شبكة ذي قار
عاجل










أثارني تصريح لأحد قادة الكتل المتناطحة من أجل غنيمة السلطة في ما يسمونه بحكومة الشراكة العراقية (عسيرة المخاض) عندما استنكر واستبعد ان تتشكل هذه الحكومة بإرادة أجنبية أو خارجية، مدعياً انها يجب ان تولد بإرادة وطنية! طبعاً بعد مرور خمسة أشهر على إجراء الانتخابات، وبعد أن ملأت خطاباته وتصريحاته خلال هذه الفترة، الفضائيات والمنابر بضرورة ان تتدخل الولايات المتحدة كدولة احتلال ومجلس الأمن وهيئة الأمم بتصحيح المسيرة المتعثرة، باعتبار العراق لايزال تحت هيمنة البند السابع الذي الزمته به دولياً. يقول الرمز السياسي الجديد، الذي اعيد تصنيعه مؤخراً بعد أن أسقط ســــياسيا خلال الفترة المنصرمة، في تصريحه انه لا يقبل ان يكون جزءاً من حكومة تتشكل بإرادة أجنبية! لكنه اليوم يتناسى أنه كان جزءا من مشروع احتلال امريكي أسقط من خلاله ومن خلال رفاقه زعماء وقادة الكتل الأخرى والرموز المتناطحة اليوم، نظاما معترفا به دوليا وحاكماً عراقياً ودولة مستقلة من الدول المؤسسة لهيئة الأمم واستبدلته بحاكم أجنبي جاء بهم رؤساء وزعماء ووزراء لدولة لا تتمتع بسيادة او حدود محترمة أو أمن داخلي، وأن هذا الرمز السياسي قبل خوض الانتخابات الأخيرة خاطب أعضاء مجلس الشيوخ والبرلمان الأمريكي بأنه جزء من مشروع تحرير العراق وشريك فيه. الرموز السياسية التي تتناطح اليوم في ما بينها على منصب رئيس الوزراء، معروفون بمجيئهم جميعاً مع الاحتلال والدبابة الأمريكية وساهموا في إقناع إدارة بوش على احتلال العراق؛ لا بل تنافسوا في يوم من الأيام في التسابق على شرف هذا الامتياز وأصبحوا وفق تعيينيات الحاكم بريمر، أعضاء بمجلس الحكم ومن ثم رؤساء ووزراء ونوابا وقادة كتل وأحزاب؛ ألم يكن مجيئهم وتنصيبهم وفوزهم وخسارتهم بإرادة أمريكية؟ ألم يكونوا حلاً لشرعنة احتلال اجنبي؟ ألم يصرحوا جميعاً بأن مجمل الانتخابات التي أجريت في العراق بعد الاحتلال كانت انتخابات غير شفافة ومسيسة ومزورة؟ ألم تكن صفقات تعيين وتشكيل جميع الحكومات والمناصب الرئاسية السابقة واللاحقة تجري من خلال التفاوض والترغيب والترهيب التي يرعاها السفير الأمريكي والحاكم المدني وقائد القوات الأمريكية والرئيس الأمريكي بشكل مباشر ولغاية هذا اليوم؟ حينما تُوجَّه مسؤولية ما حدث في العراق بسبب الاحتلال الى الولايات المتحدة رائدة مشروع وقانون تحرير العراق! وتحدد مسؤوليتها عن إيقاف عملية التخريب والدمار والفساد؛ تجد ان جميع هؤلاء الساسة الجدد يتحدثون عن السيادة والإرادة الوطنية وعدم التدخل بالشأن العراقي. عن أي إرادة وطنية يتحدث الطالباني والمالكي وعلاوي وعبد المهدي والجعفري والجلبـــي والبرزاني والباجه جي؛ وعن أي مشروع وطني يتحدثون؟ هل سمعتم يوما أو قرأتم عن مفارقة كالتي يطلــــقونها كأنهم يمثلون إرادة وطنية صرفة لا تقبل التـــدخل الأجنبي والأقليــــمي بالشأن العراقي الداخلي؛ في حين ان كل هؤلاء الساســـة المســـتوردين الذين يتصــــارعون على السلطة الآن جـــاءوا الى السلطة بتنـــصيب أجنبي أمريكي وفق تقاسم طائفي وعرقي صرف! وكانوا جزءاً من حل أجنبي لشرعنة سلطة غير شرعية . المفارقات في عصر الاحتلال عديدة، لم يعد العراقيون في غرابة من أمرها بالتأكيد بعد أن انكشفت الأوراق وبانت الحقائق. يدرك العراقيون جيدا اليوم أن التحرير واحتفاليته كانت مهزلة مكشوفة من مهازل الاحتلال، لم تعد حتى رموز التحرير بالأمس تجرؤ ان تسميه تحريراً اليوم؛ وأن مبرر أسلحة الدمار كان أكذوبة روَّجَ لها هؤلاء الرموز؛ وأن الديمقراطية والحرية ورفع المظلومية التي تشبثت بها إدارة بوش تحولت الى عنف وقتل وسجون واعتقال واغتصاب وتعذيب وطائفية وعرقية مسيسة، وان الإعمار أصبح مشروع اختلاس وفساد وسرقة وهدم وتدمير؛ وأن النفط العراقي الذي أمم وانتعشت من خلاله الموراد وعملية الإعمار في السبعينيات من القرن المنصرم أصبح اليوم غنيمة ورهينة دول التحالف وشركات المحافظين الجدد؛ وأن الدستور الذي أقرته الرموز السياسية بالأمس مع كل ما يحتوي من ألغام للتشظي ومسخ الهوية والتقسيم؛ أضحى موضع اختراق وصراع من قبل الكتل والأحزاب التي شرعنته؛ وأن الاتفاقية الأمنية التي أقرها الرموز والساسة الجدد ولم يتم الاقتراع عليها كانت صكاً أمريكياً متميزاً لتوطيد الاحتلال والهيمنة؛ وان العملية السياسية التي صممها الاحتلال لأعوانه وعرابيه أصبحت اليوم مقصلة لهم وموضع تصفية وإقصاء واجتثاث، بعد ان كانت مصدر إثراء وإفساد مفضوح ومكشوف؛ وأن الحكومة اذا تشكلت فهي مجرد شركة رواتب وامتيازات وعقود؛ حكومة ستولد ضعيفة أو ميتة لن تحقق للشعب أمنا ولا أمانا أو بناء وعمرانا. العراقيون يدركون اليوم ان الشعب الذي لا يقاوم المحتلين ليس شعباً وأن المقاومة هي سبيله الوحيد للنجاة والتحرير؛ وأن رواتب أعضاء البرلمان (الذي لم يعقد جلسة واحدة) او الحكومة المنتهية شرعيتها هي رواتب مسروقة من استحقاقهم؛ وأن الانتخابات لن تسفر عن تغيير؛ وأن المعاناة المستمرة والتهجير والقتل والاعتقال لن يسفر إلا عن مزيد من الوعي والصمود والتحدي؛ وإن بقاء الاحتلال محال؛ وأن العملاء الى زوال؛ وسيعود العراق منتصراً موحداً بأحسن حال على أيادي المقاومين والمناهضين الأبطال؛ وفي حين سيقذف برموز الطائفية والتكفير والتبرير والفساد في مواطن القمامة والأزبال؛ ستبقى الأديان والأنساب والقيم والأخلاق والمثل والأعراف مصدر ألفة وتوحد واعتدال لشعب عريق متحضر في مسيرة التاريخ والأجيال؛ اختفت وستختفي رموز المحافظين الجدد وحقبة بوش وبلير الذين صمموا مشروع الغزو هروباً من وجه العدالة بعد ان بدأت تدرك الشعوب الحية ما اقترفت قياداتها وزعاماتها من نذالة؛ حين سخرت مالها وعلمها وتقنيتها من أجل مخططات الغدر والسفالة؛ وغدرت بكل المبادئ السامية التي ناضلت من أجلها هذه الشعوب بقـــوة وبسالة؛ أشعلت حروبا تحت غطاء مكافحة الإرهاب؛ بلا مبررات وأسباب؛ ليعيش الناس حالة الدمار والخراب فاستحقت جراء فعلها الشنيع أقسى الــــهزيمة وأشــــد العقاب؛ (ألم ترَ كيف فعل ربك بعاد؛ إرمَ ذات العماد؛ التي لم يخلق مثلها في البلاد؛ وثمود الذين جــــابوا الصـــــخر بالواد؛ وفرعون ذي الأوتاد؛ الذين طغوا في البلاد؛ فأكثروا فيها الفساد؛ فصبَّ عليهم ربك سوط عذاب؛ إن ربك لبالمرصاد). د. عمر الكبيسي - كاتب عراقي




الاربعاء٢٣ ÔÚÈÜÇä ١٤٣١ ۞۞۞ ٠٤ / ÃÈ / ٢٠١٠


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق د. عمر الكبيسي طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان