شبكة ذي قار
عاجل










من أصعب صور الانحطاط الإنساني هو تسمية الأشياء بغير مسمياتها، فيسمى القاتل والمجرم محررا، ويسمى الذي يدافع عن أرضه وبيته إرهابيا، وهذا ما وقع - ويقع - في العراق المبتلى منذ  سبع سنوات باحتلال وجيش همجي، وحشي لا يحمل ذرة من الإنسانية، جنوده وحوش كاسرة تنشر القتل والإرهاب بين الأبرياء من أهلي العراقيين، وابتلينا أيضا بحفنة من الخونة والعملاء الذين جاؤوا وهم متترسون بجنود الاحتلال، ويتبجحون اليوم بأنهم من المحررين للعراق أيضا. ومن يتصفح مواقع البحث الالكترونية على شبكة الانترنيت يجد آلاف الصور الوحشية التي تعكس وتظهر همجية جنود الاحتلال الأمريكي في بلاد الرافدين، ومن أصعب هذه الصور، والتي أتحدى كل من يحمل ذرة من الإنسانية، أن يحبس دموعه وهو يراها، وأنا والله لأكثر من مرة بكيت على هذه الصورة المؤلمة، والتي سبق وان أشرت إليها بمقال سابق ولكن ليس بالتفصيل الذي سأتناوله  اليوم، وقد ابتلت ورقات المقال من دموعي التي سابقت رباطة جأشي من هول المشهد الذي يقع كل يوم على أهلي العراقيين.  الصور التي أحدثكم عنها هي لامرأة عراقية اسمها " وفاء حسين" من مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى، هذه الأم العراقية الشجاعة قتل القناص الأمريكي المجرم طفلها البريء " ضياء" البالغ من العمر ست سنوات، وهو يلعب في الساحة الموجودة في حيهم السكني، وذلك في أواخر عام 2008، وتركه جثة هامدة، وربما قتله وهو يرقص على نغمات الموسيقى الأمريكية الصاخبة، وحينما عرفت الأم بالخبر ذهبت إلى ثلاجة الموتى في الطب العدلي بمستشفى المدينة، فوجدت ولدها ضياء غارقا بالدماء، وهم مسجى على حمالة الجثث في الطب العدلي، ولحد الآن الصورة طبيعية في عراق ما بعد 2003 وحتى اليوم، إلا أن هذه المرأة جلست على الأرض، وقالت لمن حولها أعطوني ولدي، فوضعته في حضنها، وكأنه لازال حيا، ثم وضعت يداه الملطختان بالدماء على كتفيها، وكأنه يحتضنها ثم وضعته على حمالة الموتى وبدأت تلعب بشعره وتناديه باسمه ولدي ضياء ردي عليّ، أنا أمك وفاء، ثم انهارت المرأة من هول مصيبتها، ومن حولها يجهشون بالبكاء من هول الموقف، ولولا لطف الله بهذه المرأة وقوة تحملها  لحدث لها ما لا يتوقعه احد. ذكرت هذه الحادثة حتى لا ينسى العالم الإجرام الأمريكي في العراق، ونحن مقبلون على أكذوبة ما يسمى الانسحاب الأمريكي، وخدعة الاتفاق الأمني مع الحكومات العميلة للاحتلال؛ لان هؤلاء المجرمون القتلة لم - ولن - ننسى جرائمهم ما حيينا، ولن ننسى لهم إراقتهم لقطرة دم عراقية واحدة،  فالدم العراقي عزيز ومحرم سواء كان شيعيا، أم  سنيا، كرديا، أم عربيا، أم مسيحيا. هذا الكلام يأتي أيضاً في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة التايمز اللندنية قبل أيام أن القوات الأميركية المحتلة خلّفت نحو خمسة آلاف طن من النفايات الخطرة في العراق، استناداً إلى وثيقة للبنتاجون عرضها عليها مقاول خاص يعمل مع الجنود الأميركيين، وهي تشمل زيوت المحركات تتسرب من براميل سعة (55) غالون إلى الأرض في شمال العاصمة العراقية بغداد وغربها، فيما تُركت اسطوانات حامض الأسيد مفتوحة وفي متناول الأطفال، وتم إلقاء البطاريات الفارغة بالقرب من الأراضي الزراعية المروية. البريجادير جنرال كيندال كوكس، وهو المسؤول عن الهندسة والبنية التحتية في العراق قال: "إنني أشاطر القلق الخاص فيما يتعلق بأي شيء يمكن، أو لا يمكن أن تترك هنا في العراق. وكما تعلمون نحن هنا منذ أكثر من سبع سنوات. في تلك الفترة لدينا تراكمت مئات الأطنان من النفايات الخطرة". هذا التأكيد للخبر من قيادة الاحتلال الأمريكي جاء ليزيد مخاوف العراقيين من التهديدات المستقبلية لصحة الفرد العراقي. العراق اليوم تماما كصندوق مرمي في المحيط، ولا أحد يعرف ما الذي في داخله إلا الذي رماه في القاع، العراق اليوم لا احد يعرف ماذا دفن في باطن أرضه إلا الاحتلال؛ وذلك لان الاحتلال هو الذي يستطيع التحرك في كل مكان من غير أن يقول له احد ماذا تفعل - باستثناء رجال المقاومة الذين لقنوه دروسا لا تنسى -، على العموم الاحتلال يعرف ماذا فعل على ارض العراق، وهذا كلام القائد الأمريكي واعترافه بوجود الآلاف الأطنان من المخلفات السامة، فأين ذهبت هذه الكميات المخيفة من هذه المواد القاتلة؟ وهل من الممكن أن نقتنع بان الاحتلال وجنوده الذين لا يستطيعون أن يتحركوا بحريتهم في الشارع العراقي تمكنوا بهذه السهولة من التخلص من أطنان المواد السامة خارج العراق؟! هذا الأمر لا يمكن تقبله، والفرضية المنطقية هي أما أن هذه المواد دفنت في أماكن قريبة من القواعد الأمريكية، أو أنها دفنت في الصحراء العراقية سواء في الغرب، أو في الجنوب، وما هذه الأرقام المخيفة للسرطانات المختلفة إلا دليل على أن هنالك مواد إشعاعية قاتلة تفتك بجسد الإنسان العراقي، وهو لا يعرف أين هي؟!! العراقيون سيلاحقون قادة الاحتلال في المستقبل القريب، وسيكشفون في يوم من الأيام ما تخفيه الأرض العراقية من مخلفات قاتلة، وحينها سيعرف العالم حجم المأساة التي لحقت بشعبنا الصابر المبتلى من حرب التحرير المزيفة.




الخميس٢٦ ÑÌÜÜÜÜÈ ١٤٣١ ۞۞۞ ٠٨ / ÊãæÒ / ٢٠١٠


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق جاسم الشمري طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان