يقولون إن (ديمقراطية من يريد غزالا عليه أن يأخذ الأرنب) هي إختيار الشعب!.. في ظل هذه الديمقراطية وبالرغم من كل الظروف التي صاحبت عملية الإعداد والدعاية وخوض الإنتخابات النيابية الأخيرة في العراق ونتائجها والإعتراضات عليها والتي تم تقديمها للمفوضية من الجميع سواءا كانوا الفائزين فيها أوالخاسرين .. البعض منهم وصف كل العملية بالمزورة صباح يوم الإنتخابات .. والبعض الآخر توعد بأن على مجلس النواب القادم أن يحاسب المفوضية على تبنيها لهذا التزوير.. وآثر البعض ان يصمت لحين ظهور النتائج فإن ظهرت لصالحه إستمر بالصمت وإن كانت لغيره فسيبدأ حملته .. وهذا ما حصل فعلا.. إلا أن المتابع والمراقب للاحداث يؤشر موضوعين في غاية الاهمية رافقت ولازالت تلقي بظلالها الثقيلة جدا على ما يعرف (بالديمقراطية العراقية الفتية التي نادى بها الأمريكان منذ عهد الرئيس بوش لجعلها مثال يجب على كل دول المنطقة والعالم أن تحذو حذوه!) بعد أن أصبح هذا الهدف (محور كل الغايات!) عندما تداعت الأهداف الأخرى وكل الحجج والتبريرات والأسباب و(القرائن والإثباتات) التي تم إعتمادها لغزو وتدمير وإحتلال العراق!.. وهذه المواضيع هي : 1.توقيتات إستخدام قوانين إجتثاث البعث وهيئة المسائلة والعدالة وسلطة الدولة بشكل حاسم في كل مراحل الحملة الإنتخابية وكأنها سيوف قاطعة لكل منافس ومعارض و (تختار رؤوس مَن يتم رصده!) للتهديد والوعيد و(الضرب) حيث جرى منع 571 مرشح وبعض الكيانات السياسية من خوض الإنتخابات بمجرد أن أصدرت هيئة المسائلة والعدالة (مرسوما ) بإبعادهم من المشاركة ولم تستطيع كل الضغوط والإحتجاجات والإعتراضات والإعتصامات والطعون والمناقشات والتهديدات والمؤتمرات والندوات واللقاءات والتدخلات الأمريكية (إن وجدت) وكذلك رغبات رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس مجلس النواب وكتل سياسية مهمة من تعطيل تنفيذ هذا القرار ولا حتى تأخيره .. وعندما فقد بعض من هؤلاء المرشحين جزء من صبرهم بإتهام هذه الهيئة بأنها تنفذ أجندة إيرانية لم يمض وقت طويل حتى أحيل هؤلاء المعترضين الى المحكمة الجنائية وبكتاب من هيئة المسائلة والعدالة بتهمة الإرهاب ودعم الجماعات المسلحة!.. وتم الإذعان لهذا القرار وكانت أكثر الكتل الإنتخابية المتضررة هي القائمة العراقية بالرغم من طعنها بشرعية هذه الهيئة ..وجرت الإنتخابات في 7 آذار 2010 وظهرت النتائج بفوز القائمة العراقية بواقع (91) مقعدا تليها دولة القانون بواقع(89) مقعد. 2.بدأ الموضوع الثاني فورا عندما إعترضت دولة القانون وطالبت بإعادة الفرز يدويا في بغداد حيث رفضت المفوضية العليا للإنتخابات بشكل قاطع هذا الطلب حتى وصل الأمر بالمفوضية بالتأكيد مرارا بانها لاتأتمر بأوامر السلطة والحكومة وإنها هيئة مستقلة!.. وفجأة صدر قرار المحكمة الإتحادية بتفسير إن من يشكل الحكومة يقصد به (أكبر الكتل المشكلة من القوائم الفائزة بعد الإنتخابات !)..وهكذا لم يعد هنالك حاجة لإعادة العد والفرز والدخول بإشكالات وتبعات لايمكن التنبوء بنتائجها!.. وبين التأييد والمعارضة لتفسير من سيشكل الحكومة وبعد مرور شهر على إجراء الإنتخابات أصدرت المفوضية المستقلة العليا للإنتخابات في العراق قرارا بإعادة العد والفرز اليدوي في بغداد بناءا على طلب قائمة دولة القانون!.. وبعد إسبوعين من ذلك التأريخ أصدرت هيئة المسائلة والعدالة مرة أخرى (مرسوما جديدا) يقضي بإلغاء نتائج 52 مرشح خاض الإنتخابات وحذف جميع أصواتهم وكان بينهم (29 مرشح من القائمة العراقية منهم 9 مرشحين فازوا بمقاعد في مجلس النواب)!..سعيا من اجل جعل عدد مقاعد القائمة العراقية 82 مقعد لتحل بالمرتبة الثانية بعد دولة القانون!.. وقال في حينها رئيس هيئة المسائلة والعدالة ان هذا القرار هو قرار ملزم ونهائي لكل الأطراف لا نقض فيه ولارجعة!.. بعدها كان لزاما أن يعقد مجلس النواب إجتماعه الأول ..وكان يجب ان تحل القضايا التالية قبل عقد هذه الجلسة : - إنتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه. - إنتخاب رئيس الجمهورية ونائبيه. - تكليف رئيس الجمهورية لمرشح القائمة الأكثر عددا بتشكيل الحكومة . ويقولون أنه في ظل الديمقراطية العراقية الجديدة سيكون حل كل هذه القضايا المتعلقة بهذه المناصب من خلال ( التوافق الوطني و كحزمة واحدة)!.. وقبل لحظات ( مقارنة بالزمن العراقي) من إجتماع مجلس النواب الجديد لأداء القسم تم إعلام مَن سيرأس الجلسة الأولى بتشكيل التحالف الوطني الذي جمع الإئتلاف الوطني ودولة القانون ليمثل الكتلة الأكثر عددا في المجلس ليتناسب ذلك مع تفسير المحكمة الإتحادية .. وهكذا تم (حجز) مقعد رئاسة الوزراء للتحالف الوطني قبل عقد الجلسة الأولى لمجلس النواب !.. واليوم مضت أربعة أشهر على ذلك الحدث والحال على ما هو عليه .. فلا العراقية قادرة على جمع تحالف عددي يجعلها قادرة على تشكيل الحكومة ..وذلك يعود لرؤية الكثير من قادتها الى (أن التحالفات تشكل بعد الإنتخابات وليس قبلها) في حين أثبت الواقع أن التحالفات الحقيقية وليس المصلحية تبنى منذ (نعومة الأظافر وليس في الكبر) !.. ولا التحالف الوطني قادر على إختيار مرشح واحد للمقعد الشاغر والمحجوز!.. والأكراد ينتظرون وحسب تصريحاتهم الكتلة التي ( تنصاع لمطاليبهم)!.. والغريب ان لاصوت لوحدة العراق ولا للتوافق !.. فقد ولّى زمن عرض الحقائق وبيان وجهات النظر وسماع الآخرين !.. وفي الوقت الذي ينشغل فيه العراقيون هذه الأيام بمسلسلات رمضان .. فإن الأمريكان مشغولين بتمرير كذبة جديدة ( وعلى الجميع تصديقها) .. وهي كذبة تشبه كذبة أسلحة الدمار الشامل والتعاون مع القاعدة كمبرر للعدوان والإحتلال والتدمير وهي : ( أن المهمة في العراق قد أنجزت وتم سحب القوات المقاتلة بعد إكمال جاهزية القوات العراقية للقيام بمهماتها)!.. وربما سنسمع عن ذلك بالتفصيل في خطاب الرئيس الأمريكي أوباما يوم 31 آب 2010 !.. وعلى الرغم من أن لاشيء مستبعد في الحالة العراقية .. إلا أن اكثر السيناريوهات توقعا هي أن الجميع في العراق وخارجه سيفاجأ يوما وعن قريب بالإعلان عن الدعوة لعقد جلسة مستعجلة لمجلس النواب وسيحدث ذلك بعد دقائق من إتفاق التحالف الوطني لإختيار مرشح المقعد الشاغر لرئاسة الوزراء .. وستملأ الضجة وسائل الإعلام المختلفة في كل مكان (بفرحة تشكيل الحكومة العراقية التي طال إنتظارها ) التي لايعلم احد ماسينتظرها من أحداث!.. ومَن يريد أن يعترض على ذلك ..عليه أن يتعلم الدروس جيدا.. فهذه هي الحقائق .. على الرغم من كثرة من لايريد تصديقها..