لم تسنح لي فرصة اللقاء بـ محسن خليل ، ولم اعرف الرجل شخصيا..لكني اعرف عنه وعن مسيرته النضالية والمهنية المشرفه الكثير ، واعرف اكثر عن تواضعه واخلاقة وزهده ... مازلت اتذكر غبطتي وانا اقراء اسم محسن خليل لاول مرة في موقع المقاومة الرائد "البصرة" بعد اشهر من غزو العراق ..حينذاك كان المعبرين عن خطاب الحزب السياسي والمدافعين عنه وعن حق المقاومة فئة قليلة .ومنذ ذلك الحين حرصت على متابعة مساهمات محسن خليل والوقوف امامها بتمعن لاسباب عديدة ،اهمها عقلانية الطرح ، وضوح الفكرة ،صلابة الموقف واهم من كل ذلك ، الحضور الدائم للتواضع والزهد في كتاباته.. قبل اكثر من عامين، كنت في اعمان حين هاتفني الاخ المناضل ابا اوس واخبرني ان محسن خليل في عمان ، وانه مريض واقترح علي الاتصال به لرفع معنوياته . ترددت قليلا في قبول المقترح لكوني لا اعرف الرجل، ولم يسبق لي الحديث معه ، لكن ابا اوس اقنعني في ان عدم المعرفة السابقةغير مهم ،وان الرجل في حاجة للدعم المعنوي في هذا الوقت العصيب. فاخذت رقم الهاتف واتصلت به .. بعد التحية المعهودة ...اخبرته بان الاستاذ صلاح المختار زودني برقم هاتفه ..وانه لا يعرفني شخصيا ..وانا فلان الفلاني..لم يدعني انهي حديثي ...كيف لا اعرفك؟ قال ،...فانت ....واغمرني الرجل الذي اتصلت به لدعمه واسناده بسيل من الاطراء والمديح الكريم ،وزودني في شحنات من رفع المعنويات والاعتزاز الذاتي ..قلت للفقيد مع اني اني لااتفق مع اطراءه ،وغير مقتنع في دقة ما وصفي به لكن كرمه شرفا كبيرا وشهادة اعتز بها ،واتفقنا في نهاية المهاتفه على اللقاء خلال الايام المقبلة ،وبعد ان يكون قد انهى فحوصاته الطبية .. بعد ايام لتقيت بالصديق الاستاذ حميد سعيد" ابا بادية "، واذ لم تخذلني الذاكرة ، كان الشاعر العربي هشام عودة حاضرا ،فاخبرتهم عن عزمي الاتصال بمحسن خليل وزيارته هذا المساء..لكني حزنت كثيرا عندما اخبرني ابا بادية عن عودة الى مكان اقامته بعد ان اخبره الاطباء صعوبة حالته ،واستفحال المرض الخبيث وانتشاره. خلال الفترة المنصرمة تبادلت وفي اوقات متفرقة الرسائل مع فقيدنا ،كان اخرها رسالة وردتني منه اثر نشري مقال " ثبتوا انني بعثي".. المحزن ان الزمن لم يمنحني فرصة اللقاء في هذا العراقي والعربي النجيب ،لكني كنت طيلة المرحلة السابقة افكر في الكتابه عنه ،وتحدثت عن هذه الفكرة مع الاقرب لي من الاصدقاء ومنهم اخينا ابا اوس ،لكنه لم يحبذ فكرة المقال كما لم يحبذها الاخرين ،.لانها كما قالوا ، قد تؤثر سلبا على معنويات الرجل ،أو قد يفهمها رثاء له وهو على قيد الحياة . آجلت الفكرة لكنها بقت ملتصقة في ذاكرتي .. كنت اروم الكتابة عن محسن خليل لا عبر له عن مشاعري الصادقه وامنحه ما يستحقه وهو حيا، وفاء لما نضح به من عطاء ،والتزام مبدئي ،ودفاعا صلبا عن حقوق أبناء شعبه وأمته .اردت ان اكتب اليه وعنه وهو حيا خلافا لما هو مالوف ومتعارف عليه . نحن نبخل على رجالنا ومبدعينا بالكلمة الطيبة والاشادة الصادقة وهم احياء ... ونكرمهم ونشيد في خصائلهم وعطائهم بعد رحيلهم!!! . سيدي ورفيقي الكبير ..لقد رحلت عنا ولك في عنقي دينا اوعدك بتاديته ... رحلت عنا ايها البعثي الصادق والفارس النبيل والمتواضع الزاهد ،ولم اكتب ما تفرض المروءة علي قوله في حقك. وعلى ذلك انا اعتذر اليك .. فهل تقبل يا سيدي النبيل اعتذاري ؟.