للبحرين مكانا خاصا لدى كل أهل العراق ومهما تعاقبت أنظمة مختلفة على بلاد الرافدين ، و تبادل الحب و التقدير بين الشعبين سمة مميزة لهما .. لا أدعي أني اعرف سبب هذا التقارب و لكن قد يكون ذلك من التقارب الكبير بين السمات لهذين البلدين و التي تحمل كل الصفات الحميدة لأمة العرب من صدق و كرم الضيافة و أيمانهم بدينهم و عقيدتهم و تمسكهم الكبير بعروبتهم و للعديد من الوزراء و المسئولين خلفيات سياسية قومية و خاصة أن أكثرهم قد أتم دراسته في الجامعات اللبنانية . و خلال حكم البعث للعراق توطيد العلاقة بين البلدين أكثر بكثير عما كان عليه الحال في زمن الحكومات التي سبقته ، و لكن و خلال هذه الفترة المتزامنة مع استلام البعث للسلطة بالعراق أشتد التآمر الإيراني على ( دولة البحرين ) الشقيقة و كانت تحت حكم الشيخ المغفور له عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله و تم اكتشاف مؤامرة كبيرة كانت تستهدف عروبة و استقلال هذه الدولة الصغيرة و التي ما برحت أن تخرج من المظلة البريطانية و تم العثور على كميات كبيرة من الأسلحة كانت معده لاستخدامها ضد حكومة و شعب البحرين و قد أكدت التحقيقات أن النظام الإيراني كان وراء هذه المؤامرة و التي سبقتها محاولات لانتزاع عروبة البحرين من خلال استمرار مطالبة إيران بعائديه أرض البحرين لها مما أدى إلى أجراء استفتاء عام للشعب أشرفت عليه الأمم المتحدة لمعرفة رغبات هذا الشعب فيما أذا كان يرغب الانضمام إلى إيران أو التمسك بعروبة جزيرتهم و الحفاظ على دولتهم بلحمها و دمها العربي و قد جاء الاستفتاء بأغلبية بسيطة في رغبة الشعب البحريني بالتمسك بدولتهم و عروبتها .. وكانت هذه المحاولة من اشد المحاولات التي قامت بها إيران لاستلاب سيادة البحرين و كيانه كدولة مستقلة .. و بعد العثور على كميات كبيرة من الأسلحة كانت معدة كما أسلفنا للسيطرة على مقاليد الأمور بالبحرين و ربطها بإيران استنكرت الدول العربية هذا التصرف الأخرق و طالبت إيران بالكف عن تدخلاتها بالشأن الداخلي البحريني و لم تقدم لها دعما ماديا أو عسكريا كافيا لتعزيز صمودها تجاه هذه المحاولات الخسيسة، إلا العراق فقد كان موقفه متميزا ينم على أيمانه بوحدة مصير هذه الأمة و ضرورة الدفاع عن كافة أقطارها حيث زار وزير الدفاع العراقي بزيارة مفاجئة إلى المنامة التقى فيها فور وصوله بسمو الشيخ ولي العهد و وزير الدفاع تبعها لقاء عاجل مع المغفور له سمو أمير الدولة نقل الوزير العراقي خلالها رسالة من القيادة العراقية إلى سمو أمير الدولة أعلن فيها وضع جميع إمكانيات العراق الاقتصادية و العسكرية تحت تصرف القيادة البحرينية للحفاظ على أمن و استقرار الدولة و كان هذا الموقف محط تقدير و احترام شعب و حكومة دولة البحرين و بفضل هذا التضامن فقد خفت حدة التدخلات الإيرانية بالشأن البحريني حتى بدأت الحرب العراقية الإيرانية في 4/9/1980 و حينها انشغلت إيران عن أطماعها في كل الوطن العربي بسبب هزائمها المتكررة على معظم خطوط جبهة القتال على الحدود بين العراق و إيران ، و لكنها ضلت تعمل على تواصلها مع مؤيديها من أبناء البحرين مستغلة أبناء المذهب الشيعي و تأثرهم بالفكر الخميني الساعي إلى تصدير مبادئ الثورة الإيرانية الإسلامية و التي يتضمنها الدستور الذي وضع بعد قيام ثورة خميني و فتحت معسكرات لهم داخل الحدود الإيرانية و مخيمات يمارس فيها غسل أدمغتهم و العمل على كسب ولاء أكثر عدد من هذا البلد لمبادئ هذه الثورة، لذلك منعت البحرين مواطنيها من زيارة إيران و لتلافي هذا القرار أمرت إيران إتباعها بالسفر إلى دولة الإمارات و الدخول منها إلى إيران دون تأشير جوازات سفرهم واعتماد ورقة للتأشير بدلا من جواز السفر البحريني . و قد استثمرت إيران تواجد أعداد كبيرة من مؤيديها من بين أبناء البحرين حيث ظهرت الشعارات على جدران القرى و الأزقة في المحرق و المنامة و مدينة عيسى و غيرها من المدن تمجد بالخميني تناصر إيران على العراق وكان الكثير منهم يعلن موقفه هذا جهارا دون خجل من هذا الموقف المنافي لقيم الأخلاق و الانتماء القومي بمناصرة أجنبي على عربي على اقل تقدير ناهيك عن باقي الأسباب الموجبة لوقوف هذا الشعب مع أشقائه العراقيين في معركتهم المصيرية مع إيران ، و ظهرت هذه المواقف جليا خلال أشهر رمضان المبارك في المواكب الحسينية حيث كان الحديث فيها و عبر مكبرات الصوت باللغة الفارسية في اغلب الأحيان و تنهال بالسب و الشتم على العراق و شعبه و قيادته و كانت هذه المواكب تجوب الشوارع في مسيرات طويلة يشارك في اغلبها مواطنون يعملون في البحرين يحملون جنسيات دول جنوب شرق أسيا بعد أن يدفع لهم صاحب الموكب أجرا جراء اشتراكهم بهذه المسيرات ، كل ذلك يحدث بإيعاز من إيران التي لن تنفك يوما إلا و استغلت المناسبات الدينية و تحويلها إلى منتديات سياسية تعبر من خلالها عن نهجها التوسعي على حساب امتنا أرضا و شعبا .