط بل تشمل الجانب العرقي والقومي لكي تشعل الحروب بين أبناء الشعب الواحد مما يؤدي إلي نشر الكراهية بين الطوائف الدينية والمذهبية والعربية وإشعال حروب ونزاعات داخلية لاطائل منها إلا تمرير المشاريع الاستعمارية التآمرية وهذا ما يجري من لبنان إلي السودان إلي الصومال إلي اليمن وكافة الأقطار العربية المختلفة ، آلا يستحق ما يجري في العراق وفلسطين أن يقوم هذا العالم بكل رموزه الدينية والسياسية في إستنكار هذه الجرائم اليومية الدموية التي تأتي تحت شعار الديموقراطية الأمريكية الإرهابية ؟ آلم تتحرك لهؤلاء المتباكين علي حادث الإسكندرية من دعاة الحرية وحقوق الإنسان والمواطنة أي مشاعر إنسانية نحو مشهد لاغتصاب رجال ونساء وأطفال علي يد جنود الإحتلال الأمريكي وعملائه ، آلم تتحرك لهؤلاء المتباكين المستنكرين اليوم أي نوازع بشرية أو إنسانية عند رؤيتهم لمشهد تفجير مسجد أو كنيسة أو سيارة مفخخة لقتل العشرات من المدنيين علي يد جواسيس الإحتلال ومخابراته وذلك لتمزيق هذا الوطن ووحدة شعبه الذي عاش علي مر التاريخ موحداً من أجل تشويه صورة المقاومة العراقية وتحجيمها ، نحن لا نستبعد أي جهة قامت بهذا الحادث ولكن أيضا لا نوافق لعقولنا أن تردد وتروج ما يملي علينا لان كل ما ُيعلن باسم دولة العراق الإسلامية التابعة لما يسمي بتنظيم القاعدة من إستهدافها لكنائس مصرية أو عراقية هو مجرد تضليل وأستمرار لهذا التضليل لان القاعدة هي من صنيعة الاحتلال وأكذوبة قديمة لتكون هي البعبع الذي يخرجه الساحر الأمريكي من جرابة وقتما يشاء، أن أي عاقل عليه أن يسأل نفسه أولا ما هي علاقة القاعدة أو دولة العراق الإسلامية في بلاد الرافدين علي فرض وجودها بحادث الكنيسة المصرية ؟ وهل هذا التنظيم قد أنهي مقاومتة للإحتلال وحرر بلاده لكي يأتي اليوم الذي يخرج فيه للجهاد من أجل سيدتين قيل باسلامهما وإحتجاز الكنيسة لهما ؟ فكم من سيدة وفتاة وطفلة عراقية قتلهم الإحتلال وعملائه ، وكم من شاب وشيخ وعالم وضابط قام الإحتلال بقطع روؤسهم أو دفنهم أحياء في السجون والسراديب السرية ، إلي متي هذه السذاجة التي نصدق معها ما يتم الترويج له لنا ؟ يا سادة أن الساحة اليوم أصبحت مسرحا كبيرا لعبث الجواسيس والصهاينة ، علينا أن ُندرك بان الذين يستنكرون اليوم ويذرفون دموع التماسيح علي ما جري في حادث الإسكندرية هم القتلة والإرهابيين الحقيقيين ، وهم من صنعوا الموت علي أيدي القاعدة ومشتقاتها من إختراعات ُمعلبة وطرود مفخخة ،إن ما نشاهده اليوم من إرهاب هو إستكمال لمخطط تقسيم وتفكيك أنظمتنا العربية تحت زعم محاربة الإرهاب الذي يعطيهم الحق في التدخل السافر في شئوننا الداخلية وبمساعدة هذه الأنظمة المتخاذلة الأمر الذي يحولها إلي أحد أهم مفردات الأستعمار الجديد لتصبح أداة وأهم أزرع هذا الأستعمار ويبدو أن هذه الصناعة الأمريكية لهذه التنظيمات ستظل في تصاعد إلي حيت إستكمال الأهداف المعلنة والغير معلنة لصالح الكيان الصهيوني الذي يسعى في الأيام القادمة إلي بلقنة وعرقنة المنطقة العربية وتجزئتها ، ولذا نقول لمن يذرفون الدموع علي ماحدث في مصر لن يشعر بالنار إلا من أكتوي بها ولعلهم يشعرون .