لماذا طال أمد الانفلات الامني في عراق اليوم ؟. وسيستمر هذا الانفلات الى سنوات لاحقة . قد تطول وتطول لتقض مضاجع المواطن, ولايشعر بها القابعون في المنطقة الخضراء. ولا المتحصنون في قصورهم المنيعة في المناطق الراقية ذات الكثافة الامنية الحكومية لهم . او الكثافة الامنية المتوفرة لهم من قبل ميلشياتهم. لماذا استطاعت فييتنام ان تخرج من العدوان الذي شنته عليها نفس القوة الغاشمة على العراق , بفترة زمنية هي اقل من سنتين , لتتوحد فييتنام ارضا وشعبا وتتفرغ للبناء الداخلي؟ . أذكر انني كنت ضمن وفد عراقي تجاري زار فييتنام بعد التحرير والوحدة بين شطريها, وشاهدت انفلاتا امنيا مخيفا في الايام الاولى . فكان الحراس الفييتناميون يحيطون بالمركبة التي تقلنا في شوارع مدينة هوشي منه "سايغون" . كنا مرعوبين ايما رعب . وعدت تلك الرحلة من رحلات العجائب التي تفوق رحلات السندباد البحري, لما صادفنا من هلع وخوف وموت في الفينة بعد الاخرى. لم يدم هذا التردي الامني أكثر من سنتين , واستطاعت القيادة الفييتنامية الممثلة بالحزب الشيوعي , والقائد الوطني هوشي منه أن توحد الارض الفيتنامية بشطريها الشمالي والجنوبي . وان تفرض الامن بكل معانيه ومعاييره على كل شبر من الارض الواسعة. وبكل تضاريس الطبيعة القاسية من مستنقعات وادغال, كانت يوما ما حصونا للمقاومة الشعبية التي ادبت الامبريالية الامريكية الغاشمة. أذن... القوة المحتلة الغاشمة لفييتنام هي نفسها التي احتلت عراقنا الحبيب . فلماذا طال أمد الانفلات الامني عندنا كل هذه السنوات وسيطول؟ . الجواب لأن فييتنام حاربت تحت قيادة حزب عنيد وقيادة تأريخية وشعب موحد عرف عدوه بأنه أمريكا. أما نحن فالبون شاسع بيننا وبين فييتنام للأسباب التالية : 1/ ان العملاء الذين جلبوا القوة الاحتلالية الثلاثية امريكا وبريطانيا وايران, استلموا هم انفسهم السلطة تحت راية العلم الامريكي . 2/ شكل العملاء كل العملاء بلا استثناء ألاحزاب المدعومة من قبل ميليشيات وراحوا ينفذون أجندات تخدم مصالح الدول التي ساعدتهم على احتلال العراق. 3 / فييتنام طردت المحتل الامريكي اما نحن فجلبنا أكثر من محتل , الان يسرح ويسرح على الارض العراقية . التي اصبحت حاضنة لميلشيات ومسلحين يبزون القوة الامريكية المحتلة. مثل : ا ـ جيش القدس الفارسي الارهابي .ب ـ تنظيمات القاعدة بكل اشكالها الارهابية والتكفيرية.ج ـ ميليشيات تخدم اطماع واحقاد مشيخة الكويت .د ـ ميليشيات التكتلات السياسية التي هي جزء لايتجزء من صنوف الجيش العراقي الحالي وأجهزته التخابرية والامنية. لهذا يصعب على عراق اليوم ان يجتاز المحنة , في ظل دولة لامركزية مفككة . استطيع ان اقول ان كل محافظة من محافظات العراق تنفرد بالقرار السياسي والاقتصادي والامني . ولا تستطيع حكومة المنطقة الخضراء ان تردع اية محافظة. والدليل ان لا يستطيع رئيس الوزراء ان يردع سياسيا من الكتل الاخرى المنافسة, من زيارة دول الجوار ويتحدث بلسان الحاكم الاوحد المنتظر. ففي فييتنام كان هناك قائدا واحدا هو هوشي منه . اما عندنا فهناك اكثر من قائد يرى في نفسه الوحدانية. وهذا سر فشل ما سمي بالتجربة الديمقراطية . أؤكد أن المحتل الذي جاء بهم سيفاجأهم خلال الاسبوعين القادمين , وهي المهلة النتبقية لهم , بما لايرضيهم ويصعقهم . وقد يبكيهم بكاء الاطفال على لعبهم عندما تضيع منهم.