قيل الكثير، وكتب الكثير ،عن التحديات التي تواجه المصير العربي.كما قيل الكثير عن مخاطر التجزئة، ببعديها العمودي والأفقي.ومع خطورة هذه التحديات، فقد كان الكثير يتوهم، أن المخاطر والتحديات المحدقة بالأمة ،هي اقل مما قيل وكتب عنها، وان المهتمين بمصير الأمة، من رواد الفكر القومي التحرري ،والإسلامي المتنور،الذي كتبوا عنها، ربما كانوا يبالغون في حجم تلك التحديات، ويهولون من قدرها،ربما بسبب القلق الذي كان يساورهم على المصير. إلا أن سير حركة الأحداث، وما حصل للعراق بالاحتلال الأمريكي البربري، وتدمير البلد كيانا ودولة ،وإثارة الفوضى الخلاقة،بإذكاء الصراعات الطائفية والعرقية بين أبناء شعبه،لإنهاك حاله، أكدت أن تلك التحذيرات، كانت على درجة عالية جدا، من الدقة والصواب. بل أكدت أن التحديات، كانت اخطر بكثير مما كان يطفوا على سطح التحليل والدراسة. ولعل ما يحصل اليوم على الساحة اليمنية من صراعات، تحت مسمى الحراك للإصلاح والديمقراطية، في مسعي لتشطيره، هو الآخر، ابلغ درس للعرب، أنظمة، وشعبا، ومفكرين،وأحزاب، وهيئات.كما أن ما جرى في السعودية مؤخرا، من فتنة، وقلائل، هو الآخر، مؤشر خطير على حقيقة التآمر،الذي يجري على وحدة هذا البلد. ،أما ما يجري الآن في الصومال،فأنه واضح للجميع ،ولا يحتاج الأمر فيه إلى أي تفسير إطلاقا. على أن الأخطر من ذلك كله،في اللحظة،ما يحاك للسودان من مؤامرة لتجزئته، بفصل الجنوب بالاستفتاء، خاصة وان وزيرة الخارجية الأمريكية، قطب المجتمع الدولي، أعلنت أن الوضع السودان قنبلة موقوتة، وان انفصال الجنوب بالاستفتاء أمر لامناص منه . إن العرب اليوم إذن، أمام هكذا وقائع ملموسة، يتجهون إلى مواجهة مصيرهم الراهن، بالمزيد من التجزئة،وان قدرهم سيكون بائسا ومذلا، إذا لم ينتبهوا فورا إلى خطورة الموقف، ويهبوا متسلحين بكل إمكانات الأمة، للوقوف بوجه هذا التحدي، بموقف جمعي,لان طأطأة الرأس، والانحناء أمام المؤامرة الكبرى للمزيد من التقسيم ،سوف لن يعصمهم من الأذى،ولن يجعلهم في مأمن من الطامة الكبرى، بل سيسمح للمعتدين بقضم الاقطارالعربيةتباعا،باستفرادها الواحد تلو الآخر.خاصة وان ضعف الحال الراهن، والسكوت على مايجري من مؤامرات، بانت ملامحها لهم بجلاء،سيجعل العرب يتدحرجون نحو الهاوية السحيقة، بشكل سريع وأكثر مأساوية. ان المطلوب اليوم من العرب، ان يتسلحوا باحتياطي الأمة المضموم، من الإمكانات البشرية والمادية، والإيمان المبدئي والمعنوي بوحدة العرب،وبحقهم العادل، في مقارعة العدوان، وهو بلا ريب احتياطي، على قدر كبير من القوة والمنعة، مما يحصنهم من شر الأشرار، ويقيهم السوء المبيت، ويأخذ بأيديهم إلى شاطئ الأمان والنجاة. ولعل من المفيد الإشارة، إلى ان مراكز السوء المتآمرة على الأمة،هي الآن في اضعف لحظات حياتها، حيث أنها منهكة الاقتصاديات، وتعاني من إرهاق الهزيمة المرة، التي ألحقتها بها المقاومة العراقية الوطنية الباسلة،وهي تعد العدة لسحب ما تبقى من قوتها المحتلة. أما إذا دس العرب رؤوسهم في التراب، وغضوا طرفهم عن نذر الشر، القادمة لتقطيع أوصالهم، فان الخطر قادم لامحالة، واننا سنتذكر انه كان هناك قطرا سودانيا،في خارطة الوطن العربي،وان قطرا كان اسمه السعودية، يتصدر بوحدته الفارعة جزيرة العرب على تلك الخارطة،وخاصة بعد ان طرح العراق أرضا بالاحتلال، للقصقصة ،على مسمع ومرأى من أشقائه العرب، ومن جامعتهم العربية.