الملاحظ أن بعض الكتابات الفاضلة ، التي تعاملت مع الوثائق ، التي نشرها موقع ويكليلكس ، عن جرائم المحتلين ، الأمريكان والبريطانيين ، والصفويين ، تداولت ، ربما عن غير قصد ، مفردة (متورطين) في الإبادة والقتل والتعذيب ، في وصفها لجرائم المحتلين الأوغاد ، بدلا من استخدام كلمة ( متلبس ) بالجريمة ، للدلالة على التنفيذ المباشر للفعل. وربما يأتي ذلك اللبس ، من حس كاتب المقال ، بان مفردة متورط ، مرادفة لكلمة متلبس. إن الجميع يعرف ، أن الاحتلال الأمريكي ، والبريطاني ، والمليشيات الصفوية ، مارست الجرائم ، وتلبست في الإبادة الجماعية ، والقتل والتهجير والتعذيب ، بنفسها بشكل عملي مباشر. بل وتجاوز الأمر ، هدر دم الإنسان العراقي ، إلى جريمة مسخ للوجود الحضاري ، للعراق العظيم ، من خلال تدمير ونهب وسرقة الآثار العراقية.في مسعى مقصود ، لمحو الوجود الحضاري للعراق ، كأحد أهم أجندات المحتل. وربما يكون جريمة المسخ ، بمحو الهوية ، من خلال طمس الدلالة التاريخية ، بتدمير الآثار والمعالم التاريخية ، المجسدة للهوية الحضارية ، اخطر جرما من قتل الأفراد ، على خطورة إبادة الفرد. آذ أن الفرد على معزته ، يمكن تعويضه بالتناسل ، عاجلا أم آجل ، لكن الأثر الحضاري ، إذا ما تم تدميره ، أو سرقته ، أو تغييبه ، بأي شكل ، فان عملية تعويضه ، بذات القيمة الحضارية ، سيكون أمرا مستحيلا. لذلك فان المطلوب من الإخوة الكتاب الأعزاء ، أن يلتفتوا إلى استخدام المفردة بعناية ، لكي يطابق اللفظ المستخدم ، شناعة الفعل البربري للمحتل ، والجريمة النكراء ، التي نفذها بحق أبناء شعبنا وحضارته ، ظلما وعدوان ، خاصة وان اللغة العربية ثرية ، وغنية بالمفردات. كما أن المطلوب ، الانتباه إلى أن حرصنا على إبراز جسامة جريمة الاحتلال ، من منظور الإبادة الجماعية للإنسان العراقي ، يجب أن لا يحجب عن ، الجريمة من منظور خطورة محو الأثر التاريخي للشخصية العراقية ، ببعدها الحضاري. بحيث يجب أن تتلازم المطالبة ، بان يحاسب عليها مجرم الحرب ، بنفس القدر ، الذي يجب أن يحاسب فيه ، على جرائم الإبادة ، والتهجير ، والتدميرتماما. ولعل الإنصاف يقتضي ، أن تتم محاسبة المحتلين على جرائمهم البشعة ، بحق شعبنا العراقي ، ببعديها الإنساني والحضاري ، بطلب من الجامعة العربية ، لكي تمثل الحد الأدنى ، من السخط العربي الجمعي ، على هذه الجرائم البربرية النكراء ، التي لم يشهد لها التاريخ مثيل ، لا في الماضي ، ولا في العصر الحديث ، الذي يزعم الغربيون ، والمنبهرون بهم ، انه عصر متحضر ، وديمقراطي.