اليمن أمام خيارين .. التدويل أو الاحتلال؟؟ يمر اليمن اليوم بذات المراحل التي عاشها العراق قبل الاحتلال .. حينذاك كان الإعلام الغربي، بكل وسائله وقواه الدولية، يعمل على ثلاثة محاور، 1) شيطنة صورة النظام العراقي (الديكتاتورية)، 2) شيطنة النوايا السياسية العراقية (أسلحة الدمار الشامل)، 3) تحويل العراق إلى دولة فاشلة ( الحصار وتقسيمات مناطق حظر الطيران في شماله وجنوبه ) .. ونجح هذا الإعلام في كل ما رسم له، وصولاً للاحتلال الأنجلوأمريكي للعراق وتحويله إلى دويلات طوائف تحكمها عصابات دموية .. وساهمت الأنظمة العربية في كل مراحل هذا المخطط الطويل والمستمر . واليوم، بعد أن خسر العرب القوة العراقية، وباتت كل دولنا العربية، شعوباً وأنظمة، مهددة بالمشروع الغربي، ومتهمة بالإرهاب، الذي تقع تحت طائلته شتى أنواع التدخلات الغربية في سيادتنا الوطنية والقومية، وحيث يجري العمل على إضعاف كل القوى السياسية العربية المقاومة للمشروع الغربي بتهمة "إرهاب القاعدة" التي لا نعرف لها إطارا أو سقفا محدد .. في ظل هذه الظروف السياسية العربية السيئة للغاية، ها نحن نشاهد ثمراً عربياً آخر يتم إنضاجه إعلامياً، لقطفه كما تم اقتطاف العراق. اليوم يجري على اليمن ذات المسلسل الذي تم تنفيذه على العراق قبل الاحتلال، حيث الإعلام يعمل على إنضاج كل الاتهامات التي ستؤدي إلى تقسيمه عبر تدويله، أو إلى احتلاله بشكل غير مباشر .. اليمن متهم بتصدير الإرهاب .. اليمن غير قادر على حفظ أمن وسلامة أراضيه .. اليمن دولة فاشلة تنموياً يستشري فيها الفقر حتى صارت تحكمها القاعدة .. ولأن القاعدة تهدد الأمن القومي الغربي كله، يجب التدخل في اليمن للقضاء على القاعدة، وإيقاف تصديرها للإرهاب .. هذه هي أخطر وأحدث المصطلحات الأمريكية في استهداف المنطقة العربية، بعد انتهاء صلاحية مصطلحات الحرب الباردة، التي اختصت بالدعوة لإيقاف المد الشيوعي الملحد في بلداننا الإسلامية .. كذبوا علينا حينها، وها هم يكذبون الآن .. صدقتهم أنظمتنا العربية حينها، وها هي تصدقهم الآن .. تعاونت الأنظمة مع إدعاءات المد الشيوعي حينها، وها هي تتعاون مع ادعاءات الإرهاب الآن .. والخطى الثابتة تتجه نحو إنهاء وجود يمن موحد وذي سيادة، كما انتهى الصومال الموحد وخسر سيادته، كي لا تبقى غير السيادة الأنجلوأمريكية على مضيق باب المندب الحيوي في منطقة القرن الأفريقي التي ستكون من أثرى مناطق النفط في القرن الجديد الذي نعيشه. وما يحزن هو تأكدنا من أن كل القادة والزعماء العرب مطلعون على حقيقة هذه الاستراتيجيات والمشاريع والخطط الإعلامية التي تستهدفنا، إلا أنهم يرون أن "ما باليد حيلة"، لأن الأمة تعيش في حالة فرقة مزرية، والنظام الرسمي العربي يعيش حالة ضعف وفشل كامل .. لكنهم غير مطلعين على مدى اتساع الفجوة بينهم وبين شعوبهم أمام كل هذا الطعن في حقوقهم بالعيش الكريم. وإلا فإننا نعيش حالة من الغباء الجماعي إن صدقنا بأن هناك طالبة يمنية تمكنت من إرسال طرود ملغومة من مطار اليمن لتعبر المحيط وتخترق مطارات العالم بهدف تفجيرها في الولايات المتحدة .. فهذه الكذبة خرقت أسقف كل الأكاذيب الأنجلوأمريكية السابقة، حتى غطت على أخبار فشل الرئيس أوباما وحزبه في الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي، كما يراد أن تغطي كذبة إرسال طرد ملغوم للرئيس ساركوزي على مشاكله مع الشعب الفرنسي الذي خرج للشارع معترضاً على سياساته، ولم يعد .. فأيها العرب، لا تندهشوا إن استيقظتوا صباح أحد الأيام، القريبة، على أخبار نزول الجيش الأممي (الأنجلوأمريكي) في اليمن، وفرضت الأمم المتحدة "الأمريكية" خطوط حظر الطيران في شماله وجنوبه، استعداداً للتقسيم وإلغاء سيادة اليمن من خريطة العالم .. فهذا جزء هام من استراتيجية الشرق الأوسط الجديد، المدعومة باستراتيجية "الحرب على الإرهاب" ..