لا يجوز النظر إلى قرار الرفيق غزوان الكبيسي ورفاقه المجاهدين في العودة إلى أحضان الشرعية التنظيمية والجهادية ، وقياس وزن وثقل وتأثيرات هذه العودة بمعيار كمي مجرد , على أهمية وزن الرفيق غزوان والرجال الذين عادوا معه , بل إن الدلالات النوعية تبقى هي التي تشرق شموسا في ظلمات قوانين الاجتثاث والإقصاء وسلب الحقوق الفردية والجماعية في زمن غزو واحتلال ، حدث بمسوغ واحد يمثل رأس كل المسوغات الأخرى , ألا وهو القضاء على البعث فكرا وعقيدة ونظاما وتنظيمات وكيانات بشرية لأنه القوة العربية الوحيدة التي ظلت صامدة بوجه الامبريالية والصهيونية ورياح الطائفية الفارسية الصفراء. وحيث إن للبعث كيان شعبي عملاق , ولقيادته ومناضليه بأس جهادي ونضالي تعرفه قوى الظلام والعدوان جيد , ولأن الكيان الوطني والقومي الذي أسسه كان مبنيا على إنسان خلقته ثورة البعث وأخذ مواقع الريادية في بناء العراق وفي الدفاع عنه في كل مفاصل الدولة وقطاعات الإنتاج وروافد الحياة كله , فلقد وجد الاحتلال وقردته الخاسئين أنفسهم أمام سلسلة خطوات لاغتيال البعث لا تنتهي بإصدار قانون الاجتثاث الإجرامي كما تخيلو ، بل يجب أن تتواصل بإجراءات أكثر وحشية لأن الاجتثاث كقانون لا يمكن أن يقتلع هذا الكيان النضالي الأسطوري من أرض العراق. وقد جرب الاحتلال وأدواته الوسائل الآتية ضمن خط سير الاغتيال المراد تحقيقه للبعث وكتعضيد لقانون بريمر ودستور الصهيوني نوح فيلدمان: 1- التصفية الجسدية لقيادة الحزب ولكادره المتقدم والأوسط وبعض الأعضاء والأنصار والمؤيدين وأوكل هذا الدور إلى حكومات الاحتلال وميليشيات بدر والدعوة وجيش مقتدى وفرق الموت لأحمد الجلبي وعصابات الأحزاب الكردية العميلة فضلا عن اعتقال مئات الآلاف من البعثيين. 2- الإيحاء إلى عناصر معينة لتأسيس كيانات سياسية كارتونية بمسمى (حزب العودة) مثل ، وغيره ، كبديل وهمي لحزب البعث العربي الاشتراكي بهدف تشتيت الوحدة التنظيمية الحديدية للبعث. 3- اعتماد عناصر كانت في سنوات ماضية مرتبطة بتنظيمات حزب البعث غير إنها خرجت وأسست كيانات سياسية تعاقدت مع الغزو قبل حصوله لاستثمار الظروف الضبابية التي تلت الاحتلال لاحتواء مَن تشتت أفكاره ، وغشت بصيرته ، من البعثيين ، أو ممن لمن يتمكن من الصمود أمام إعصار اللحظة فتاهت خطاه وصار يبحث عن (ريحة بعثية) في جلباب هذا أو ذاك من الراكبين لموجة الغزو. 4- تجزئة قانون الاجتثاث لاحتواء صدمة بريمر بالكم البشري الهائل الذي وجده أمامه مشمولا بقانون الاجتثاث والذي يزيد كثيرا عن الأعداد التي أعطيت له سلفا. وجاءت التجزئة بعدم شمول الأعضاء أولا ومن ثم منح أعضاء الفرق حق الاستثناء بعد تقديم مستمسكات البراءة الخطية من الحزب وتقديم ضمانات أخرى بعدم العودة إلى تنظيمات الحزب مقابل إعادة المعنيين إلى وظائفهم او إحالتهم على التقاعد وتسليط ظروف قاهرة حياتية ومعيشية لإنجاح حملة الترهيب الوحشية. 5- السعي لتشكيل تنظيمات جديدة من قبل بعض المتساقطين من البعث والذين وجد فيهم الاحتلال ومخابراته الاستعداد للتعاون مع أجنداته لغرض إغراء بعض البعثيين بالانضمام إليها ضمن اتجاهات تشتيت الكيان البعثي العملاق وإضعاف وحدته التنظيمية. 6- الاتجاه إلى خلق انشقاقات وردات ضمن جسد الحزب ومن عناصر محسوبة على كوادره ، ومنح بعضها امتيازات لجوء واستضافات وامتيازات مادية وإيحاءات بامكانية الإعادة إلى مواقع في سلطة الاحتلال تحت يافطات مزيفة عُرفت باسم (المصالحة الوطنية). وقد كان محمد يونس الأحمد أخطر الخناجر التي أُستلت لضرب جسد الحزب لأنه كان عضو قيادة قطرية سابق في الحزب قبل الاحتلال بسنوات ، وعمل بعدد من المحافظات ، فضلا عن كونه ضابط سابق في الجيش ولديه علاقات ومعارف يمكن أن تؤثر على العديد من الضباط البعثيين في اتجاهين مهمين وخطرين ليس على البعث فقط ، بل وعلى المقاومة الباسلة ، هما الاتجاه التنظيمي والاتجاه الجهادي المقاتل أو الساند له. بمعنى آخر إن احتواء الأحمد ومَن يجمعه معه على خط تشكيل المجموعة المرتدة سيكون عنصر استثنائي الأهمية في تحقيق جزء من أهداف قانون الاجتثاث التي لا يستطيع أحد غيره تحقيقه ، وقد تم توجيه السهم الغادر إلى الحزب عبر شخص الأحمد ومَن تمكن من إغواءهم وتضليلهم أو حشدهم على أساس نفعي ، والحزب لما يزل يئن تحت وطأة أوجاع اغتيال أمينه العام صدام حسين رحمه الله وبعد أيام قليلة جدا من عملية الاغتيال. من هنا وبناءا على ما تقدم تأتي الأهمية النوعية لخروج الرفيق الشجاع غزوان الكبيسي وعدد كبير من رفاقه من مجموعة الردة وتبرّئهم منها وإعلان موقفهم التاريخي بالعودة إلى أحضان الشرعية النضالية والشرعية الجهادية. فعودة الرفاق الشجعان وفي هذا الزمن بالذات بعد أن تكشّفت لهم الحقيقة ، تحمل العديد من الدلالات النوعية الهامة منها: أولا": حيوية الخلفيات العقائدية والفكرية للمناضلين العائدين التي كانت مهمازا يتحرك في ضمائرهم ويؤرق عيونهم لاصطراع إرادات داخلية عميقة بين الحق والباطل وبين النور والظلمات وبين الصح والخطأ. انتصرت المبادئ والعقيدة وصح الصحيح وأشهر سيف قيم الرجولة حده في مواجهة التخاذل والفوضوية والظلامية. هنا تتكشف بالنتيجة حيوية البعث وقوة البناء الفكري والعقائدي الذي أسسه في ذوات مناضليه وأبناءه البررة الأوفياء الاصلاء الانقياء. ثانيا": إسقاط ـحد ابرز أدوات التجاسر على البعث العظيم التي استخدمت ولا زالت كأداة طعن وتشويه من قبل قردة الاحتلال الخاسئين من العرقيين والطائفيين وأجهزة إعلام الاحتلال والباحثين في قمامة الاحتلال وأعوانه. ثالثا": الإعلان الباهر عن انتصار الشرعية التنظيمية والجهادية وإسقاط ورقة التآمر الوقحة التي راهنت على شق صفوف الحزب التي عجز قانون الاجتثاث وفقرة الدستور الصهيوني عن تحقيقها. رابعا": إنها طعنة نجلاء مباركة في جسد التخرص والتشويه والتبشيع والشيطنة وإعلام التفتيت والقائمين عليه أفرادا ومؤسسات ودول. إن العودة الميمونة للرفيق غزوان ورفاقه إن هي إلا انتصار لثبات الشرعية النضالية والجهادية وقائدها المجاهد البطل عزة إبراهيم الدوري وحنكته وصبره ، وخط التسامح الخلاق الذي ينتهجه والروحية الايجابية التي يتبناها في التعاطي مع ظروف هي الأكثر تعقيدا وخطورة في تاريخ الأحزاب في العالم كله. وهي تكليل لجهود مباركة لرفاق البعث الغيارى في الساحة السورية وغيرها. وثمة انعكاسات ايجابية منتظرة وأكيدة لعودة رفاق العقيدة من جنود بواسل وبعثيين شجعان في مقدمتهم الرجل الثاني في المجموعة والأكثر وزنا وثقلا في تركيبها وتركيبتها كما يعرف كل المعنيين على أداء المقاومة الباسلة عموما والبعثية خصوصا بإذن الله. اليقين إن ما حصل لم يحرر العراق ولم يجتث الاجتثاث غير انه خطوة مهمة , في تقديرن , على طريق تقوية الفعل البعثي الشجاع والفعل الجهادي للمقاومة الباسلة في اتجاه التحرير الناجز بإذن الله. فتحية رفاقية للرفيق غزوان ومَن عاد معه من الرفاق على موقفهم الشجاع هذا. وإنها لفرصة مؤاتية للمتبقي من المغرر بهم من رفاقنا في انتهاج ذات السبيل فورا والعودة إلى الوضع الطبيعي السليم لهم وللحزب وللمقاومة وللعراق الجريح. aarabnation@yahoo.com