والحال نفسه ولكن بطريقة تختلف في تركيبة البنية الحزبية العشائرية القومية , ففي الاحزاب الطائفية يكون الفكر محصوراً بعقيدة الطائفة فقط وتكون البنية التنظيمية مكونة من تركيب الطائفة فقط , وفي الاحزاب العشائرية القومية أي التي تأسست فكراً ةتنظيماً على أُسس عائلية وعشائرية ومن ثم نقلت هذا التكتل العشائري الى أحزاباً ولبست ثوب القومية لكي توسع سياجاتها وتضمن بقاء القادة العشائرين على راس هذا الشكل من الاشكال البناء السياسي وحولت التكتلات العشائرية الى أحزاباً ونقلت كل تفاصيل البناء التنظيمي سواء بالقادة أو بالاواصر الى حزب منظم على هذه الاسس لم تختلف في تمثيلها الجماهيري وبنيتها التنظيمية عن أحزاب الطائفة. ولم تنتبه القيادات التأريخية لهذه الاحزاب أو التي جاءت من بعدها بأن حركة الواقع والتأريخ لا تقبل بإي فكر أو قيادات تتعاطى مع مرحلة متخلفة وبمسببات النشوء وأن تحضر ذات المسببات في الاستمرار بالحاضر او تقذفها الى المستقبل لانها بذلك تحمل الحزب الطائفي أو العشائري عبء كبير وصعب يتمثل في قوة وثقل الاهداف ووسعها ايظاً وبدون معاينة حقيقية للواقع المحلي المتطور والواقع الاقليمي السريع الحركة وخاصة في منطقتنا منطقة الشرق الاوسط. ومع كل الهيمنة وإستخدام القوة في فرض الوراثة في القيادة وإنتقالها للابناء والاحفاد فإن المجتمعات بدءت تجاوز القيادات التاريخية للاحزاب (القيادات التنظيمية وليس القيادات الفكرية) . وأن كل الدلائل تؤكد حضور قوي للتغيرات ومحاولات للتحرر من سيطرة هذه الاوليغارشية على العشيرة والحزب والمجتمع والسلطة وخاصة في هذا الوقت الذي بدء الفكر والثقافة يدخلان كعاملين أساسيين في مواصفات القيادات للاحزاب والحركات أي أُفول قوي للتوريث القيادي.إن الاحزاب الكردية المتنفذة في شمال العراق لم تتشكل إلا على أُسس عشائرية بل عائلية ومستغلين وضع شعبنا الكردي الذي كان يعاني من الظلم والاهمال ولغاية صدور قانون الحكم الذاتي في 11 أذار1970 الذي أعطى الحقوق القومية لشعبنا الكردي ولكن قيادات هذه الاحزاب لم يرق لها هذه الحلول الجذرية والانسانية التي أقرتها قيادة الثورة أنذاك لشعبنا الكردي ولكافة الاقليات , والمعروف عن هذه القيادات إنتهازيتها في المواقف والمتاجرة بحقوق الشعب الكردي وتغير في ولائاتها بحسب مصالحها الذاتية والعشائرية , ففي حين كانت متحالفة مع الاتحاد السوفيتي السابق لاغراض حث الغرب على الضغط على حكومة المملكة العراقية بشأن تقديم تنازلات لهذه القيادات فإنها غيرت تحالفاتهابعد ثورة 14 تموز بإتجاه الغرب الاستعماري , تغيرت بوصلة تحالفها بإتجاه الامبريالية والكيان الصهيوني وأستمر هذا الوضع الى ما بعد ثورة 17تموز 1968 وصدور قانون الحكم الذاتي الذي أعطى إدارة الحكم الذاتي للشعب الكردي و فرصةلإختيار قيادته عبر وسائل ديمقراطيةلا بأساليب قديمة عشائريةالتي فَرَضَت عليه , وهذا الامر جعل هذه الطبقة الاقطاعية العشائرية في موقف محرج من منح حرية إلاختيار شعبنا الكردي لممثليه وإحتمال خسارتهم للكثير من المكتسبات وخسارة لمواقعهم , فبدءت جولة جديدة من التمرد والعصيان بحجج واهية ومختلقة ولاقت دعم ومساندة الامبريالية الصهيونية وعن طريق عميلها نظام شاه إيران , ومرة أُخرى يعيش شعبنا الكردي أوضاعاً غير مستقرة ولكن بحكمة قيادة الحزب والثورة أنذاك تم توقيع إتفاقية الجزائر مع نظام الشاه في عام 1975 ولتعود المنطقة الشمالية تعيش حالة من الاستقرار ولكن بؤر الفتنة والتامر كانت لاتزال تنتظر فرصة لتبدأ جولة جديدة من التامرعلى شعبنا الكردي الطيب والعراق ككل , وبالفعل مع قيام النظام الايراني بالعدوان على قطرنا في 4 أيول من عام 1980 إستغلت هذه العصابات ظروف الحرب للتحرك ضد الوطن والشعب والتعاون مع النظام الايراني في حربه ضد العراق , وبعد إنهزام النظام الايراني في الحرب والذي كان يدعم هذه العصابة المسلحة إنهزم قادة التمرد الى إيران , وجاءَ العدوان على العراق في عام 1991 فإستغلت هذه الزمرة الاحداث في البلد لتساهم مع القوات الاطلسية في أحداث الشغب في العراق , ولانها أبلت بلاء حسنا في المشاركة في العدوان على الوطن ولاشباع غريزتهم في فرض سلطتهم على شعبنا الكردي وتماشياً مع الستراتيجية الامبريالية الصهيونية أنذاك أبتدعت الامبريالية لهم في شمال العراق ما أطلقوا عليه بالمنطقة الامنة لتكون منطلقاً للتامر على الوطن , وعادت نفس الطبقة الاوليغارشيه للتسلط على شعبنا الكوردي , وشهدت السنوات التي تلتها معارك قاسية بين الحزبين الرئيسين بسبب أطماعهما على بسط النفوذ في المنطقة , و في كل مرة يضغط اللوبي الامبريالي الصهيوني لاجراء تهدئة وتقارب بينهما وتفشل لان أسباب الصراع لم تكن يوماً أيديولوجية أو سياسية بل هي عشائرية وعائلية وهي مستمرة ليومنا هذاولكن قوة المحتل منعت قيام النزاع بشكل علني اليوم وخاصة بعد توزيع المناصب بينهم , ولكن قوة المحتل لم تستطيع أن تمنع الانشقاقات فيهما وبروز أحزاب وشخصيات تنافس الحزبين المتسلطين كمحاولة لتغير هذه السلطة العشائرية. كما عهدها شعبنا العراقي بإن هذه القيادات الكردية لا تستطيع أن تفرض سيطرتها على الحركة الكردية الا من خلال وجود أوضاع متأزمة و مضطربة , ومن خلال إسترشافنا السريع لمواقفهما الانتهازية هذه سستتجلى هذه الحقيقة بداءاً من مساندتهما للمعتدين الايرانيين أثناء الحرب العراقية الايرانية مثبتة بواقع مخزية ضد الوطن والشعب. وأستمرارسلوك الحزبين الرئيسين بإنتهازية مع النظام الوطني والوقائع التأريخية تثبت ذلك , وقد تجلت إنتهازيتهم خلال العدوان الامبريالي الصهيوني على العراق في عام 1991 وبسط الحزبين و بدعم دول العدوان والنظام الايراني لنفوذيهما على كردستان العراق , وبغياب السلطة في شمال العراق بدءت تظهر علامات تحول بموجبها من مجتمع كان القانون يسوده الى مجتمع ميليشيات تتصارع فيما بينها لكسب المغانم وإحكام السلطة في شمال العراق وعسكرة المجتمع و ذلك من خلال تفعيل العشائرية , بتحويل السلطةالعشائرية الى سلطة سياسية لكسب دفة الصراع وتحت مظلة أطلسية إيرانية و تناوب الوضع السياسي في المنطقة الشمالية بين الصدام العشائري ويترجم الى صراع سياسي ومن ثم ليتطور الى صراعات دموية وبالتأكيد دفع ويدفع شعبنا الطيب الكوردي الثمن دائماً.وبدءت التحالفات العشائرية تأخذ بالتبلور ولتتقاسم النفوذ في المنطقة وكما قلنا أن هذه التحالفات العشائرية كانت تختبئ خلف إهداف سياسية وبشعارات قومية وأستمر الوضع بين القتال والتهدئة وبكل أنواع الانتهازية كانت تقوم تحالفات الاحزاب مع القوى المؤثرة في وضع المنطقة سواء التي كانت مع إيران أو مع تركيا أو مع الولاياة المتحدة والكيان الصيوني , وهذه التجاذبات لهذين الحزبين كانت بموجبها تتحدد قربها أو إبتعادها من السلطةالوطنية التي كان همها الوحيد القبول بهذه المواقف المتذبذبة والانتهازية للحزبين لحفاظ على مستقبل شعبنا الكوردي والاقليات الاخرى التي تسكن المنطقة الشمالية من العراق.وكان دور هذين الحزبين في إحتلال العراق لا يختلف عن دورهم التأمري في عام 1991 فقد تحولا ومع ميليشياتهم الى أدوات للغزو ضد العراق , وبعد الاحتلال أجبرهم المحتل وبالقوة على تهدئة خلافاتهما وإنفردا بسلطتهما في المنطقة الشمالية وأحكما قبضتهما على الشعب الكوردي المغلوب على أمره أمام حكم تحالفاتهم العشائرية , و بحكم تطور الحركة السياسية لشعبنا الكوردي والذي هوجزء من الحركة السياسية لشعب العراقي و تطور الاوضاع ظهرت أحزاب أُخرى مؤثرة في منطقة كردستان العراق , كالحركات الاسلامية وحركة التغير التي إنشقت عن الحزب الوطني الكوردستناني , والمستقبل يقرأ وجود إنشطارات للحزبين بالرغم من القبضة الحديدية التي تفرضها قيادات هذين الحزبين.ومن خلال هذه المواقف بالضرورة ستكون مواقفهما مبينية على المصلحة العشائرية وغياب الوطنية العراقية في نظرتهما وحساباتهما لذلك وضعا أولى أهدافهما هو ما يسمى بفدرالية الشمال والجنوب والوسط وليطورا هذا النظام الى الانفصال وإنشاء دولةكردية تجمع بين أجزاء من العراق ومن تركيا ومن إيران وحتى من سوري , وكل المؤشرات والحقائق المحلية والاقليمية وحتى الدولية لا تصب في مصلحة هذه الاحلام وهذه حقيقة يعرفها قادة هذين الحزبين ولكنهما يروجان لهما لجذب التأييد الجماهيري والذي بدأ يفقد تأثيره وخاصة بعد أن وصل هذين الحزبين لمصدر القرار في العراق وهم غير قادرين وبعد سبعة سنوات من تحقيق أحلامهم في العراق وبالرغم من الدعم الامريكي والايراني لهما في العراق إنها مؤشرات لفقدانهما لمصداقيتهما أمام جماهيريهما و بالرغم من كل الأساليب الديموكاجية التي مارسها ويومارسوه ضد الشعب الكوردي. . إن ظاهرة التنوع بالاتجاهات وظهور احزاب وحدوث إنشقاقات في داخل الحزبين وبالرغم من القبضة العشائرية والعائلية التي يمارسها قادة الحزبين , وبروز قيادات شابة و جديدة لهذه الاحزاب و التي تريد خدمة الشعب الكوردي ولكنها لا تؤيد نظرة وطريقة هذين الحزبين المتنفذين في الكيفية والطريقة , تؤكد أن الحركةالوطنية الكردية موجودة و متنامية وهي في صيرورة الى مركز إستقطابي قوي وبالرغم من هذين الحزبين التقليدين الان يلتقيان مع القوى الطائفية التي تشاركهما في لعبة العملية السياسية في شروط تشكيل الحكومة وأكثرية هذه الشروط تصب بإتجاه تحقيق الخطوات الاولية لتمزيق العراق الواحد.لكن منطق التاريخ لشعبنا العراقي يؤكدعجزهماعن تمثيل شعبنا الكوردي فكيف يمكنهما أن يمثلان الشعب العراقي عبر البرلمان الذي يُفترض بأن أي عضو يمثل العراق كله. إذن لا المكون الطائفي ولا العشائري الذي يدعي القومية قادرين على تحقيق أي مكسب للشعب العراقي ولا قادرين أن يكونا مصدر إئتمان من قبله على مصالحه.وأن دورهم في صناعة التأريخ العراقي سيبقى خياني لان هذين المكونين سلكا السلوك الخياني لابن العلقمي الذي جند نفسه لخدمة المغول لكي يسجل لدوره في تدمير الحضارة العربية الاسلامية وبرغم كونه كان يدعي الاسلام زور , إن التشابه بين الموقفين الخيانين بالامس واليوم في التاريخ العراقي كبير جد , فالغرض من وراء حملة هولاكو على العراق في علم 656هـ تحمل نفس الاغراض التي وقفت وراء بوش و بلير في عام 2003 ولكن أداتها في عام 1256 كان المغول وفي عام 2003 كانت الولاياة المتحدة وبريطاني , وخونة الوطن موجودون في كل زمان و مكان وبأشكال و أنماط مختلفة..إنه يطبع على جبين الانسانية عار بسب هذا الضياع الاخلاقي في السياسة والهمجية في التعاملات الدولية وأيظاً في صناعة وبلورة المجاميع لتخون أوطانها وشعوبها في وقتنا الحالي ولتسئ الى الوجه الحضاري الحالي للانسانية.