بسم الله الرحمن الرحيم ] وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ [.([1]) لم يُعرف عن نظرية "ولاية الفقيه المُطلقة" التي جاء بها "الملا خُميني" بعد أن نجح بثورته التي أسماها إسلامية وأطاح بشاه إيران "محمد رضا" عام 1979، بأنها قد طبقت ما نظّرت لهُ، سيما ما يتعلق بمسارات الحق والعدل القائمينِ على أنصاف الرعية كما أمر رب البريه جلا جلاله، فلم يكُن مُجمل تنظيرهُ إلا مُضللاً، وجاء هذا التظليل من المسافة الهائلة بين النظرية والتطبيق، فالتنظيرُ مذهبيٌ شعُوبيٌ بحت، والتطبيقُ دمويٌ إرهابيٌ اكتوينا بدمويتهِ نحنُ أهل العراق، ونظرائنا في لبنان، والبحرين، واليمن، وأفغانستان، والباكستان..إلخ. مما نظّر لهُ الملا خُميني" بهذا الخصوص، وهو جزئية من مُجلدات ملئها تضليلاً عن تلك الولاية الطائفية الشعوبية قولهُ عنها، وعن ولي الفقيه المُتربع على عرشها السلطوي، ما نصهُ: ((لا تخافوا من ولاية الفقيه، فالفقيه لا يُريد ظلم الناس، وإن مثل هذا الفقيه الذي يريد أن يظلم الناس لا ولاية له، إنه ألإسلام، والحكم للقانون في ألإسلام ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أيضا تابعا للقانون، تابعا للقانون ألإلهي، وغير قادر على التخلف، فقد خاطبه الباري جل وعــلا: ] وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ! لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ! ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ! [.([2]) فلو كان النبي دكتاتورا، وشخصا يخشى منه ممارسة الدكتاتورية من خلال جميع تلك القدرات التي حصلت له، لو كان هو عليه صلى الله عليه وسلم شخصا دكتاتوريا لأمكن حينئذ للفقيه أن يكون دكتاتورا، لو كان أمير المؤمنين عليه السلام دكتاتورا، لأمكن للفقيه أن يكون دكتاتورا، فلا دكتاتورية في ألأمر نريد الوقوف بوجه الدكتاتور، الفقيه لا يكون مستبدا.)). ([3]) مثل الكلام آنف الذكر الذي لا يُمثل سوى كلاماً يُرادُ منه خداع الناس، سيما أولئك المخدوعين بتلك الولاية دون أنْ يتدبروا مساراتها التي تجمع بين الطائفية والشعوبية، وبين شرخ وحدة الإسلام والمسلمين دمويةً، بذات الوقت الذي لا أُريد أن أُبين أنَّ ما ورد آنفاً، وما ورد على شاكلته ليس إلا كلاماً مُضللاً، وغير دقيق، ولا أقولُ كلاماً كاذباً برمتهِ، من خلال كيل الاتهامات، والافتراءات العاطفية التي لا تتناسب وما تعلمناهُ من مدرسة الإسلام العظيمة، بل سأناقشه وأثبت عدم دقته، و..إلخ بشاهدين ودليلين من أقطاب ولاية الفقيه ذاتها من جُملة الشواهد والدلائل الكثيرة، وأتركُ للقارئ الكريم أنْ يتدبر في هذين الشاهدين والدليلين ليخلص شاء أو أبى إلى ذات ما أنا خلُصتُ إليه آنفاً: الدليل الأول: فتوى نائب الخميني آية الله العظمى "حسين منتظري" بعدم شرعية أحكام الإعدام التي أصدرتها سلطات ولاية الفقيه.؟! أرفقُ تسجيلاً صوت وصورة ([4]) ورد فيه ما يؤكد أن ما ورد في تنظير "الملا خُميني" آنف الذكر لم يكُن دقيقاً، تضمن هذا التوثيق فقرات عده، منها: أضغط هنا ... حيث التوثيق صوت وصورة (1) فتوى آية الله العظمى حسين منتظري الذي سبق وأن كان نائباً للخُميني، وولياً للولاية من بعده، إلا أنَّ المصالح السياسية الطائفية أطاحت به، وعزلته عن تلك النيابة والخلافة، فأصبح مُعارضاً لها، سيما وأنهُ من الفقهاء الذين لا يؤمنون بإطلاقها، فقد أفتى قبل وفاته باعتبار أحكام الإعدام التي أصدرتها السلطة القضائية لولاية الفقيه بحق عددٍ من الأحرار المُعارضين لدكتاتورية ولاية الفقيه غير شرعيه، وتفتقد الموازين الفقهية اللازمه، ويًعد المسؤولين، والمُنفذين لها، والقائمين على أخذ الاعترافات مُجرمون، كونها جاءت على اعترافاتٍ غير شرعيه، وباطلة أُخذت بالإكراه والتعذيب.؟! (2) تضمن الشريط حُكم الإعدام الذي أصدرته محكمة الاستئناف الإيرانية بحق المواطن الإيراني الكُردي "إحسان فتاحيان"، بتهمة "مُحاربة الله ورسوله"؟! بعد أنْ نقضت حُكم محكمة إيرانية سبق وأنْ حكَمتهُ بالسجنِ عشرة سنوات، ونفيه لخارج بلدته مدينة "مهاباد" الكُردية.؟! وقد نُفذْ الحُكم بالمظلوم أعلاه، بالرغم من مُعارضةِ مُنظمات المجتمع المدني الإيرانية، ومُنظمة العفو الدولية.؟! مما يُلقي ظلالاً قاتمة من الشك تجاه عدالة محاكم ولاية الفقيه الإيرانية التي أخذت منحى "المقاصل البشرية" التي كانت سائدة في أوربا في عصور الهمجية والظلام حيث سيادة شريعة الغاب، وقد سعت عائلة المظلوم أعلاه للقاء رئيس السلطة القضائية في إيران السيد "صادق لاريجاني" إلا أنها لم تُفلح، وتم تنفيذ الحكم بإبنها المظلوم بفترة زمنية قياسية، سيما وأن جريرته أنه من مذهب "أهل السنة والجماعة"، لذا جاءت التهمة الجاهزة لهُ، بـ "محاربة الله ورسوله".؟! (3) تضمن الشريط أيضاً قيام القائد العام للحرس الثوري الإيراني "محمد علي جعفري" بتعيين العميد "حسين همداني" قائداً لحرس الثورة الإيرانية في طهران بدلاً من القائد السابق "عبد الله عراقي" الذي أشتهر بقسوته ودمويتهِ في مواجهة التظاهرات المُعارضة لدكتاتورية ولاية الفقيه، سيما وأن هذه التظاهرات جاءت ترجمةً لتنظير "الملا خميني" أعلاه بمناهضة الاستبداد والدكتاتورية التي أنتهجها القائمين على تلك الولاية في إيران، أقلها تزوير الانتخابات، وإصدار أحكام الإعدام التي أبطلتها فتوى منتظري؟! ويظهر في الشريط أيضاً اعتداء "عبد الله عراقي" بالضرب المُبرح وهو في إحدى الحُسينيات وبجانبه أحد المُعممين من أنصار ولاية الفقيه على أحد المعوقين جراء الحرب الإيرانية المفروضة على العراق.؟! (4) يُظهر الشريط أيضاً قادة "منظمة الثورة الإسلامية" المُعارضة لولاية الفقيه وهم في شكلٍ مُذل أمام المحاكم الإيرانية، بعد اتهامهم بالإطاحة بولاية الفقيه؟! (5) كما يُظهر الشريط التظاهرات الطلابية الاحتجاجية التي تجري سنوياً في العاصمة طهران، أحياءاً لذكرى شهداء انتفاضة الثورة الطلابية التي جرت في جامعة طهران عام 1999 ثم امتدت لتهز بقوتها عرش "ولي الفقيه" إلى الجامعات الأخرى المنتشرة في المدن الإيرانية، وقمعتها عناصر مخابرات الحرس الثوري قسراً، حيث كانت تُلقي بالطلبة وهم أحياء من الطوابق الثالثة والرابعة من عمارات أقسامهم الداخلية التي اقتحموها ليلاً والطلبة نيام لتحقيق المفاجأة وإخماد الثورة في مهدها داخل باحة جامعة طهران. (6) ومن أقوى الصور التي تضمنها الشريط تجمع عدد من عناصر مخابرات حرس خميني على إحدى الشابات الإيرانيات وهي في ريعان الصبا، وإشباعها ضرباً بالهراوات، وهي تصرخ وتستغيث ولا من مُجيب؟! جريرتها أنها نفذت وصية "الملا خُميني" أعلاه بالتمرد على الدكتاتورية والاستبداد اللذان يعصفان بالمؤسستين الحكومية والدينية في إيران.؟! وهي صور حية ذا مصداقية لا يُشك فيها وتستحق المُشاهدة فعلاً لمقارنة أحداثها مع ما نظّر لهُ "الملا خميني" أعلاه حول عدالة حُكم "ولي الفقيه"، وما نظّر لهُ أدناه تلميذه آية الله العظمى "مصباح يزدي" الذي يُعد التنظير الأصح لمفهوم "ولاية الفقيه" ؟؟! الدليل الثاني: "ولاية الفقيه فوق القوانين الوضعية"...؟! من الأدلة والشواهد الدامغة التي تؤكد ما ذهبتُ إليه من أن تنّظير "الملا خُميني" لم يكن إلا لخداع مَنْ هم على شاكلته؟، وأنّه لم يكن صادقاً في ذلك؟؟! أنَّ تلميذه آية الله العظمى "مصباح يزدي" المعروف بدفاعه المُستميت عن ولاية الفقيه، وكذلك بشطحاتهِ الفقهية، ومن المُفارقات أنَّ الرئيس الإيراني أحمدي نجاد هو أحد تلامذته، قد أعلن في تصريح علني بما هو على النقيض، لا بل على الضد مما نظّر لهُ "الملا خُميني"، حيث أكد على دكتاتورية ولاية الفقيه، وبالتالي "استبداد ولي الفقيه" نزولاً، بقولهِ يوم الأحد 7/6/1998 ما نصُهُ: (( القانون ألإلهي هو فوق الولي الفقيه، إلا أن القوانين الوضعية ليست كذلك.)).([5])ولا يحتاج هذا القول لمزيد من التعليق، حيث سمات الدكتاتورية والاستبداد واضحة المعالم فيه، وتناقضه مع قول أستاذه "الملا خُميني" واضحة أيضاً، وما يظهر في الشريط الموثق ما هو إلا نتف محدودة جداً من تلك الدكتاتورية، وأداته الاستبداد.؟! فلا اتهاماً ولا افتراءاً إنْ جزمنا أنَّ " دكتاتورية ولاية الفقيه في إيران تنزف دماً...؟!". الدكتور ثروت اللهيبي Almostfa.7070.yahoo.com [1] إبراهيم/42، تفسير الآية الكريمة كما ورد في تفسير الجلالين المُحمل على قرصٍ كمبيوتري: ((42 - (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) الكافرون من أهل مكة (إنما يؤخرهم) بلا عذاب (ليوم تشخص فيه الأبصار) لهول ما ترى ويقال شخص بصر فلان أي فتحه فلم يغمضه..[2] الحاقة/44-46.[3] منهجية الثورة ألإسلامية ، مقتطفات من أفكار وآراء الخميني ، طهران مؤسسة تنظيم ونشر تراث ألإمام الخميني ، الشؤون الدولية ، ط 1 1996، ص 166-167. [4] تم اقتباس التسجيل صوت وصورة من الموقع الإلكتروني: www.alarabiya.net، والتعليق في التوثيق للسيد "نجاح محمد علي". [5] صحيفة الوفاق الصادرة باللغة العربية في طهران ، العدد 249 في 7/6/1998 ، ص 2.