تعرض فكر حزب البعث العربي الاشتراكي، وثمرة نضال البعثيين وتجربتهم العظيمة ثورة 17-30تموز القومية الاشتراكية، لحملة شعواء من قبل أطراف عديدة، أكثرها عدوانية الاعلام الامبريالي الصهيوني، وكان ذلك بسبب منهجه الفكري الستند لارث الأمة العربية العظيم وتراثها الثر، وكذلك بسبب برنامجه الايماني القومي الحضاري الانساني والذي تعتبره جهات عديدة يمثل تهديدا خطيرا لوجودها ومناهجها ومصالحها، بعض تلك الجهات للأسف قوى مناهضة للاستعمار والامبريالية والصهيونية والعدوان، وتعمل في نفس الاساحة العربية والاسلامية التي يعمل البعث لأجل تحريرها وانعتاقها وبعث قيمها واحياء دورها القومي الانساني بمساهمتها الفاعلة في التاريخ الانساني القائم على العدالة والتعاون والسلام والشراكة في الحياة. وكمواطن عربي داع لمواجهة المخطط الامبريالي الصهيوني الاجرامي، ضد وطننا وأمتنا، وضرورة اتباع برنامج ناجع لمواجهة هجمتهم العنصرية، وأمكاناتهم الاعلامية والعسكرية الضخمة، أقدم قراءة في فكر البعث العربي الاشتراكي الذي يمثل اقوى طلائع الأمة في مواجهة كل ذلك، توضيحا لكل من التبس عليه الأمر، وأخطأ في تعامله مع البعث كحزب قومي يعتمد فكرا قوميا أيمانيا انسانيا حضاريأ، وينفذ برنامجا كاملا مستوعبا لواقع الامة والتحديات التي تواجهها الأمة، ويضع الصيغ الدقيقة لمعالجة الواقع وخطورة التهديدات الداخلية والخارجية، نعم أقول أخطأ في فهم البعث كطليعة فاعلة من بين طلائع الأمة الآخرى، نتيجة لتأثير الاعلام الغربي المعادي، والمواقف السلبية الخاطئة من البعث العربي وفكره من القوى العربية اسلامية كانت أو وطنية، آملا أن اكون قد قدمت شيئا لخدمة القضية العربية والاسلامية، وداعيا أن تعيد كل الحركات والتيارات الفاعلة في الساحة العربية النظر بمواقفها وتقويمها للبعث، كقوة فاعلة ومؤثرة وصاحب تجربة غنية، في مواجهة الخطر المحدق بالأمة وارثها العظيم رسالات السماء. لقد أثبت وضع الامة خلال القرن المنصرم وخاصة الخمسة وعشرين عاما الماضية ان هناك هجمة شرسة ضد الأمة العربية وحصنها المنيع الاسلام من قبل قوى البغي والارهاب والطاغوت، متمثلة بالتحالف او التزاوج اللامقدس بين الاهداف الصهيونية كفكر وحركة عنصرية فاشية وبين الامبريالية كنظام استعماري مجرم، ان هذا الحلف الكافر الشرير يعادي بل يعمل على القضاء على مقدس في الحياة بما فيه الانسان كوجود ومقدساته الدينية والقيمية والأخلاقية، ويؤسس لعالم قائم على استعباد الشعوب وتسخيرها لخدمة فئة محدودة تملك الثروة والاعلام والقوة الغاشمة، وهذا يعني العودة بالبشرية الى القرون الوسطى وعصور الطواغيت والوهية البشر المستبد، وقد كشف العدوان على العراق وما تمخض عنه ونتج من تداعيات وكشف لاسرار ومخططات كانت مخفية، كالشرق الأوسط الجديد واعادة النظر بالهيئة الدولية والتعامل مع الدول الكبرى بما فيها دائمة العضوية ووصف أوربا بالقارة العجوز، وعلى العالم أن يعترف بأن القرن الحالي هو قرن أمريكي وغيرها مما صرح به أقطاب الادارة الامريكية المتصهينة في عهد بوش الاب والابن وبينهما كلنتون، وتبعية بريطانيا وادارات عديدة غربية واقليمية ومشاركتها في المخطط الشيطاني الذي كان احتلال العراق وافغانستان بدايته، ولولا تضحيات وصلابة موقف المقاومة العراقية التي يشكل البعثيون أحد أهم أعمدة المواجهة للمخطط الشرير، ان لم يكن العمود الوسط في خيمة المواجهة الحقيقية، لكان تنفيذ ذلك المخطط حقيقة واقعة. فكي نكون كقوى فاعلة في المواجهة مطلوب أولا مراجعة لمناهجنا وخططنا الخاصة، ومراجعة شاملة عبر استيعاب دراية تامة لخطورة الهجمة واستيعاب لدروس المواجهة والاستفادة حتى من دروس العدو، ألم يدرك المقاومون جميهم اسلاميون وقوميون ووطنيون بكل مناهجهم الفكرية، أن العدو حشد كل قواه جمعا شريرا واحدا لشن هجومه علينا، فلماذا لا نحشد جهودنا ونوجد أرضية واسعة لتكامل نضالنا ومقاومتنا وتوحيد امكاناتنا لمواجهته؟ أليس هذا خللا ان كنا فعلا نريد وجه الله وخير الأمة والانسانية في جهادنا؟ على رجال الدين والعلماء أن يتوجهوا لما يرص صفوف أبناء الامة جميعا مسلمين ومسيحيين ويكشفوا أحكام الدين الحقيقية بشأن الجهاد ووجوب مقاومة الغازي والمعتدي، وتوضيح كل ملتبس أو اختلاف في الرؤية لموضوع أو قضية ما، وتنبيه الناس أن المؤامرة تستهدف الدين كرسالات ربانية والانسان كوجود بشري، وصف النبي العظيم قيمته العليا بقوله (ان زوال السماء والارض أهون عند الله من اراقة دم مؤمن)، فالأولى حماية دين الله وعباده، قبل التمترس خلف خلافات داخلية وتفسيرات فرعية وغلو في مذاهب وطوائف وعرقيات، لا تخدم الا مخططات الاعداء، وستكون وبالا على الجميع، حتى اؤلئك الواهمين أن هذا سيخدمهم.وعلى القوميون أن يقرؤا البعث وفكره ومنهجه بعمق وتروي. وعلى الماركسين خصوصا الشيوعيون العرب (وهنا لا أقصد العرقية) بل الذين يعيشوا في الوطن العربي، فقد عرف العروبة من هو خير مني ومن غيري والذي أوتي مجامع الكلم محمد العظيم بأن العربية ليست أب وأم بل لغة وثقافة وايمان، عليهم أن يكونوا مفكرين ومناضلين حقا عبر اعادة النظر بالفكر الماركسي ونقده ولا بأس من الاسترشاد به، ولكن عبر استيعاب علمي موضوعي للواقع العربي، والعمل الجاد كقوة ثورية فاعلة وتصيح مواقفهم من الدين والفكر القومي واستيعاب المؤثرات الحقيقية في حركة المجتمع وتفعيلها، وعليهم أن لا يتركوا حثالات البشر ممن ارتموا في مستنقع الرذيلة كحميد مجيد وفخري وعادل كبة وامثالهم من الجواسيس وخدم الامريكان يتحدثون باسم الشيوعيين، وأدعوا الرفاق من الشيوعيين والماركسين العرب وخاصة العراقيين، أن يعيدوا صياغة الفكر والمنهج الشيوعي في الوطن العربي، وما الشيوعيين السودانيين وخاصة المرحوم بأقدر منهم، ولا روجيه غارودي وامين عام الحزب الشيوعي الاسباني أكثر وعيا وثقافة من أبناء العرب. كما أوجه الدعوة المخلصة لكل العرب من غير المسلمين مسيحيين بكل مناهجهم وصابئة وازيدين وحتى العلمانيين الذين لا يتبعوا دينا معينا، أن يدركوا أن قوى الامبريالية قوى كافرة بالدين وملحدة برسالات السماء جميعا ولا يعنيها الدين بشيء، وانما توظف الدين وعباد الرحمن ليكونوا طابورا خامسا ورتلا عميلا في مخططاتهم، وعليهم العودة لدراسة أفعال الاستعماريين في زمن الحروب الصليبية، وحملة نابليون على مصر وحتى الاستعمار الحديث بريطانيا وفرنسا، وكيف حاولوا توظيف العرب من غير المسلمين ضد أمتهم وأوطانهم، وعليهم أن لا يتأثروا بالاعلام الغربي وتضليله، ولا حتى بالأخطاء الكبيرة التي ترتقي في بعض الأحيان الى مستوى الجرائم، التي نتجت جراء ردات الفعل على موالات وانسياق البعض منهم، خصوصا في مصر ولبنان وعموم الشام ابان تلك الفترات، واعتبارها موقفا دينيا من ضمن منهج الاسلام دين السلام والتسامح والتعايش والحوار، كما أنبه أهلنا مسيحيو العراق أن لا يكون لهم موقف مبني على أفعال منافية للاسلام، كالتي جرت تجاه كنائس وحياة العراقيين المسيحيين من متطرفين لا يعرفوا احكام الدين وحقيقة احكامه، وعلى الآباء والقساوسة المسيحيين في العراق ومصر ولبنان خصوصا تبيان ذلك للشباب العربي المسيحي بتفاصيله، والذي لخصته بكل تفاصيله وثيقة الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم التي كتبها لنصارى نجران، وعليهم أن يتأكدوا ان الامبرياليين والصهاينة لا ينصروا أحدا، ولا يعنيهم شأن شريحة ما أيا كان دينها ومذهبها وعرقها، ولكنهم يستخدموا ذلك خداعا وتضليلا لكسب غاياتهم وتنفيذ مخططاتهم، فهم يشعلوا فتيل الفتنة التي ستكون لها تداعيات بعدة اتجاهات، هي تفتيت المجتمع وتقويض قوتهوحدته التي يعتبروها أكبر خطر على توجهاتهم، قتل أكبر عدد من مواطني البلد المراد غزوه بأيدي بعضهم، انعكاس الفرقة على حجم وقدرة مقاومة الشعوب، اتخاذ المضللين نتيجة الجهل والجشع كجواسيس ومخبرين لصالح العدو، تدمير وحدة الأمم والشعوب وتدمير بنية المجتمع بكل الاتجاهات. وعلى كل قوى المقاومة المسلحة بكل مناهجها الفكرية أن تضع اسس لتكامل ونهوض قدراتها وأولها تحديد مباديء لتوحدة نضالها وجهادها، وتعليق أي اختلاف أو تعارض فرعي في سبيل تحقيق الهدف الكبير، تحرير الارض والانسان ومواجهة الهجمة الشريرة. ان أمريكا قدمت من حيث لا تقصد خدمة للأمة ولطليعة نضالها حزب البعث العربي الاشتراكي، قد لا يستطيع كل كوادره في الوطن العربي عموما، أن توصله بهذه الدقة والوضوح للشباب العربي، حيث تأكد لكل عربي أن البعث صادق في منهجه وبرنامجه ومبادئه، وهو يعتبر العرب وحدة بشرية وجغرافية واحدة، وأن تحرير فلسطين قضيتهم المركزية لن تكون بالجيوش ولا تحررها الأنظمة، بل هي حرب التحرير الشعبية، وهي الطريق لتحقيق تحررهم ووحدتهم واستقلالهم وخلاصهم من كل حيف وظلم وتجزئة واستغلال، وأن القتال ضد الامبريالية والارهاب العالمي متمثلا بالصهيونية وامريكا وحلفائها واجبا دينيا ووطنيا ملزما (فرض عين) بالوسيلة التي يتمكن منها المواطن العربي، ولا تحرر فعلي للوطن دون ادراك واستيعاب وعمل قومي شامل لكل الشعب العربي في عموم الوطن الكبير، وأن أي فصل بين الديني و القومي والوطني هو تخلي عنها جميعا، وما موقف العراقيين وتقاسمهم الغذاء والدواء والموارد مع شعبنا في فلسطين خلال الفترة 1990-2003، أي فترة الحصار الجائر الذي كان بمثابة قتل جماعي وابادة شاملة لشعب العراق، الا دليلا وبرهانا على ذلك. وسأقدم مواضيع متتابعة عن المسائل الرئيسية في فكر البعث واساليب العدوان الامبريالي على الأمة وارثها العظيم الاسلام.