أنقضت ربع الفترة بين دورتين أنتخابيتين في جدل الخلاف والأنقسام والتشرذم المشحون بعوامل الشك والريبة وهجر السليم من النوايا والصحيح من المناهج والأهداف لما يسمى بالطبقة السياسية في العراق (الجديد!!؟) ،كما أن الربع الأخير سيكون زاخرا بكل جهود الأعداد للأنتخابات اللاحقة فضلا عن محاولات مكثفة وحثيثة لأضفاء أجواء غليظة من التعتيم على كل ما ستشهده فترة النصف الوسطية من تجاوزات ومخالفات وأستغراق في تنفيذ الأجندات المصلحية لذات التشكيلات السياسية ومرجعياتها الأقليمية والدولية .أذن قانون التصارع بين الكيانات لأثبات الحضور العقدي وبسط الهيمنة وملاحقة المصالح والثمار التي أينعت في ظل سيادة مبدأ النفط مقابل السرقة مع التغييب المقصود للتنمية والبرامج الأعمارية والنهضوية لكل مرافق ومساحات الدولة العراقية ،كل ذلك وغيره كثير جسد صورة المعالم العامة للمشهد السياسي في العراق (الجديد!!؟) الغريب عن ذاته والمجافي لحقيقته . أن المراقب لكل معطيات مرحلة الأحتلال سيجد أن جل مايشغل هؤلاء (المناضلون الأفذاذ!!) و (معارضون الأمس الشرفاء!!) هو هاجس أثبات الذات بكل ماأشتملت عليها من أفكار منحرفة عن العقائد السوية ومناهج قوامها الفلسفة الميكافيلية،ويبقى السؤال الذي ينبغي أن يظل متوقدا في عقول الجميع من أبناء شعبنا وأمتنا عن ماهية منطلقات وأهداف أولئك الذين تشكلت منهم مايسمى بالطبقة السياسية في العراق (الجديد!!؟)؟، أن الأجابة على هذا السؤال أفصحت عنه تجربة الثمان سنوات الماضية ،فهذه التجربة كان تحضر فيها على الدوام المصلحة الذاتية لهذه المجاميع وتغيب عنها قسرا وعمدا وبأصرار المصلحة العامة للبلد ،لماذا !؟،الجواب ببساطة يتصل مباشرة بغياب مفهوم وفكرة المشروع الوطني عن ذاكرتهم وثقافتهم وتركيبتهم ،وهذا الغياب ليس بسبب الجهل أو التجاهل أو شغله لمرتبة متأخرة في سلم أولوياتهم ،بل أنهم حتى عمدوا الى الزيادة في معرفته وفهمه،وكل ذلك بقصد الأمعان في تصويب ضربه وأجهاضه أنطلاقا من تنامي الرغبة القديمة الجديدة لديهم في الأنتقام ليس من نظام حكم أو شرائح بعينها وحسب وأنما من العراق بمجمله تكوينا وتراثا وهوية وكل ما يتصل به من معالم مشرقة ، فمن ينظر الى المنهج الفكري والسياسي لما يسمى بالطبقة السياسية لابد وأن يستشعر مباشرة أحدى صفتين تطبعهما أو الأثنان معا ، الأولى الشعوبية والثانية العنصرية ،وطبعا مع مسحة واضحة للصبغة الصفوية المتجذرة في تركيبة قطاع واسع منهم ، وأما التركيبة والأدوات ،فقوامها من العملاء والجواسيس المكلفين بتنفيذ برامج وأجندات لدول وجهات لم تعد خافية على أحد ويقف في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وأيران فضلا عن بريطانيا التي كان لها أدوار تكميلية . أن ماتقدم لايحتاج الى أثبات أو قرائن ،فوصفه يمثل مدخلات المشهد السياسي ،والمخرجات يجسدها ماوقع من هؤلاء من مواقف وسياسات ونتاجات خلال فترة الثمان سنوات المنصرمة وكلها أنطلقت من ذات التركيبة الثرية بالأحقاد والأنحراف في آن معا ،فما هي صفة وأولويات هذه الأحزاب : 1- الأحزاب الشيعية الطائفية : التي تفشت في البلاد بعد الأحتلال الصهيوأنكلوأمريكي على خلفية وجود عدد كبير من أبناء شعبنا ممن يعتنقون المذهب الشيعي والذين شكلوا حاضنة وركيزة لهذه الأحزاب وساهموا في تسهيل مهمتهم وتثبيت تواجدهم من خلال أستثمار هذه الأحزاب جهل هؤلاء لحقيقة وأصول تكوين هذا المذهب وأستسلامهم فقط لما يصل اليهم عبر من يقلدونهم من أصحاب العمائم السوداء والبيضاء .أن هذه الأحزاب كانت تسعى على الدوام الى تحقيق أمرين رئيسيين ،الأول هو الأنتقام ممن سلبهم بزعمهم السلطة وصادر حقوقهم وأضطهدهم ومنعهم من أداء الزيارات وممارسة الطقوس ونحو ذلك مما تأطر وصفه لاحقا ببدعة (المظلوميات )الشهيرة ،والثاني يتصل بتنفيذ الأجندة الصفوية في شقيها التوسعي التبشيري والأستخباري ،فقط هذان الأمران وبصفة رئيسية !!؟؟ ولنجد بعد ذلك من يجرؤ على القول بعدم صحة ما نقول .هل ثمة عاقل واحد يمكن أن يجهل حقيقة الأرتباط الجدلي الوثيق الواسع والعميق بين هذه الأحزاب ونظام الملالي في أيران بالصيغة الرسمية المباشرة أو من خلال الأذرع الأستخبارية لما يسمى بفيلق القدس ،الم يكن تشكيل مايسمى بالتحالف الوطني هو نتاج لجهد أيراني لتثبيت هذه الأحزاب على رأس السلطة في العراق ولضمان أستمرارها في تنفيذ المخططات والبرامج الصفوأيرانية المتوافقة مع مثيلاتها في الطرف الصهيوأمريكي.هل تفعل أيران ونظامها الصفوي ذلك من أجل مصلحة العراق والحفاظ على وحدته وهويته الوطنية والقومية والأسلامية وهي من ناصبته العداء على مر العصور وشنت عليه الحروب تلو الحروب وآخرها في ثمانينات القرن الماضي فضلا عن غدرها المتواصل وتواطؤها في تسهيل مهمة حلفاؤها من الشياطين الأمريكان لغزو العراق وبأعتراف المدعو أبطحي نائب الرئيس الأيراني !!؟؟ ،هل سيكون عصيا على أي عاقل أن يتصور حقيقة أن هذه الأحزاب الصفوية باتت ظل أيران في العراق ،وأنها لم و لن تسير خارج السكة الأيرانية الموصوفة لها ،وأن أيران لم ولن تعمل في صالح العراق ،وأن جهد عملاؤها في الهيمنة ومسخ هوية المجتمع العراقي وأعادة صياغته وفقا للمخطط الصفو أيراني سيظل متربعا على قمة هرم أولوياتهم ،والواقع العراقي يشهد بهذا وأكثر منه بكثير. 2- الأحزاب الكردية ،ونقصد هنا بالتحديد الحزبان العميلان الديمقراطي الكردستاني والأتحاد الوطني ،وطبعا هنا العمالة مركبة ،صهيوأمريكية وصفوأيرانية،لأن الأنتهازية لدى هذه الأحزاب هي من الصفات الملازمة والعلامات الفارقة التي طبعت منهجهم تاريخيا ،وكل مايقال عن نضالهم من أجل حقوق شعبنا الكردي بدعة و محض هراء،لأن هذه الحقوق منحت بالكامل الى شعبنا الكردي بموجب قانون الحكم الذاتي مطلع سبعينات القرن الماضي وعلى نحو تفصيلي وغير مسبوق وخلافا لما حاصل للأكراد في كل دول المنطقة من الذين يتعذر عليهم فيها حتى أستخدام لغتهم القومية في التخاطب بينهم ،فما هو المبرر وراء أستمرار تآمر هذان الحزبان على العراق وتهديد أمنه وأستقراره على الدوام !؟ أليس في هذا الأمر مايثبت عمالتهم والتزامهم بتنفيذ أجندات خارجية .أن هذه الأحزاب دأبت منذ وقت طويل في حرصها على الأرتباط بالولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني ،وهم كانوا على الدوام أدوات جاهزة للتمرد على النظام الوطني وأشعال الحروب وأستنزاف قدرات البلد ومحاولة أضعافه ،فحال الأكراد في شمال العراق ليس كحال أقرانهم في دول الجوار ،ونالوا أي أكراد العراق من الحقوق مايفوق حتى سقف أمنياتهم وأحلامهم ،وعلى الرغم من ذلك ،فأن الأحزاب التي تمثلهم قد تسببت بمعظم المشكلات التي تعرض لها العراق ،فهم من أشعل حرب التمرد في شمال العراق وكلفته أثمان باهضة بشريا وماديا ،وتحالفوا مع النظام الأيراني في حربه العدوانية ضد العراق وعلى مدى ثمان سنوات عجاف ،وهم من أسسوا لقواعد التجسس الصهبوأمريكية في شمال العراق وخصوصا مطلع التسعينات من القرن الماضي وساهموا كعرابين متميزيين ومبدعين في تنظيم برنامج التآمر على العراق والذي كان بمثابة الغطاء والتمهيد للغزو الأنكلوصهيوأمريكي ،ومايقع منذ بداية الأحتلال في 9/4/2003 ولحد الان لايخرج عن ذات المنهج التآمري والتخريبي خصوصا في محاولات تثبيت كل عناصر الفرقة والتشرذم وصياغة التصنيف لما يسمى بمكونات الشعب العراقي على أسس تخدم هدف تحقيقهم لثقل عددي يساعد في تنافسهم على أقتسام العراق ،حيث عمدوا بمكرهم وخبثهم وتجاوب أمثالهم من الشعوبيين والطائفيين الى تصنيف الشعب العراقي الى سنة وشيعة وأكراد وتركمان ونحو ذلك ،وهي ثنائية بغيضة في التصنيف ،حيث خلعوا على أنفسهم الصفة القومية وعلى العرب الصفة المذهبية بقصد تشطيرهم الى نحل وملل وتقزيم حقيقة أغلبيتهم المطلقة في العراق ،وفي ذلك تصميم لأسقاط الهوية العربية عن العراق ومحاولة لبننته.وفضلا عن ذلك كله ،فالنزعة الشوفينية لديهم ذهبت بهم الى حد أصرارهم على تولي رئيس كردي لرئاسة العراق و آخر لوزارة الخارجية فيه ،هذا بالأضافة الى هيمنة واضحة على مناصب مايسمى بالسلطة المركزية وأستقلال واضح لسلطاتهم داخل ما يسمى بأقليم كردستان ،وكل ذلك ليس وفقا لأستحقاقات وطنية بل رغبة في تسفيه وتسطيح الهوية العربية للعراق ،فأين هؤلاء من صفة الوطنية حتى يساهموا بزعمهم في تنفيذ مشروع وطني ،وهم من تربصوا بتشكيل مايسمى بالكتل السياسية وغازلوا الجميع وعرضوا تحالفهم مع الكتلة التي تستجيب أكثر لمطالبهم غير السوية . أن من أبرز مارشح عن الأحتلال الصفوصهيوأمريكي هو ثقافة الأستحقاقات المذهبية والقومية التي تصدى لترويجها وتصديرها الى واجهة المشهد السياسي الأحزاب الشيعية الطائفية والكردية العنصرية ،بدعوى أن الشيعة في العراق أكثرية وأن الأكراد هم القومية الثانية وأمتد الأمر الى حد أن جهات محسوبة على التركمان شرعت في المطالبة برئاسة البرلمان كأستحقاق قومي وربما يصل مد الأستحقاقات الى العشائر والأفخاذ وحتى الأحياء السكنية والقرى ،اليس في ذلك دعوة صريحة لشرعنة تقسيم العراق من خلال محاولة تحليله وتشطيره الى مركبات ومكونات أستنادا الى فرضية من يدعي بأن هذا هو حال العراق ويجب التسليم والتعامل معه وفقا لذلك ،ونحن نتساءل ،لماذا ينبغي للأكراد التحكم في مصير دولة العراق وهم في كل الأحوال أقلية نالت كل حقوقها بموجب القوانين والشرائع العراقية ولن يكن في مقدور أي منهم أن يجد الى نكران هذا الأمر من سبيل!!؟،ألم يكن العراقيين الأكراد يدرسوا ويتعلموا وينالوا من حقوق المواطنة كلها شأنهم في ذلك شأن المواطنين العراقيين العرب وكل من يقطن العراق ويحمل جنسيته ،الم يتسنى لمن يعتقد بالمذهب الشيعي أن يمارس كل طقوسه وعاداته من دون أي تدخل من قبل أي طرف رسمي أو سواه ،بل كان العكس يحدث من حيث أن كل الآخرين يشاركونهم أنطلاقا من حقيقة أن حب وتوقير أهل البيت عليهم السلام ورضي الله عنهم ليس حكرا على طائفة مسلمة بعينها ،الم يتولى مواطنين عراقيين أيا كان أصل أنتماؤهم القومي والديني المسؤوليات والمناصب في الدولة العراقية أستنادا الى معيار أساسي ومحدد وهو صلاح المواطنة والكفاءة . أن التحديات التي يواجهها عراق مابعد الأحتلال هي من النوع الذي أجتمعت فيه كل عناصر وأدوات التخريب الممنهج لبنيته الأجتماعية والفكرية والتاريخية و طالت بتهديدها وحدته وهويته،وكل ذلك في ظل تنامي دور الأحزاب التي أنتجتها الدوائر الأستخبارية أقليميا ودوليا وحرصها على تنفيذ الأدوار المسندة اليها على نحو شامل وتفصيلي من خلال التمدد في كل مفاصل ومرافق المجتمع العراقي في مقابل أنحسار الوعي الوطني الجماهيري وأستدراج شرائح غير قليلة من المجتمع الى حالة التخندق والأستقطاب العرقي والطائفي بعيدا عن أية ثوابت ومرتكزات وطنية وأخلاقية ، ويعد كل ذلك بمثابة تنفيذ للمشروع الصهيوصفوأمريكي ،ولن يجد العراق من سبيل للمعافاة من كل مالحق به من جراء الأحتلال وعملاؤه وماترتب من تداعيات من دون نجاح مشروع التحرير ومن بعده مشروع التطهير وأزالة كل الآثار المادية والمعنوية وأعادة توصيل العراق بكل جذوره التاريخية وثوابته الأخلاقية والقيمية، والسبيل الوحيد لتحقيق هذه الأهداف هي المقاومة بكل أوجهها المشروعة ،وليس كما يتصور البعض ،بأن الدخول في العملية السياسية يساعد في تصحيح المسارات ويقوض من تأثير الأحتلالين وعملاؤهما ،ويغيب عن بصيرة هؤلاء المجتهدين بأن تطهير البرك الآسنة والتنزه من نجاساتها لايكون بالسكن داخل محيطها ،والعملية السياسية التي صممتها دوائر الأحتلالين الصهيو أمريكي والصفوأيراني ونفذتها الأدوات العميلة من حملة الجنسية العراقية ليست سوى بركة آسنة يتطلع كل العراق وشعبه الصحيح الى ردمها وأزالة أثارها وأسبابها ،ومايحصل لبعض شخوص القائمة العراقية خير دليل على صحة مانقول بأن من يريد أن يبقى نظيفا لايدخل الأماكن الآسنة .