كنت هذا الاسبوع في رحله لزيارة اقاربي في سامراء رافقني خلالها صديق كان ضابطا حدثا في الحرب العراقيه الايرانيه برتبة ملازم اول مع بداية اندلاعها , ادى هذا الضابط واجبه الوطني حيث كان آمر سريه في الفرقه المدرعه السادسه في منطقة سيف سعد الشهيره وشهد الاعتداءات الايرانيه منذ بداياتها وكُتبت له الحياة وشهد النصر فيها بعد ان اصبح برتبة مقدم وشغل موقع آمر كتيبة دبابات , وفي عام 92 احيل على التقاعد لاسباب صحيه اثر اصابة كان تعرض لها اثناء الحرب مع ايران لم يشفى منها لحد خروجه من الخدمه , وحيث تكثر الاحاديث والذكريات في الطرق الخارجيه التي لاتخلو عادة من حديث الساعه والهم العام الذي يمر به العراقيين وفي مقدمته الاحتلال الصهيو امريكي اضافة الى الاحتلال الايراني فكان حديثا مرا . قال لي صاحبي بعد ان ظل صامتا لبرهه من الزمن ... اتذكر عند سماعنا لاول مره في الثمانينات عن مصطلح لم نسمع به من قبل عن البوابه الشرقيه قلت له نعم اتذكر فبادرني السؤال ماذا كان يعني لك ذلك ؟ لم افهم ماذا كان يدور في ذهنه فأرجأت الاجابه بسؤال وقلت ماذا تقصد ؟ فأعاد علي السؤال هل كان يعني شيأ لك ؟ فلم ارد عليه دون ان اعرف مايبغيه فصمتُ ... فأردف قائلا , حين سمعت هذا المصطلح وطيلة الحرب الضروس مع العدو الايراني لم ادرك معناها ءالا الآن ! فقلت له كيف ؟ فأجاب حين كنا نسمعها لم ندرك حقيقتها بالقدر الذي تستحقه بل كان هناك من يهزئ بها ... واستطرد بحديثه ها نحن نرى ماذا حدث بعد انهيار هذه البوابه لقد استباحوا العراق واغتصبوا النساء وسرقوا الثروات ودمروا الدولة عن بكرة ابيها وماضون لتقسيمها ثم صمت قليلا وواصل حديثه بالمناسبة كان هناك مصطلحا رديفا للاول الريح الصفراء ..فهي حقا ريحا صفراء بل عقارب صفراء , ثم يتأهئه.... فيقول لقد كان صدام حسين الوحيد بين القاده العرب بل وحتى مفكريهم ومثقفيهم من قيم الموقف بشكله الصحيح ووصف الحال وصفا دقيقا لكن مع الاسف لم ندرك ولم يدركوا ماكان يقول ويكرره ... ويسترسل في كلامه الا ترى اليوم كيف تجتاح هذه الريح الصفراء المنطقه بمجرد ان سقطت البوابه الشرقيه , لقد عُمدَ كل سنتمترا من تراب هذه البوابه بدم شهيد ونزف مقاتل وسهر سنين وليس ليالي , ثم صمت من جديد . فقلت لقد ادى العراقيون واجبهم وسيذكرهم التأريخ وينصفهم بعد ان تكالب عليهم الاخوة والاعداء وشوهوا تضحياتهم وبطولاتهم .. وتدخل من جديد ولكن بعصبيه هذه المره .... هذا غير صحيح فقلت ماهو ؟ ليقول كيف لك ان تساوي بين الاخوة والاعداء فالعدو هو العدو له اطماعه وماكان يتجرأ لولا تواطئ ومشاركة الحكام العرب الم يأتي العدو من دولهم الم يقدموا المال والخدمات لقواتهم الم تسمع بنابليون يقول أن الجيوش تزحف على بطونها من اين يمكن ان تأتيهم ارزاقهم وهل كانوا سيشربون رمال الصحراء أم يحفروا آبارا ليشرب جنودهم بدل قناني الماء المثلجه ومن اين كانت تقلع طائراتهم ومن سمح لبوارجهم الدخول عبر قناة السويس اليس كل ذلك مشاركة مع العدو ثم من حاصرنا وانهك قوانا لثلاثة عشر عاما اليس هم . قلت حسبنا الله ونعم الوكيل فقال هذه هي الريح الصفراء اليوم تمر على كل دولهم ولم تستثني احدا من الاردن وسوريا ومصر واليمن والسعوديه والبحرين والامارات والكويت والمغرب والسودان بل هبت حتى على جزر القمر فاصابت رئيسها بالشرجي * ويرد على نفسه ياسبحان الله حتى مرض التهاب العصب السابع الذي يشل نصف الوجه يسميه آبائنا بالشرجي فهل هذه مصادفه وصمت بعدها . احصينا واحد وخمسون سيطرة لقوات الجيش والشرطه من بغداد الى سامراء وعند وصولنا وجدنا ان الريح الصفراء ومعها السوداء تعج بالمدينه ولم تكن سامراء هي سر من رأى التي نعرفها فمنارة الملويه وماحولها مهمل ويمنع التقرب اليه وكأنه مركز نفايات ومنع اهلها من فتح محلاتهم جوار الامامين العسكريين وهناك خطة شرعوا بتنفيذها لترحيل اهالها بقطر 200 م حولهما فكان مشهدا مأساويا ويوما عصيبا تمنينا لو لم نشاهده .