تتعرض الأمة العربية ومنذ نشئت دولتها وما قبل إلى شتى أنواع الاضطهاد والتعدي على حقوقها وكانت دائما في حراك جهادي ضد الغزو العسكري والسياسي والثقافي ، تعرضت للكثير وأيضا كانت دولة قوية وصلت حدودها وسيطرتها إلى أقصى بقاع الأرض فحكمت وأخضعت أكثر من نصف الكرة الأرضية ، وهي في حركة دائمة ونهضة شاملة ففي ظل معاركها السيادية والتحررية كانت تفجر ثوراتها المعرفية والاستكشافية في بحور العلم والثقافة والأدب. حملت رسالة حضارية هادفة تمثلت بالإسلام النهج والعقيدة أعظم ثورة ضد العبودية والظلامية في تاريخ البشرية .وفي كل مرحلة زمنية كانت تقوم التحالفات بين أعداء الأمة لتشكل صراعا من نوع جديد يهدف للاحتلال والسيطرة ونهب الثروات ، وهذه التحالفات كانت تقوم على فهم المصالح المشتركة بين الأعداء والتي تكون أهداف استعمارية بحته ينتهي بها الحال للزوال نهائيا أو للزوال مع سيطرة حضارية عربية على المحتل والشواهد متعددة بهذا ، فكم من محتل اعتنق الإسلام . وهناك نوع أخر من التحالفات التي تقوم على الصيغ المشتركة في صراع الحضارات ، فالأعداء نوعان نوع تقليدي ويسعى للتوسع ونهب الثروات وإخضاع الشعوب والسيطرة عليها ويكون لأسباب منها الطاقة أو الماء أو التوسع بأرض جديدة لصالح شعبه وهناك ، أعداء يشنون معاركهم على قاعدة الصراع الحضاري وهم الأعداء الذين لا مناص من مقاتلتهم والتخلص منهم والمعركة دائمة معهم حتى أن سادها برودة أو هدنة أو تفاهم إلا أن اللقاء معهم مستحيل . وكان القائد الشهيد جمال عبدالناصر قد حدد الثالوث الاستعماري في وقت مضى بالاستعمار والرجعية والصهيونية وهي في وقتها كانت سليمة تؤدي بدلالة صريحة واضحة إلى مكمن الخطر والتصدي له، ومع تسارع الأحداث أصبحت الرجعية أداة بيد الأعداء وتفوقت على نفسها بأنها تحمل ألف شكل ولون فتراها طبقة حكم بنزعة امبريالية فاسدة أو مثقفين بنزعة ريدكالية تحررية أو حزب وجماعة يميلون بنزعتهم العقائدية إلى معسكر من معسكرات الثالوث العدائي . فالرجعية أداة من أدواة الثالوث لها أكثر من شكل واتجاه، لكن لها تعريف واحد وهو كل من يسعى لخدمة العدو بما يعرقل مسيرة الوحدة والنهضة القومية ويسعى لتشويه المعتقد والموروث الأخلاقي للحضارة العربية الإسلامية بأي وسيلة كانت. والاستعمار احد أقطاب الثالوث العدائي غير محدد بدولة أو جنسية وهو يسعى للسيطرة ونهب الثروات والتوسع لصالح شعبه وهو استعمار تقليدي يتطور حسب تطور مفهوم السيطرة فتراه يدعم قطب من الأقطاب بما يخدم مصالحه ويقيم معه تحالفاً غير تقليدي كونه يستفيد من خلال خططه وبرامجه الاستعمارية التوسعية.والصهيونية العدو التقليدي للأمة كونها ارتبطت مصالحها بالتوسع على حساب المعتقد الديني والحضاري لامتنا وذلك من خلال سعيها لإبادة الشعب العربي لإقامة دولتها ، والصراع بين الأمة العربية والصهيونية متجدد دائما ومنذ بدء البشرية فالجمع المؤمن في كل حقبة زمنية شكلوا الحالة العربية الحاملة للرسالة الخالدة المتصدين للساديين من حملة الفكر الصهيوني الساعيين لاستعباد الأمة وتسخيرها لخدمتهم مما شكل على مر الأزمنة صراح حضاري لإبادة أحد المتصارعين و هو الحل فيها ولا بديل عنه. والفارسية كانت قبل الإسلام حالة استعمارية تقليدية مع التنافر في بعض المواضع الثقافية الحضارية بينهم وبين العرب ، ومع تقادم السنوات واختيار العرب لحمل الرسالة الإسلامية الخالدة بأمر من الله جل جلالة ، وقيام العرب بنشر الرسالة في بقاع الأرض ومنها أراضي الدولة الفارسية بدأ الصراع ، فالإسلام بما شكله من ثورة ضد الظلم والجهل والتخلف نسف قواعد الحضارة الفارسية كونها مصدرة فيما مضى للجهل والاستبداد، فالشخصية القومية الفارسية وبعكس القوميات الأخرى التي اعتنقت الإسلام لا تمتلك أي مقومات النهوض في ظل خيمة الإسلام فسعت من خلال تأسلمها إلى محاربة الأمة وزرع بذور الفتنةالدينية والعقائدية واستخدمت الإسلام عباءة لتمرير شخصيتها الفارسية النقيض للأمة العربية ورسالتها الخالدة. فثالوث العداء الاستعمار والصهيونية والفارسية هم أصل الصراع ومحركه ضد الأمة وهذا الثالوث يتحالف ويتحارب فيما بينه مشكلا فكر استعماري يتحالف لمصالحه ويتنافر حسب حصص ثرواته ، ويسعى لامتلاك أوراق الضغط على الطرف الأخر ليتمكن كل قطب من زيادة حصته الاستعمارية مع بقاء الصراع حضاري لا ينتهي بطرد المحتل من الأرض بل ينتهي بالزوال الحتمي والإبادة وهنا نشير إلى أن الإبادة للفكر المعادي والذي برأي لن يباد ألا بالتخلص من حامله. وفي العراق اليوم تتجلى أبشع وأقبح صور تحالف الثالوث، فجميعهم يسعى لتدمير العراق ليس لأنه العراق فحسب بل لأنه واجهة الصراع بين المشروع القومي الناهض الذي استطاع من خلال إستراتيجية المقاومة المعلنة أن يوضح الفهم الحضاري السليم بين مكونيها المعتقد الديني والهوية القومية فشكل رأس الرمح المتصدي لمشاريع الثالوث العدائي . فلسطين قضيتنا المركزية والصومال ارض عربية والاحواز نجمة الخليج ، لكن العراق تفوق عليهن بأنه ارض الصراع المباشر مع تحالف الأعداء فلا قتال وتصدي لعدو دون الأخر بل فرض العراق بموقعيه وفهم قيادته الشرعية لأساس الصراع حربا ضد الثالوث متحالفا .العراق واجهة الصراع وانتصاره على الثالوث وتحرره يشكل انتصار الأمة كلها وخسارته لا سمح الله خسارة للأمة كلها. واحتلال العراق من قبل الثالوث شكل منعطفا هاما في معادلات الصراع إقليميا ودوليا مما يستدعي بالضرورة تحالف الشرفاء من أبناء الأمة العربية للانخراط الكامل في معركة الحضارة والوجود ضد ثالوث العداء لتنتصر الأمة وتنتصر رسالتها الخالدة. وقد تميز العراق تاريخيا ودائما بأنه واجهة الصراع العربي ضد الفارسية، كما تميزت فلسطين بأنها ارض الله المختارة في الصراع بين الأمة والصهيونية وحلفائها.فالواجب اليوم على الجميع إعادة تقيم الموقف لفهم الصراع والانخراط الكامل في المشروع القومي الثوري . في العراق نهضة ثورية تحررية تقودها قيادته الشرعية ضد الثالوث وفي فلسطين يتصارع المشروع الفارسي على حياء بهدف زيادة أوراق الضغط لصالح أهدافه مع الصهيونية المدعومة من الاستعمار الامبريالي وفي كلا المعسكرين أدواة رجعية تخدم أهداف الأعداء. وجبت الانتفاضة في فلسطين للتصدي للمشروعين وهذا ما يجب أن تسعى إليه القوى القومية وان تصنعه بتحالف شعبي بين الداخل والضفة وغزة وبدعم عربي شعبي. الأمة العربية اليوم في أمس الحاجة إلى جهود كل أبنائها فالمعركة صراع وجود حضاري. 00962795528147Etehad_jo@yahoo.com