لم تكن مأساة كنيسة سيّدة النجاة رغم بشاعتها, الأولى في سلسلة المآسي التي حلّت بالشعب العراقي بصورة عامة وللمسيحيين العراقيين بصورة خاصة ,ولن تكون الأخيرة في ظل الأحتلال الأمريكي للعراق وأستحواذ الأحزاب الطائفية والدينية العنصرية على مقدراته تحت تسمية كانت في وقت ما أمل الشعب العراقي الذي وٌعد بها قبل تجربته العملية مع الأحتلال والكيانات التي جلبها معه بعد أن خبرها عمليا طيلة ما يقارب الثمان سنوات والتي أحتقرها وتمنّى لو لم يسمع بها لما سبّبته من مآس وويلات ومصائب تزداد حدّتها يوما بعد يوم وهي كلمة " الديمقراطية " لقد حاول جميع أعداء العراق والساعين الى تقسيمه وشرذمته تحت تسميات عديدة وفي حلف غير مقدس نشر بذور الفرقة والعداوة بين أطياف الشعب العراقي مستغلين ما قام به الأحتلال من نشر ثقافة الطائفية والمذهبية لتتحول الى عنصرية بغيضة ,أستغلوها أبشع أستغلال لغرض تقسيم هذا البلد الذي كان موّحدا منذ الأزل لاسيّما بعد تشكيل الحكم الوطني في أعقاب الحرب العالمية الأولى ولأول مرة منذ أسقاط الدولة الكلدانية عام ( 539 ) قبل الميلاد , لقد حاول أعداؤه زرع بذور الشقاق بين أبنائه بمسلميه ومسيحييه , وبنوا على ذلك آمالهم بتقسيمه وشرذمته بحجة حماية المسيحيين , وقدموا مشاريعهم العديدة , كان آخرها مؤتمر من دعوا أنفسهم ب " رؤساء الأحزاب والمؤسسات القومية لشعبنا " وهم في الحقيقة مجموعة الأحزاب الآشورية , حشروا بينهم للتظليل بعض الكلدان السائرين في مخططاتهم لأسباب معروفة ! قبلوا لنفسهم أن يكون عددهم في هذا التجمع أقل من 20% من اصل (34) مندوب وهم يمثلون أكثر من 80% من مسيحيي العراق , في حين أن عدد الآثوريين في هذا التجمع كان حوالي 70% بينما نسبتهم الى لمسيحيي العراق لا تتجاوز 10% !!! وتوصلوا في عدة ساعات وبعجالة الى أخطر قرار يهم مستقبل المسيحية في العراق في فصلهم وجمعهم في منطقة بائسة تحت رحمة الغير وخدمة لمشاريعهم بحجة أستحالة التعايش بين المسيحيين وباقي سكان العراق ضاربين عرض الحائط آراء ومقررات رؤساء مجلس الطوائف المسيحية في العراق الذين يمثلون بحق كافة مسيحيي العراق والذين يدعون الى التآخي بين مختلف أطياف الشعب العراقي , وينبذون أية مشاريع تهدف الى عزل مسيحيي العراق عن بقية أخوتهم المواطنين . لقد كانت تفاصيل المؤتمر الصحفي الذي عقده " الشهيد الحي " الأب الفاضل روفائيل القطيمي , ردا قويا على بيان الأحزاب الآشورية حيث قال وبكل وضوح . ((( نحن المسيحيين أبناء العراق و متجذرين في العراق ولذلك أقول للكل أن كل ما يمس العراق يمسنا وكل ما يضر العراق يضرنا , لأننا جزء لا يتجزأ من مكونات العراق منذ القدم ولذلك حسب القانون والأنظمة فنحن المسيحيين جزء اصلي من العراق فلنا كل الحق كإخواننا المسلمين وبقية المكونات أن نعيش في العراق بنفس الحقوق والواجبات, فعشنا منذ طفولتنا في محلة واحدة في تكاتف مع الإخوة المسلمين في الجامعة, الوظيفة, العمل..ولم نشعر بأية فروق لأننا نشعر كشعب واحد))) . وفي نفس المؤتمر الصحفي , شخّص العلّة في الأحتلال الذي كان السبب لكل ما حل بوطننا من مآس وآلام حين قال . ((( لكن ما حدث بعد 2003 من ماسي لا يمكن أن أقول أبدا أن الشعب المسلم العراقي له علاقة به ابداً وهذا من خبرتي أقول ذلك .. هناك أصابع خارجية تتدخل في العراق وأدخلته في نفق مظلم , فالعراق أ ُدخل رغم عنه في هذا النفق المظلم ))) . أن الذي يدّعي الحرص على المسيحيين في العراق , ويريد حمايتهم , وليست غايته تنفيذ مشاريع وخطط الغير, عليه العمل على أستقلال العراق من أي سيطرة أجنبية , أو تقسيمه الى كيانات طائفية , وأن يدعو ويطالب العالم أجمع بأن يساعده على أنقاذه من الأحزاب الطائفية والعنصرية , ليعود عراقا موحدا قويا يتبوأ مكانه الطبيعي بين دول المنطقة وليس الى الدخول في مؤامرات لتقسيمه الى كيانات هزيلة سهلة الأبتلاع من الدول المجاورة والطامعة فيه . أن كلمات الأب الفاضل , هي كلمات جميع مسيحيي العراق المخلصين لترابه وليس السائرين في مخططات أعدائه, وهي كما أرادها بعيدة عن السياسة وحبائلها , ولكن من غير المستبعد أن يعتبرها البعض سياسة لأنها تدعو الى الألفة والمحبة والتعاون بين فئات المجتمع العراقي والذين يتهمون رجال الدين الكلدان بها كلما أرادوا الدفاع عن أبناء رعاياهم في وجه التهميش وطمس معالم تاريخهم وحضارتهم . أننا نفتخر بك أيها الأب الفاضل , لقد كنت بطلا بأنقاذك أرواح العشرات من أبناؤك حين أدخلتهم في غرفة السكرستيا , وفديتهم بنفسك عندما قتلوك , ولكن الله أرادك أن تستمر في رعاية الرعية المسلّمة أليك , يا أيها الراعي الصالح .