في هذه الليلة المباركة التي تمثل تودع عاما مضى و تستقبل عاما جديد يعيش العالم كله بأمن و أمان و سلام تغمره سعادة كبيرة احتفاء بالقادم الجديد و وداعا لعام مضى ، إلا في العراق المحتل الجريح ، فأن جميع ساكنيه يعيشون أيامهم كلها أحزانا نتيجة للأجرام المرتكب بحق شعبه و كل من سكن فيه لأي سبب من الأسباب ، ففي هذا اليوم تمتزج الدموع بالدم في بغداد و كل مدن العراق ، فالأجرام لا يفرق بين أي مكون من مكوناته ، و المجرمون لا يفرقون بين يوم و آخر أن كان عيدا أو يوم عبادة و يفرقون بين جامع أو كنيسة أو حسينية فالكل هدف للإرهاب و كل من سكن في العراق معرض إلى شتى أنواع الإرهاب ، فالدموع تذرف اليوم بغزارة مثلما تنزف الدماء ، دموع تذرف بسبب فقدان الأحبة أما بتفجير يرتكبه ارعن متعطش للدماء أو انتحاري أخرق قبيح أو سلطة طاغية تعتقل و تهين من تشاء و بدون حساب أو رقيب و محتل غارق حتى أذنيه بجريمة إبادة شعب بأكمله.. و لتقريب الصورة للقارئ الكريم فأن مسيح العراق لم يعرفوا هذا العام معنا لأعيادهم فقد داهمهم الموت من كل جانب وهاهي أرواحهم تحصد ببغداد و نينوى و باقي مدن العراق ، سرق الأجرام سعادتهم بعيدهم و سرقوا بسمة أطفالهم بهذا اليوم الذي يجله المسلمون قبل المسيحيون و تفرح به و برأس السنة الميلادية كل أبناء العراق ، في عهد الدكتاتورية كما يسمون كانت الشموع تضيء شوارع بغداد حتى الصباح و لكن في عهد الديمقراطية التي يدعون بدلوا الشموع بالمتفجرات و كواتم الأصوات .. ولا أريد أن أضيف المزيد لأنها معروفة للجميع ، و مثال آخر هو ما يحصل في مدينة أشرف التي يسكنها عدة آلاف من اللاجئين الايرانين و الذين مضى على وجودهم في هذه المدينة و في العراق أكثر من 25 عاما عزل من السلاح يعيشون و منذ بداية عام 2009 على اقل تقدير تحت إرهاب منظم رهيب بأشراف قوة القدس الإيرانية وهم لا يطلبون شيئا إلا الأمن و الأمان من بطش النظام الإيراني الفاشي .. ففي ليلة رأس السنة الميلادية يمتزج الدم بالدموع .. دمهم ينزف بهراوات قوات الأمن العراقية من جراء الاعتداءات المتكررة على السكان و بمساعدة أعداد من المخابرات الإيرانية تمارس الضغط و الحصار على هذه المدينة لإجبارهم على تسليم أنفسهم لجلاديهم .. دموع الحسرة تذرف على أحبة يأكل أجسادهم المرض ولا من دواء يشفيهم ولا من يضمد جروح أصابت رؤوس أحبابهم و إخوتهم بهراوات لا تعرف الرحمة .. هم حيرى ، أيبكون من يعدمهم النظام يوميا في شوارع طهران أم يبكون من شدة ما يعانون من جوع و مرض و حسرة على من فقدوهم برصاص سلطات الأمن العراقية .. العالم كله يرقص على أنغام أعذب الحان الموسيقى و دقات الطبول ، وهم يعيشون إرهابا نفسيا تحت أصوات نشاز تصدر عن 140 مكبر صوت توعدهم بالموت و الثبور و تتوعدهم برافعات الإعدامات في شوارع طهران أو حرقا في مدينتهم .. هذه المدينة كما هو كل العراق لم يزره بابا نوئيل و لم يمر بشوارعها أبدا منذ سنوا . هذا كله يحدث في العراق و ليس هناك من يتضامن مع هذا الشعب و يمتنع عن الاحتفال بهذا اليوم محتجا و متضامنا لأن هناك الملايين من شعب العراق ممنوع عليهم البسمة في يوم جعله الله للفرح و الرحمة .. أليس من واجب المنظمات الإنسانية و منظمات حقوق الإنسان و الدول التي تنصب و نصبت نفسها مدافعا عن الشعوب المقهورة و الدفاع عن الديمقراطية أن تعمل على إيقاف الدم المتدفق و الدموع المنهمرة في العراق ؟ .. أليس من حق شعب العراق أن يفرح أطفاله كما يفرح أطفال العالم بأعياده ؟؟ .. هذا كله يجري تحت أنظار الدولة المارقة الغازية التي دمرت شعبا آمنا و مستقرا وذبحت أبنائه بحجة الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان و الديمقراطية و سلمته هدية لأبشع جزار عرفته البشرية إلا هو النظام الإيراني البشع و الذي لم يكفيه إعدام مواطنيه بالعشرات بواسطة الرافعات و في شوارع طهران .. راح يذبح شعبنا بكواتم الصوت و التفجيرات التدميرية و العبوات اللاصقة لتعاقب شعب العراق على هزيمة ذاقها على يده . احتفلوا بعيدكم يا أحرار العالم و انسوا من يعيش على ارض العراق فأنهم خارج المنظومة الكونية و أفرحوا كما شئتم و ارقصوا فرحا شبابا و شيبا ، بينما يرقص شعب العراق و سكان أشرف في هذا اليوم المجيد ألما و حزنا و ليبقى الأمين العام للأمم المتحدة يستمتع بمناظر الاحتفال في لندن و واشنطن و مدريد ولن يعجبه النظر إلى احتفالات بغداد و باقي مدن العراق.