يوم الثلاثاء الماضي كان من أشد أيام بغداد دموية وقسوة.. مئات من الشهداء والجرحى بينهم أطفال ونساء وشيوخ.. تفجيرات في 11 منطقة آهلة بالسكان.. 11 سيارة مفخخة وعبوات ناسفة وتراشق بالهاونات بين مناطق معينة في بغداد، وقبله كان اليوم الدموي في بيت من بيوت العبادة (كنيسة سيدة النجاة). أجمع المنخرطون في العملية السياسية للمحتل على أن من نفذ هذه التفجيرات هم بقايا النظام السابق والصداميون والقاعدة والتكفيريون، وهذا ما جاء على لسان بهاء الاعرجي من التيار الصدري الذي لم يبرئ المحتل منها أيضاً وهي خلطة عجيبة اعتمدوها منذ التاسع من نيسان 2003 يوم احتلوا بغداد، وهو ما جاء، أيضاً، على لسان رئيس الحكومة السابق إبراهيم الجعفري الذي حثّ العراقيين على المزيد من التضحية، ولا أدري لماذا لا يضحي هو وأخوته في العملية السياسية بدمهم، إن كانوا صادقين، وبقوا قابعين في منطقة محصنة ويطالبون العراقيين فقط ببذل المزيد من الدماء؟. لكن العراقيين يعرفون من هم قتلتهم، وعرفوا من نفذ التفجيرات التي حدثت في السابق، قبل أن تأتي وثائق ويكيلكس لتقول إن الاحتلال وأقزام العملية الاحتلالية ضالعون في هذه الإبادة اليومية لشعب العراق، والتي أشارت بوضوح إلى ضلوع رئيس الوزراء المتشبث بالمنصب نوري المالكي بهذه الجرائم. لم يبق في العراق بيت ليس فيه صوائح ونوائح.. ليس فيه شهيد أو جريح أو معوق أو مصاب بداء وبيل جراء الأسلحة المحرمة التي استخدمت ضد العراقيين.. لم يبق بيت في العراق ليس فيه أرملة أو يتيم، ناهيك عن المهجرين والمهاجرين.. فإلى أين يُراد بالعراقيين؟ اعترض عليّ صديقي الدكتور عبد الستار الراوي أستاذ الفلسفة، عندما قلت له وأنا أسمع بسلسلة التفجيرات التي ضربت بغداد: إن القضية فيها (إنّ). ومردّ اعتراضه أني أهوّن كثيراً من الأمر، بينما وجهة نظري التي نقلتها إليه هي: كيف لا تستطيع أمريكا بما تعنيه من قدرات وامكانيات وقوة أن تفرض الأمن في شارع من شوارع العراق وهي المحتلة لهذا البلد الذي سيبقى يئن وسيظل شعبه يُذبح بكرةً وأصيلاً؟ وتساءلت: هل تصدق أنت إن أمريكا التي أزاحت دولة العراق الشرعية لا تستطيع أن توفر للعراقيين الأمن والكهرباء والغذاء وتجعلهم يعيشون برخاء بثرواتهم وما أنعم الله عليهم من خيرعميم؟ القضية فيها (إنّ). ويردّ الراوي: بل فيها (إنّات) وأكثر لأن هذه التفجيرات كانت مجزرة كبيرة، ولو أحصينا الانفجارات التي حدثت منذ الانتخابات إلى الآن وحسبنا أعداد ضحاياها سنعرف أية جريمة يرتكبها المتشبث بكرسي الرئاسة.. وهل يباد شعب بدم بارد ليثبت شخص واحد أنه هو الجدير بالرئاسة وأنه هو القادر على القضاء على هذا العنف الذي هو من صنع يديه وأسياده؟. إن رأيي الذي أعلنه صراحة هو أنه إذا لم يتفق العراقيون على كلمة واحدة فلن يستطيعوا أبداً طرد غول الاحتلال من أرضهم ولا رمي افرازاته ومفاسده وعملاءه وغسل أرضهم من هذه الأدناس والنتانة؟. ولم يبق الآن أي عذر تعتذر به دولة من دول العالم وهي ترى هذه الابادة الممنهجة لشعب ما تخلف عن مدّ يد المساعدة إلى أمته العربية وإلى أي شعب كان يحتاجها.. الضحية تنزف دماً والقاتل يقف على جثتها حاملاً سكينه التي تقطر دماً وهو لم يكفّ عن غرزها في الجثة كل لحظة.. إني أدعو شعوب العالم إلى تنظيم مسيرات واعتصامات والضغط على الحكومات للوقوف ضد المجازر الوحشية التي ترتكب ضد شعب العراق، فالقاتل معروف وستظهر وثائق جديدة تشير إليه بوضوح.. العراقيون لا يريدون منكم سوى التضامن معهم وإعلان موقف رافض من قتلتهم لمساعدتهم على فرض إرادتهم وسيادتهم على وطنهم.. وإلا فإن الإبادة مستمرة والمعتقلات تتوسع، بل إن العراق كله أصبح سجنا كبيراً للعراقيين.. وصار خراباً يحيق به الموت وتنعب فيه الغربان.. فماذا تنتظرون؟ تفضلوا إلى حفل تأبين العراق .. تفضلوا إلى حفل تأبين العروبة..