مدخل: في 8 أيلول 2006 كتبت هذه المقالة في بغداد ومازال الحال يتفاقم والاغتيالات تتواصل والإبادة مستمرة وقتل الناس لم يهدأ يوماً وتقطيع أوصال مدننا قائم على قدم وساق .. فإلى متى سيستمر هذا الوضع ومتى يستيقظ الناس من غفوتهم ومتى تتوحد الجهود للإطاحة بهذه العذابات؟. المقال: الخطر الجديد الذي يتهدد المجتمع العراقي بعد التهجير هو ما سيعقب هذا التهجير. وإذا لم يتنبه عقلاء القوم و"الحكومة" إلى ذلك فان الكارثة ستحل لا محالة. إن الخطر يكمن في هذا السؤال: ماذا سيحل في العراق إذا أخليت أحياء أو مدن كاملة من طائفة من طوائف الشعب أو لون من ألوانه أو مكون من مكوناته وقسمت هذه الأحياء أو المدن على أساس طائفي أو عرقي؟. ليس الخطر في أن يرفع الحي أو المدينة رايته الخاصة به ويعلن نفسه "فيدرالية" ضمن "فيدرالية" أو قسماً داخل قسم أو جزءاً في قلب جزء، وإنما الخطر في أن يد منفذي هذا التشظي ستكون مطلقة في شنّ الحرب على الحيّ الذي يريدون أو المدينة التي يخططون لمحقها. معنى هذا أننا على أبواب حرب صاروخية أو تراشق بالقذائف أو تبادل في الاغتيالات بين الأحياء والمدن وهو ما يهدد المجتمع من الداخل بالتفجير. وما فعلته "حكومتنا الحكيمة" لعلاج مشكلة التهجير التي يشهدها العراق والتي تنفذها أيادٍ غير عراقية يعطيك انطباعا واهما أن العراقيين يهجرون بعضهم بعضاً ويقتلون بعضهم بعضاً. إنها أعلنت أنها ستخصص أراضيَ ومساكن للمهجرين وأخذت تضخّ لهم المساعدات المادية والعينية ليواجهوا ظروفهم الشاقة الجديدة وتقدم لهم شتى التسهيلات، ويكمن خطر ذلك في أنه يعطي انطباعا أن الحكومة ضعيفة وعاجزة عن مواجهة هذا الخطر في أحسن الأحوال أو التفسيرات أو أن الحكومة نفسها ضالعة في تنفيذ أجندة التهجير في أسوأ الأحوال أو التفسيرات. إن الحكومة بدل صرفها الأموال الطائلة للمهجرين في مهاجرهم كان الأولى بها توفير الحماية لهم في بيوتهم ومنع تهجيرهم والضرب بشدة على الأيادي التي تنفذ تهجيرهم لتبرئ نفسها من تهمة العجز والضعف أو الضلوع في تنفيذ هذه الأجندة ولكي تحمي بنية المجتمع من تخلخل يهدف إليه التهجير. مازالت عمليات التهجير قائمة على قدم وساق والعراقيون يعون أهدافها ويعرفون الجهات التي تنفذها والتي هي قطعاً جهات غير عراقية، لا نبرئ الاحتلال من أبوته لها، ولكنهم ينتظرون الفرصة المواتية للردّ عليها بقوة وضرب منفذيها، فليس من جار في حيّ عراقيّ لا يحنّ على جاره ولا يتألم لألمه أو يفرح لفرحه، وليس بين العراقيين من يحمل الحقد على نملة ما دامت هذه النملة تدبّ على أرض العراق فاحذروا غضبة الحليم وتوقوا ردّ فعل الشجاع الصابر. إن الرد السريع على هذه العمليات الإجرامية التي تهدف إلى تفكيك المجتمع العراقي هو إعادة المهجرين إلى بيوتهم وتنشيط العمل الاستخباري في مناطقهم لمعرفة من يهجرهم وإصدار قرارات طوارئ بإنزال عقوبات رادعة بحق من يمارس هذه الجريمة وتنفيذ هذه العقوبة على رؤوس الأشهاد ليعرف كل من تسول نفسه الباغية بالاستيلاء على ممتلكات الآخرين وترويعهم انه لن ينجو من العقاب أبداً .. أما الحلول "الديمقراطية" لمثل هذه الجرائم فستجعل التهجير يمضي قدما نحو تحقيق آخر أهدافه .. فاتعظوا يا أولي الألباب.