في اوائل السبعينات اطلقت الولايات المتحدة "مبادرة روجرز" لإيجاد "تسوية" بين العرب والكيان الصهيوني. وفي إجتماع لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية, بدأ "البعض"يتحدث عن هذه المبادرة ويحاول تسويقها. عندها تصدى الشهيد الكبير كمال ناصر - ضمير الثورة الفلسطينية - لهذه الطروحات والترويجات الخيانية, وربما أراد الراحل أبو عمار إحتواء غضبة كمال ناصر العنيفة وخاطبه: "جرى إيه يا أخ كمال، هذه وجهة نظر.." وبنفس المبدأية النقية والأصيلة أجاب شهيدنا الكبير: "أخاف أن نصل يا أبو عمار إلى يوم تصبح الخيانة فيه مجرد وجهة نظر". الآن، وبعد أربعة عقود من هذه الصيحة الرائعة, كم هي حجم الخيانات التي ارتكبت بحق أمتنا العربية..تحت حجج" وجهة نظر" و "الواقعية". وكم من مقاولة تتم تحت مسمى المقاومة؟؟ و كم من العهر السياسي، و القفز فوق الثوابت، ارتكبت؟؟ في غمرة حرب تموز 2006 في لبنان، كتبت عدة مقالات حول ما يجري لعل ابرزها مقالين الأول كان تحت عنوان: هل هذه مقاومة أم مقاولة. والثاني تحت عنوان: ثوار عند الطلب. وقد أوضحت في هذه المقالات وجهة نظري مما يجري والأهداف الحقيقية لتلك الحرب، التي لها أهداف صهيونية وفارسية واضحة أذكر أن البعض, إتصل بي معاتباً أنني كنت قاسياً في هذه المقالات وانني أخترت "التوقيت الخاطئ"، وان هذه المقالات، رغم صواب ماكتبت، لم تكن ضرورية...؟؟ بعد هذه السنوات الأربع، يهمني ان أؤكد قناعتي التامة بكل ما كتبت، لأننا تعلمنا في مدرسة المبادئ القومية ان نقرأ الحاضر بموضوعية، وان نحلل الأحداث بمنطق ثوري لا يقبل أنصاف الحلول ان سير الأحداث منذ أربع سنوات (وماقبلها أيضاً)، بينت الأهداف الحقيقية للقوى "العربية"؟ ومنها حزب الله وتنفيذهم للأجندة الفارسية. والتي لا تحتاج الآن إلى أي براهين. إن المقاومة، ليست إدعاء أو خطب ديماغوجية, أو نفاق يتستر تارة بعباءة الثورة, وطوراً ب"عمامة الإسلام" المقاومة طريق واضح, وأهداف بارزة وخط مستقيم لاتشوبه المنحنيات والألتفافات إن توظيف مسمى المقاومة النبيل, لتحقيق مكاسب - بأسمها - للذئب الفارسي يصبح مثل "وجهة نظر" التي ادانها الشهيد كمال ناصر إن المشروع الصفوي الفارسي, الذي يستهدف أمتنا العربية, قد أصبح خطراً محدقاً علينا ايجاد السبل الكفيلة بأفشاله. وكنا نتمنى لو أن ايران عملت سواء بحقبة "الشاه" أو حقبة مدعي الاسلام على ايجاد علاقات بناءة وطبيعية مع جيرانهم العرب لا أن يكونوا خنجراً يطعنهم في الظهر. فما الفرق بين دعم الشاه للأنفصاليين الأكراد في شمال العراق, ودعم مدعي الاسلام لاحتلال العراق ومارافقه وما تلاه؟! ومالفرق بين أن يحتل الشاه زين القوس وسيف السعد في العراق، وطمب الكبرى وطمب الصغرى وابو موسى في الامارات، وبين أن يحتفظ مدعو الاسلام بهذه الاحتلالات ويرفضون اعادة الحق لاصحابه؟ على العكس، فأن اي مراقب محايد يستطيع ان يرى بوضوح ودون عناء الدور القذر والخبيث للحكام الصفويين في طهران وقم. فهم يعتمدون خطاب سياسي واعلامي متعدد الوجوه، للاحتكام، للشارع العربي ودغدغة عواطفه في الطموحات المشروعة التي تطال قضاياه العادلة. ومن حيث التطبيق فلهم حسابات أخرى لاتمت إلى هذه القضايا بأي شئ بعد إحتلال العراق، وبروز العجز الفاضح والمدوي للنظام الرسمي العربي، سواء كان رجعياً عفناً, أو مرتداً خبيثاً، سواء أطلقوا على أنفسهم دول الاعتدال، أو دول الممانعة"؟؟"..فهم في الحقيقية لا يختلفون بشئ سوى بالخطاب الاعلامي. بعد هذا الاحتلال أصبح الدور الايراني أكثر وضوحاً ولايحتاج أي دليل كل النظم العربية على امتداد الوطن الكبير المقسم والمجزأ، لايهمها إلا إستقرار أنظمتها والبقاء على الكراسي مهما كان الثمن، سواء كان بالركوع أمام الاجنبي، أو الانخراط بالتسويات الاستسلامية أو التخلي عن قضايانا العادلة. بل و المساهمة في الاحتلال الاجنبي المباشر للأراضي العربية، وإلا ماذا يفسر إنضواء هذه الانظمة المجرمة عام 1991، سياسياً وعسكرياً ومالياً ولوجستياً، في حفر الباطن المشؤوم تحت ذريعة تحرير الكويت؟! وماذا يعني فتح قناة السويس والقواعد العسكرية في الخليج والمياه الأقليمية للكثير من الدول العربية للقوات الامريكية لتتمكن من إحتلال العراق في عام 2003؟ في هذه الظروف العربية البالغة السوء, واستغلت ايران كل ذلك من خلال خطاب ديماغوجي لتحقيق إختراقات خطيرة داخل الوطن العربي، وإيجاد مواطئ قدم لها يهدد حاضر ومستقبل الامة العربية. وعلى القوى العربية الحية العمل على كشف وتعرية هذا الخطر. لقد أصبح الدور الايراني مثل الاخطبوط، يمد أذرعته في أكثر من اتجاه. وكلها نحو الوطن العربي، وبتنسيق مع "الشيطان الأكبر" و "الكيان الصهيوني أين فلسطين؟تستعمل ايران وأدواتها داخل الوطن العربي، ورقة فلسطين،كأداة خادعة وكاذبة لنشر النفوذ الصفوي الشعوبي داخل المجتمع العربي، مستغلين تعلق المواطن العربي بقضية فلسطين العادلة وشعبها المظلوم. وفي غياب النظام الرسمي العربي الفاشل والمهترئ، الذي تقوده الرجعية العربية والنظم المرتدة والعميلة، وانخراطها المخزي والمشين بما يسمى"عمليةالسلام" والذي توجته هذه الأنظمة بوثيقة العار المسماة المبادرة العربية للسلام الفرق الآن واضح. وهناك هوة واسعة وسحيقة بين طموحات الانسان العربي، وبين الأنطمة العربية. هناك حالة طلاق. نحن لسنا منهم, وهم حتماً ليسوا منا هناك إرادة شعبية عربية لاترضى بغير فلسطين كاملة، فلسطين التاريخية..و إرادة الأنطمة الرجعية والمرتدة والعميلة، التي تريد "بيع" فلسطين، والاكتفاء بما يقال "حدود الرابع من حزيران 1967" التي تراجعت وأضمحلت إلى الأرض (دون تحديد أي أرض؟!) مقابل السلام. ساهم في ذلك الانحدار المريع لما يسمى "السلطة الفلسطينية" التي إنتقلت من تراجع إلى تراجع، حتى تنازلت عن ورقة التوت الأخيرة التي لم تعد تستر عورتها الفجة والوقحة من حالة الطلاق والانفصام تلك، تسرب المشروع الفارسي داخل الأمة العربية، بأمكانيات مالية وتسليحية ولوجستية وسياسية كبيرة ومتطورة، ممارساً سياسة ديماغوجية مذهلة ومفرطة الآن يحق لنا أن نتساءل: أين فلسطين من كل ذلك؟! لا شئ.. هل يستطيع أحد ما أن يدلني على حالة واحدة فعلية، قدمتها إيران أو أدواتها العربية للقضية الفلسطينية؟ عفواً لقد نسيت أن أذكر أن ماقدموه للشعب الفلسطيني المظلوم، هو جثث الضحايا والتهجير القسري. أولاً في لبنان في "حرب المخيمات" التي شنتها حركة أمل الصفوية الشعوبية على أبناء شعب فلسطين في مخيمات ضواحي بيروت ومئات الشهداء الفلسطنين الذين سقطوا بالمذابح المهولة تلك. ثانياً، في العراق بقتل المئات وتهجير الألوف من الفلسطينين في بغداد على أيدي عصابات ايران ورميهم في الصحراء على الحدود الدولية ... والعراقأما في العراق، فالصورة كانت أكثر إجراماً، لقد إرتبطت كل القوى المرتهنة للأوامر الفارسية بقوات الاحتلال وشاركتها في إحتلال العراق، وبالمجازر المروعة والتصفيات الكبيرة التي طاولت كل شرائح المجتمع العراقي.. خيرة العلماء و الكوادر و أساتذة الجامعات و الطيارين وضباط الجيش العراقي الوطني تمت تصفيتهم عاثت "فرق الموت"الصفوية الشعوبية قتلاً وتهجيراً لملايين العراقيين بأساليب و وسائل تقشعر لهولها الأبدان.. إنقضوا على كل ما هو خير.. وعلى البناء الحضاري والمتطور الذي أرساه النظام الوطني والقائد الشهيد صدام حسين طوال عقود .. واليمن أيضاًوأكملت "الثورة الاسلامية" الفارسية مسيرتها العظيمة داخل الوطن العربي, وهاهي تستهدف اليمن من خلال الدعم الكبير و اللا محدود للزمر المتمردة في اليمن. "الحوثيون" حالة مذهبية جديدة عمل الفرس الشعوبيين وبذات الأسلوب على ايجادها. هي حلقة جديدة خطيرة، تحاول ان تعبث فساداً وقتلاً في اليمن .. عود على بدءإذن, هناك تماهي كبير بين الفعل المقاوم الذي يخدم هدف التحرير والاستقلال,وبين فعل التحرير وإنجازه والظاهرة الفارسية الأبرز، داخل الوطن العربي، المسمى "حزب الله" الذي مارس، سياسة ديموغاجية، و العمل الجاد لصالح الملف النووي والمصالح الفارسية، ضارباً عرض الحائط بكل القضايا العربية العادلة، و المصالح العربية المشروعة. قد يقول قائل أن هذا التنظيم مارس المقاومة، فأقول نعم/ ولكن المقاومة نهج و خط سير واضح الرؤى، لا تستطيع القوى الطائفية والمذهبية أن تواصل المسار حتى التحرير. وهنا يدخل التماهي الذي أشرت إليه بين المقاومة والتحرير ثم, يحق لنا أن نتساءل وان نسأل: عندما يروج حزب الله, بأن سلاحه هو سلاح مقاومة, وأن وجوده في جنوب لبنان"للتحرير"..وأن..وأن فلماذا إستهدفت القوى المذهبية الشعوبية، قوى المقاومة الحقيقية من منظمات المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية؟ و طوال سنوات طويلة؟؟ و لماذا؟ يمنع حزب الله أي تواجد مقاوم آخر في جنوب لبنان غير"مقاومته"؟؟ و لماذا؟ تم اعتقال العديد من المجموعات المتوجهة إلى جنوب لبنان وتم تجريدها من أسلحتها وبعضها بقي رهن الاعتقال لشهور ؟؟ و لماذا؟ وجدت جثامين العديد من المقاومين الفلسطينين واللبنانيين واطلاقات الرصاص في ظهرها من الخلف؟ ،لقد بدأت مع إحتلال العراق الصورة تتوضح أكثر، صار الشارع العربي يميز ويرى أن هناك فعلاً تحالف إمريكي-صهيوني-فارسي يستهدف الأمة العربية. وبدأت الملامح البشعة للنظام الفارسي تنجلي أكثر أمام شعبنا رغم الدجل الاعلامي الكبير الذي مارسوه، من خلال دغدغة أحلام شعبنا كان لابد من إدخال حالة جديدة، لوقف إنحدار صورة إيران و امتداداتها داخل الوطن العربي..كيف؟؟ كان هناك الملف النووي الايراني، وتعثر المباحثات في بروكسل صيف2006.فتم الأيعاز لجماعة حزب الله في لبنان بتنفيذ"عملية نوعية ضد الكيان الصهيوني فهي "تلمع" صورة حزب الله وايران باعتبارها عملية ضد العدو. وبالوقت نفسه ورقة مساومة مع الاتحاد الاوروبي وامريكا من أجل الملف النووي .. و هذا ما حدث